حسين جلبي
jelebi@hotmail.de
jelebi@hotmail.de
أبحث هذه الأيام عن وجوه أركان النظام السوري، بل بصراحة أكثر، لدي رغبة شديدة في رؤية وجه السيد بشار الأسد، لكنه للأسف غائب عن الإعلام، كلهم غائبون، رغم أن المدن السورية كما يظهر تشهد على حيويتهم و نشاطهم الإستثنائي.
كانت آخر مرة شاهد فيها السوريون و كذلك العالم الرئيس قبل حوالي اسبوعين، عندما كان يتحدث دون توقف أمام حكومته العتيدة، كان كالمعلم يتكلم و الوزراء يدونون كالتلاميذ ما يسمعون.
كانت آخر مرة شاهد فيها السوريون و كذلك العالم الرئيس قبل حوالي اسبوعين، عندما كان يتحدث دون توقف أمام حكومته العتيدة، كان كالمعلم يتكلم و الوزراء يدونون كالتلاميذ ما يسمعون.
منذ غياب الرئيس حدثت أمور كثيرة تستلزم حضوره صوتاً و صورة، أو هكذا يفترض بمن يحتل موقعه طالما أن الكاميرا موجودة، و هو لم يصل بعد إلى مرحلة إدارة الحرب من المخبأ بإستخدام سلاح الكاسيت، لقد سمعنا ـ فقط سماعاً ـ إنه وقع مرسوم رفع حالة الطوارئ و مراسيم أخرى، و إنه إستقبل وفوداً و أعطى تعليمات، لكننا لم نرى صوره و هو يفعل ذلك، في حين أن نشاطاته الأقل أهمية من هذه، كانت تتم متابعتها و تغطيتها مطولاً من التلفزيون السوري.
منذ أكثر من أسبوعين و الرئيس غائب، وددت أن أرى مرة أخرى تأثير ما يحدث في الشارع السوري على وجهه، مئات السوريين قتلهم شبيحة العائلة و مخابرات النظام، آلاف الجرحى ممنوعون من العلاج و مثلهم معتقلون يتعرضون لتعذيب وحشي، و ثمة عربة لحفظ الخضار في مدينة درعا المحاصرة صارت بمثابة مقبرة جماعية متنقلة مؤقتة بسبب قطع التيار الكهربائي عن المدينة بما فيها المشافي و منع أي حركة في المدينة حتى إذا كانت بإتجاه المقابر لدفن الموتى، هناك أطفال يموتون من الجوع و المرض بسبب الحصار، هل يؤثر ذلك في الأسد؟ و هل يشعر براحة ضمير؟ و هل ينام مرتاحاً وسط أطفاله في سريره الوثير؟ و هل يتناول طعامه اللذيذ بنهم؟ أم أنه لا يرى و لا يسمع و لذلك لا يظهر و لا يتكلم، و إذا ظهر، فماذا يمكن أن يقول؟
توقفت الحياة لدى الكثير من السوريين عند الصور المؤلمة من قرية البيضا إلى عربة حفظ الجثث في درعا (ستالينغراد العصر)، إلى الصور الأخرى الصادمة، السورية النكهة و الطعم، الثقيلة الظل، و التي تخطف الأضواء في كل مدن و قرى، و توقفت الحياة عند النظام عند صورة المؤامرة، ألقاها و غاب من على المسرح، و لم يتزحزح عنها إلا في بعض التفاصيل التي لا تغير في سياقها شيئاً.
لكن الصورة المشتركة المؤكدة أن سوريا محاصرة من الداخل و يتم قتل الناس فيها عشوائياً، اليد ذاتها تقتل مدنياً هنا و عسكرياً هناك، و الهدف تسويق الرواية الرسمية و التشويش على الصور الأخرى.
هل عدم ظهور السيد بشار الأسد هو بسبب عدم عودة الأمور الى سابق عهدها كما كان يتوقع بعد يوم الحسم حين تم إدخال الدبابات إلى المدن السورية و قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين العزل في يوم واحد، ربما لو نجح الأمر، و إنتصرت نظرية المؤامرة لكان الرئيس سيظهر و يتحدث و يستقبل و يودع و كأن شيئاً لم يكن، لكن لأن ذلك لم يحدث فهو ربما مضطر لتأجيل ظهوره و خوض (المعركة التي فرضت عليه)، إلى أن تحدث معجزة تقلب الموازين.
