أحمــــد قاســـــم
كتبت كثيراً حول أهمية وحدة الصف الكردي في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها بلادنا سوريا وكذلك توحيد صفوف المعارضة الديمقراطية ” الأصيلة ” للنظام السوري, وذلك ليس من منطلق عنصري أو شوفيني, بل من منطلق وطني صادق.. لأنني أعتبر تحقيق وحدة الصف الكردي في سوريا هي توحيد جزء مهم من المجتمع السوري المعارض للنظام البعثي. ولما كانت الحركة الكردية في سوريا وما زالت تشكل القوة الحقيقية المعارضة للنظام منذ أكثر من خمسة عقود من الزمن فهي تشكل النواة التي كان يجب على المعارضين الديمقراطيين السوريين للنظام الإلتفاف حولها وتقوي من عزيمتها لطالما أن أهداف هذه الحركة ومنذ إنطلاقتها لاتتعدى تلك التي يطالب بها الشعب السوري في ( الحرية والديمقراطية ). وأن لدى الحركة قناعة راسخة بأن حقوق الكرد القومية لايمكن تحقيقها إلا في ظل نظام ديمقراطي تعددي بعيد عن الشمولية وسلطة لون واحد ( إن كانت قومية أو مذهبية ).
أعتقد لو كان المعارضين الديمقراطيين لنظام البعث يدركون هذه الحقيقة لكانوا توجهوا نحو الحركة الكردية في سوريا, هذا لو كانت الحركة بدورها متحدة ومتمسكة بمشروع وطني جامع يهدف إلى التغيير الديمقراطي في البلاد وتحقيق حقوق الكرد في إطار وحدة البلاد..
لكن ومع الأسف الشديد, كان النظام أذكى بكثير من المعارضين له من السوريين من جهة ومن الأحزاب الكردية المشتتة من جهة أخرى. فلقد إستطاع أن يزيد الشرخ بين أطراف الحركة الكردية وتقسيمه إلى محاور متناقضة, كما لعب على المعارضين وتشتيتهم بين العديد من الرؤى المختلفة مع ترك عليهم الذئاب المفترسة والمتطرفة من الإرهابيين..
وفي النتيجة, وبعد قتل مئات الآلاف من المواطنين وتدمير الملايين من الوحدات السكنية عبر البلاد وتهجير الملايين وإعتقال مئات الآلاف, نحصل اليوم على بلد مُدَمّرْ وشعب مُهَجّرْ, والنظام مُحَصّنٌ بقرار دولي وشرعية الأمم المتحدة ليكون جزءً من الحل إن لم يكن الطرف الأقوى على طاولة الحوار.
دائماً المهزوم يبحث عن المبررات, فأرجو أن لاتبرر المعارضة ومن ضمنها الحركة الكردية هزيمتها وعدم قدرتها على قلب النظام أو تغييره ( لابالقوة ولا بالنشاط السلمي ). ولما كانت المعارضة تفقد بوصلتها في بدايات الحراك الجماهيري الصاخبة, ولم تكن على قدّ المسؤولية, كانت عليها إبعاد حالة التسلح عن الجماهيرالمنتفضة أولاً, والإبتعاد عن التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي جلبت الويلات ودمرت البلاد وشردت العباد بالتنسيق مع النظام ( ومع الأسف الشديد كانت المعارضة تصفق لها وتعتبرها مجاهدين من أجل إسقاط النظام.. فأسقطت المعارضة وأبقت على النظام .. وحتى الساعة هناك قسم من المعارضة تخجل وتستحي أن توصف جبهة النصرة بتنظيم إرهابي, هذا إن لم تكن تلك المعارضة أصلاً جزءً من تلك الجبهة بزيٍ آخر وهي تكمل مخططات النظام من أجل كسب المعركة الأخيرة ).
منذ اللقاء الأول في جنيف بين النظام وممثلي المعارضة, ووفد النظام متمسك بمطلب الحرب على الإرهاب أولاً, ولم يغير موقفه أبداً, لكن المعارضة لم تفهم الرسالة, وبقيت على موقفها من التنظيمات المتطرفة والإرهابيين على أنها جزء من المعارضة تجاهد من أجل إسقاط النظام.. أعتقد حينها كانت المعارضة المتمثلة بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تكذب على نفسها, ظناً منها على أنها تستغل تلك القوى ضد النظام, من دون أن تلتفت إلى الموقف الدولي تجاه تلك التنظيمات الإرهابية مثل ( داعش والنصرة وأخواتهما ).. لتخسر المعارضة على الأرض عسكرياً وعلى المستوى الدبلوماسي دولياً.
فهل حان الوقت أن تعتذر المعارضة من الشعب السوري وتكشف عن نفسها الستار المزيف؟
وعلى الحركة الكردية أيضاً تقع عليها فريضة الإعتزار وإن كانت مختلفة مع المعارضة من جهة التنظيمات الإرهابية, وقد تكون محقة في هذا الجانب عند مخاوفها وتحفظاتها التي كانت ترددها في كل مناسبة.