احذر يابعثي فانت في حضرة شباب عامودا

عارف رمضان

يبدو ان النظام السوري لم يأخذ العبرة من انتفاضة قامشلو، حينما حضر ماهر الأسد الى عامودا شخصيا ليس للتحقيق عن مقتل العشرات من مواطنيه، ولا للوقوف على ملابسات مقتل احد رجالاته من ضباط الأمن، الذي لقي حتفه رجما بالحجارة بينما كان يطلق النار على المتظاهرين، بل للوقوف على فاجعة صنم والده المرمى على الأرض والمغطى بكفن، كان ذلك نتيجة رفض السلطات لمئات المحتجين من أبناء عامودا الغيورين تلبية واجب المؤازرة الفطرية لأبناء جلدتهم، ومنعهم من الزحف باتجاه قامشلو الجريحة للمشاركة في مراسيم دفن شهداء الانتفاضة، انزل النظام الغضب الابدي على مدنها من تهجير وتهميش وحفر للشوارع حتى غدت كقرية مهجورة.
وفي سابقة خطيرة وبالرغم من صدور بيان من شباب عامودا الذين هتفت حناجرهم باسقاط النظام الذي يقتل شعبه الاعزل، محذرين السلطات من مغبة تنظيم أية مسيرات مؤيدة، الا ان البعثيين استوردوا غرباءاً لرفع صور رئيسهم ادت الى تماس بين الطرفين، حيث استخدم الامن القنابل المسيلة للدموع، وكرد فعل قام الشباب وبعد طرد الغرباء بإتلاف صور بشار التي تعلو أبواب مخازن الاسمنت.


هؤلاء الغيورين أحفاد دقوري وآغاهم الشهيد الذي قدم روحه قربانا لأطفال عامودا، حينما كان ينقذهم من بين لهيب نيران حريق السينما قبل خمسة عقود، والمثيرة للجدل حيث لقي حتفه مع أكثر من مئتين من الأطفال الأبرياء.
وأحفاد كاباري حاميي حمى عامودا و قراها حين الغزوات، والذين حملوا السلاح  لمحاربة الاستعمار الفرنسي.
 وأحفاد الملالي والأسياد من علماء الدين الذين أسسوا أول حجرات التعليم في المنطقة، في العصر الحديث والتي كانت بمثابة أكاديمية داخلية مجانية، تخرج منها العديد من الفقهاء وعلماء الدين والمنطق والجبر والأدب والعلوم.


أحفاد مدينة نبع الشعراء والأدباء كجكرخوين وصبري خلو سيتي و ملا احمد نامي، والأدباء من عائلة الحسيني والمفكرين والروائيين، والمزارعين كعائلة وتي و كرو وحني وكامل وشويش، والصناعيين من مطورِ الحصادات ومخترعي أساليب الزراعة الحديثة المحلية، رغم انعدام دعم الدولة بل ومحاربتها لهم  
وأحفاد داري القابعة على (طريق الحرير) شمال عامودا حيث باتت في الشطر التركي بعد اتفاقية “سايكس بيكو” المشؤومة و التي تشهد قلعتها ودهاليزها الطويلة واقبيتها الضخمة وسدودها المائية ان جيوش اسكنرالمكدوني تعذر من عبور داري إلى الشرق إلا بعد موافقة واليها القوي.


نمد أيادي مملوءة بالورد، لهؤلاء الشجعان الذين سبقوا جميع المدن الكوردية للمطالبة بالحرية، ومنظمو أول مسيرة شموع لأرواح ضحايا درعا، والذين رفعوا اسم عامودا عاليا في فضاءات الاعلام العالمي، كما فندوا بمواجهاتهم لآلة الأسد القمعية مقولة ان البطل صلاح الدين الايوبي أفرغ كوردستان من أقوى فرسانها في هجرة فتوحاته تجاه مصر وبلاد الشام، كما اثبتوا انهم أحفاد الأبطال في انتصارات حروب سفر بلك وساسون وبارزان وقنديل.
فهل سيفكك النظام الصنم القزم بعد أن تحطم الذي قبله في 2004 بسواعد وآليات الزراعة في عامودا ..؟
ام انهم سيتركون شرف إعادة تحطيمها للشباب المنتفضين و طلاب الكرامة و الحرية …؟
  عارف رمضان : رئيس مؤسسة سما للثقافة والفنون الكوردية _ دبي       

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….