حصاد آستانة: ربحَ بشار الجعفري وحميد حاج درويش وخسر صالح مسلم وفؤاد عليكو

ابراهيم محمود
وفي اليوم الأخير” 24-1-2017 “، من آستانة كازاخستان، أشهرَ بشار الجعفري رئيس الوفد السوري الشقيقة الكبرى لـ”باندولـ:ـه ” الجنيفية الذائعة الصيت ” أفديل “، في وجه كل من لمّح إلى الفيدرالية في سورية: الكرد خصوصاً، وبدا معتداً بنفسه. فثمة قوى دولية ومعها إقليمية حفّزته ومن خلال حكومته لأن يتكلم بالطريقة هذه، وليظهر في ظله” وعن بعد ” حميد حاج درويش الذي يمَّم شطر” شمال سوريا ” قبل التلويح بشقيقة بانادول، مشهّراً  حكمته التليدة في مواقف كهذه: الهزيمة نصف المرجلة، فهو بغريزته السياسية الخاصة يحرص مراراً على ألا تمسه حبة باندول، لا قبلها ولا بعدها، طالما أنه يقدّم ما يبقيه في مقامها لبني جلدته.
هنا علينا أن نتكلم على الواقع ليس كما نراه، إنما كما يجب أن يُرى من خلال القوى التي تتحكم بعناصره ” الخمسة ” هذه المرة، وأنا أشير إلى الكائن الحي: والإنسان ضمناً.
طبعاً، سيكون الخاسر الأكبر من يكون على شاكلة فؤاد عليكو، وصالح مسلم كردياً، رغم البون الشاسع بينهما، في الموقف أو العلاقة والتصريحات، ولكل منهما مقامه، إذ إن صالح مسلم البيداوي، رغم الاكتفاء بـ” شمال سورية ” أخيراً، ودلالة هذا الابتداع سياسياً، كان لديه تطلعاته غير المستقرة في أن يكون الرجل المعتمَد عليه، في تمثيل نسبة كبيرة من ” كورد سوريا ” نظامياً، سوى أن عدم إيلائه الاهتمام المنشود رسمياً، جعله في حكم المتحسّس للعبة ” الذكية ” على مستوى النظام السوري ومن يشاركه فيها حيث الكرد أكثر من كونهم قضية سورية بمفردها بالتأكيد، ولا بد أن مسلم يفكّر الآن في الآتي، وما يمكنه القيام به، بين مطرقة النظام وسندان الانتماء الكردي الذي يلوّح به رغم أنه جرّده من جل ما يميّزه: بعده القومي، اسمه الكردي بالمفهوم الجغرافي، ليتبين وهْم المفكَّر فيه وهو اعتباره الحليف للنظام من جهة، وخلافه من جهة ثانية، ليتمكن من التحرك بعدته وعتاده وإعلامه وأعلامه. فإلى أين يذهب بصور شهدائه ” وهم كرد “؟ إلى أين يذهب بشعاراته وكوادره التي أثقلت على الكردية كثيراً ؟
هذا في الداخل، بينما في الخارج، ففي مثال فؤاد عليكو المنخرط في المعتبَر” المعارضة السورية “، وكنموذج كردي لافت، يمكن تبيُّن الحالة الحُمّاوية التي يعيشها على أرض تركية تعرف أنه كردي، وتمثّل عليه عبر نظام لم يفصح عن ود تركي على مستوى النظام هذا لخاصية الكرد جغرافيا وشعباً، وما يمكن أن يكون عليه وضعه جرّاء تنظيراته السريعة للحالة السورية والكردية ضمناً، رغم تبغدده الاستنبولي، ورغم أن ظهوره في خفّي حنين قد لا يؤلمه كثيراً، لأن ثمة جهات أخرى في مقدوره صحبة عائلته التوجه إليها والاستقرار فيها، ولعله حسبَ حسابه، ليتجنب حرقة الحبة الجعفرية، تاركاً من هُم على نار الآتي، ومن خرجوا وذهبوا بعيداً على أمل العودة وهم على نار بالمقابل أمام امتحانها ومن غادروا ” البلاد ” من كرده دون رجعة ليس كرهاً في النظام وحده، وإنما بطريقة تقاسم الكرد شعبوياً، إذ يكفيه أنه أصبح في مقام النجم السياسي الكردي خارجاً، وأنه من خلال هذه النجومية يمكنه التحرك صوب أكثر من جهة، كما ذكرت، ومرارة علقم الواقع والقادم من الأيام ستكون من نصيب من آثروا البقاء والتحدي للمستجد وما في المستجد من تحدي الكردي للكردي قبل خلافه، وبالطريقة هذه لن يكون هناك خاسر فعلي على مستوى الساسة الذين تمتعوا بنباهة التحرك هنا وهناك، طالما أنهم ضمنوا فوزاً لأنفسهم، لعائلاتهم، لبنيهم وبناتهم، وبعض من المقربين منهم، ومن خسروا، من هم في حكم الخاسرين والمبتلين بخسارة من لا يشعرون أنهم خسروا فهُم الكرد الذين ليسوا شعباً، كما يظهر، إنما بقية موزعة بجراحاتها النازفة في ” شمال سورية ” الموحَّدة !
دهوك- في 25-1- 2017 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين اثار الأستاذ مهند الكاطع، بشعاره “بمناسبة وبدونها أنا سوري ضد الفدرالية”، قضية جدلية تستحق وقفة نقدية عقلانية. هذا الشعار، رغم بساطته الظاهرة، ينطوي على اختزال شديد لقضية مركبة تتعلق بمستقبل الدولة السورية وهويتها وشكل نظامها السياسي. أولاً: لا بد من التأكيّد أن الفدرالية ليست لعنة أو تهديداً، بل خياراً ديمقراطياً مُجرّباً في أعقد دول العالم تنوعاً. كالهند،…

د. محمود عباس بصوتٍ لا لبس فيه، نطالب الحراك الكوردي في غربي كوردستان بعدم التنازل، تحت أي ظرف، عن مطلب النظام الفيدرالي اللامركزي، وتثبيته بوضوح في صلب الدستور السوري القادم. فهذا المطلب لم يعد مجرد خيارٍ سياسي ضمن قائمة البدائل، بل تحوّل إلى صمّام أمان وجودي، يحفظ ما تبقى من تطلعات شعبٍ نُكّل به لأكثر من قرن، وسُلب…

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…