كيف نوحّد الموقف الكردي

  عبد الحليم سليمان عبد الحليم

قبل كل شيء لا بد من التذكير أن وحدة الموقف والكلمة تعزز موقف الكورد بكامل تلاوينه (الحزبية والثقافية والاجتماعية) لدى الجانب السوري عموماً و على الصعد الموازية وتكسب الكورد القوة والقدرة التي هي ضرورية في أي عمل سياسي اجتماعي عام للوصول إلى دور يحجز للكورد مكانتهم الطبيعية في سوريا الجديدة التي بدأت بالتحول من شكلها السياسي إلى نظام آخر نحن الكورد سنكون أحد محدداتها العامة بتفاصيل لا بد من العمل لتعزيزها وفق الرؤى الوطنية التي  تحترم خصوصيتنا.
وحدة الصف الكردي هي أُمنية عامة لدى أبنائها و لا ضير من السعي لتحقيق هذه الأمنية ولكن السؤال دائماً كيف ؟ لا سيما أن هناك الكثير من الرؤى والآراء التي تصب في هذا الاتجاه المبارك.
الموقف هو النتيجة الطبيعية لماهية المعادلة التي تسيطر على المجتمع الكردي وأطرافها المتعددة التي تشكل بالنهاية المجتمع الذي يطمح لوجود ممثلية تنطق باسمه وتكون العارض لنمط تفكيرها واهتماماتها ومصالحها .
لا شك أن هناك خلخلة في هذا الموقف الكردي المتقدم نتيجة تباينات سياسية اجتماعية ثقافية بين الأطراف التي تشكل معادلة الموقف الكردي إلا أن هذه التباينات لا ترقى إلى مستوى العداء وهذه  نقطة أساسية يمكن الاستناد عليها للانطلاق نحو آفاق جديدة تمضي بالمجتمع الكردي نحو ديمقراطية داخلية تحكمها التكنوقراط وفقاً لضرورات يفرضها الوقت والتقدم العصري في التفكير و نمط إدارة المجتمعات.
و استناداً على ما سبق التكامل فيما بين أطراف المعادلة الكردية هو الأسلوب الوحيد للتعامل و تحقيق الموقف المرجو ، التكامل فيما بين جميع الأطراف (1- الأحزاب بخلافاتها واختلافاتها، 2 – الشباب الواعي الذي هو محرك الحراك و شكلها الظاهر،3- المثقفين من كتاب وشعراء وصحفيين وسواهم ، 4- الشخصيات الاجتماعية ذات التأثير الايجابي في الشارع الكردي،5- الفعاليات المدنية من أطباء و صيادلة وغيرهم من يلمسون المجتمع ويقدمون الخدمات الإنسانية الجليلة، 6-الاقتصاديين وأصحاب الأموال الذين يقدمون الدعم لأبناء جلدتهم خدمة لمصالحهم رغم قلة هذا المكون، 7- رجال الدين الشرفاء أولئك الذين فهموا الدين على أساس منظومة أخلاقية راقية لا تقبل الظلم والاعتداء و تؤمن بالمساواة و تبادر بجرأة من أجل هذه المفاهيم ، حقوقيون فهموا القانون ودوره في سير المجتمع).
التكامل فيما بين هذه المكونات أو الأطراف أو ممثليهم  يعني الوصول إلى بدايات مجتمع قوي يرتكز على أسس طبيعية صحيحة لشكل المجتمع الحضاري المدني المتطور  ذو الأثر والتأثير الإيجابي في الحاضر و المستقبل .
و لطالما ليست هناك هيئة أو جهة معلنة لديها المعايير الواضحة ؛ الأفضل هو عدم اللجوء إلى الإقصاء و العمل وفق محدد واحد وهو أن الجميع يستحق التمثيل في هذا المجمع إن صح التعبير وهذه مهمة صعبة بلا شك، لكن على الجميع تحمل مسؤولياته وأن يرى في نفسه مسؤولاً لكن ليس محوراً إنما متمما لغيره.

   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….