هيبت بافي حلبجة
بلا أرتياب ثمة علاقة جدلية أكيدة ما بين شكل الدولة وممارساتها ، ومجال حدود التغيير المرتبط عضوياُ بنوعية مطالب الجماهير وأهدافها ، تلك الأهداف التي يمكن أن تتباين على شكل خط بياني من حدود دنيا ووسطى ( أصلاحات بسيطة ، إلغاء مرسوم تشريعي ، تغيير كيفية الأقتراع ، إبطال خطة أو تخطيط فاشل ، إزهاق سياسة أقتصادية متعثرة ، حذف مادة قانونية) إلى حدود عليا (تغيير سياسة الدولة ، تغيير السلطة ، تغيير النظام ، تغيير شكل الدولة من البسيطة إلى المركبة مثلاُ ، تغيير نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية مثلاُ ، تغيير شكل الحكومة نفسها ، تغيير إيديولوجية الدولة ، تغيير الدستور برمته ، تغيير شكل النظام الإداري من المركزي إلى اللامركزي مثلاُ ) .
ولكي ندرك أهمية هذه العلاقة الجدلية وبالتالي حجم مطالب الجماهير ونوعيتها وفقاُ للمعايير المعرفية الدقيقة ، بعيداُ عن المزاجية والأنفعال ورد الفعل المباشر ، لامناص من أن نحدد بعض الأمور المتعلقة بمفهوم الدولة ، مع ذكر مضامين بعض الثورات التاريخية وأهدافها التي تحققت فعلياُ ، على صعيد الأستئناس ، ليتعين لدينا نوع مشترك من الخطاب السياسي .
الأمر الأول : لقد أسقطنا من التحليل مضمون ومفهوم الثورات التحريرية ضد المستعمرين على رغم من النفحة التقدمية والإيجابية والنقلية على الصعيدين الفكري والأجتماعي فيها ، نذكر ، الثورة الجزائرية ( 1954 – 1962 ) ، والثورة الأمريكية ( 1775 – 1783 ) .
كما اسقطنا من التحليل فحوى الأنقلابات والمؤامرات في المنطقة العربية والتي سميت تعسفاُ بالثورات ( في ليبيا ، ومصر ، وسوريا ) .
الأمر الثاني : لقد حدثت ثورات أخرى غيرت الحكام ، أنظمة الحكم ، البنية الأجتماعية ، وأحدثت مفاهيم جديدة في مستويات عديدة ، منها على سبيل المثال ، الثورة الروسية ( 1917 ) التي بدأت بمحتوى ( أعطونا خبزاُ ) ثم أنهت فترة مائتين عام من الحكم الأوتوقراطي ( عائلة رومانوف ، وآخرهم القيصر نيقولا الثاني ) وأمتدت آثارها الإجتماعية والسياسية إلى كل العالم ، والثورة الفرنسية ( 1789 ) التي إقتاتت من آراء جان جاك روسو ومونتيسكيو وميرابو ، قضت على النظام الملكي ( لويس السادس عشر ) ، وأسست لدستور جديد يتكفل قيام الدولة على مؤسسات قانونية تؤكد مبدأ الفصل مابين السلطات ، ورعاية حقوق الأفراد ضمن محتوى الثالوث الحرية ، الإخاء ، المساواة .
الأمر الثالث : من خصائص الدولة ، حسب فقهاء القانون الدستوري ، ثلاثة ، تمتع الدولة بالشخصية المعنوية ، تمتع الدولة بالسيادة ، خضوع الدولة للقانون ، وهذه الخصيصة الأخيرة هي التي نسعى إلى إبرازها والتي تعني خضوع كافة مؤسسات الدولة من تنفيذية ، تشريعية ، قضائية لسلطة القانون وفقاُ لمبدأ بات معروفاُ تحت تسمية مشروعية الدولة ، فلكي تتمتع الدولة ، كدولة ، بصفة المشروعية لابد من أن ، الجانب الأول : أن تتقيد تلك المؤسسات بما فيها ( الرئيس أو الملك أو رئيس الوزراء ) بالقواعد القانونية وهذا هو الجانب الضعيف أو العادي في هذه المسألة ، اما الجانب الثاني : وهو الجانب الأقوى والأهم ، وهو إن الدولة ليست مطلقة الحرية في ( ألغاء أو تعديل أو وضع ) قانون ، كلما طاب لها ذلك ، أو أدعت إن الضرورة قد أقتضت .
