إبراهيم يوسف
وأخيراً، وبعد انتظار ما يقارب نصف القرن من الزمان، ها صدر مرسوم بإعادة الجنسية السورية، عمن تم سلخها عنهم منذ العام 1962 وحتى اليوم -7 نيسان 2011- بتدبير عقل شوفيني إلغائي، ولطالما كرر هذا المطلب ملايين المرات في الصحافة الكردية، والوطنية وصحافة الشيوعيين السوريين، ولم يبق طرح الموضوع ضمن حدود الوطن السوري، بل بات يكرر على ألسنة المطلعين في العالم، من ساسة وناشطي حقوق إنسان، وتم توثيق كل ذلك في كتب ودراسات هائلة
وأخيراً، وبعد انتظار ما يقارب نصف القرن من الزمان، ها صدر مرسوم بإعادة الجنسية السورية، عمن تم سلخها عنهم منذ العام 1962 وحتى اليوم -7 نيسان 2011- بتدبير عقل شوفيني إلغائي، ولطالما كرر هذا المطلب ملايين المرات في الصحافة الكردية، والوطنية وصحافة الشيوعيين السوريين، ولم يبق طرح الموضوع ضمن حدود الوطن السوري، بل بات يكرر على ألسنة المطلعين في العالم، من ساسة وناشطي حقوق إنسان، وتم توثيق كل ذلك في كتب ودراسات هائلة
لقد عانى المواطن الكردي مسلوب الجنسية الكثير، وتكبد المرارة، أمام أعيننا جميعاً، حيث زوجته لا تسجل باسمه، ولا أبناؤه، ولا بيته، ولا يسمح له بالنوم في فندق، بل ولطالما منع من السفر من محافظة الحسكة إلى المدن الكبرى، وأنزل من الحافلات -عنوة- مهاناً، على مرأى الركاب الذين ما كان بمقدور أحد منهم قول كلمة لا، أجل، طالما انزل من هذه الحافلات، حتى ولو كان مريضاً سيراجع طبيباً هناك، أو حتى لو كان برفقة مريض، أو قاصد عمل، ولاسيما بعد أن ابتلع الجفاف ” جزيرتنا الخضراء” وبدت وصفات العلاج فاشلة، ولم يجد ابن الجزيرة إلا في الهجرة بنوعيها حلاً للحفاظ على ماء والوجه، من خلال العمل على أطراف المدن الكبرى، في بيوت الصفيح، لتأمين رغيفه بعد أن اضطر أبناؤه لترك الدراسة، والعمل في المصانع، لإعانته.
لن أتحدث عن أسباب تأخر معالجة الأمر، حيث كان دائماً ثمة ردّ أوتوماتيكي هو: تتم الدراسة الآن ، وهي على طاولة السيد الرئيس، وإن التأخر قد تم لأسباب تقنية، أو أن الجنسية لا تعاد إلى هذا المواطن، رداً على الكردي الذي يطالب بإعادة الجنسية، وكأن لسان حال هؤلاء كان “يجب أن تعاد الجنسية إليكم متسولين لا طلاب حق وطني” لتكون منة، ومكرمة منهم على مواطني درجة عاشرة.
وهاهي الآن- أي الجنسية المسلوبة- أو الغودوتية، قد عادت إلى مواطننا بعد طوال انتظار، ونفاد صبر، وبعد أن ولد أشخاص وهم مسلوبو الجنسية، وماتوا من دون تحقيق حلمهم الذي تأسطر، ودفن معهم في قبورهم، وينخره الآن الدود، أجل، لقد أعيدت إليهم الجنسية، بعد أن توافرت النوايا الصادقة خلال أيام قليلة، فحسب، أو ساعات ، كما كنا نقول دائماً: إنها وحدها -أي النوايا الصادقة-الشرط اللازم، ولقد كنت شخصياً قد قلت في أكثر من مقال لي مقالاتي كتبته مطالباً بإعادة الجنسية لهذا الإنسان المظلوم- وأنا واحد من آلاف الذين كتبوا كما يخيل إلي- مؤكداً بأن العمل الجاد على هذا المشروع الوطني، لا يتطلب إلا زمن توقيعه، وهو دقائق أو ثوان….
وتلك المقالات لا تزال موجودة في ذاكرة “العم غوغل”، بالإضافة إلى ما كنت أكتبه في صحافة الحزب الشيوعي من دون توقيع، بمناسبة ودونما مناسبة، أثناء فترة عضويتي بين صفوفه.
ثمة مثل كردي يقول” helez bihuri وهو يعني أنه قد فات الأوان، ولعل هذا ما يمكن أن يقوله كهل نال الجامعة منذ ثلاثة عقود مثلاً، وتجاوز سن العمل، أو شخص مرت عقود على نيله الشهادة الدراسية ولم يسمح له بعد برؤيتها، أي لم تر عينه شهادته الدراسية “هل يمكن لأحدنا أن يتصور هذه الفجيعة؟”…!، حتى بعد أن رحل عن عالمنا ومات معه حلمه، ولا مريض لم يسمح له بالسفر إلى خارج الوطن بسبب عدم حمله جواز السفر، فمات، مع أن إمكان معالجته في الخارج كان جد سهل…….! ولن أذكر مئات الأمثلة التي يمكن إيرادها، ولا أفعل ذلك، وإن كنت أرى أن إعادة الجنسية لمواطننا هي أشبه بأن يماطل أحدنا في إعادة دين مستحق، أوحق منهوب، إلى صاحبه، وهو ينبغي أن يكون مقروناً بالاعتذار، بل التعويض لهذا الإنسان الذي ألحق به الضرر.
