تركت شباب الثورة وحيدا يا ابا باسيل

عبدالقادر بدرالدين

قد يعاتبك الحريصين والمخلصين لك, على هذه العجالة بالفوز بالشهادة, وتودعنا في وقت نحن بأمس الحاجة إلى وجودك وحضورك بيننا, لاننا ما زلنا في بداية المسيرة, وهذه تحتاج إلى فرسان من أمثالك في أداء المهمة بدقة ومتناهية, لقد كنت وقودا للثورة وحطبها الأبدي, حيث تركت الماضي, ورميت طلاقه من دون رجعة, ورحت تبحث عن المستقبل والوعد المنشود, لأجله تنازعت مع الأشرار, وواجهت تكلسهم وضخامة بطونهم التي تورمت نتيجة الفساد والغرور والوهم التاريخي الأرعن, لقد استشهدت منذ زمن بعيد أيها البطل, حينما نصبت متاريس الفكر والنقد وولادات المجتمع المدني في ممرات الأحزاب الكلاسيكية المغيبة نتيجة التفكير الجمعي المتآمر على الانسان الكوردي البريء,
 كنت لغما موقوتا قد ينفجر في اي لحظة وتتكشف عوراتهم النتنة, ودخلت السجن في قمة الرجولة ورحت تدافع عن التيارات الشبابية التي يجب ان تدخل المدائن الكوردية وقراها, وبخروجك من السجن الصغير الى الكبير, حيث خرج معك الآلاف بل الملايين من الاجيال الواعدة, يملؤن الفراغ بالالوان الاصيلة, ويهتفون بالانسان الحر والفكر الحر.

اجل, لاجلهم عانيت ما عانيت, ولكنك التقيتهم وضممتهم الى صدرك الكبير ودفئ قلبك الحنون, ولم تترك الحصان وحيدا ايها الفارس, بل شق صهيله عنان السماء, وهوى بالاصنام ارضا في عامودا الباسلة, بعد ان عجز العبور الى سبع بحرات, ليكنس مزابل التاريخ ويرميها في جقجق العاصي.
لقد كنت حقا قائد الدورة في تعليم الشباب على قوانين الثورات, وتحثهم وتخبرهم وانت في قلب الحدث وامام نيران الموت وتقول لهم (هذه بروفا) هذه دروس اولية في فقه ابجديات الرجولة, ولكن اليوم اعلنت ان الدورة انتهت بنجاح, وكانت مراسيم الشهادة تخريجا لملايين الاحرار من تعاليمك العظيمة, اجل, انتهى الدرس وقد صرنا في الجد, وصاح الشباب الاحرار على مرمى ومسمع البشر “كلنا مشعل”
اليوم الكل صار مشعل والكل صار باسيل.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نارين عمر تعتبر المعارضة في أية دولة ولدى الشّعوب الطريق المستقيم الذي يهديهم إلى الإصلاح أو السّلام والطّمأنينة، لذلك يتماشى هذا الطّريق مع الطّريق الآخر المعاكس له وهو الموالاة. في فترات الحروب والأزمات تكون المعارضة لسان حال المستضعفين والمغلوبين على أمرهم والمظلومين، لذلك نجدها وفي معظم الأحيان تحقق الأهداف المرجوة، وتكون طرفاً لا يستهان به في إنهاء الحروب…

محمد زيتو مدينة كوباني، أو عين العرب، لم تعد مجرد نقطة على الخريطة السورية، بل تحولت إلى رمز عالمي للصمود والنضال. المدينة التي صمدت في وجه تنظيم داعش ودفعت ثمنًا غاليًا لاستعادة أمنها، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد وأكثر تعقيدًا. فالتهديدات التركية المتزايدة بشن عملية عسكرية جديدة تهدد بإعادة إشعال الحرب في منطقة بالكاد تعافت من آثار النزاع، ما…

بوتان زيباري كوباني، تلك البقعة الصغيرة التي تحوّلت إلى أسطورة محفورة في الذاكرة الكردية والسورية على حد سواء، ليست مجرد مدينة عابرة في صفحات التاريخ، بل هي مرآة تعكس صمود الإنسان حين يشتد الظلام، وتجسيد حي لإرادة شعب اختار المواجهة بدلًا من الاستسلام. لم تكن معركة كوباني مجرد مواجهة عسكرية مع تنظيم إرهابي عابر، بل كانت ملحمة كونية أعادت…

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…