وإذا ما أنتهكت حرمة هذين الجانبين معاُ ، أو حرمة أحدهما ، فإن الدولة ذاتها تفقد عضوية ( المشروعية ) .
الأمر الرابع : ثمت فرق ، متفق عليه في الفقه الدستوري ، ما بين مشروعية الدولة ، ومشروعية السلطة ، وإذا كانت مشروعية الدولة هي خضوعها للقانون ، فإن مشروعية السلطة هي خضوعها لقبول ورضى الشعب والجماهير بها ، وأي أنتفاء لمسألة الرضى والقبول ينتفي به أساس مشروعية السلطة ، فلامشروعية للسلطة دون رضى الشعب ، وهكذا نلخص إن مشروعية الدولة ومشروعية السلطة هما معاُ أساس وحدة القانون ( أو حسب التعبير الدارج دولة القانون ) .
الأمر الخامس : لاينبغي أن يدرك من مضامين الأمور الأربعة وكأن أهداف الإحتجاجات مرصودة فقط لحجم ( الخطأ والضرر ) لدى النظام والسلطة ، لإن الثورة في مرحلة معينة من تطورها قد تغير ، ومن المفروض أن تغير ، ماهو أبعد من ذلك بكثير ، كإبطال الدستورالمعمول به جملة وتفصيلاُ ، أو التحول من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني ، أو التحول من نظام إداري مركزي إلى نظام إداري لامركزي ، أو التحول من دولة بسيطة إلى دولة مركبة ، أو أن تحد من سلطة بعض شرائح المجتمع قانونياُ ، أو أن تسن قانونأ متميزأ ، أو أن تسيس الأقتصاد وفق منهجية جديدة .
إذن نحن ، وبصورة ماكروسكوبية ، إزاء مجالين كبيرين ، أحدهما هو حجم الخطأ والضرر ، والقصد في أقتراف الخطأ والضرر ، لدى السلطة والدولة ( النظام ) ، والثاني هو حجم مطالب الجماهير .
في المجال الأول ، وبشيء من الدقة في التحليل وبعض الإمعان في الفعل السلطوي ، يتراىء لنا إن الدولة السورية فقدت مشروعيتها التي أشرنا إليها سابقاُ ، وهي بالأساس لم تكن خاضعة للقانون ( مشروعية الدولة ) ، كما إن السلطة السورية فقدت هي الأخرى مشروعيتها وماكانت بالأصل مرضية من قبل الشعب ( مشروعية السلطة ) ، ويتراىء لنا أيضاُ إن كلتيهما ( الدولة والسلطة ) غير قادرتان بنيوياُ على تجاوز المحنة القائمة للأسباب التالية .
السبب الأول : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لامناص من أن تحطم ( بضم التاء ) القاعدة الذهنية الفكرية ، القواعد الإيديولوجية المركبة التي تأسست عليها هذه السلطة والدولة .
السبب الثاني : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لابد من تقويض الهيكلية الحالية للدولة لإنها لاتسمح ، وغير قادرة للسماح ، بظهور بديل مقنع يرضي مدارك التطورات العصرية الراهنة .
السبب الثالث : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لامحيص من تهشيم الخلفيات الفقهية والسياسية الجاثية وراء المواد الدستورية ، وهذا لن يتدارك إلا إذا أستبدل الدستور الحالي بدستور جديد وحديث .
السبب الرابع : هو إن الدستور الحالي لايقمع ويضطهد فقط الشعب الكردي والشعب الآشوري – السرياني ، بل إنه يعادي الشعب العربي في سوريا ، ويكبح الإرادات الحرة لدى هذه الشعوب الثلاثة ، ويقهر التطلعات الحميدة لديها .
السبب الخامس : هو إن هذه السلطة لاتعادي فقط الشعب الكردي ، والشعب الآشوري – السرياني ، إنما هي تعادي ، أصلاُ ، الشعب العربي في منعه من مفهوم التطور ، في حرمانه من إقتصاده ، في هدم سوسيولوجيته .
