بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء (2).. إلى دماء طلبتنا الجامعيين

 إبراهيم اليوسف
elyousef@gmail.com
 
ثمة تأكيد للمعلومات التي وردت حول استشهاد كوكبة من الطلاب والطالبات الجامعيين على أيدي مخابرات النظام، وشبيحته، وكتبة التقارير، من الطلاب أنفسهم ، جمهور كلمة بشار الأسد، الجوفاء، ممن تمت الإشارة إليهم قبل سنوات، من قبل بعض منظماتنا الحقوقية، وقد تم سحل الطالبات، وجرهن، من شعورهن على الأرض، من قبل هؤلاء ، وكأنهم جنود جيش غاز،  والدّوس على رؤوسهن ، ومداهمة غرفهن ، ما خلق جواً من الذعر، في المدينة، وقس على ذلك، بالنسبة إلى الطلاب، ليتم انتهاك حرمة الجامعة- وهناك ما نسمع بأنه حرم جامعي عادة – وتسيل الدماء في ردهات ، وممرّات وساحات المدينة الجامعية،
ما يجعل أعداداً هائلة من الطلاب والطالبات، يقفزون من فوق الأسوار، على إيقاع أزيز الرصاص، وأصوات القنابل ويتم تطويق المدينة الجامعية، بفلول الأمن، والشرط، واعتقال الطلاب، أفواجاًَ أفواجاً، بشكل اعتباطي، وكأن هذا المنظر يتمّ في السينما الهوليودية، وليس في مكان هو امتداد للجامعة، ويمتلك قدسيته لدى كل ما يتمتع بذرة من القيم والاعتراف بالنواميس والأخلاق .


الامتحانات الجامعية ، لا تزال مستمرة، رسمياً، حيث قدم  ويقدم الطلاب الجامعيون في سوريا امتحاناتهم، وسط هيمنة حالة الهلع،  والرعب، والخوف وكان من الممكن الإعلان عن تأجيل هذه الامتحانات ، إلى وقت آخر ، إلا أن العقل الأمني ، كان وراء اعتبار أن لاشيء يحدث في سوريا ، هو نفسه ما بدا في الكلمات الثلاث التي ألقاها بشار الأسد حتى الآن، ولن تكون له كلمة رابعة، بهذا الدم البارد .

ولقد كان هذا الجو الذي تمّ في المدينة الجامعية، فرصة سانحة، أمام هؤلاء الشبيحة، لسرقة أموال الطلاب، وحلي الطالبات،  وأجهزة الكمبيوترات، والهواتف، التي يقتنونها ، وحتى،  ألبستهم!،  وهذا ما يعطي ملمحاً إضافياً على عقلية هذا النمط الوحشي من الناس، الذي لا يليق بسوريا – الأكثر حضارية بروح إنسانها – أن يكون مثل هذا الكائن من عداد أبنائها .
إن انحدار الأمر بالنظام إلى مواجهة الطالب السوري بمثل هذا العنف الذي تأباه الأخلاق ــ وهو نفسه الطالب الذي وجده الرئيس خير  ملاذ و مخاطب ــ ليلقي كلمته على مسامعه ، افتراضياً، وإن كان ذلك قد تم في ظل تغييبه، وإقصائه،  يدل على أن هذا النظام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة،  ويتمّ اقتلاع جذور استبداده، الضاربة في كل مكان،  وقد وصل إلى الدرك الأخير، من عوامل الاستمرارية، وإن كان سيكتب لنفسه عمراً إضافياً، من خلال الاستقواء بالأجنبي، وبريق الخطاب  الذي سقطت عن عورته ورقة التوت،  فبات واضحاً للعالم كله، إن خطاب الزيف ، والتزوير ،لم يعد بكاف، ليعوض عن الهواء، والكرامة، والحرية، والرغيف ، واسترداد الأرض المحتلة.


جمعة إسقاط الشرعية :
إن النظام الذي أطلق النار على مواطنه ، واستوى في مرمى فوّهة دبابته، ورشاشه، ومدى الدائرة المجدية لقنبلته، الطفل ، والمرأة ، والشيخ الطاعن في السن ، والطالبة والطالب ، بعد أن افتقد هذا النظام كل الأوراق التي كان يتمترس وراءها ، سواء أكانت متعلقة – زوراً- بالممانعة ، أو المقاومة ، أو الوطنية ، أو الحرص على حسن الجوار ، منذ أن استطاعت الثورة، وعبر موشورات دم شبابها ، أن تبين حقيقة كل شيء، لتؤكد أن نظاماً له علاقة بالقيم والأخلاق ، عندما يجد أن هناك من يقول له :لا ، فإن عليه أن يتنحى جانباً، لا أن يعتقد بأن في كلمة “لا” نيلاً من حق إلهي له، ولقد بلغت أعداد من خرجوا اليوم في جمعة إسقاط الشرعية عن عورة النظام ، حوالي ثلاثة الملايين، من أبناء سوريا الأبية، من حوالي مئة مدينة وبلدة، هؤلاء الذين لايخرجون لنيل مكسب، بل لنيل الحرية،  وقد اشترك، للجمعة الثانية- على نحو واضح، شيوعيو اللجنة الوطنية، في أكثر من تظاهرة احتجاجية، وهم من سقط شهيد، من تنظيمهم في حمص، إثر مشاركاتهم في هذه التظاهرات، وهذا ما أقوله للأخوة الشيوعيين “الرسميين”، الذين أدعوهم للنزول إلى الشارع- عنوان أي مناضل شريف- غير معطوب الضمير، ومن هنا فإن جمعة إسقاط الشرعية، هي في حقيقتها إعلان عن سقوط تم – من قبل – تم منذ أن وصل هذا النظام، إلى سدة الحكم ، عبر الدبابة ، وليس منذ أن تم دوس الدستور السوري ، تحت قبة برلمان ، مضحوك عليه ، سمي بـ “مجلس الشعب” وهو – تماماً – مجلس المزورين .
يتبع…..
*تحية إلى الطلبة الكرد في الجامعات السورية الذين أصدروا ليلة أمس بياناً يقاطعون فيه الامتحانات الجامعية، معلنين تضامنهم مع الشهداء، والجرحى، والمعتقلين، الطلبة السوريين ومن بينهم طلبتنا الكرد.
** ثمة دم سوري هائل أريق اليوم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…