عبدالعزيز مشو
لا يخفى على الكثيرين ما آلت اليه الأوضاع في سوريا عموماً بسبب استمرار الحرب الدائرة بين النظام والمعارضة من جهة ومع القوى الإرهابية من جهةِ أخرى إلى التدخل المباشر من إيران والفصائل الشيعية مما سبب المزيد من تدمير البلاد وتزايد أعداد القتلى والجرحى وتدمير المدن ومزيداً من التهجير تجاه الخارج من دون أن نشهد انتصاراً واضحاً لطرف ما بالرغم من بعض التقدم هنا و التراجع هناك حتى الدخول المباشر للقوات الروسية وصمت المجتمع الدولي فساعد ذلك على تفاقم الأوضاع أكثر فأكثر وأدت لتفوق واضح للقوات النظامية وتراجع قوات المعارضة
ووسط تفاقم وتزايد الخلافات بين المعارضين وتراجع الحلفاء عن وعودهم ودعمهم وخاصةً أمريكا وأوربا لتحدث تغير في المعادلة السياسية بعد فقدان المعارضين لأهم معاقلهم العسكرية في مدينة حلب المهمة اقتصادياً وبشرياً مع استمرار قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضرباتها ضد القوى الإرهابية المتمثلة بداعش وجبهة النصرة وبالتنسيق والتعاون المباشر مع قوات سوريا الديمقراطية التي برهنت على قدرتها في الحرب ضد الفصائل الإرهابية ودون أن تتدخل هذه القوات في مواجهات مباشرة مع القوات النظامية السورية بالرغم من بسط سيطرتها على مناطق واسعة في الشمال السوري مما سبب قلقاً حقيقياً لدى النظام التركي وخشيته من نشوء كيان كردي مجاور للدولة التركي فكان الرد بالتدخل التركي السريع في الشمال وتحديداً في مناطق إعزاز وجرابلس والباب وضرب بعض المواقع العسكرية لل PYD في محاولة لإيقاف تقدم تلك القوات تجاه الغرب لتتراجع للخلف قليلاً نتيجةٍ للضغوطات الأمريكية التي حاولت تغيير مسارها عبر إسناد مهام أخرى , وخشيت القيادة الأمريكية من تمرد القوات التركية أكثر للتوغل في العمق السوري محاولةٍ عرقلة المشروع الأمريكي في المنطقة والأهم الوقوف بوجه المطامع الإيرانية عبر عرقلة عودة القوات السورية لتلك المناطق تحديداً في محاولة تركيز بقائها في بعض المناطق , في المقابل حاول الروس فرض سيطرتهم على مدن حلب وحمص وحماه لتأمين الحماية للساحل السوري ذي الأغلبية العلوية فعمدوا لإنشاء قواعد عسكرية لهم بتلك المناطق لتبقى قوات المعارضة محصورةٍ في مدينة إدلب وبعض المناطق من ريف حماه ودمشق ودرعا لتفقد المعارضة قدرتها على ملء الشروط على النظام , على النقيض من هذا فالأوضاع السياسية كانت أكثر تشابكاً وتعقيداً وسط تضارب المصالح الدولية والإقليمية والذين جاهدوا لبسط نفوذهم وإدخال أجندات خاصة بهم في تلك المناطق أو حتى في أي مباحثات تجري بشأن الاوضاع السورية من جنيف من1إلى 5 بين قوى المعارضة والنظام أو مؤتمر الأستانه و غيرها التي ستعقد مستقبلاً والمتعلقة بالشأن السوري والتأكيد على الاعتراف المتبادل بفكرة قبول الآخر وتوحيد قوى المعارضة وفرض التمثيل الحقيقي لها مع ضمان وجود الحل السياسي والقبول به من جميع الأطراف عندها قد يتوافق المشروعان الروسي والأمريكي في تقاسم مناطق النفوذ وهو ما يؤخر الحل السياسي في الوقت الراهن وهذا ما نلمسه حالياً بالرغم من الانتشار المكثف لقواعد الجانبيين سواء في المناطق الكردية أو مناطق الساحل السوري وهو ما يصبوا ويرنو إليه كلاهما لتنفيذ أجندة متعلقة بسوريا ومناطق الشرق الأوسط تحديداً وإضعاف الهيمنة التركية الإيرانية مستقبلاً وهذا بدوره ما يعرقله الأتراك والإيرانيون عبر نقل صراعات طائفية وضرب المواليين لتلك الأطراف معاً وهو ما يجري وينفذ الآن , وهذا ما سيسبب وضع المزيد من الأعباء والعراقيل بوجه المساعي السلمية حالياً وهو دليل كاف لفشل السياسيين للتوصل لأي اتفاق قادم في الوقت القريب في ظل الظروف الراهنة وسط تضارب المصالح الدولية والإقليمية فما شهدناه مؤخراً لهو خير دليل عمّا يجري وينفذ بأرض الواقع إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة لذلك , ستستمر تلك المؤتمرات التي تعقد بين الحين والآخر دون نتائج ملموسة ليبرز تسلط العسكر وسط خيبة السياسيين , فهل تغير الضربة الأمريكية من قواعد تلك اللعبة لصالح المعارضة أم إننا سنشهد مزيداً من التعجرف التركي الإيراني في المنطقة وسط صمت الروس والأمريكان وتخاذل المجتمع الدولي أم أن الأراض السورية ستبقى مكاناً مناسباً وملائماً ليفرغ هؤلاء أحقادهم بها ليدفع الشعب الضريبة أمام أنظار السياسيين ؟