الكابوس الذي أفقت منه بعد خمسون سنة؟

 سيامند ابراهيم
 

هو كابوس جثم على روحي, وأوثق أوتاد مفاصل أضلعي, وخرب تفاصيل حياتي وشظاها بألف لون من التشرذم, وزرع بذور النفاق وأشياء أخرى لا تحصى؟! وليس هذا فقط بل هو تربع على جهات الروح في مملكتي؟!وراح ينهش من تفاصيل خارطة جسدي ومملكتي كالسرطان الذي يمتد إلى كل ما تصل مخالبه ومجساته القاتلة ؟! وأخيراً وأمام هذا الزلزال, 
فقد أفقت من هذا السبات اللعين, ولم أصدق ما سمعته وقرأته والحقيقة فهو لم يستكين قبد أنملة و لم يدع أحد أن يخلد إلى النوم في مخدع جميل؟!
 كل هذا جرى على مدى نصف قرن حيث حفظنا الألقاب الفخاموية أكثر من حفظنا لأسماء شعراء ومبدعي الذين سموا في علياء المجد بإبداعاتهم الثرية؟!  
للهول ماذا أسمع هل أنا في حلم أم في حقيقة؟
لبست ملابسي على عجل, لأستطلع أخبار قامشلو فماذا أرى؟
أنظر إلى الأبنية العالية فأجد عنوان لافتة كبيرة كتب عليها الحزب الليبرالي السوري, وأمشي في شارع آخر, وأجد لافتة بعنوان الحزب الكردي السوري,  وأتجه نحو ذاك الشارع الذي وسمته (شارع الشبيحة) فها هو قد تغير, وقد قطعت فيه حركة السير ذهاباً وإياباً وزرعت على جانبية الورد والأزاهير والرياحين, ونصبت خيم الموسيقيين وفنانو الرسم, وتسمع صوت موسيقا بيتهوفن وموزارت, ودلشاد الرائع يستلهم من حياة ودواوين جكر خوين أجمل قصائده, وأتجه نحو الحي الغربي فإذ أشاهد في ساحة السبع بحرات تمثال الشاعر الكردي جكرخوين رافعا يديه وكأنه ينادي على صديق عمره وحبه الفنان الأرمني (آرام ديكران) تعال لنستعيد ذكرياتنا في مقهى كربيس.

واتجهت نحو دوار الهلالية الذي وسمناه بدوار الحرية, فوجدت تمثال الفنان محمد شيخو يتربع على قاعدة رخامية ويحمل طنبورته ويغني :” Azade şêrîn , وأعرج على حي الوسطى فأرى مبنى جميل كتب عليه: جمعية الأخوة الآثورية الكردية , وذهبت إلى قدور بك فرأيت أن الحكومة قد فتحت عدة مدارس  باللغة الكردية تحمل أسماء نور الدين ظاظا, جكرخوين, أوصمان صبري, كاميران بدرخان وغيرهم…
ولم أصدق عيناي ما رأيت وتساءلت هل أنا في حلم أم في منام؟
فركبت أول طائرة متجهة نحو دمشق وذهبت بدون أن أتناول فطوري وطعام الغداء,  وماذا أرى عشرات الصحف المستقلة السورية العربية والكردية تتصدر واجهة المكتبات, واتجهت نحو حي الأكراد فوجدت لافتة كتب عليها نادي كردستان الثقافي, وفي ساحة شمدين رأيت نادي ديرسم الثقافي, وفي ساحة ابن النفيس, وجدت كلية اللغة الكردية وأمامها يتربع تمثال العلامة جلادت بدرخان وهو يحمل مجلتي (هاوار,و روناهي), ورجعت نحو جسر النحاس فأرى مقر الجمعية الخيرية قد عادت حقوقه بإعادة ملكيته للأكراد, ثم رأيت مبنى جميل كتب عليه, كلية اللغة الكردية, وأخرى لنادي الصداقة الكردية الأوربية.

وبينما كنت أسير قرب ساحة العرنوس فقد سمعت أصوات الملايين أمام البرلمان السوري يهتفون للحرية وللعدالة والكرامة, فبكيت ودب الحماس في عروق دمي , وركضت ودلفت  بين المتظاهرين أهتف بشعارات تدعو إلى الدولة المدنية الحرة إلى أن انتهت التظاهرة.

قامشلو

26/9/2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…