يا سادة يكفي ..هذا تفكير ثوري.. وذاك سياسي

محمود مراد

لفت نظري بعد الانتهاء من عقد مؤتمر الأحزاب الكوردية ، ومنذ انطلاق الحراك الثوري السوري هناك من يخلط بين ما هو سياسي..

وما هو ثوري ، أثار دافعي للكتابة حول هذه المسألة مجموعة من الشباب التقيت بهم بجلسة ثورية بامتياز أحدهم قال عن قيادي : من الأحزاب الكوردية أنه مغرور ينظر باستعلاء ودونيّة إلينا ولا يسمح غروره هذا الجلوس معنا قلت له : لا يستطيع، سألني لماذا ؟ أجبته هو تفكيره سياسي ، وأنت تفكيرك ثوري والتفكيريين لا يلتقيان مهما امتدا ، ولكن يمكن الترادف ، وإحداث تقاطعات جزئية بينهما ، ناهيك إذا كان التفكير حزبوي فهو بحدّ ذاته عائق وقيد ولجم للوعي الثوري.
لم يبقى لنا سوى رمي صنارة في البحر وإخراج مقال وتصريح حول المؤتمر ، وانتظار زوبعة لتعليق مقرراته في السماء ، وعولمتها محلياً وخارجياً مثلاً على مستوى كردستان العراق أشاد السيد البارزاني بالمؤتمر ودعمه له كما صرّح في برقيته المؤرخة في 2 |11| 2011 ينمّ عن اهتمام غير مسبوق ، علّق حولها إشارات استفهام وتساؤلات ، أكدّ فيها على توحيد روؤيتين سياسيتين أعطاها شرعية إقليمه ، تباينت القراءات لهذه البرقيّة حاول كل طرف التماهي معها حسب أجنداته الخاصة ، وما دار حول المؤتمر من حوارات  انتقادات ونقاشات واسعة، أخذت المنحيين الصحي والمرضي ، هذا التهوّيل والتزمير كاد تحويله إلى حصان طروادة .


شهدت جمعة الله أكبر في الشارع الكوردي ، من انقسام واضح وشرخ لهذا الصّف ، كأوّل إفرازات مؤتمركم الموقّر ، فعلينا عرضه للمساءلة السياسية والتاريخية، كأول اختبار ميداني، أمام الحراك الشبابي الثوري ، لأنكم أعلنتم تمثيله تحت يافطة المؤتمر الكوردي يمثلني ، وأنتم في هرج ومرج معه ، هؤلاء الشباب هم يمثلون الحقيقة السياسية بسلوكهم  وتفكيرهم، أمّا أنت أيها المتحزّب الملتحف بالسياسة، أنسجت لسياسات هرمت ، لم يترك النظام والسلطة السورية لممارسة نفسك إلاّ عبر ثقافة القهر والقمع ، وأنت تهرّج وتدّعي الاستقلالية السياسية طوال نصف قرن ، إذاً بوصلة أي حراك سياسي بعد الآن هم الشباب الثوريون الكورد ، فدون ذلك تقع السياسات في تيه وفريسة لألاعيب النظام السوري ، وتبعيّة هذا الطرف الإقليمي أو ذاك .
دعونا نأخذ المسألة بهدوء ، وحفر دقيق للبحث في إشكاليات المشهدين السياسي والثوري ، الذين فجّروا عاصفة النهوض الكوردي  ليسوا مثقفين ، ولا هم  سياسيين وأحزاب ، ولا هي حركات دينية ، القهر والاضطهاد الذي تعرض له الكورد طوال الفترة التاريخية ، راكمت داخلهم أسباب التفجّر ، المثقفين والسياسيين ساهموا برصّ الصفوف ، وبلورة سلوكات هذا التفجّر سياسياً، أمّا منارة هذا الحراك هم الشباب فأي تهميش لهم تكون إشكالية فكرية وسياسية بالنسبة لتوحيد الخطاب الكوردي .

    
علينا الإجابة عن  السؤال التالي هل تخشى الأحزاب الكوردية من الشارع الشبابي ؟ هل تخشى على القضية الكوردية من الانزلاق إلى مواقف ليست لصالح الشعب الكوردي ، أم تخاف على نفسها من سحب البساط من تحت أقدامها ، و يتبدد تاريخها النضالي حسب قناعاتهم ، ويقوم الشباب على قطاف ثمارها .


بالنسبة للكتّاب والمثقفين الذين كرّست لهم المواقع الالكترونية وقتاً زائداً لهذا المؤتمر كان فيه مغالاة وإسهاب ، وبالأخص الأسئلة الموجهة للكتاب والمثقفين بصيغة منهجية مبسطة جسدّت شرخاً وانفصام أوسع ، فالإكثار من هذا اللون من النشر وبنفس النمط المعتاد عملت على اجترار الماضي ، فكل ذلك يتمّ على حساب إنتاج وتأسيس الثقافة الثورية ، وله تأثير على الشارع الكوردي ، أخبار السياسة الحزبية شبعنا منها ، وأخذت حيّزاً من الزمن ، في هذه المرحلة العاصفة من غير الجائز أن تطفي على الأخبار الثورية .
يقال العبرة بالنتائج ، فيما إذا اتسعت الفجوة بين مجلسكم الوطني الكوردي ، والحراك الشبابي واستمراره بنفس وتيرة الرفض والإلغاء ، ووصوله إلى حدّ الهرج والمرج ، حينها من حقنا أن نعلن ، آن أوان تغيير أسماء أحزابكم وحلّها ، وإزالة الكوردية عن مؤتمركم .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي سبق و كتبنا عن هذه المشكلة وتحت عنوان رواتب موظفي اقليم كوردستان .. الى اين ؟؟ ونشرت بتاريخ 2 / 5 / 2025 في شفق نيوز ، وفي صوت كوردستان بتاريخ 3 / 5 / 2025 ، وفي صوت العراق بتاريخ 4 / 5 / 2025 ، ونظرا لاستمرار حكومة بغداد و باوامر من قادة الميلشيات…

بنكین محمد في كل مرحلة يمرّ بها شعبٌ يبحث عن خلاصه، يخرج من الظلال نوعٌ جديد من الدخلاء: أشخاصٌ بلا قيمة، بلا وعي، بلا تاريخ، لكنهم يصرّون بكل خفة على الجلوس في المقدمة… وكأنّ الصف الأول سيمنحهم ما حُرموا منه طوال حياتهم: احترام الناس. إنهم أولئك الذين نحاول تجنّب الكتابة عنهم، ليس احتراماً لهم—فهم لا يستحقون الاحترام—بل لأن القرب منهم…

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…