ولعل السيد أحمد الحاج علي قد أفسد اليوم –على من وجد بقايا البهجة- ولا بهجة بإعادة هذا الحق وسط ما جرى من قتل بحق مواطنينا في أكثر من مدينة، وهي المفردة الأولى في “معجم الحرية” الكبير….
عندما قال: المواطن الكردي/ العربي، والعربي والكردي وغيرهم من أشكال الفسيفساء السوري الجميل، هم سكان أسرتنا الواحدة، وهو ما كان الدافع إلى ردّ لي عليه في آذار 2004، في مقال نشرته آنذاك، بل هو نفسه ما قلته له شخصياً في أول مؤتمر وطني جريء دعت إليه اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في فندق ” البلازا”-إن لم تخني الذاكرة- وحضره الطيف السياسي السوري، كاملاً، وكان أولى نواة الحوار الوطني في سوريا، في تلك الظروف العصيبة، وتم ذلك بحضور الصديق فيصل يوسف، وكنت أتوقع أنه لن يكررها، وها هو أعاد اكتشافه ذاك، الليلة، في إحدى الفضائيات، وبرأيي أن كثيرين ممن يظهرون على هذه الفضائيات، إنما يسيئون بأكثر مما يتم، لمن ينتدبونهم، ولطالما بدوا بعد إعلان ” الكلام الفصل” من مطبخ السلطة نفسه في صورة لا يحسدون عليها، ولاسيما أن رصد تناقضات ردود هؤلاء باتت تشكل عشرات الكتب، في الوقت الذي يجب فيه أن نبحث عن لغة حب وطننا السوري، خالعين أي رداء سابق، وليس على طريقة ذلك الدعي الذي يقول على إحدى الفضائيات” نحن 23 مليون عربي ونحن 23 مليون كردي وأرمني إلخ وحتى الآن ومنذ تسنمه لمهماته –كأحد أسلافه من المسؤولين في إحدى المحافظات السورية- يدرج أسماء شرفاء الكتاب على جداول منع المشاركة في النشاطات الثقافية، وهو ما يتم معي شخصياً منذ 1986 وحتى الآن، وإن مرت فترة قصيرة عدت استثناء من قاعدة ممارسات العقل المتنكر للشراكة الوطنية، وهو نفسه الذي لا تزال صورته وأضرابه ماثلة أمام عيني ، وهم يتحدثون عن فلكلور محافظة الحسكة ناسين الإشارة ولو إلى منديل طفلة من ال23 مليون كردي، أو مجرد رقصة كردية، ومع هذا يمكن أن يفتح كل منا قلبه للآخر تحت سطوة حب الوطن، ولكن بعد أن تفتح ملفات من أساؤوا لبلدنا الحبيب سوريا، من خلال الإساءة لإنساننا، ولاسيما مع من استخدم لغة النار، ولعل حقوق الكرد المنسلخين أحد أهم هذه الملفات…!
أجل، سيحس المواطن-الذي سلبت منه جنسيته على مدى خمسة عقود- بأن جزءاً من حقه قد وصل إليه، ليس عبر إعادة الجنسية إليه، بل من خلال التعويض له، عما ألحق به من أذى طوال هذه العقود، وفي بيت كل أسرة منها مئات القصص، فهل سيتم ذلك؟.
لن أتحدث عن أسباب تأخر معالجة الأمر، حيث كان دائماً ثمة ردّ أوتوماتيكي هو: تتم الدراسة الآن ، وهي على طاولة السيد الرئيس، وإن التأخر قد تم لأسباب تقنية، أو أن الجنسية لا تعاد إلى هذا المواطن، رداً على الكردي الذي يطالب بإعادة الجنسية، وكأن لسان حال هؤلاء كان “يجب أن تعاد الجنسية إليكم متسولين لا طلاب حق وطني” لتكون منة، ومكرمة منهم على مواطني درجة عاشرة.
وهاهي الآن- أي الجنسية المسلوبة- أو الغودوتية، قد عادت إلى مواطننا بعد طوال انتظار، ونفاد صبر، وبعد أن ولد أشخاص وهم مسلوبو الجنسية، وماتوا من دون تحقيق حلمهم الذي تأسطر، ودفن معهم في قبورهم، وينخره الآن الدود، أجل، لقد أعيدت إليهم الجنسية، بعد أن توافرت النوايا الصادقة خلال أيام قليلة، فحسب، أو ساعات ، كما كنا نقول دائماً: إنها وحدها -أي النوايا الصادقة-الشرط اللازم، ولقد كنت شخصياً قد قلت في أكثر من مقال لي مقالاتي كتبته مطالباً بإعادة الجنسية لهذا الإنسان المظلوم- وأنا واحد من آلاف الذين كتبوا كما يخيل إلي- مؤكداً بأن العمل الجاد على هذا المشروع الوطني، لا يتطلب إلا زمن توقيعه، وهو دقائق أو ثوان….
