أبو شاور … وبئس البؤس البائس

هيبت بافي حلبجة

أنا أدرك تماماُ حجم المصيبة لدى رشاد أبو شاور- الكاتب الفلسطيني –  من ثلاثة زوايا ، الأولى عدم قدرته على القراءة الموضوعية للتاريخ السوري الحديث ولاسيما من بداية القرن العشرين إلى فترة أستقلال سوريا عام 1946 ، والثانية عدم قدرته على التمايز ما بين مفاهيم ، حزب ، حركة ، شعب ، أمة ، وموقف ما ، ورؤيا شاملة ، ومشروع سياسي  ، وماركسي ، وأسلامي ، وقومي ، ووطني ، والثالثة عدم قدرته على القراءة الموضوعية لحيثيات الربيع العربي الذي ألغى بكل تأكيد عقلية وذهنية هكذا مقال .
ففي مقال له نشرت جريدة القدس العربي ماعنونه هو ب – سورية عربية عربية عربية – وتطرق بصورة ضبابية دون أن يدرك حيثيات جملة أمور هي لديه في غاية القلق المعرفي والتاريخي ، ولم تستقر وتلبث في وعيه كما تقتضي قوانين المنطق ، وقوانين البحث الرصين الحصيف ، والمعادلات العلمية في العملية السياسية .

ولذلك أود أن نتقفى الأثر الحقيقي لما أثاره من زوابع غير منسجمة وغير موازية .


الأثر الأول : إن الكردي الذي لايدافع عن عروبة المحافظات الثلاثة عشر السورية لإنتمائها إلى الأثنية العربية ، لا يستطيع أن يدافع عن كردية المحافظة الرابعة عشر المنضوية تحت لواء هذه الدولة بعد المعاهدات الثلاثة ( سيفر ، لوزان ، سايكس – بيكو ) ، لأنتمائها جغرافياُ إلى الأثنية الكردية .

فالكردي الذي لا يذود ويذب عن حقوق أخوته العرب كما ينبغي ، لن يناضل عن حقوقه الخاصة إلا أن يشوبها البطلان والتعسف .

أي أن الكردي الذي ينزع عن سوريا عروبتها كبلد وليس كدولة – والفرق واضح – ينزع عن كردستان كرديتها ، ويقترف أثماُ عظيماُ ..
الأثر الثاني : لم تتحدث عن مؤتمر الأنقاذ المنعقد في أسطنبول ، ولا عن المكون الكردي الذي حضر ، ولا عن الأسباب الحقيقية لأنسحابه ، إنما أستشطت غيظاُ بعد حنق و صبت جام غضبك  ( من خلال سوريا عربية عربية عربية ) على الأكراد في سوريا ، والأحزاب الكردية التي لم تحضر ، وكردستان العراق ، والسعودية ، والحريري ، وأسرائيل .

بالله عليك – سيد أبو شاور – هل هذا ينتمي إلى مفهوم التحليل العلمي والبحث المعرفي والجدل السياسي !! أستحلفك بالله هل يمكن لشعب مسالم لايملك بندقية صيد أن يسبب لك كل هذا الغيظ لتضرب المكسور بالصحيح والغائب بالحاضر !! ثم ألم تقل إن تعدادهم النسموي – مليون نسمة – !! ( في الحقيقة ينوف عن ثلاثة ملايين ) ، فكيف بمقدور هؤلاء تحديد قدر ومصير سوريا !!
الأثر الثالث : ( أكتبها ثلاثاُ : عربية عربية عربية ، تأكيداُ وتاكيداُ للتأكيد .

وهي ستبقى قلب العروبة النابض رغم أنوف أعداء الأمة العربية ) سامحك الله يا سيد أبو شاور !! هل الأكراد هم أعداء الأمة العربية !! ثم إن هنالك من يخالفك الرأي من الزاوية السياسية .

أولاُ : ثمت من يؤكد إن سوريا هي أيرانية أيرانية أيرانية .

وإذا كنت قد نسيت فأنا مستعد أن أثبت لك ، إن وددت وبالوثائق ، مدى تحالف سوريا مع أيران ضد الأمة العربية .

ثانياُ : إن سوريا – قلب الأمة العربية النابض – قد وقعت على أتفاقية ( أضنه ) في عام 1998 ورسمت الحدود نهائياُ مع الجارة تركيا ، وألغت مشكلة اللواء السليب – أسكندرون – وأنطاكيا ، والكثير من الأراضي الزراعية المتقطعة لمزارعي الجزيرة مؤخراُ .

ثالثاُ : ثمت من يؤكد إن سوريا هي التي حمت وتحمي أمن أسرائيل ، وإن لم تصدق ذلك ، أحيلك إلى بعض الوثائق الفلسطينية لحركة فتح في عهد ياسر عرفات لعام 1979 حتى الأجتياح الأسرائيلي لبيروت عام 1982 ، بما فيها ما سميت حينذاك بصفقة منصات الصواريخ .