ولكي تنتفي علة هذه الأسباب الخمسة ، ينبغي أن تنعدم السلطة السورية ودولتها الحالية في المجال العام السياسي ، وهذا لن يتم ذاتياُ ، إذ كيف تقضي السلطة على ذاتها بنيوياُ !!، فالسبب لايمنع ذاته من الوقوع أو من الفعل ، إنما ينبغي أن يمنع ( بضم الياء ) من الأستمرارية ، وهذه هي وظيفة ( المجال الثاني ، الجماهير) ، أي مطالب الشعب السوري ، تلك الآمنيات والأمالي والطموحات التاريخية التي لن أتحدث بها الآن فالشعب السوري ( العربي ، الكردي ، الآشوري- السرياني ، والفئات الأخرى ) هو الذي سيقرر ، سيحدد ، على ضوء مشروعية السلطة ومشروعية الدولة ، أبعاد ومقومات وذهنيات المرحلة المقبلة ( شكل الدولة ، نظام الحكم ، نوعية الدستور ، النظام الإداري ) فيما بعد رحيل هذه السلطة وهذه الدولة …..
الأمر الأول : لقد أسقطنا من التحليل مضمون ومفهوم الثورات التحريرية ضد المستعمرين على رغم من النفحة التقدمية والإيجابية والنقلية على الصعيدين الفكري والأجتماعي فيها ، نذكر ، الثورة الجزائرية ( 1954 – 1962 ) ، والثورة الأمريكية ( 1775 – 1783 ) .
كما اسقطنا من التحليل فحوى الأنقلابات والمؤامرات في المنطقة العربية والتي سميت تعسفاُ بالثورات ( في ليبيا ، ومصر ، وسوريا ) .
الأمر الثاني : لقد حدثت ثورات أخرى غيرت الحكام ، أنظمة الحكم ، البنية الأجتماعية ، وأحدثت مفاهيم جديدة في مستويات عديدة ، منها على سبيل المثال ، الثورة الروسية ( 1917 ) التي بدأت بمحتوى ( أعطونا خبزاُ ) ثم أنهت فترة مائتين عام من الحكم الأوتوقراطي ( عائلة رومانوف ، وآخرهم القيصر نيقولا الثاني ) وأمتدت آثارها الإجتماعية والسياسية إلى كل العالم ، والثورة الفرنسية ( 1789 ) التي إقتاتت من آراء جان جاك روسو ومونتيسكيو وميرابو ، قضت على النظام الملكي ( لويس السادس عشر ) ، وأسست لدستور جديد يتكفل قيام الدولة على مؤسسات قانونية تؤكد مبدأ الفصل مابين السلطات ، ورعاية حقوق الأفراد ضمن محتوى الثالوث الحرية ، الإخاء ، المساواة .
الأمر الثالث : من خصائص الدولة ، حسب فقهاء القانون الدستوري ، ثلاثة ، تمتع الدولة بالشخصية المعنوية ، تمتع الدولة بالسيادة ، خضوع الدولة للقانون ، وهذه الخصيصة الأخيرة هي التي نسعى إلى إبرازها والتي تعني خضوع كافة مؤسسات الدولة من تنفيذية ، تشريعية ، قضائية لسلطة القانون وفقاُ لمبدأ بات معروفاُ تحت تسمية مشروعية الدولة ، فلكي تتمتع الدولة ، كدولة ، بصفة المشروعية لابد من أن ، الجانب الأول : أن تتقيد تلك المؤسسات بما فيها ( الرئيس أو الملك أو رئيس الوزراء ) بالقواعد القانونية وهذا هو الجانب الضعيف أو العادي في هذه المسألة ، اما الجانب الثاني : وهو الجانب الأقوى والأهم ، وهو إن الدولة ليست مطلقة الحرية في ( ألغاء أو تعديل أو وضع ) قانون ، كلما طاب لها ذلك ، أو أدعت إن الضرورة قد أقتضت .
وإذا ما أنتهكت حرمة هذين الجانبين معاُ ، أو حرمة أحدهما ، فإن الدولة ذاتها تفقد عضوية ( المشروعية ) .
الأمر الرابع : ثمت فرق ، متفق عليه في الفقه الدستوري ، ما بين مشروعية الدولة ، ومشروعية السلطة ، وإذا كانت مشروعية الدولة هي خضوعها للقانون ، فإن مشروعية السلطة هي خضوعها لقبول ورضى الشعب والجماهير بها ، وأي أنتفاء لمسألة الرضى والقبول ينتفي به أساس مشروعية السلطة ، فلامشروعية للسلطة دون رضى الشعب ، وهكذا نلخص إن مشروعية الدولة ومشروعية السلطة هما معاُ أساس وحدة القانون ( أو حسب التعبير الدارج دولة القانون ) .