وتلك المقالات لا تزال موجودة في ذاكرة “العم غوغل”، بالإضافة إلى ما كنت أكتبه في صحافة الحزب الشيوعي من دون توقيع، بمناسبة ودونما مناسبة، أثناء فترة عضويتي بين صفوفه.
ثمة مثل كردي يقول” helez bihuri وهو يعني أنه قد فات الأوان، ولعل هذا ما يمكن أن يقوله كهل نال الجامعة منذ ثلاثة عقود مثلاً، وتجاوز سن العمل، أو شخص مرت عقود على نيله الشهادة الدراسية ولم يسمح له بعد برؤيتها، أي لم تر عينه شهادته الدراسية “هل يمكن لأحدنا أن يتصور هذه الفجيعة؟”…!، حتى بعد أن رحل عن عالمنا ومات معه حلمه، ولا مريض لم يسمح له بالسفر إلى خارج الوطن بسبب عدم حمله جواز السفر، فمات، مع أن إمكان معالجته في الخارج كان جد سهل…….! ولن أذكر مئات الأمثلة التي يمكن إيرادها، ولا أفعل ذلك، وإن كنت أرى أن إعادة الجنسية لمواطننا هي أشبه بأن يماطل أحدنا في إعادة دين مستحق، أوحق منهوب، إلى صاحبه، وهو ينبغي أن يكون مقروناً بالاعتذار، بل التعويض لهذا الإنسان الذي ألحق به الضرر.
ولعل السيد أحمد الحاج علي قد أفسد اليوم –على من وجد بقايا البهجة- ولا بهجة بإعادة هذا الحق وسط ما جرى من قتل بحق مواطنينا في أكثر من مدينة، وهي المفردة الأولى في “معجم الحرية” الكبير….
عندما قال: المواطن الكردي/ العربي، والعربي والكردي وغيرهم من أشكال الفسيفساء السوري الجميل، هم سكان أسرتنا الواحدة، وهو ما كان الدافع إلى ردّ لي عليه في آذار 2004، في مقال نشرته آنذاك، بل هو نفسه ما قلته له شخصياً في أول مؤتمر وطني جريء دعت إليه اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في فندق ” البلازا”-إن لم تخني الذاكرة- وحضره الطيف السياسي السوري، كاملاً، وكان أولى نواة الحوار الوطني في سوريا، في تلك الظروف العصيبة، وتم ذلك بحضور الصديق فيصل يوسف، وكنت أتوقع أنه لن يكررها، وها هو أعاد اكتشافه ذاك، الليلة، في إحدى الفضائيات، وبرأيي أن كثيرين ممن يظهرون على هذه الفضائيات، إنما يسيئون بأكثر مما يتم، لمن ينتدبونهم، ولطالما بدوا بعد إعلان ” الكلام الفصل” من مطبخ السلطة نفسه في صورة لا يحسدون عليها، ولاسيما أن رصد تناقضات ردود هؤلاء باتت تشكل عشرات الكتب، في الوقت الذي يجب فيه أن نبحث عن لغة حب وطننا السوري، خالعين أي رداء سابق، وليس على طريقة ذلك الدعي الذي يقول على إحدى الفضائيات” نحن 23 مليون عربي ونحن 23 مليون كردي وأرمني إلخ وحتى الآن ومنذ تسنمه لمهماته –كأحد أسلافه من المسؤولين في إحدى المحافظات السورية- يدرج أسماء شرفاء الكتاب على جداول منع المشاركة في النشاطات الثقافية، وهو ما يتم معي شخصياً منذ 1986 وحتى الآن، وإن مرت فترة قصيرة عدت استثناء من قاعدة ممارسات العقل المتنكر للشراكة الوطنية، وهو نفسه الذي لا تزال صورته وأضرابه ماثلة أمام عيني ، وهم يتحدثون عن فلكلور محافظة الحسكة ناسين الإشارة ولو إلى منديل طفلة من ال23 مليون كردي، أو مجرد رقصة كردية، ومع هذا يمكن أن يفتح كل منا قلبه للآخر تحت سطوة حب الوطن، ولكن بعد أن تفتح ملفات من أساؤوا لبلدنا الحبيب سوريا، من خلال الإساءة لإنساننا، ولاسيما مع من استخدم لغة النار، ولعل حقوق الكرد المنسلخين أحد أهم هذه الملفات…!
أجل، سيحس المواطن-الذي سلبت منه جنسيته على مدى خمسة عقود- بأن جزءاً من حقه قد وصل إليه، ليس عبر إعادة الجنسية إليه، بل من خلال التعويض له، عما ألحق به من أذى طوال هذه العقود، وفي بيت كل أسرة منها مئات القصص، فهل سيتم ذلك؟.