أضف إلى ذلك هل يمكن لك أن تتفضل بشرح قول هيلاري كلنتون – إذا كان الأسد يعتقد إنه لايمكن الأستغناء عنه فهو مخطىء – !! ألستم ، أنت تحديداُ والسلطة السورية ، أعداءاُ للولايات المتحدة الأميركية !! ففي أي مهمة تحديداُ هي ستستغني عنكم ياترى !! حتى الآن لاأدرك كيف يمكن للشخص أن يقول : سأستغني عن عدوي !! فهل هي ستستغني عن – الأسد – في التكنولوجيا السورية ، في المجال النووي ، في مسألة غزو الفضاء ، أم في الحفاظ على أمن العراق ، ولبنان ، وفلسطين !! لكنك وبصريح العبارة تؤكد إن أمن هذه البلدان بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية لاقيمة له !! إذن هل بقي في المعادلة خلا أمن أسرائيل !! .
الأثر الرابع : أنا أستدرجك لجدل معرفي ، لكن لاترغد ولاتزبد .

أولاُ : هل تعلم إن القبائل العربية المتاخمة لمحافظة الحسكة ومنذ القدم وحتى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين ، لو أرادت أن ترعي قطعان أغنامها في محافظة الحسكة ، أنبغى عليها أن تأخذ أذنأ كتابياُ ودستوراُ بذلك من عائلة أبراهيم الباشا الكردية في رأس العين !! .

ثانياُ : بالله عليك ، هل الأخوة الفراعنة في مصر هم من أصول عربية حتى تسمى بلادهم ، جمهورية مصر العربية ، ثم أليس أسمها باللغة اللاتينية يدل على الأصل القبطي (Egypt  ) !! ثالثاُ : ألا تعلم إن أسم سوريا هو تحوير كلمة أشوريا ، فلماذا لانرجع التسمية إلى أصلها المعتمد لتغدو – الجمهورية العربية الآشورية –  كي نوصد باب الجدل والجدال .


الأثر الخامس : أستحلفك ورب الكعبة ، أن تفكك لنا نحن معشر الشعب الدرويش هذه الأحجية، لماذا دولة أسرائيل تذود عن شعبها ذوداُ مستميتاُ ، وتحنق غيظاً في وجه كل من يقدح به ، بل هي مستعدة أن تبيد جيرانها شراسة ووحشية إكراماُ له ، بل لأجل جندي واحد هي تتصرف كالمجنون كالمعتوه ، في حين إن السلطة السورية – قلب العروبة النابض – تقتل وتعتقل الآلاف من شعبها لأنهم جراثيم ، بل هي مستعدة لإبادته حفاظاُ وأكراماُ لأمن الجيران !!
الأثر السادس : وهذا الأثر هو الذي يهمني بالمطلق ، فيا سيد أبو شاور لقد أستعجلت وتحمست كثيراُ ، فالخطاب الذي تفضلت به هو علة العلل لكافة المصائب والأشكاليات والمشاكل في المنطقة العربية ، وهو الذي ينزع العروبة عن سوريا وعن فلسطين وعن كل الأقطار العربية الأخرى .

بل هو الذي يفكك البلدان العربية .

ودعني أجسد لك الحالة السودانية التي أستشهدت بهاُ ظلماُ وجهلاُ ، لأوضح ماقاله الرئيس السوداني عمر حسن البشير : أنني سأعترف مباشرة بدولة جنوب السودان .

هل تدرك ، أنت ، حجم المأساة في هذا القول ، وبالمناسبة هذا هو عين خطابك !! لاأعتقد إنك قادر على ذلك ، والسبب لو أن هذا الرئيس ، عوضاُ أن يضرب منة لشعب جنوب سودان ، ما الذي كان يعرقله ويمنعه من ممارسة الديمقراطية ومنح الحرية لذاك الشعب مراعاة لوضعه الأثني الخاص ولظروف عقيدته الخاصة !! لأنه لو كان قد فعل ذلك لكان السودان الآن دولة واحدة ، دولة تعددية ديمقراطية ، وما كان البشير حاكماٌ للشمال .

هل أدركت الآن كيف ترون المسألة معكوسة ، فالأستبداد والقمع والقهر هي أس التفكك واللاوحدة واللاعروبة ، والحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية هي أس الوحدة والتضامن والكرامة  والعروبة ، فأن وددت أن تبحث عن العروبة فستجدها في الحرية والديقراطية والعدالة الأجتماعية لأن هذه المقولات هي وحدها قلب العروبة النابض !!!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…