مؤتمر النجاح الوطني للمعارضة السورية

  عنايت ديكو


لا شك أن مؤتمر المعارضة السورية والذي عقد في مدينة أنطاليا التركية قد حقق نجاحا باهرا وعلى كافة المستويات.

مستندا بذلك على القاعدة العريضة والحضور الهائل والمميز للكيانات الفكرية والسياسية والشخصيات الوطنية وطبقة التجار الوطنيين وممثلي بعض القوى الشبابية التي تنشط على الأرض , الى جانب مجموعة كبيرة المثقفين والكتاب والفنانين.
نجح المؤتمر وحسم أمره مرددا عبارة (الشعب يريد اسقاط النظام) رافضا كل التهم والتخوين بحق المشاركين في هذا المؤتمر من قبل النظام وأجهزته الأمنية والمخابراتية وبعض الأقلام الصفراء والتي تنعت عمل المعارضة بالخيانة والعمالة.
والى جانب جماعة الاخوان المسلمين،كان هناك مندوبين من مختلف الطوائف والطبقات والمكونات السورية، وممثلون عن اعلان دمشق الذي يضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وشخصيات وأحزاب كوردية مثل الحزب اليكيتي الكوردستاني وتيار المستقبل الكوردي وحزب آزادي الكوردي وحزب الوفاق الكوردستاني .
 وكان هناك أيضا ممثلين عن العشائر العربية وممثلين عن شباب الثورة الذين يقودون الحركات الاحتجاجية في الداخل , وممثل عن الحركة السريانية في سوريا.

ورفع المشاركون العلم السوري القديم الذي اعتمد إبان الاستقلال قبل أن ينفرد حزب البعث بالسلطة في انقلاب عام 1963، وهتف المشاركون في المؤتمر بشعارات تؤيد رحيل بشار الأسد ومحاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.

(وبالروح وبالدم نفديك يا حمزة, آزادي آزادي – ما أحلاك يا بلادي)..

وأوضح المؤتمرون من أول ساعة بأنهم ليسوا البديل عن الشباب وثورتهم الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل حرية الوطن .

بل المؤتمر هو وسيلة لإيصال صوت هؤلاء الشباب الثائر الى العالم وكسب الرأي العام العالمي نحو الداخل السوري , وفضح ممارسات النظام السوري والقتل العشوائي بحق هذا الشعب الأعزل .
في أول أيام المؤتمر كان للكورد شرف الافتتاح وسط أجواء مفعمة بالروح الوطنية والاخاء بين كافة المكونات السورية .

حيث دعى الشيخ الجليل مراد الخزنوي ابن شيخ الشهداء معشوق الخزنوي حيث قال: ما نطمح إلى تحقيقه هو مطلب شرعي ومساندتنا للثورة هو أيضا أمر شرعي لكن هذا لا يعني أننا نسعى الى إقامة إمارة إسلامية”.

وأضاف أيضا اننا ندعو الى دولة القانون وبناء الدولة المدنية الحديثة يصان فيها حقوق كافة الشعوب والمكونات السورية , وقال أيضا : وسط تصفيق الحضور: “ندعو الى دولة القانون ودولة ديموقراطية ليبرالية علمانية على اساس فصل الدين عن الدولة وليس معاداة الدولة للدين”.

وكانت لكلمة الشيخ مراد وقع خاص على الحاضرين بين رافض لخطابه من التيارات الدينية ومؤيد له من اليساريين والعلمانيين والليبيراليين والكورد بشل خاص.
وتحدث أيضا السياسي الكوردي المخضرم  الاستاذ صلاح بدر الدين مفتتحا كلمته بعبارة (واحد واحد واحد – الشعب السوري واحد) , حيث ركز في كلمته السياسية الهادئة على دور الكورد في بناء هذا الوطن الجميل وصونه , هذا الوطن الذي يتسع لكل مكوناته وأعراقه, وتطرق أيضا الى بناء سوريا المستقبل, سوريا الشراكة ودور الكورد فيها .

وجائت كلمة الاستاذ صلاح بدر الدين وسط هتافات الكثير من المشاركين الكورد والعرب الذين هتفوا ” آزادي آزادي ” اي كلمة الحرية بالكوردية.

وقال أن “هذه الانتفاضة هي مصدر الشرعية الوطنية في هذه المرحلة وسنعمل جميعا على دعمها واستمراريتها .

