عبدالرحمن مهابادي *
كلما نقترب إلى مسرحية الانتخابات المزمع عقدها في النظام الإيراني في 19 أيار الجاري، كلما تأخذ وتيرة التحولات الإقليمية منحى متسارعًا وفي محورها إيران. نظرة إلى العقود القليلة الماضية تقودنا إلى رؤية ظاهرة جديدة ومهمة للغاية أثرت على المنطقة وإلى حد ما على العالم سلباً.
من ناحية أخرى نرى تصاعدًا في الاحتجاجات الشعبية ضد النظام المتطرف الحاكم في إيران وتفاقم الأزمات التي تحدق بالنظام وسط تشديد مواقف كبار السلطات في الإدارة الأمريكية ضد النظام الإيراني لاسيما خلال الشهرين الماضيين فضلا عن موقف سمو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي في مقابلته مع قناة العربية في 2 أيار حيث أشار إلى نقاط لافتة أبرزها عندما وصف مناورات النظام الإيراني في الإصلاح بالتمثيليات وقال : «انتهى، المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لُدغنا مرة، ومرة ثانية لن نلدغ». مؤكدًا تلك الحقيقة التي تقوله المقاومة الإيرانية منذ عقود.
في العام 1979 عندما جلس خميني على كرسي خلافة ولاية الفقيه بسطوه على ثورة الشعب الإيراني، كان يفكر في تأسيس امبراطورية إسلامية وهذا كان دافعه الأساسي لتهديد الدول المجاورة لإيران ثم فكر في السنوات التالية بإنتاج السلاح النووي!
وفي المقابل انبرت المقاومة الإيرانية العارفة بهوية النظام، إلى فضح أطماع الملالي التوسعية أمام العالم وحذرت المجتمع الدولي من ذلك. ونرى الآن بعد مضي سنوات (مع الأسف طويلة!) أن هذا الجهد قد أثمر وأصبح المجتمع الدولي وكذلك دول الجوار الإيراني وبالتحديد مملكة العربية السعودية قد أدركوا ذلك التحذير.
إني على قناعة بأنه من الضروري أن تترجم هذه المواقف عمليًا وتتحول إلى تدابير عملية ملموسة تخدم شعوب المنطقة، وإلا ستجعل النظام أكثر إصرارا على التمادي في سياساته التوسعية العبثية أكثر مما مضى. لقد لمسنا تجربة مؤلمة في سياسة الدول لمداهنة واسترضاء النظام الإيراني من خلال الحوار معه ويمكن الإشارة إلى الاتفاق النووي المنعقد بين النظام والدول5+1 لاسيما إدارة اوباما. والذي لن يمنع النظام من إنتاج السلاح النووي وفق إذعان السلطات الحكومية والخبراء الدوليين بذلك. وخير دليل على ذلك هو ما تم الكشف عنه في المؤتمر الصحفي الذي عقده مكتب ممثلية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بواشنطن في 21 ابريل 2017 بخصوص استمرار النشاطات السرية للنظام الإيراني لصنع السلاح النووي. فعلى هذا الأساس ان طبيعة النظام الحاكم في إيران لم تتغير ومازال النظام يطمح إلى الهيمنة على العالم الإسلامي كما بقيت الأذرع المادية لهذه الهيمنة نشيطة داخل النظام ولذلك مازال هذا النظام يشكل خطرا على المجتمع الانساني.
وعلى خلاف ما يدعي النظام في إعلامه الصاخب للدفاع عن الإسلام والشيعة الذي ليس إلا المتاجرة بالدين والمذهب، فان هذا النظام لا يمت للإسلام الحقيقي بصلة الذي هو دين الرحمة والتسامح. فيما عقلية وممارسات وأجندات وسياسات هذا النظام تتعارض تمامًا مع الديانات السماوية والإسلام والمذهب الشيعي الحقيقي.
الواقع أن هذا النظام استلب السلطة من خلال استغلال المشاعر الدينية لدى الشعب الإيراني وواصل هذا الاستغلال ليكبّل الشعب ويفقر أبناءه بالملايين ويمارس الاعتقال والتنكيل والتعذيب على مئات الآلاف من منهم من طوائف وقوميات متنوعة وينهب ثروات الشعب ويستنزف أموال الدولة في التدخل في شؤون الدول الأخرى أو لتنفيذ مشاريعه النووية والتوسعية وتمويل الميلشيات الارهابية الموالية له في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وهذه الحقيقة ما أكدها سمو الأمير محمد بن سلمان وقال انهم يريدون السيطرة على العالم الاسلامي ولو بحرمان شعبهم من التنمية وأضاف أن النظام الإيراني قائم على ايديولوجية متطرفة فكيف يمكن التفاهم معه؟ ولا توجد نقاط التقاء بيننا وبين النظام في إيران. لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية.
ونرى الآن تلك الحقائق التي أكدتها المقاومة الإيرانية على مدى 4 عقود مضت، يذعن المجتمع الدولي ببعض منها على لسان ولي ولي العهد السعودي وبالبعض الآخر على لسان السلطات في الادارة الأمريكية. إنه لتطور كبير في مسار الحركة نحو المستقبل. حقائق تؤكد أن النظام الحاكم هو نظام متطرف وتوسعي لا يتحمل الاعتدال وغير شرعي وليس أهل ثقة بل نظام مخادع وغير متفاهم يقمع شعبه ومعارضيه في الداخل ويقتلهم وخارج الحدود يدعم الإرهاب العالمي ويموّل الأنظمة الدكتاتورية والمجموعات الإرهابية ويتدخل في شؤون الدول الأخرى.
إن وصول المجتمع الدولي الى هكذا نقطة ولو أنه يؤسس محطة أساسية للحراك في الداخل الإيراني لإحداث التغيير ولكنه يتكلل بالنجاح عندما يعمل في ارتباط وثيق مع الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. وإلا بدون ذلك فلن يحصل أي تغيير. إنها حقيقة سيقود ادراكها وفهمها الصحيح، المجتمع الدولي إلى اتخاذ مبادرة عملية تاريخيًا تنطلق بطرد قوات الحرس الثوري من دول المنطقة واجتثاث شأفة النظام الإيراني من المنطقة وتتكلل بالنجاح بالإعتراف بمقاومة الشعب الإيراني من قبل المجتمع الدولي.
* كاتب ومحلل سياسي
@m_abdorrahman