صالح بوزان
ما يجري في سوريا ينطبق عليه مصطلح “اللامعقول”.
فهو ضد المنطق, ضد الوطنية, وأخيراً ضد الانسانية.
ما يجري في سوريا ينطبق عليه مصطلح “اللامعقول”.
فهو ضد المنطق, ضد الوطنية, وأخيراً ضد الانسانية.
كيف يمكن لنظام يدعي بأنه يمثل الشعب وفي الوقت نفسه يعلن الحرب عليه؟ كيف يمكن لحزب يدعي العروبة والوحدة والحرية ويعتبر نفسه الممثل الأوحد لطموحات الشعب العربي في سوريا (وفي الوطن العربي) وفي الوقت نفسه يمارس الاستبداد على الشعب السوري إدارياً وفكرياً وتنظيمياً وسياسياً؟
كيف يمكن لجيش يأكل من عرق جبين الشعب ويتسلح بأمواله ويوجه النار على صدور أبنائه؟.
كيف يمكن لمجلس شعب يعتبر نفسه ممثلاً للشعب ومنتخباً من قبله ولا يظهر من بينهم واحد يقف مع الشعب في وجه الحل الأمني للأزمة الراهنة ؟ والأغرب من كل ذلك هؤلاء المحللون الذين يخرجون في الفضائيات العربية وهم ينطقون باسم النظام بسوية يشعر المستمع بمدى استخفافهم بعقول مواطنيهم.
هذا هو اللامعقول السوري.
ولذلك أقف عاجزاً عن تحليل ما يجري.
فمنذ بداية الثورة أصبت بصدمة كبيرة.
لأنني واحد من السوريين الذين لم يتوقعوا أن يقوم هذا الشعب المذلول منذ خمسين سنة بهذه الانتفاضة مطالباً بحريته.
لقد سُلب هذا الشعب من كرامته، من وطنيته, بل سُلب من حقه في التفكير, ناهيك عن حق ممارسة السياسة.
بالرغم من كل هذا القتل والاعتقال والتشريد، فهناك من يدعي بأنه يمثل شرائح واسعة من الشعب يضع رأسه في الرمال ويسكت عما يجري حوله.
فنقابات العمال في صمت مريب والاتحاد الفلاحين واتحاد الكتاب وغيره من الاتحادات التي تظهر لافتاتها الملونة في مناسبات النظام.
ألا يدل كل ذلك أن هذه الهياكل هي هياكل ميتة؟
منذ وعيت على السياسة ونظام حزب البعث يكرر ليلاً ونهاراً بأن هناك مؤامرة صهيونية وامبريالية على النظام التقدمي في سوريا (سابقاً) ودولة الممانعة (لاحقاً).
لا أنكر هكذا مؤامرات ولكنها كانت ضد الشعب السوري وليس ضد النظام.
المنطق يقول أن التصدي للمؤامرات يؤدي ديالكتيكياً إلى زيادة دور الشعب, إلى زيادة حريته.
لكن الأمر في سوريا بعكس ذلك.
فدعوة النظام للتصدي لهذه المؤامرات زاد من ضغطه بشكل ممنهج على الشعب والتشكيك في سلوك أي مواطن.
يصنف النظام السوري الشعب على الشكل التالي: مؤيد (أي مؤيد للنظام) معارض (أي عدو للنظام) حيادي إيجابي (أي مع بقاء النظام كما هو) وحيادي سلبي (أي يتمنى أن يتغير هذا النظام دون أن يساهم في التغيير).
وأخيراً كان يعتبر الشعب الكردي السوري عدواً للنظام والعروبة.
هكذا صنف حزب البعث الشعب السوري وعلى هذا الأساس تعامل معه منذ خمسين عاماً.
لقد كان جميع السوريين يحلمون بالتغيير السلمي (وما زالوا).
كانوا يطالبون بأقل ما يطالبون به اليوم.
ورغم ما حدث من توريث للحكم في النظام الجمهوري, إلا أن غالبية الشعب السوري تفاءل بالرئيس الجديد.
وقد كتبت شخصياً في عام ألفين مقالة بهذا الاتجاه.
وبعد نكسة ربيع دمشق كتبت مقالة ذكرت فيها أن الرئيس الشاب كان يريد فعلاً أن يحدث تغييراً حضارياً في بنية النظام, ولكنه بعد ممارسته لمهامه تبين أن هذا النظام غير قابل للإصلاح, ولا يمكن أن يستمر إلا كما هو عليه, وأي خطوة إصلاحية فعلية في بنيانه سيؤدي إلى انهياره بالكامل.
زد على ذلك أن الكتل التي تقف وراءه لا يمكن أن تتخلى عن الوضع الذي حصلت عليه.
وبالتالي وجدنا كثرة الشعارات واللافتات والمراسيم حول الإصلاح والتغيير دون أن يحدث على أرض الواقع أي تغيير جوهري.
لقد تبين أن المسألة ليست مسألة الأشخاص, ولا مسألة الأحزاب, بل هي مسألة بنيان النظام.
هل يقبل حزب البعث أن يكون الشعب السوري سيد نفسه؟ وأن تكون الدولة راعية لحقوقه لا رهينة بين يديه من خلال البند الثامن من الدستور
إن استمرا قتل المتظاهرين بهذه الكثافة التي لا يقبلها أي منطق يعود لسبب واحد.
