بين استمرار الاحتجاجات و الموقف المتفرّج للحركة الكوردية في سوريا !

  جومرد هه واري

مع استمرار حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية في سوريا لحوالي الشهرين, و تزايد عدد ضحايا الاحتجاجات مع تزايد شدة القمع و القوة و استخدام الرصاص الحي ضدّ المدنيين العزّل, لا تزال أطراف الحركة الكوردية  في سوريا على موقفها منذ بدء حركة الاحتجاجات هذه في 15آذار , حيث بقي موقف الحركة  ثابتاً من حيث الموقف, و لم نرَ إلاّ استنكارات و تنديدات و مطالبة بإصلاحات ; بمعنى أن الخطاب لم يخرج من المستوى التقليدي للحركة.

تأخّـُر الحركة الكوردية عن مجاراتها للأحداث في سوريا سيجعلها في موقف حرج مستقبلاً….
المطلوب منّا الآن أن نتضامن و نشارك بحركة الاحتجاجات التي تجري حالياً في سوريا من خلال الشارع, لا بمجرّد بيانات و تصريحات … دخول الحركة الكوردية بحركة الاحتجاجات هذه لا يعني أنه مجرّد تضامن مع إخواننا السوريين في المدن التي وصلت إليها الاحتجاجات و رفض لما يتعرّضون له من قمع و قتل , أو لأنه واجب وطني يتطلّب منا ذلك, إنما للمطالبة بحقوقنا القومية والسياسية أيضاً التي كنّا نسعى إليها منذ تأسيس أول حزب سياسي كوردي في سوريا.

لنخرج ونطالب بحقوقنا القومية إلى جانب حقوقنا الوطنية في سوريا بدلاً من أن نقف موقف المتفرّج السياسي بحجة التخوّف من الموقف القومي العربي المتعصّب أو الإسلامي المتطرف, فلا مكان للتطرف أو التعصّب في هذه الثورة أبداً, لأن هذه الثورة ثورة الشعب السوري بكل فئاته و أطيافه….

علينا ألاّ نعوِّل كثيراً على موقف الحركة الكوردية بخصوص المشاركة في الإحتجاجات هذه, لأننا نتذكر جيداً إنتفاضة آذار 2004 , حيث لم تدعُ الحركة حينها إلى أية احتجاجات أو تظاهرات بالرغم من القتل المتعمد للكورد و اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف كوردي ببضعة أيام فقط, إنما كان الشباب الكورد هم المبادرين لتنظيم تلك المظاهرات التي عمّت جميع المناطق الكوردية و حتى العاصمة دمشق و كذلك حلب , و لو انتظرنا حينها الحركة الكوردية لـَما تظاهر شخص واحد حتى ! المشهد نفسه يتكرر , ولكن بحالة وطنية شاملة و أعمّ.

و هذا ما يدعو الشباب الكورد – مرة أخرى- للمشاركة بفعالية دون انتظار أحدٍ لتشمل حركة الاحتجاجات جميع المناطق الكوردية بشكل يومي و بقوة أكبر و المشاركة مع باقي مكونات المجتمع السوري لصنع ثورة الحرّية لسوريا التعددية الحرّة.

إن كلّ ما ذكرناه لا يعفي الحركة الكوردية من مهامها و واجباتها الوطنية والقومية, لكن بقاءها على موقفها هذا لن يرحمها التاريخ أبدا ً.نستطيع (نخن الكورد) مع إخواننا السوريين الآخرين صنع ثورة حقيقية كاملة و بناء دولة مدنية تعددية حرّة أساسها العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان.

كما بإمكان الحركة الكوردية أخذ حيز مهم في سوريا المستقبل و المشاركة فيها , لكن شرط ألاّ تقف موقف المتفرّج و المتهرّب من المشاركة الحقيقية بالثورة , وتُبادر لتحتل موقعها السياسي في سوريا الآن و مستقبلاً.

الشباب هم أصحاب الثورة و هم من يقررون مصيرها .


12 /5/2011

جريدة آزادي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….