دعوة الى العقلانية

حواس محمود

ما يجري على ارض بلادنا من أحداث ومجريات مؤلمة وممزقة للقلب ومشتتة للعقل  يفرض علينا نحن المثقفين أن نرتفع وأن ننهض فوق كل الهواجس والمخاوف والاعتبارات الفردية والتقييدات ذات الطابع الأمني الذي لا يرى سوى الحالة الراهنة وقد لايراها أيضا إنما  يرى الماضي المأزوم بامتياز ويسير عليه ، أقول كمواطن سوري وككاتب وكمثقف  فرض علي وواجب أن لا أبقى صامتا إزاء ما يحدث لأبناء  بلدي سورية الحبيبة من قتل وتهجير واعتقال وممارسات خارج التاريخ مهما كانت الأسباب والحيثيات فان الازمة التي تجاوزت الثلاثة اشهر وقبلها أربعون عاما
انني أتوجه الى العقلاء من السلطة في سوريا ان يبدأوا بانقاذ بلادهم من أشياء عدة أحلاها مر كما يقولون
الحرب الأهلية وهذا معناه انهيار البلد والعباد ودخول سورية لا سامح الله في نفق مظلم قد لا تستفيق منه الا بعد عشرات السنين ، او التدخل العسكري الخارجي فنتحول الى  محتلين واذلاء عند غيرنا من الدول والانظمة ذات الاجندات والمصالح المختلفة ، أو استمرار النزيف الحالي وهذا هو الموت بعينه والتأخر الحضاري الكبير
شعبنا واع مثقف وطيب ويستحق الحرية والكرامة واكثر  من ذلك عندما أرى هؤلاء الأطفال ككاتب ذو ضمير حي وهم في حالة انسانية يرثى لها سواء بالفقر أو بالتهجير او حتى بالمطالبة بالحرية وتعرضهم لاطلاق النار فإنني لا أستطيع أن أتحمل ، عليكم ايها العقلاء بالرجوع الى عقولكم وضمائركم والبحث عن عملية انقاذية للبلد بأقل التكاليف على الدولة والشعب
ان الاستمرار بالحالة الراهنة من الازمة العميقة وهي ازمة بنيوية بامتياز يؤدي بطبيعة الحال الى أسوأ السيناريوهات غير المحببة على صعيد النتائج الكارثية
ان المجتمع السوري بحاجة الى الانتقال الى حالة ديموقراطية وهي حالة مشروعة في كل الشرائع والقوانين المحلية والدينية والدولية والشعب السوري كغيره من الشعوب العربية والعالمية يستطيع ان يدير أموره ومؤسساته بعيدا عن الاستئثار الحزبي الضيق أو الفئوي أو الطائفي أو الديني أو المذهبي 
أيها العقلاء بادروا الى اصلاح الامور قبل ان تنفلت من ايديكم وابذلوا جهودكم مع الجميع سلطة ومعارضة لانقاذ الانسان السوري شعبا جيشا امنا مواطنين معارضة فالكل تحت سقف حرية الوطن مواطنون سوريون يتأثرون سلبا او ايجابا بالحالة السورية
ان سورية زاخرة بمثقفيها وكوادرها العلمية والتكنولوجية وهي قادرة ان تبني صرحا وطنيا كبيرا والمسؤولية عامة ولكنها تقع أكثر ما تقع على السلطة لان بيدها القرار وماكان مطلوبا كل هذه الدماء الحكمة والعقلانية كانت ستحسمان الامور نحن بعصر جديد والامور متحولة ولا يمكن ان نعيش بعصور وعقود غابرة وبتفكير متخلف ان لم تكن السلطة ادركت نوعية التحول عليها ان تتلمس ذلك بحجم الدماء وقوة الاصرار على التغيير لدى الشباب السوري والمجتمع السوري
نحن امام مفصل تاريخي مهم وكما قال ادومنيس امام حقوق المواطنين بالحرية والكرامة والعيش الكريم او الدخول للهاوية
كونوا مع ابناء شعبكم ومع وطنكم ومع كل أطياف مجتمعكم لنبني سورية الكرامة سورية الحرية سورية المحبة سورية الوطن الحنون العطوف على كل ابناء شعبنا  نخرج من النفق المظلم الذي كان من المفترض قبل الأزمة الأخيرة أن تبادر كل القوى الحية ومنها السلطوية الى تسبيق الازمة باحداث الاصلاحات الجذرية قبل الحدث وعدم الدخول في هذا النفق ، وكان هذا الدور مطلوبا منكم ايها العقلاء ، والآن أيضا انتم امام مسؤولية الوطن والمواطن والضمير والله ، فهل انتم عازمون على فعل شيئ لخدمة بلدكم ، أتمنى ذلك 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…