بقلم رئيس التحرير
ظلت القضية الكردية في سوريا رهينة العقلية الشوفينية طوال عقود خلت ، عانى خلالها الشعب الكردي صنوف الاضطهاد القومي وأشكال الحرمان حتى من أبسط حقوقه كإنسان قبل أية اعتبارات أخرى من قومية أو وطنية ، و مورست بحقه سياسة التعريب ونزعت منه جنسيته السورية و اعتباره مواطنا من الدرجة الثانية أو الثالثة ، ذلك إلى جانب السياسات الاستثنائية الأخرى ، حيث طبقت بحقه القوانين والمشاريع العنصرية التي تحط من قدره وتحد من سبل عيشه ، كما أنه عانى أسوة ببقية مكونات الشعب السوري وعبر تعاقب الأنظمة والحكومات الاستبدادية من ذهنية الإقصاء والقمع والتنكيل ومصادرة الحريات العامة وانتهاكات حقوق الإنسان الخ.
لكن كل ذلك لم يثن الشعب الكردي وحركته السياسية عن الكد والعمل ولم ينل من عزيمته ، بل زاده إصرارا على مواصلة الحراك الجماهيري والنضال السلمي في سبيل القضايا القومية والوطنية والظلم الواقع على الجميع خلال كل تلك العقود والمراحل ، لأن قضيته القومية كانت ومنذ البداية جزء أساسيا من مجمل القضايا الوطنية ، واتخذ من الديمقراطية أساسا لحل كافة القضايا والمعضلات الوطنية العالقة بما فيها القضية القومية للشعب الكردي ، لذلك كان النضال من أجل تحقيق هذا الأساس (أي الديمقراطية) منطلقا عاما للحركة السياسية الكردية منذ تأسيس أول تنظيم سياسي في أواخر خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن ..كما استطاعت الحركة السياسية الكردية أن تستوعب المشروع الكوني في التغيير والتحول الديمقراطي وسماته الأساسية في محاربة الإرهاب ومكافحة أسلحة الدمار الشامل والأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية ، وتمكنت من التفاعل معه ولو بشكل أولي مما يؤكد حيويتها وديناميكيتها ، كما تابعت عن كثب تطورات الثورات والانتفاضات التي اجتاحت الساحة السياسية العربية وانتصاراتها في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن ..
وتداعياتها السورية ، وانخرطت مع الجماهير الكردية وطليعتها الشبابية في حركة التظاهر والاحتجاج إلى جانب الأخوة من المكونات السورية الأخرى ، واستمرت في اندماجها الكامل مع الحراك الشعبي و الشبابي ذاك بغية رفد الانتفاضة السورية بمزيد من الزخم ، بغية الإسراع في استكمال عوامل انتصارها ، وإزالة الاستبداد وتحقيق مجتمع ديمقراطي وحياة سياسية كريمة للجميع ..أي أن الشعب الكردي وحركته السياسية والجماهيرية بقي على صراع دائم مع الاستبداد والاتجاهات الشوفينية والعقليات الإقصائية ، ولم يعلق الآمال قط أو يراهن على تلك الجهات والأوساط ، كونه (الاستبداد) كان على الدوام جزءا أساسيا أو سببا مباشرا للأزمات وليس للحلول ، وكل الدلائل والمؤشرات تؤكد صحة ما نذهب إليه ، وآخرها قرارات الحركة السياسية الكردية بعدم الاستجابة لما سميت باللقاءات التشاورية أو الحوارات التي دعت إليها السلطات على مستوى العاصمة دمشق وحتى المحافظات ، ووضعت لذلك شروطا أساسية هي موضع توافق معظم أطراف المعارضة الوطنية ، لأن الحركة الوطنية الكردية هي بالأساس جزء لا يتجزأ من قوى المعارضة الوطنية ، بحكم تناقضها التام والدائم مع الأنظمة الاستبدادية والسياسات الشوفينية المتبعة حيال الشعب الكردي على مر الزمن ..إلا أن شخصيات أو بعض أطراف المعارضة العربية في سوريا وخصوصا تلك التي تفتقر إلى القاعدة الجماهيرية هي الأخرى ، لا تزال نظرتها دون المستوى المطلوب حيال القضية القومية للشعب الكردي ، ربما ذلك لدونيتها المعرفية بقضايا الشعوب وخصوصياتها القومية التي تتفق مع القوانين والمواثيق والشرائع الدولية، أو ربما لبقايا ثقافة الحرب الباردة أو لرواسب العقلية الشوفينية أو الفكر الشمولي والموروث الثقافي الاستبدادي العصبوي ، أو لحسابات مستقبلية ضيقة ، كما أنها (أي تلك الأطراف) ترى – واهمة – وكأنها هي وحدها التي ستكون البديل المستقبلي للنظام القائم ، وتبقى هي من تعطي هذا الحق أو تمنعه عن من تشاء ، إنها بذلك تبتعد عن الموضوعية في قراءتها للأوضاع وفي تعاطيها مع قوى المعارضة الأخرى ولاسيما الحركة السياسية الكردية ..
