نقطة نظام ..!!

م .

بافي ژيـــن
bavejin@hotmail.com  

إن التغيرات المتسارعة, في الساحتين العربية والمحلية, والانتقال المتتالي للثورات الشعبية, من موقع إلى موقع, ومن بلد إلى آخر, ليس وليدة اللحظة الآنية أو (موضة) جديدة, تبهر المرء, وتجعله مقلداً لها عبر وسائل الاتصال, ولا تمت بأية صلة للمؤامرة المزعومة التي تحاك ضد دول المنطقة, كما تدعي الجهات العروبية, وإنما هي نتيجة تاريخ مديد, من الإلغاء والإنكار والتهميش, للأغلبية الساحقة من الشعوب المنطقة, في ظل أنظمة شمولية قمعية, لا تعير أي اهتمام للشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية, ولا شرعة حقوق الإنسان المتفق عليه أممياً بخصوص احترام آدمية البشر, وحقه في الحياة والعيش الكريم.
ومن سخرية القدر, أن يعيش المرء في وطن يحاسب على صمته, على أنه شر مضمر, وعن حديثه في الشأن العام, باعتباره مؤامرة معلنة ضد الوطن ..!! حسناً لنسلّم جدلاً بحقيقة ادعاءات النظم العربية, حول المؤامرة وأبعادها الخارجية في المشهد السياسي الراهن, ولنسلم أيضاً بدعوى وقوف قوى خارجية نهاراً جهاراً, إلى جانب الشعوب المقهورة, تحت حجج (الديمقراطية وحقوق الإنسان) للنيل من هيبة الدولة وكسر إرادتها, فلماذا إذاً عملت هذه النظم عبر تاريخها, على استعباد شعوبها, للإبقاء على المبررات كمطية للمتآمرين؟! ولماذا لم ترفع سيف الظلم, والاستبداد على رقاب الناس, لسد الطريق أمام المتربصين بوحدة البلاد, والتدخل في شأن العباد, عبر بوابة الانفتاح والديمقراطية للشعوب المقهورة !؟ ربما خلال هذه المقاربة البسيطة, تتجلى الإشكالية بأبهى صورها في الخطاب الرسمي العربي, والارتباك الفاضح في إعلامها المضلل, وفي النهاية تبقي النظم المستبدة, الأقرب إلى مفهوم المؤامرة, واصطفافهم إلى جانب المتآمرين, وذلك بتجاهلهم الإصغاء لمطالب الشعب, والانصياع لإرادته ورغباته, وتالياً الناس التي خرجت تهتف للديمقراطية, وتنشد العدالة الاجتماعية والمساواة التامة, وتسعى لتحقيق مبدأ المواطنة  الكاملة, براء من أكاذيب الحكام, كبراءة الذئب من دم يعقوب.
 
إن السلطات الحاكمة اليوم, تقترب من حافة الهاوية, ولكن لا تزال تمتلك بعض الوقت, للإصغاء إلى صوت الجموع الهادرة, وتلبية مطالبها على جناح السرعة, بدلاً من الإيغال في القتل, والاعتقال, وإثارة الفتن الطائفية, والمذهبية, والقومية بين فئات المجتمع, عليها أيضاً أنْ تقرن نظرتها بمنظار الشعوب, بدلاً من جبروت القوى الأمنية وحلولها القمعية لأي حراك وطني سلمي, وفي عين الوقت يتطلب من شعوب المنطقة في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة, أن تكون يقظة لشِراك النظم, وأساليبها الملتوية, لضرب مكونات المجتمع بعضها بعضاً, ومحاولاتها المستميتة لإفراغ الثورات الشعبية من مضامينها الأساسية .

  

 3 – 4 – 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…