حديث اليوم … الجمعة..!

دهام حسن
يقول عمر أبو ريشة الشاعر السوري المعروف لبني قومه من الشعب العربي، يقول بحرقة واسى عمّا آلت إليه الحالة السياسية من درك وانحدار وضعف:
         أتلقاك وطرفي مطرقٌ …. خجلا من أمسك المنصرمِ
ويحضرني هنا قول (صبري خلو سيتي) عندما سأل أحدهم كم أخا أنتم.! فأجاب عليه أحد عشر أخا، فرد (خلو سيتي) على الفور، ما أكثر بذور السوء.! وهذا ما حداني للقول في الحالة الحزبية عند شعبنا المضرور بكثرة احزابها ترجمة لقول (خلو سيتي)
        طلعوا كالفطر ما أكثرهم …. فبذور السوء مكثار الضنى
لكن الشيء الثابت الذي تميّز به بعض أحزابنا، وهو اللاموقف ! أحدهم انتقل من حزب إلى آخر دون أيّ تمعنّن في وجهة الحزب النضالية، ثم طاب له أن ينخرط في تنظيم ما دون تفحّص أو تمعّن بوجهة الحزب يسارا أو يمينا أو بين بين، وهذه حال أيّ أمّعي يجري وراء هذا او ذاك حتى استقر به المقام إلى سوء اختيار، فراح باختياره مماشاة الظروف والخضوع لها، ولما كنت اتميز بقرض الشعر والاستشهاد به في كتاباتي، أستأنس هنا بقول أحدهم ربما هو (ابو العلاء المعري) حيث يقول: 
      ولما أن عاندني مرامي …. جريت مع الزمان كما أرادا
ترى ما سبب هذا الخنوع والإذلال والخضوع للواقع المزري.! ألا يقتضي منا، من واحدنا موقفا آخر وعن قناعة لا أن يتلبس بلبوس الخنوع والانتهازية..؟!
إذا كان القائد الحزبي أو الحاكم سلطة سياسية فليكن المثقف سلطة معرفية، وبالتالي يأخذ دوره في واجهة الأحداث، لكن ما لاحظناه في راهننا الكردي هو ضعف الواقع الفكري وغياب الكادر السياسي المؤهل فكريا ليوازي المرحلة فكريا ثقافيا كما تقتضيه الحالة الراهنة، إذ لابد هنا من تبعية السياسة للفكر لا العكس كما هو متعارف عليه عندنا ولدرجة خطيرة.! فأصبحت الحالة حتى لو وجد مثقفون تقيدهم أغلال السياسة، وبالتالي تغدو تبعية الفكر للسياسة، تبعية المفكر للكادر الحزبي الضحل الثقافة حالة طبيعية بحيث ترى السياسي يتهرب من الجدل والحوار الفكري، إذن لابد من التحرر من هيمنة وطوق أحابيل السياسة…
مسألة أخرى لابد من التذكير بها على عجالة، وهي العلمانية والتي تعدّ من أسباب نهوض المجتمعات، فالعلمانية في المجتمعات الأوربية جاء نهوضها كحركة فكرية ضد سيطرة الكنيسة بمفاهيمها المغلقة عن المسيحية، من هنا جاءت الخصومة بين المتطلعين للحكم في المسيحية والإسلام من الجانب الفكري العلماني، وليس حصرها في الجانب الديني، وبالتالي جاء تطلع المجتمعات التي طالبت ودعت من أن الحاكمية للبشر وليس لأي كائن آخر متخيل، فقد جاء في الحديث الشريف (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)…ولن أمضي أكثر من هذا لأن لي بحث واف في هذه المسألة بعنوان (بين العلمانية والدين) لنقول أخيرا أن المجتمعات لا تنهض إلا على أساس علماني، وفي ظل العلمانية والديمقراطية يأخذ المؤمنون حريتهم في ممارسة طقوسهم في العبادة..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…