إن الحركة الكردية ليست انعزالية قطعا ، ولا تخرج عن قاعدة (معادلة العام والخاص) لكنها حينما تطرح قضاياها القومية الخاصة في المحافل السياسية إنما هي نتيجة طبيعية لمعاناتها ، أما في معرض الحوارات واللقاءات مع المعارضة الوطنية فليس ذلك من منطلق أن تلك المعارضة ستحقق لها قضاياها أو تمنحها حقوق شعبها القومية ، بحكم أنها لن تكون البديل الوحيد أو بمعزل عن الجانب الكردي (ككتلة مستقلة) لها وزنها وثقلها الجماهيري ، وستكون حتما طرفا أساسيا إلى جانب الأطراف الوطنية الأخرى في تكوين البديل الأنسب مستقبلا ، وبذلك تكون هي المعنية أساسا في تحقيق تطلعات وأماني شعبنا القومية والوطنية ، أي أن الحركة الكردية ترمي من طرح قضاياها لمعرفة مدى إمكانية العمل والتنسيق مع تلك الجهات في هذه المرحلة ، لأن حدود التعاون تعتمد بداهة على مدى تفهم تلك الأطراف للقضايا المطروحة المشتركة منها والخاصة ومدى استعدادها للعمل معا من أجل تحقيقها بالمعايير العلمية والموضوعية ..إن المرحلة بما تحمل في ثناياها من مهام ومسئوليات أساسية كنتيجة طبيعية لتقدم وتطور الانتفاضة الجماهيرية العارمة في بلدنا سوريا ، التي تقودها القوى الشبابية بصبر وأناة مفعمة بالهمة والاقتدار ، إنما تقتضي المزيد من التفاهم ، والاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات بشكل واضح وصريح ، والاهتمام الجدي بمجمل القضايا الوطنية في البلاد ، وإيلاء الاهتمام للقضية القومية لشعبنا الكردي ، وعدم تجاهل الحركة السياسية الكردية متمثلة (بالكتلة الكردية كوحدة سياسية) في المحافل وعموم اللقاءات الوطنية من أجل تحقيق نقلة نوعية لمجمل المعارضة الوطنية عبر تضافر الجهود والمساعي الحثيثة من أجل وحدة الصف الوطني وتحقيق تجانس في الخطاب والموقف السياسي و العمل الوطني المشترك ، وأن أي تلكؤ في هذا السبيل وتحت أية حجج أو ذرائع إنما هو عمل في عكس الاتجاه وعرقلة لتلك الجهود والمساعي ، ولعل المشهد السياسي الوطني يؤكد يوما بعد آخر أن معظم القوى الوطنية تمارس نشاطها وتؤدي مهامها بمسئولية وحس وطني ، من أجل تحقيق المبادئ الأساسية المشتركة والمتمثلة في إنهاء الاستبداد وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة على أسس العدل والمساواة في الشراكة الحقيقية لسلطة البلاد وثروتها ، ووفق مبدأ ” سوريا لكل السوريين ” .
