الجنسية جزء صغير من القضية الكردية

عبدالحليم سليمان عبدالحليم *
 
  يبدو أن قدر السوريين و منهم الأكراد أن يعانوا ويتألموا بأرقام ليست مجرد أرقام بل جلبت الظلم والقهر و الويل على مدى عشرات السنوات وعطلت الحياة في مختلف جوانبها  لا بل قضت على حياة الكثيرين منهم .فالقانون 49 الذي يقضي بإعدام كل من يثبت عليه الانتماء إلى الأخوان السوريين  ولم يعد هذا الأمر خافياً على الناس أجمع ماذا حل بمن كان من الأخوان .

أما المرسوم 49 لعام 2008 الخاص ببيع الأراضي والعقارات تضمن إخضاع الموافقة على تملك هذه العقارات والأراضي إلى سلسلة من الموافقات الأمنية والوزارية وعطل هذا المرسوم بدوره الحياة في المناطق الحدودية و ألقى بظلاله الثقيلة على المناطق الكردية وبالخصوص محافظة الحسكة التي اعتبرت بكاملها منطقة حدودية كون غالبية سكانها من الأكراد .
لكن المرسوم 49 الصادر يوم الخميس 7-3-2011 والقاضي بمنح الجنسية لأجانب محافظة الحسكة فقد حمل الوجهين معاً وجه من التفاؤل وهو أن شريحة كبيرة من السوريين يتجاوز عددهم 300 ألف شخص سيحملون الجنسية العربية السورية رغم أنهم ليسوا عرباً بل أكراد سوريين أسوة بأكثر من مليونين آخرين من الكورد.

أما وجه الشؤم في هذا المرسوم الخديج فلم يذكر الشريحة الأخرى من الأكراد من مكتومي القيد الذين يتجاوز عددهم وحسب إحصائيات غير رسمية دائماً 120 ألف شخص وهؤلاء معاناتهم أكبر بكثير من الأجانب كونهم غير مسجلين في السجلات وقائمة معاناتهم أطول من قائمة معاناة أجانب الحسكة وطبعاً السلطات لم تسجلهم ولم تتح لهم المجال وليس تقاعساً من أبناء هذه الشريحة المظلومة في عدم تقدمهم للتسجيل كما تروجها أصوات السلطة في وسائل الإعلام.
أما من الناحية القانونية فصيغة منح الجنسية هو التفاف على واقع الحال بل كان من المفروض أن يكون إعادة الجنسية كون الكثير من هؤلاء الأجانب كانوا مواطنين سوريين ويحملون الجنسية السورية حتى منذ زمن الاستعمار الفرنسي أي كانوا من أوائل المواطنين لدى تشكل الدولة سوريا .
لكن السلطات تعلم بخفايا وتبعات الأمور فإعادة الجنسية يعني التعويض وربما الاعتذار وهذا ما لا تفكر ولا تريده السلطة و هذا بالأساس مناقض للقوانين لأن منح الجنسية يكون للأفراد كأن يأتي شخص قادم من دولة أخرى ويتقدم لطلب الجنسية ويمنح بعد خمس سنوات من تاريخ تقدمه للطلب حسب الدستور أما واقع حال الأجانب فمنهم من لم يعرف غير قريته ومدينته في محافظة الحسكة ولم يتجاوز أو مارس رياضة القفز على حدود الدول المجاورة كما كان يشاع من دوائر السلطة  بل إحصاء عام 1962 كان عنصرياً بامتياز و جاء تنفيذاً لتوصيات ضابط الأمن السياسي بالحسكة محمد طلب هلال لتغيير ديمغرافية منطقة الجزيرة ذات الأغلبية الكردية.
هذا المرسوم الذي صدر يوم الخميس7-3-2011 كان متوقعاً  لأنه نتيجة نضال تراكمي قادته الحركة الكردية منذ حدوث الإحصاء و قدمت ضحايا كثر من أجل هذه القضية الإنسانية بامتياز و جاء في ظروف سالت فيها دماء الشهداء السوريين في شوارعهم وبالقرب من منازلهم وبرصاص قوات الأمن السورية كما جرى في القامشلي في عام 2004 و 2005 و2008 وفي الرقة 2010 وجاء في محاولة غير مضمونة النتائج من السلطة لتحييد الشارع الكردي من الحراك السوري العام ولكن هل من يزرع الخوف والرعب والبغضاء سيحصد غير الكراهية ؟
فالقضية الكردية لم تنحصر يوماً في مسألة الأجانب والمكتومين بل كانت هذه المشكلة جزءاً من القضية الكردية التي هي قضية سياسية متكاملة لشعب أصيل و متجذر في التاريخ السوري وله دوره الحضاري الكبير في المنطقة.


فقد كان سفيها ذاك التحليل الذي غرده أبواق السلطة المختزل للقضية الكردية ونفيها وحصرها بمسألة الجنسية أو تلك  الكلمات التي دغدغت عواطف شعب عريق بمناسبة معينة .

القضية الكردية -و لمن لا يعلم- هي من القضايا الأساسية الملحة في سوريا وإن كانت هناك نية لتجاهلها أو القفز عليها؛ لذا لا بد من السلطات الوقوف بجدية لحلها في إطار يضمن حق الشعب الكردي بشكل مدني وديمقراطي  إلى جانب العديد من القضايا الوطنية الحساسة والعاجلة  ولا أن تختزل الأمور بمراسيم تختزل قضايا كبيرة في حلول جزئية وبسيطة .
·  صحفي كردي سوري و من أجانب الحسكة  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…