«صولجان الرب» الكوردي

د. ولات ح محمد
    “صولجان الرب” سلاح فتاك غير نووي تأمل أمريكا إنتاجه في المستقبل ليمكنها من ضرب المنشآت النووية للعدو وتدميرها خلال ساعة واحدة فقط من اتخاذ القرار، وبغض النظر عن موقعها على الكرة الأرضية. تسمى هذه المنظومة  “الضربة العالمية الفورية”، وهو سلاح يتمتع بدرجة عالية من الدقة، وبوجوده لن تكون أمريكا بحاجة إلى إنشاء قواعد صواريخ في دول أخرى صديقة كما هي الحال الآن.
    منذ سنوات تمارس الحكومات العراقية المتعاقبة غطرستها وعنجهيتها بحق الكورد. وقد بلغت هذه الغطرسة أوجها في فترة ولايتي نوري المالي (بدون كـ) من خلال فرض عقوبات على الإقليم وأهله وقطع الموازنة والرواتب عنهم وكأنه يتعامل مع عدو وليس مع مكون كان يدعي أنه جزء من شعبه. 
في الأسابيع الأخيرة ومنذ ممارسة الشعب الكوردستاني حقه الشرعي والدستوري في إجراء الاستفتاء تجاوز حكام بغداد كل حدود الحكمة والتعقل والوطنية ابتداء بالتعاون والتنسيق مع دول الجوار للاتفاق والتآمر على محاصرة شعب الإقليم الذي يتباكون عليه وعلى حقوقه، ومروراً بفرض حصار معيشي على حياته اليومية وليس انتهاء بتحشيد جيشه وقواته المرتزقة الطائفية على حدود الإقليم مطلقين التهديد والوعيد عبر قادة المليشيات المرتزقة المدفوعة بعصا قاسم سليماني الذي بات القائد المقرر للقوات المسلحة العراقية النظامية والمرتزقة على حد سواء.
    هؤلاء الحكام والمرتزقة يتشدقون بضرورة عودة سيادة الدولة على المناطق المتنازع عليها، وهم أنفسهم الذين سلموا تلك المناطق للإرهابيين وفروا منها دون قتال، وهم أنفسهم الذين عجزوا عن طرد 300 جندي تركي كانوا ومازالوا في معسكراتهم على الأراضي العراقية في بعشيقة وغيرها، دون أن يعني ذلك في مفهوم غَيْرة هؤلاء أي انتقاص لسيادتهم ولكرامتهم الوطنية التي لا يشعرون بها إلا مع الكورد والبيشمركة الذين حرروا تلك المناطق بدمائهم وحافظوا عليها وعلى أهلها حتى هذه اللحظة.
    في ظل هذه الأجواء المتوترة وهذه الضغوط العنصرية قومياً حيناً وطائفياً حيناً آخر التي تمارسها حكومة بغداد لن يجد الكوردي أمامه إلا الدفاع عن حقه وكرامته ضد هذا الغزو وهذه العنصرية الفاضحة والمفضوحة. سيدافع الكوردي وهو مسلح بأمرين اثنين: الأول هو الظلم الذي تعرض له منذ مائة عام ولم يجد يوماً من ينتصر له أو يدفع عنه ذلك الغبن، وما خلفه هذا الظلم المتراكم من انسداد للآفاق أمام أي بارقة أمل في انصلاح ذهنية حكام المنطقة وطريقة تعاطيهم مع الكوردي وحقوقه. أما الثاني فهو سلاح امتلاك الحق مدعوماً بالرغبة الجامحة لديه بأن يكون كغيره شعباً يعيش بكرامة وعزة نفس دون أن يتعرض للإهانة والإقصاء والنظرة الدونية من قبل هذا وذاك.
    الإحساس الأبدي بالظلم وإحقاق الحق والرغبة في الانتصار لكرامته ستشكل لدى الكوردي “صولجان الرب” الذي لن يستطيع أي مرتزق أو سلاح أن يقف وجهه لأنه سلاح مجبول من شعور الإنسان وإرادته. وخير مثال على هذه الإرادة مشهد أبناء كركوك (من الكورد وغيرهم) وهم يتجمعون قبل أيام في شوارع مدينتهم مدفوعين بهذا الإحساس يحملون أسلحتهم الفردية ليعبروا عن استعدادهم التام للدفاع عنها والوقوف في وجه أولئك الغزاة، لأن المسألة باتت مسألة حق وكرامة.  
    الكوردي لا يمتلك أسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى وطائرات تلقي بحممها على رؤوس المعتدين عليه، ولكن لديه سلاح من نوع آخر مصنوع من إحساس أبدي بالظلم والإهانة ومن رغبة مزمنة في العيش بحرية وعزة نفس ومن رفض مطلق للعنجهية والتسلط. ذلك السلاح لا يعرفه العبيد والمهزومون في دواخلهم. سلاحٌ إذا تم إشهاره أو إطلاقه فلن يكون إلا “صولجان الرب” الكوردي الذي سينهال على رؤوس المتغطرسين المغرورين الذين أخذتهم العزة بالإثم، وصدقوا أنهم باتوا رقماً في فرض المعادلات والوقائع على الشعوب وإراداتها.
    “صولجان الرب” الكوردي سيعاقب كل من يدخل مداه المجدي، فاحذروا الاقتراب ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…