تفجيرات دمشق لن تغفر للنظام السوري جرائمه

عبدالباقي حسيني

ان كل سوري أو عربي أو أجنبي عاش في سورية لفترة من الزمن، طبعا في فترة حكم عائلة الأسد وحزب البعث، يعرف طبيعة النظام السوري البوليسية وجرائمه ضد الانسانية، فهو لا يتردد حتى على قتل أقرب الناس له طالما الأمر يحفظ له عرشه و يجنبه المخاطر الخارجية، الحوادث الماضية والقريبة أكبر شاهد على ما نذهب إليه.

التفجيرات التي تمت البارحة في العاصمة دمشق وبالتزامن من وصول الدفعة الأولى من وفد الجامعة العربية لمتابعة المبادرة العربية على الأرض، لها أكثر من دلالة وأكثر من رسالة، يريد النظام السوري إيصالها إلى العالم الخارجي من جهة وإلى الداخل السوري من جهة أخرى.
القاعدة في سوريا، هكذا وبدون مقدمات سمع الجميع من الاعلام الرسمي للنظام السوري ان “القاعدة” تقف خلف تفجيرات دمشق.

لكننا نحن السوريين كنا نتابع الاعلام المرئي للنظام منذ يومين على انه يمرر خبرا في شريطه الأخباري، بانه تلقى معلومات من “الشقيقة” لبنان على ان هناك عناصر من القاعدة تسللت عن طريق لبنان إلى سورية، هذه الفبركة المخابراتية الاعلامية، مهددت لصنع هكذا عملية ارهابية اجرامية بحق السوريين الأبرياء الذين قتلوا في هذين الإنفجارين.

مخابرات النظام المتزاكي واعلامه المستهتر، اعتقد انه أذكى من العالم عندما ألصق التفجيرات بالقاعدة، وأبدى غباءا منقطع النظير عندما إعلن عن إكتشاف من يقف خلف هذه التفجيرات، لان هذا النظام معروف عنه انه لا يكتشف أي جريمة تقع على أرضه إلا بعد مرور سنوات عدة، والأمثلة كثيرة في هذا الإتجاه، على سبيل المثال لا الحصر، أحداث 12 آذار 2004، حيث راح ضحيتها العشرات من الكورد السوريين، ومازال النظام يحقق في هذه الأحداث بالرغم من مرور سبعة سنوات على وقوعها.


رجوعا إلى تفجيرات دمشق، والرسائل التي يود النظام السوري إيصالها إلى الخارج والداخل..
الرسالة الأولى يوجهها النظام إلى الغرب وتحديداُ أمريكا وإسرائيل، على ان القاعدة باتت تعيث خرابا في بلاد الشام وما عليكم إلا ان تساعدوه فها هو الآن يعاني من إرهاب القاعدة.

بعد ان فشل هذا النظام ومنذ 15 آذار 2011 ولغاية اليوم من إقناع العالم على إنه يحارب ” عصابات مسلحة” فبدأ بتغيير المصطلح إلى ” القاعدة”، مع تنفيذ انفجارين مصطنعين (إنتحاريين) من توليفة المخابرات وفي يوم عطلة (يوم الجمعة)، بالرغم من أغلب الصور المعروضة على التلفاز السوري كانت لضحايا متفحمة و غير معروفة الملامح، الا ان بقدرة قادر  لم يقتل “الإنتحاري” في سيناريو المخابرات السورية.

وللقصة تتمة، بعد بضعة أيام سيعرض النظام على الاعلام كيف قام هذا “الإرهابي” والمنتمي إلى “القاعدة” بتفجيرات دمشق.

النظام السوري يعتقد ان العالم كله ساذج وهوالوحيد الذكي، فبتمريقه لعبارة “القاعدة” ربما يحصل على عطف الدول الغربية ويضعون حد لأزمته.

لكن في واقع الأمر، كل العالم تدرك أساليب وكذب وخداع هذا النظام، ولن تمرق عليه مثل هذه الحيل القذرة، لكي يغطي عن جرائمه الفظيعة بحق الشعب السوري ومدنه.
الرسالة الثانية التي يود النظام إيصالها إلى الجامعة العربية والوفد المرسل، هي: إنكم لن تتابعوا أي أمر في الداخل السوري، النظام سيقدم لكم جرائم طازجة ومن صنع القاعدة، لكي تنحصر مهمتكم في هذا الإتجاه.

أي ان قبوله للبرتوكول ماهي الا مجرد خدعة آنية سيكشفها المراقبين عاجلا أم آجلا، وكما علم من بعض المصادر في الداخل، بان بعض أعضاء الوفد بدأ بالتنقل إلى لبنان للرجوع إلى الجامعة العربية، كونهم راؤو انفسهم محصورين في الفندق وبدون توفير أي وسيلة إتصال ومتابعة شديدة من عناصر الأمن على تحركاتهم، أي ان مهمتهم فشلت منذ اليوم الأول.


الرسالة الثالثة موجهة إلى الداخل، والهدف منها طرح البدائل الأمنية الأخرى لقتل المتظاهرين و هذه المرة بالسيارات المفخخة، أي بإمكان النظام يوميا تفجير أكثر من سيارة وفي أكثر من مدينة سورية على انها من أعمال القاعدة، وذلك لتوجيه بوصلة الثورة السورية والهدف الذي يسعى إليه الشعب السوري إلى مسارات أخرى، يراد منها تعنيف الثورة السورية وإلصاق صفة الإرهاب بها.


الرسالة الأخيرة موجهة أيضاً إلى الشعب السوري وهي خطوة إستباقية من النظام، انه سيقوم على “حماية الشعب” من القاعدة، و ذلك بوضع متاريس ضخمة في مداخل ومخارج كل المدن السورية وبشكل خاص دمشق، وربما يعمل على صنع “منطقة خضراء” فيها، على غرار المنطقة الخضراء في بغداد، لجعل المدن وخاصة العاصمة عصية على المتظاهرين في حرية الحركة والتنقل وعدم الوصول إلى القصر الجمهوري في يوم من الأيام.


ان كل هذه الممارسات والألاعيب لن تجدي النظام نفعاً، وستبقى جميع محاولاته هذه آنية، ولن تساعده في التهرب من مستحقات الثورة السورية، فالشعب السوري بكل فئاته قال كلمته، و هو الذي كسر جدار الخوف، سوف لن يتنازل عن حقه في الحصول على الحرية والديمقراطية مهما كان اساليب النظام ومدى قمعه، فالموت ولا المذلة، باتت الصرخة اليومية التي ينشدها المتظاهرون في سوريا.


أوسلو 25.12.2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…