بيان المجلس صحوة متأخرة..

م.رشيد
 20/02/2017
 يعتبر البيان الصادر عن الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي بتاريخ  19/02/2017 (بشكل عام) صحوة إيجابية متأخرة، وبتقييم  منطقي حيث المجلس مازال جزءاً من الائتلاف السوري (بشكل رسمي وعملي) والذي بدوره مكوّن أساسيّ من الهيئة العليا للمفاوضات، وممثلو المجلس مشاركون عملياً ضمن وفودهما في جميع الجلسات والمنصات والمفاوضات، وبالتالي فهم ملتزمون بـ (الإطار التنفيذي للحل السياسي في سوريا) الصادر عن الهيئة في أيلول عام 2016 ، وبذات الوقت ملتزمون بما سيصدر من جنيف 4 من وثائق وتصوّر سياسي مهما كان شكلها ومضمونها طالما المجلس مستمر في عضويته ومشاركته في وفود الهيئة. 
بيان المجلس هدفه تبرئة الأمانة نفسها من الانكار الواضح والصريح من قبل الهيئة العليا  للحقوق الكوردية، وإلغائها للإتفاق الموقع  مع الائتلاف الذي نسفته وثيقة “قانون السيادة” التي أصدرها الائتلاف في حينه، وتجاهلها التام لرؤية المجلس السياسية تجاه الحل وطنياً وقومياً بما  تنسجم مع التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا من أجل الحرية والكرامة، وانهاء الاستبداد والفساد، وتراعي التعددية الأثنية والدينية والمذهبية والفكرية لسوريا.
   وفي ظل غياب المشروع الكوردي المتكامل والوفد الكوردي الموحد، وانعدام فرصة طرح الملف الكردي كقضية مستقلة على طاولة البحث والمفاوضات كما صرح به المبعوث الدولي السيد ستيفان دي ميستورا وأكده ممثلو المجلس على وسائل الاعلام، وتأجيل مناقشته لما بعد اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل الحكومة..(؟!)، وهذا  بعينه ضرب من الخيال واستهتار بالعقول لقبول الوعود المتكررة والمؤجلة، واستخفاف بالحقوق (فوق الدستورية) غير المثبتة وغير المحسومة لدى كافة أطراف الصراع (معارضة وموالاة)، بذريعة أنها ليست صاحبة القرار، وأن الدول الراعية (أمريكا وروسيا) هي صاحبة الكلمة النهائية القطعية، بالتوافق مع الدول الاقليمية المتنفذة، وبخاصة المتوغلة في الأزمة السورية ولا سيما المقتسمة لكوردستان (تركيا وإيران)، التي لا تفوت مناسبة إلا وتؤكد معارضتها للمطاليب الكوردية وأية حقوق مشروعة تحت شعار الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
   والهدف الآخر من البيان هو لتهدئة الرأي العام الكوردي وامتصاص الاحتقان وتبديد القلق المتراكمين لديه بسبب الغموض والضبابية التي تغلف مواقف المجلس ومواقعه، والتمهيد لتبرير وتبرئة ممثليات المجلس في الخارج من الفشل أو التهاون في تثبيت الحقوق الكوردية في المحافل واللقاءات والمؤتمرات التي حضرتها وشاركت في أعمالها وجلساتها وصياغة قرارتها، وتهيئته للقبول بالأمر الواقع والخيبة التي جنوها وجروها معهم بعد الوعود والتطمينات والتأكيدات التي كانت ترددها وتكررها باستمرار، والتي كانت مبعثاً للآمال وسسبباً لتعلق أنصار وجماهير المجلس به. 
  بعد البيان يتطلب من المجلس أن يخطو خطوات عملية، ويتخذ مواقف جريئة وقرارات حاسمة تجاه الأحداث ومجرياتها، لتصحيح المسار وإزالة الغبش والشك، لأجل مواجهة التحديات والمخاطر، وتأمين استحقاقات المرحلة المفصلية الراهنة، وعدم إضاعة الفرصة التاريخية مهما كلف الثمن والتضحيات، فالحالة الكوردية لا تتحمل التريث والتماطل والتأجيل أكثر من ذلك، فمهما بلغت المعوقات والمصاعب الموضوعية، ومهما كانت الأعذار والمبررات فإنها لا تبرئ ساحة قيادات المجلس ولا تعفيهم من المسؤولية الوطنية والقومية والأخلاقية (لاسمح الله) إذا وقع المحظور وخرج الكورد من العملية السياسية خاليي الوفاض دون تحقيق الطموحات والتطلعات القومية كما تقرها العهود والوثائق الدولية.
—————  انتهت —————

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…