نعم للمساواة – لا للدونية

الدكتور عبد الحكيم بشار
 

إن القهر والظلم الذي مورس بحق الشعب الكردي وسياسة الاضطهاد القومي والاجتماعي والثقافي التي تعرض لها على مدى عقود من الزمن , تركت آثارا سياسية وسلبية بالغة , تجلت ليس بحرمان الشعب الكردي من المساهمة في رسم سياسات الدولة والاهتمام بالشعب , وممارسة حقه الطبيعي في العمل السياسي , بل طبقت بحقه إجراءات في منتهى الشوفينية والعنصرية باتت معروفة لدى الجميع , وكذلك أثارا ثقافية سلبية أدت إلى عرقلة النمو والتطور الطبيعي  للغة والثقافة الكردية , شملت جميع النواحي الثقافية (من شعر – أدب – قصة –مسرح – فلكلور) ونتيجة القهر المتراكم فقد تجاوزت الآثار السلبية النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتصل حتى إلى النواحي النفسية لدى الإنسان الكردي, وهي حالة قد تحصل إذا استمر القهر والاضطهاد لعقود ,
 ويعتبر هذا الأمر بالغ الخطورة إذا لم يتم التعامل معه بحكمة , فقد يخلق لدى الإنسان الكردي ردود أفعال متباينة منها رفض الواقع والتمرد عليه بردود أفعال غير منتظمة , أو رفض الواقع والتمرد عليه بعقلانية  وأفعال منظمة وقد تخلق أيضا الشعور بالدونية بسبب اضطرار الفرد إلى الاستعانة بغيره في الكثير من قضاياه العامة , وهذا الشعور بالدونية قد يجد طريقه إلى البعض , ويبدو ذلك جليا من كتاباته وردود أفعاله على أي طرح فكري أو سياسي يتجاوز الكلاسيكي أو المألوف حتى ولو كان على سبيل الحوار والجدل والنقاش .

إن هذا البعض ودون أن نكيل لهم أي اتهام يظهرون حرصا شديدا على عدم إزعاج الجانب العربي ولو كان على حساب القضية الكردية , وان هذا الحرص حتى ولو كان منطلقه النظري الشعب الكردي وقضيته , وضرورة تحقيق أفضل صيغ التواصل مع الجانب العربي , وخاصة المعارضة الوطنية, وهذا الشيء يجب أن نعمل جميعا من أجله , ولكن هذا الحرص يجب أن لايمنع بأي شكل من الأشكال إمكانية المناقشة الحرة والمفتوحة لجميع القضايا الوطنية والقومية وخاصة القضية الكردية , وخيارات الحل , وآليات وقواعد التعامل مع المعارضة التي يجب أن تستند على مبدأ التكافؤ والندية , مبدأ الشراكة في الوطن والشراكة في الحوار , والشراكة في صناعة القرار , وصياغة مستقبل سوريا , لا التبعية والقبول بكل شيء من اجل عدم إغضاب المكون الأخر .
إن الشعور بالدونية هو شعور خطير يجعل من الشخص فريسة سهلة للأفكار والآراء من المكون الأخر مهما كان نوعها , لأنها تأتي من جهات هي أكثر رقياً في السلم التاريخي للبشرية , ويجعله في نفس الوقت خصما لأية أفكار وآراء جريئة أو غير مألوفة تأتي من أبناء شعبه .
إن التخلص من هذا الشعور (الدونية) مهمة صعبة وعسيرة إذ قد تستمر آثاره حتى بعد نيل الحقوق السياسية للكرد لفترة , لأنه سلوك يتأصل لدى البعض ويحتاج إلى واقع جديد يتم فيه تأهيله  اجتماعيا وثقافيا وسياسيا وفكريا .
 

13/11/2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…