قراءة في ورقة عماد فوزي شعيبي لتحضير حوار وطني سوري

 عبدالقادر بدرالدين

ما سمي بالاجتماع التشاوري للحوار الوطني السوري والذي التأم في دمشق في العاشر من يونيو من هذا الشهر, برعاية فاروق الشرع نائب الرئيس, حيث كان من لون واحد في معظم الأحوال على الرغم من وجود بعض المعارضة غير المنزعجة على الاقل للنظام, وغياب كلي للمعارضة المناوئة بكل أطيافها في هذا التشاور الافتراضي.

الكلمات التي القيت في بداية الجلسة الاولى وعقب كلمة فاروق الشرع مباشرة, كانت معظمها تدور معانيها في الإطار الذي تم رسمه وفق الخطابات الثلاثة للرئيس بشار في تحديد الأزمة السورية,
ولكن ما يعنيني في هذا الصدد, ان احاول بقدر المستطاع قراءة ورقة الأستاذ الجامعي الدكتور عماد فوزي شعيبي والتي لفتت انتباهي الى حد بعيد ما جاء في تحديد وترسيم ملامح سورية المستقبل!! ووضع خطط وطرق سير اجبارية للمرور الى الدولة التي ينشدها وذالك عبر إشارات ضوئية ذات اللون الأصفر يرمز الانتباه والحذر لكل من يود الخوض في العملية التشاورية وصولا للحوار المرتقب وذالك عبر هذا المسار وعلى هدي هذه الأضواء التي نظمت امبيرها مسبقا طبقا لاريحية رؤاهم وحدهم:
اولا- بناء الجمهورية العربية السورية الثانية-
اي بمعناه, الاستمرار في النهج الذي رسمه حزب البعث في اعلان الجمهورية العربية السورية الاولى, حيث ستكون المرحلة القادمة تكملة لمسيرة البعث, وسنقوم في بناء دولة الحق والقانون والتعددية والديمقراطية, لا إقصاء فيها ولا احتكار وبالتالي إلى نظام سياسي جديد وعادل اساسه الشعب حيث مصدر التفويض والسلطة!!! ولكن في الوقت عينه يحذر مستمعيه بان الخوض في هذا الشأن مغامرة في غاية الخطورة, لاننا جميعا لا نملك ثقافة الديمقراطية و تعدديتها, وينبه المجموع بان سورية ستبقى كما عرفها البعث في الستينات, واي محاولة النظر او الالتفات الى التسميات التي رسمها عهد الاستقلال كا (الجمهورية السورية) سيكون خطأ جسيما لكم وتجاوزا للخطوط الحمر عند التفكير في الاستقلال الثاني او الجمهورية الثانية بعد الاستقلال.
ثانيا- الاحتكام للحوار وفقط الحوار-
 علينا ان نتحاور وهذا فرض عين ولا مفر منه, حضوركم حتمي, عاجلا ام آجلا, سنحاصر المدن ونمنع التظاهر وسنقلع كل حنجرة تغني لرحيلنا, وذالك كي يكتمل مناخ الحوار, وحذاري من بطشنا وفتكنا او كل من يحاول التفكير في التفاوض والاستهتار بمركزيتنا العتيدة, سنكون مضطرين رميه في العاصي او نطارده ونقذفه الى خارج سيادتنا.
ثالثا- لاننا متعددون لا لدولة دينية او طائفية او شوفينية او اثنية-
 هذه هي دولة البعث و كل شيء من اجلها وهي الوحيدة ستبقى الى الابد, لا دين الا دين البعث ولا طائفة الا هو,  تظل ايديولوجيتها الكاملة والشاملة للدولة والمجتمع, ولا قومية فوق عروبة البعث واهدافه النبيلة والخالدة, في البعث تكمن كافة المذاهب والطوائف حيث العربي والكوردي المسلم والمسيحي والدرزي والآشوري والكلداني واليزيدي…الخ, انه ضمير الامة والمجتمع السوري بأسره, البعث حزب مدني وكلي القدرة في استيعاب كافة القوميات والاثنيات, ومحاولة انشاء اي حزب بهوية قومية اخرى غير القومية العربية امر مشكوك في امره وسيحمل طابعا انفصاليا عنصريا وسيؤدي في النهاية الى تفتيت سورية مثلما يحصل الآن في شمال العراق!!.
رابعا- نرفض اي وصاية او تدخل خارجي مهما كانت الاسباب-
نحن نكره التدخلات الخارجية, ضمن دولة البعث شعب اصيل وحر وهو مصدر وجودنا, شعب مطيع ومسالم ويقوم بكل واجباتها على اكمل وجه ويتخلى عن كافة حقوقها, انه شعب وطني بكل المقاييس قانع بالجوع والعري والجهل, سنتصرف بدولتنا وباناسها حسب ما تقضتيه المصلحة العامة, ولن نسمح باي تدخل حتى لو كان انسانيا.
اعتقد, ان الورقة تمثل نهج السلطة وعقيدتها وهي محصلة ومجمل افكارها وقراءتها للازمة السورية الراهنة ورسالة تم ايصالها الى المتشاورين داخل مجمع الصحارى في دمشق اولا والى الشارع السوري ثانيا وذالك عبر الاستاذ الجامعي البعثي والقريب جدا من القصر الجمهوري وخباياه.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…