14/9/2011
وتداعياتها السورية ، وانخرطت مع الجماهير الكردية وطليعتها الشبابية في حركة التظاهر والاحتجاج إلى جانب الأخوة من المكونات السورية الأخرى ، واستمرت في اندماجها الكامل مع الحراك الشعبي و الشبابي ذاك بغية رفد الانتفاضة السورية بمزيد من الزخم ، بغية الإسراع في استكمال عوامل انتصارها ، وإزالة الاستبداد وتحقيق مجتمع ديمقراطي وحياة سياسية كريمة للجميع ..أي أن الشعب الكردي وحركته السياسية والجماهيرية بقي على صراع دائم مع الاستبداد والاتجاهات الشوفينية والعقليات الإقصائية ، ولم يعلق الآمال قط أو يراهن على تلك الجهات والأوساط ، كونه (الاستبداد) كان على الدوام جزءا أساسيا أو سببا مباشرا للأزمات وليس للحلول ، وكل الدلائل والمؤشرات تؤكد صحة ما نذهب إليه ، وآخرها قرارات الحركة السياسية الكردية بعدم الاستجابة لما سميت باللقاءات التشاورية أو الحوارات التي دعت إليها السلطات على مستوى العاصمة دمشق وحتى المحافظات ، ووضعت لذلك شروطا أساسية هي موضع توافق معظم أطراف المعارضة الوطنية ، لأن الحركة الوطنية الكردية هي بالأساس جزء لا يتجزأ من قوى المعارضة الوطنية ، بحكم تناقضها التام والدائم مع الأنظمة الاستبدادية والسياسات الشوفينية المتبعة حيال الشعب الكردي على مر الزمن ..إلا أن شخصيات أو بعض أطراف المعارضة العربية في سوريا وخصوصا تلك التي تفتقر إلى القاعدة الجماهيرية هي الأخرى ، لا تزال نظرتها دون المستوى المطلوب حيال القضية القومية للشعب الكردي ، ربما ذلك لدونيتها المعرفية بقضايا الشعوب وخصوصياتها القومية التي تتفق مع القوانين والمواثيق والشرائع الدولية، أو ربما لبقايا ثقافة الحرب الباردة أو لرواسب العقلية الشوفينية أو الفكر الشمولي والموروث الثقافي الاستبدادي العصبوي ، أو لحسابات مستقبلية ضيقة ، كما أنها (أي تلك الأطراف) ترى – واهمة – وكأنها هي وحدها التي ستكون البديل المستقبلي للنظام القائم ، وتبقى هي من تعطي هذا الحق أو تمنعه عن من تشاء ، إنها بذلك تبتعد عن الموضوعية في قراءتها للأوضاع وفي تعاطيها مع قوى المعارضة الأخرى ولاسيما الحركة السياسية الكردية ..
إن الحركة الكردية ليست انعزالية قطعا ، ولا تخرج عن قاعدة (معادلة العام والخاص) لكنها حينما تطرح قضاياها القومية الخاصة في المحافل السياسية إنما هي نتيجة طبيعية لمعاناتها ، أما في معرض الحوارات واللقاءات مع المعارضة الوطنية فليس ذلك من منطلق أن تلك المعارضة ستحقق لها قضاياها أو تمنحها حقوق شعبها القومية ، بحكم أنها لن تكون البديل الوحيد أو بمعزل عن الجانب الكردي (ككتلة مستقلة) لها وزنها وثقلها الجماهيري ، وستكون حتما طرفا أساسيا إلى جانب الأطراف الوطنية الأخرى في تكوين البديل الأنسب مستقبلا ، وبذلك تكون هي المعنية أساسا في تحقيق تطلعات وأماني شعبنا القومية والوطنية ، أي أن الحركة الكردية ترمي من طرح قضاياها لمعرفة مدى إمكانية العمل والتنسيق مع تلك الجهات في هذه المرحلة ، لأن حدود التعاون تعتمد بداهة على مدى تفهم تلك الأطراف للقضايا المطروحة المشتركة منها والخاصة ومدى استعدادها للعمل معا من أجل تحقيقها بالمعايير العلمية والموضوعية ..إن المرحلة بما تحمل في ثناياها من مهام ومسئوليات أساسية كنتيجة طبيعية لتقدم وتطور الانتفاضة الجماهيرية العارمة في بلدنا سوريا ، التي تقودها القوى الشبابية بصبر وأناة مفعمة بالهمة والاقتدار ، إنما تقتضي المزيد من التفاهم ، والاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات بشكل واضح وصريح ، والاهتمام الجدي بمجمل القضايا الوطنية في البلاد ، وإيلاء الاهتمام للقضية القومية لشعبنا الكردي ، وعدم تجاهل الحركة السياسية الكردية متمثلة (بالكتلة الكردية كوحدة سياسية) في المحافل وعموم اللقاءات الوطنية من أجل تحقيق نقلة نوعية لمجمل المعارضة الوطنية عبر تضافر الجهود والمساعي الحثيثة من أجل وحدة الصف الوطني وتحقيق تجانس في الخطاب والموقف السياسي و العمل الوطني المشترك ، وأن أي تلكؤ في هذا السبيل وتحت أية حجج أو ذرائع إنما هو عمل في عكس الاتجاه وعرقلة لتلك الجهود والمساعي ، ولعل المشهد السياسي الوطني يؤكد يوما بعد آخر أن معظم القوى الوطنية تمارس نشاطها وتؤدي مهامها بمسئولية وحس وطني ، من أجل تحقيق المبادئ الأساسية المشتركة والمتمثلة في إنهاء الاستبداد وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة على أسس العدل والمساواة في الشراكة الحقيقية لسلطة البلاد وثروتها ، ووفق مبدأ ” سوريا لكل السوريين ” .
14/9/2011
* جـريدة صـادرة عـن مـكـتب الثقـافـة والإعـلام المـركـزي لحــزب آزادي الكــردي في ســوريا – العدد (436) آب 2011