ألم يكن من الأفضل رغم ذلك لو ظهر رئيس و خاطب الشعب مباشرةً، بدلاً من ترك الأمر لأحمد حاج علي و عصام التكروري و شريف شحادة و طالب إبراهيم، الذين يلقون الكلام خبط عشواء تصيبه و تصيبهم قبل أي أحد آخر، لكان للنظام ظروفه، و لا أحد يعرف ما يجري له الآن.
العالم كله يتحدث عما يحدث في سوريا إلا النظام السوري الغائب، فهو ألقى روايته عما يحيكه العالم من مؤامرات ضده و ذهب، العالم يتحدث عن القتل و القمع و التنكيل و كبح الحريات و التعتيم الإعلامي، و النظام يتحدث عن إجتماع الثلج و النار في إناءٍ واحد ضده، فهناك المندسين و العصابات المسلحة و السلفيين و القاعدة و الإمبريالية و الصهيونية و أخيراً الشعب، و قد إجتمعوا جميعاً على إفساد بضاعة الممانعة.
بالأمس مر خميس الهدايا و كنا نتوقع رؤية وجه الرئيس، أو على الأقل (شي مرسوم أو مكرمة أو شي حركشة..) لكن عبث.
هل يصدق النظام الغائب روايته؟ لا أظن ذلك.
إذاً لماذ يقوم بإعادة تسويقها؟ الجواب ببساطة لأنه ليس لديه غيرها.
ليس لديه غير هذه الرواية التي سمعناها مكررة لحد الملل في أماكن أخرى، في حين أننا كنا نفاخر بالدراما السورية و هي تفاجئنا بإختراع القصص، إذاً النظام السوري يعيد عرض تفاصيل المسلسل العربي بإستثناء الجزئية المتعلقة بغيبة النظام، السبب في ذلك بكلماتٍ أخرى و بإختصار شديد أن النظام مثله مثل من سبقه في الرحيل لم يتحضر للإمتحان جيداً، لم يكن يتوقع أن ثمة إختباراً سيخضع له، فسوريا ليست مصر، كما لم تكن مصر تونس..
إلى آخر هذه الأغنية العربية الرسمية، لذلك عندما وقعت الواقعة، و وجد نفسه في قاعة الإمتحان، لا بل في شارع الإمتحان، أخذ يغش فيه، ينقل ممن سبقه كل ما دونوه في أوراق إمتحانهم، أخذ ينقل عنهم حتى التفاصيل الصغيرة بما فيها النقاط و الفواصل و علامات التعجب و الإستفهام، و لإن هؤلاء قد رسبوا، بسبب تقديم الأجوبة الغير مناسبة في (الزمان و المكان الغير مناسبين)، لذلك فمن البديهي أن يكون مآله مثلهم: الرسوب بإمتياز.
منذ أكثر من أسبوعين و الرئيس غائب، وددت أن أرى مرة أخرى تأثير ما يحدث في الشارع السوري على وجهه، مئات السوريين قتلهم شبيحة العائلة و مخابرات النظام، آلاف الجرحى ممنوعون من العلاج و مثلهم معتقلون يتعرضون لتعذيب وحشي، و ثمة عربة لحفظ الخضار في مدينة درعا المحاصرة صارت بمثابة مقبرة جماعية متنقلة مؤقتة بسبب قطع التيار الكهربائي عن المدينة بما فيها المشافي و منع أي حركة في المدينة حتى إذا كانت بإتجاه المقابر لدفن الموتى، هناك أطفال يموتون من الجوع و المرض بسبب الحصار، هل يؤثر ذلك في الأسد؟ و هل يشعر براحة ضمير؟ و هل ينام مرتاحاً وسط أطفاله في سريره الوثير؟ و هل يتناول طعامه اللذيذ بنهم؟ أم أنه لا يرى و لا يسمع و لذلك لا يظهر و لا يتكلم، و إذا ظهر، فماذا يمكن أن يقول؟
توقفت الحياة لدى الكثير من السوريين عند الصور المؤلمة من قرية البيضا إلى عربة حفظ الجثث في درعا (ستالينغراد العصر)، إلى الصور الأخرى الصادمة، السورية النكهة و الطعم، الثقيلة الظل، و التي تخطف الأضواء في كل مدن و قرى، و توقفت الحياة عند النظام عند صورة المؤامرة، ألقاها و غاب من على المسرح، و لم يتزحزح عنها إلا في بعض التفاصيل التي لا تغير في سياقها شيئاً.