وعلينا الالتزام بارادة شعبنا في الداخل من دون ادعاء تمثيله لا سياسيا ولا رسميا أو الوصاية عليه “.
وختم بدر الدين كلمته بالقول: “نعمل جميعا على تحقيق الهدف الاساسي وهو اسقاط النظام”.

بحيث لا يشعر أي انسان في سوريا المستقبل بالغبن أو التهميش أو الاقصاء.


ثم تتالت كلمات المكونات الاخرى والمشاركين في المؤتمر وحرصت كلها على الوحدة الوطنية وبناء دولة القانون وحقوق كافة المكونات والشرائح في سوريا وبناء دولة مدنية عصرية ديمقراطية .
وفي اليوم الثاني استأنف المؤتمر أعماله وبدأت الورش بالحوارات , ثم تشكلت لجان وهيئات مختلفة مثل الاعلام والتنسيق مع الداخل والاغاثة والاتصالات والقانون .وطُلبت من هذه اللجان الوقف على خطط العمل لدعم الثورة في الداخل ,الى جانب تشكيل صندوق مالي لدعم الثورة .

وكان اللافت في هذا اليوم بأن المشاركين رفضوا رفضا قاطعا ما جاء في وسائل الاعلام بأن النظام السوري أطلق مرسوما رئاسيا للعفو , والذي ضم أيضا جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في سوريا .

وأكد المؤتمرون بأن هذا العفو جاء متأخرا جدا ولا يرضي الشارع “شأنه شأن تلك الوعود الغامضة بالإصلاح التي صدرت سابقا”., مرددين مَن يعفوا عن مَن يا بشار ؟.

وشكر بعض المشاركين في المؤتمر الشبيحة التي جائت من خارج الحدود والتي وصفت بأنها شبيحة عابرة للقارات قائلين هذا دليل نجاح مؤتمر أنطاليا والذي ندعوا فيه الى اسقاط النظام .

يذكر أن عصابات الشبيحة تظاهرت حول مقر المؤتمر و في المطار الدولي لمدينة أنطاليا حيث أرسلت هذه العصابات من قبل النظام السوري الى الخارج للضغط على المشاركين في المؤتمر ومن أجل اسكات صوت المعارضة التي تطالب بالحرية وبدولة مدنية عصرية يسود فيها القانون.
وفي اليوم الأخير حرص المؤتمرون على الالتزام التام بجدول أعمال المؤتمر ومعرفة نتاج أعمال تلك الورش التي تشكلت في اليوم الأول والثاني , وخصص هذا اليوم لانعقاد الجلسة الختامية وعرض نتائج المؤتمر عبر تشكيل لجنة مشرفة وظيفتها عرض نتائج الأيام السابقة من الاجتماعات والمشاورات والمداولات في أروقة المؤتمر , وقراءة البيان الختامي للمؤتمر .
وبعد تلاوة وقراءة البيان الختامي أمتلأت قاعة المؤتمر بصيحات الله أكبر ,وبالروح بالدم نفديك يا سورية, وآزادي آزادي ورفع المشاركون علم الاستقلال وساد الجو روح وطنية مفعمة بالايمان والنصر .

وللموضوع بقية وسنتناول فيه المرة القادمة
النجاح الكوردي في مؤتمر أنطاليا .
ولكم الشكر

Inayet Dîko
dikoo@hotmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…

بدران مستو شكل إسقاط النظام الدموي السوري حدثاً تاريخياً فارقاً في حياة السوريين، إذ خرجت الجماهير بمختلف مكوناتها السياسية والإثنية والدينية إلى الساحات، محتفلةً بانتهاء واحد وستين عاماً من القمع والاستبداد، وسياسات التمييز والمشاريع العنصرية التي أنهكت البلاد ومزقت نسيجها الاجتماعي، كان ذلك اليوم بداية لتحقيق حلم طال انتظاره يتجسد ببناء دولة ديمقراطية لا مركزية، يسودها العدل والحرية والكرامة، وتُصان…

بنكين محمد عندما هرب بشار الاسد من دمشق في كانون الاول/ديسمبر 2024، لم يكن المشهد مجرد نهاية نظام سياسي، بل انكشافا نهائيا لفشل ايديولوجي عميق.بسقوط اخر سلطة بعثية في المنطقة، انهارت فكرة ادعت تمثيل الامة العربية، بينما مارست على الارض سياسات اقصاء منهجية وصلت حد الجرائم الدولية، لا سيما بحق الكرد في سوريا والعراق. هذه ليست لغة خصومة…