الأمر الخامس : لاينبغي أن يدرك من مضامين الأمور الأربعة وكأن أهداف الإحتجاجات مرصودة فقط لحجم ( الخطأ والضرر ) لدى النظام والسلطة ، لإن الثورة في مرحلة معينة من تطورها قد تغير ، ومن المفروض أن تغير ، ماهو أبعد من ذلك بكثير ، كإبطال الدستورالمعمول به جملة وتفصيلاُ ، أو التحول من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني ، أو التحول من نظام إداري مركزي إلى نظام إداري لامركزي ، أو التحول من دولة بسيطة إلى دولة مركبة ، أو أن تحد من سلطة بعض شرائح المجتمع قانونياُ ، أو أن تسن قانونأ متميزأ ، أو أن تسيس الأقتصاد وفق منهجية جديدة .
إذن نحن ، وبصورة ماكروسكوبية ، إزاء مجالين كبيرين ، أحدهما هو حجم الخطأ والضرر ، والقصد في أقتراف الخطأ والضرر ، لدى السلطة والدولة ( النظام ) ، والثاني هو حجم مطالب الجماهير .
في المجال الأول ، وبشيء من الدقة في التحليل وبعض الإمعان في الفعل السلطوي ، يتراىء لنا إن الدولة السورية فقدت مشروعيتها التي أشرنا إليها سابقاُ ، وهي بالأساس لم تكن خاضعة للقانون ( مشروعية الدولة ) ، كما إن السلطة السورية فقدت هي الأخرى مشروعيتها وماكانت بالأصل مرضية من قبل الشعب ( مشروعية السلطة ) ، ويتراىء لنا أيضاُ إن كلتيهما ( الدولة والسلطة ) غير قادرتان بنيوياُ على تجاوز المحنة القائمة للأسباب التالية .
السبب الأول : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لامناص من أن تحطم ( بضم التاء ) القاعدة الذهنية الفكرية ، القواعد الإيديولوجية المركبة التي تأسست عليها هذه السلطة والدولة .
السبب الثاني : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لابد من تقويض الهيكلية الحالية للدولة لإنها لاتسمح ، وغير قادرة للسماح ، بظهور بديل مقنع يرضي مدارك التطورات العصرية الراهنة .
السبب الثالث : لكي يتم تجاوز هذه المحنة لامحيص من تهشيم الخلفيات الفقهية والسياسية الجاثية وراء المواد الدستورية ، وهذا لن يتدارك إلا إذا أستبدل الدستور الحالي بدستور جديد وحديث .
السبب الرابع : هو إن الدستور الحالي لايقمع ويضطهد فقط الشعب الكردي والشعب الآشوري – السرياني ، بل إنه يعادي الشعب العربي في سوريا ، ويكبح الإرادات الحرة لدى هذه الشعوب الثلاثة ، ويقهر التطلعات الحميدة لديها .
السبب الخامس : هو إن هذه السلطة لاتعادي فقط الشعب الكردي ، والشعب الآشوري – السرياني ، إنما هي تعادي ، أصلاُ ، الشعب العربي في منعه من مفهوم التطور ، في حرمانه من إقتصاده ، في هدم سوسيولوجيته .
ولكي تنتفي علة هذه الأسباب الخمسة ، ينبغي أن تنعدم السلطة السورية ودولتها الحالية في المجال العام السياسي ، وهذا لن يتم ذاتياُ ، إذ كيف تقضي السلطة على ذاتها بنيوياُ !!، فالسبب لايمنع ذاته من الوقوع أو من الفعل ، إنما ينبغي أن يمنع ( بضم الياء ) من الأستمرارية ، وهذه هي وظيفة ( المجال الثاني ، الجماهير) ، أي مطالب الشعب السوري ، تلك الآمنيات والأمالي والطموحات التاريخية التي لن أتحدث بها الآن فالشعب السوري ( العربي ، الكردي ، الآشوري- السرياني ، والفئات الأخرى ) هو الذي سيقرر ، سيحدد ، على ضوء مشروعية السلطة ومشروعية الدولة ، أبعاد ومقومات وذهنيات المرحلة المقبلة ( شكل الدولة ، نظام الحكم ، نوعية الدستور ، النظام الإداري ) فيما بعد رحيل هذه السلطة وهذه الدولة …..
heybat@maktoob.com