لكن الصورة المشتركة المؤكدة أن سوريا محاصرة من الداخل و يتم قتل الناس فيها عشوائياً، اليد ذاتها تقتل مدنياً هنا و عسكرياً هناك، و الهدف تسويق الرواية الرسمية و التشويش على الصور الأخرى.
هل عدم ظهور السيد بشار الأسد هو بسبب عدم عودة الأمور الى سابق عهدها كما كان يتوقع بعد يوم الحسم حين تم إدخال الدبابات إلى المدن السورية و قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين العزل في يوم واحد، ربما لو نجح الأمر، و إنتصرت نظرية المؤامرة لكان الرئيس سيظهر و يتحدث و يستقبل و يودع و كأن شيئاً لم يكن، لكن لأن ذلك لم يحدث فهو ربما مضطر لتأجيل ظهوره و خوض (المعركة التي فرضت عليه)، إلى أن تحدث معجزة تقلب الموازين.
ألم يكن من الأفضل رغم ذلك لو ظهر رئيس و خاطب الشعب مباشرةً، بدلاً من ترك الأمر لأحمد حاج علي و عصام التكروري و شريف شحادة و طالب إبراهيم، الذين يلقون الكلام خبط عشواء تصيبه و تصيبهم قبل أي أحد آخر، لكان للنظام ظروفه، و لا أحد يعرف ما يجري له الآن.
العالم كله يتحدث عما يحدث في سوريا إلا النظام السوري الغائب، فهو ألقى روايته عما يحيكه العالم من مؤامرات ضده و ذهب، العالم يتحدث عن القتل و القمع و التنكيل و كبح الحريات و التعتيم الإعلامي، و النظام يتحدث عن إجتماع الثلج و النار في إناءٍ واحد ضده، فهناك المندسين و العصابات المسلحة و السلفيين و القاعدة و الإمبريالية و الصهيونية و أخيراً الشعب، و قد إجتمعوا جميعاً على إفساد بضاعة الممانعة.
بالأمس مر خميس الهدايا و كنا نتوقع رؤية وجه الرئيس، أو على الأقل (شي مرسوم أو مكرمة أو شي حركشة..) لكن عبث.
هل يصدق النظام الغائب روايته؟ لا أظن ذلك.
إذاً لماذ يقوم بإعادة تسويقها؟ الجواب ببساطة لأنه ليس لديه غيرها.
ليس لديه غير هذه الرواية التي سمعناها مكررة لحد الملل في أماكن أخرى، في حين أننا كنا نفاخر بالدراما السورية و هي تفاجئنا بإختراع القصص، إذاً النظام السوري يعيد عرض تفاصيل المسلسل العربي بإستثناء الجزئية المتعلقة بغيبة النظام، السبب في ذلك بكلماتٍ أخرى و بإختصار شديد أن النظام مثله مثل من سبقه في الرحيل لم يتحضر للإمتحان جيداً، لم يكن يتوقع أن ثمة إختباراً سيخضع له، فسوريا ليست مصر، كما لم تكن مصر تونس..
إلى آخر هذه الأغنية العربية الرسمية، لذلك عندما وقعت الواقعة، و وجد نفسه في قاعة الإمتحان، لا بل في شارع الإمتحان، أخذ يغش فيه، ينقل ممن سبقه كل ما دونوه في أوراق إمتحانهم، أخذ ينقل عنهم حتى التفاصيل الصغيرة بما فيها النقاط و الفواصل و علامات التعجب و الإستفهام، و لإن هؤلاء قد رسبوا، بسبب تقديم الأجوبة الغير مناسبة في (الزمان و المكان الغير مناسبين)، لذلك فمن البديهي أن يكون مآله مثلهم: الرسوب بإمتياز.