المجلس الوطني السوري: ختامها مِسك

حسين جلبي

و أخيراً تمخضت سلسلة المؤتمرات و المجالس الماراثونية السورية في داخل سوريا و الشتات عن ولادة المجلس الوطني السوري تحت عنوان واضح هو إسقاط النظام بأشخاصه و أركانه و كل المرحلة الدموية السوداء التي يمثلها.

الجميع مدعو إلى الوقوف إلى جانب المجلس الوطني الإنتقالي و العمل تحت العنوان الذي يمثله، كيف لا و أصحاب الثورة السورية الحقيقيين من رجالٍ و نساءٍ و أطفال، الذين هم وقود الثورة، هم الآن جزءٌ أساسي من المجلس، كما يحوز باقي أعضائه على ثقتهم، و قد سارعوا إلى منحه الشرعية و عمّدوا قرارهم هذا بتظاهرات بطولية لم تخلو من إراقة الدماء الزكية.
فكما أن هدف الثورة السورية المعلن هو جعل سوريا ملك لجميع السوريين، و طالما أن الجميع مساهمين بشكلٍ ما في الثورة التي ضحى فيها الشعب السوري بأغلى ما يملك، فليرد الجميع التحية للشهداء بأحسن منها، و ليعتبروا المجلس الوطني السوري ممثلاً لهم، طالما أنه أفضل ما يمكن أن يتفق عليه السوريين حتى الآن، و ما دام هذا المجلس منفتحاً على الكل، و مشرعاً أبوابه أمامهم، ليتقدم من يجد لديه الفكرة، و من يجد عنده المقدرة من المجلس، مجلسه، للمساهمة في تخفيف العبء عن أهلنا لوقف نزيف دماءهم و تخفيف عذاباتهم و معاناتهم، و ذلك بإختصار المسافة الزمنية التي توصل إلى إسقاط النظام و تحرير سوريا من الكابوس الذي تعيش تحت وطأته.

إن من كان يخشى حتى اللحظة الإنضمام للثورة أو لم يكن يستطيع تحمل أعبائها فإنها الفرصة المثالية للتكفير عن التأخر في ركوب قطارها، و ذلك بالوقوف مع ممثلها الشرعي و مساعدته في النهوض بأعبائها، على الأقل بعدم التشويش عليه، و التشكيك به، و إشغاله بمعارك جانبية لن تطيل في النهاية سوى في عمر النظام الآيل للسقوط، و ستساهم في إسالة المزيد من دماء الأبرياء.
لا يمكن أن تخطأ الثورة السورية التي عبرت خلال ستة أشهر عاصفة و بنجاحٍ منقطع النظير أقسى إختبارات الحديد و النار، و لا يمكن أن يخطأ من نازل أعتى آلات القمع بصدور عارية و لم ينجرف إلى إغراءات النظام باللجوء إلى السلاح أو الدخول في الشرك الطائفي أو غيرها من شراك الإصلاح التي كانت تهدف إلى تدمير الثورة، لا يمكن أن يكون قد أخطأ في إختيار عنوان لثورتهم، هؤلاء الذين يسيرون بثبات نحو هدفهم، و هم يبذلون لبلوغه التضحيات العظيمة.
المجلس الوطني السوري له مهام محددة، يسعى لتنفيذها خلال مرحلة إنتقالية تنتهي بسقوط النظام السوري، و يخطئ من يظن أن المجلس سيكون بديلاً لنظام الأسد و سيتحكم كله أو بعضه بحياة السوريين في مرحلة ما بعد سقوطه.

إن ما يجمع هذا الطيف الواسع من المعارضة السورية هو إسقاط النظام لبناء سوريا، دولةً ديمقراطية مدنية تعددية، و بجميع المقاييس فإن أسوأ ما سيأتي ـ هذا إذا كان السئ قادماً ـ هو أفضل مما هو قائم الآن.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…