قولٌ على قول..

دهام حسن
قرأت منذ فترة لمحمد حسين هيكل يقول من أن الرئيس جمال عبد الناصر كان يحذّر طاقم عمله المحيطين به من الانشغال بالمصلحة الفردية، دون أن يستثني نفسه، ومن أن ذلك يفسد المسؤول، وربما دفعه نحو التقاعس في واجباته وقد يثنيه عن الوفاء بالتزاماته، فـ(المصلحة الذاتية للحاكم _ بتعبير قانوني أمريكي _ ستجعله غير مخلص لواجبه في حماية نظام القانون)..
بالمقابل فالمسؤول الحزبي الذي يحتكر في نفسه كل الصلاحيات كما هي الحال في أحزابنا الكردية فتأتيه قسمته من الصدقات والإعانات فيستأثر بها، وبالتالي لن يتحول عن موقعه ولن يأتي بكوادر إلا إذا تخلقوا بروح  انتهازية ليكونوا له مطايا سهلة ليس إلا.! 
 فلابدّ لهم بالتالي إلا أن يظهروا له الولاء والطاعة..أما هو فهو لضعفه وهشاشته لن يشذّ قيد أنملة عن خريطة طريق سيده الذي يدسّ في جيبه ما تيسر  له من قسمته.. ومعلوم تختفي أشكال النضال والمبدئية فـ(من يأكل من مال السلطان يحارب بسيفه).. في وسط هذا الزحام يظهر الكادر الانتنهازي المشبع بالولاء  والركوع..
بعض الكوادر في حزب ما، ظلّ طوال سنوات وسنوات،مهادنا لأي نظام يحكم البلاد، وعندما انتقل هؤلاء إلى الضفة الأخرى لأسباب عديدة لا يمكن حصرها إلا بدوافع ذاتية كمنصب، من جانب، ومالية مغرية من جانب آخر.. رغم ذلك بقي بفكره مشدودا إلى ماضي حزبه المهادن والذي غادرها مكرها لا بطولة وإن تغيّر موقعه من اليمين إلى الشمال .. فالقائد الحزبي عندما يناضل في سبيل قضية عادلة، وينشد بالتالي تغيير الواقع، تغيير الحالة، عليه بداية أن يغير نفسه..
أقول هنا من أن الذين رقوا إلى موقع رفيع نسبيا وهم ليسوا جديرين بتبوء الموقع فمن المرجح أن يشهدوا سقوطا مروّعا مدوّيا لأنهم اعتادوا على ازدواجية المواقف، أي الانتقال من موقع لآخر ثم العودة على نمط سلوكهم المعتاد بعد أن افتضح أمرهم فتراهم في حيرة لماضيهم الملتبس فأي أثر يقتفون فحالهم بهذه الازدواجية كما في العبارة الساخرة المحيرة الشهيرة التالية  يصلون خلف علي ويأكلون على مائدة معاوية، (لأن الصلاة خلف علي أسلم، والطعام على مائدة معاوية أدسم)..
إن هذه الانتهازية لن تدوم طويلا .. فبتغير الأزمان لابد أن تتغير الأحكام ولن يحصد هؤلاء الانتهازيون غير الخيبة والنهاية المزرية..
وثمة من هؤلاء من يختفون وراء بيانات المجلس، أما على الصعيد الحزبي فهم صم بكم عمي، وآخر ينزوي في مكتبه ويطالب الجماهير الغفيرة أن تمضي في مظاهرات ليتعقب هو خلفهم، ونسى دعواته الكاذبة من أنه ممثل الجماهير، فلماذا إذن التواري في الخلف فيصح بأمثال هؤلاء قول الشاعر:
وفي الهيجاء ما جربت نفسي…. لكني في الهزيمة كالغزال

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في لحظات التحولات الكبرى، لا يرحم التاريخ أولئك الذين عجزوا عن رؤية الإشارات حين كان بإمكانهم أن يتداركوا المسار، وعلى مفترق المصائر، لا يُقاس القادة بما كانوا يلوّحون به من شعارات، بل بما أنجزوه أو فرّطوا فيه عند الامتحان. اليوم، تقف حكومة أحمد الشرع عند منعطف مصيري خطير، وإلى الآن لا تزال أمامها فرصة حقيقية…

نظام مير محمدي * الجدية والحسم، مطلبان غربيان صارا يفرضان نفسهما على أي حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ذلك إن هذا الموضوع قد إستغرق وقتا أطول بکثير من ذلك الذي يستحقه ويتطلبه. منذ أن بدأ الغرب بالتفاوض مع النظام الإيراني من أجل معالجة سلمية تضع حدا لظلال الشك المخيمة على برنامجه النووي، فإن الضبابية والغموض کانتا…

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…