وهو أن سر بقاء حزب البعث في السلطة خلال نصف قرن يعود إلى قوة جهازه الأمني الذي زرع الرعب في عقول المواطنين, رعب لا يعطي أي مجال للمواطن أن يفكر خارجه.
لقد انصب تفكير المواطن على كيفية حماية نفسه من الأجهزة الأمنية؟ كيف يؤمن لقمة عيشه ولو كانت مغمسة بالذل؟.
عندما بدأت هذه الانتفاضات, كانت في البداية ضد هذا الرعب الداخلي المتأصل في عقول المواطنين.
ولذلك بدأ بشعار الحرية.
وقد أدرك النظام فوراً مدى الخطر المحدق به من خلال هذه الكلمة.
إن كل هذا اللامعقول الذي يقوم به النظام يهدف لإعادة الرعب إلى عقول المواطنين.
فالبعث لا يستطيع أن يحكم بدون زرع وعشعشة الرعب في عقول المواطنين.
فالرعب, في الحقيقة, هو ركن أساسي لبقاء النظام خلال كل هذه السنوات العجاف.
كيف يمكن لمجلس شعب يعتبر نفسه ممثلاً للشعب ومنتخباً من قبله ولا يظهر من بينهم واحد يقف مع الشعب في وجه الحل الأمني للأزمة الراهنة ؟ والأغرب من كل ذلك هؤلاء المحللون الذين يخرجون في الفضائيات العربية وهم ينطقون باسم النظام بسوية يشعر المستمع بمدى استخفافهم بعقول مواطنيهم.
هذا هو اللامعقول السوري.
ولذلك أقف عاجزاً عن تحليل ما يجري.
فمنذ بداية الثورة أصبت بصدمة كبيرة.
لأنني واحد من السوريين الذين لم يتوقعوا أن يقوم هذا الشعب المذلول منذ خمسين سنة بهذه الانتفاضة مطالباً بحريته.
لقد سُلب هذا الشعب من كرامته، من وطنيته, بل سُلب من حقه في التفكير, ناهيك عن حق ممارسة السياسة.
بالرغم من كل هذا القتل والاعتقال والتشريد، فهناك من يدعي بأنه يمثل شرائح واسعة من الشعب يضع رأسه في الرمال ويسكت عما يجري حوله.
فنقابات العمال في صمت مريب والاتحاد الفلاحين واتحاد الكتاب وغيره من الاتحادات التي تظهر لافتاتها الملونة في مناسبات النظام.
ألا يدل كل ذلك أن هذه الهياكل هي هياكل ميتة؟
منذ وعيت على السياسة ونظام حزب البعث يكرر ليلاً ونهاراً بأن هناك مؤامرة صهيونية وامبريالية على النظام التقدمي في سوريا (سابقاً) ودولة الممانعة (لاحقاً).
لا أنكر هكذا مؤامرات ولكنها كانت ضد الشعب السوري وليس ضد النظام.
المنطق يقول أن التصدي للمؤامرات يؤدي ديالكتيكياً إلى زيادة دور الشعب, إلى زيادة حريته.
لكن الأمر في سوريا بعكس ذلك.
فدعوة النظام للتصدي لهذه المؤامرات زاد من ضغطه بشكل ممنهج على الشعب والتشكيك في سلوك أي مواطن.
يصنف النظام السوري الشعب على الشكل التالي: مؤيد (أي مؤيد للنظام) معارض (أي عدو للنظام) حيادي إيجابي (أي مع بقاء النظام كما هو) وحيادي سلبي (أي يتمنى أن يتغير هذا النظام دون أن يساهم في التغيير).
وأخيراً كان يعتبر الشعب الكردي السوري عدواً للنظام والعروبة.
هكذا صنف حزب البعث الشعب السوري وعلى هذا الأساس تعامل معه منذ خمسين عاماً.
لقد كان جميع السوريين يحلمون بالتغيير السلمي (وما زالوا).
كانوا يطالبون بأقل ما يطالبون به اليوم.
ورغم ما حدث من توريث للحكم في النظام الجمهوري, إلا أن غالبية الشعب السوري تفاءل بالرئيس الجديد.
وقد كتبت شخصياً في عام ألفين مقالة بهذا الاتجاه.
وبعد نكسة ربيع دمشق كتبت مقالة ذكرت فيها أن الرئيس الشاب كان يريد فعلاً أن يحدث تغييراً حضارياً في بنية النظام, ولكنه بعد ممارسته لمهامه تبين أن هذا النظام غير قابل للإصلاح, ولا يمكن أن يستمر إلا كما هو عليه, وأي خطوة إصلاحية فعلية في بنيانه سيؤدي إلى انهياره بالكامل.
زد على ذلك أن الكتل التي تقف وراءه لا يمكن أن تتخلى عن الوضع الذي حصلت عليه.
وبالتالي وجدنا كثرة الشعارات واللافتات والمراسيم حول الإصلاح والتغيير دون أن يحدث على أرض الواقع أي تغيير جوهري.
لقد تبين أن المسألة ليست مسألة الأشخاص, ولا مسألة الأحزاب, بل هي مسألة بنيان النظام.
هل يقبل حزب البعث أن يكون الشعب السوري سيد نفسه؟ وأن تكون الدولة راعية لحقوقه لا رهينة بين يديه من خلال البند الثامن من الدستور
إن استمرا قتل المتظاهرين بهذه الكثافة التي لا يقبلها أي منطق يعود لسبب واحد.
وهو أن سر بقاء حزب البعث في السلطة خلال نصف قرن يعود إلى قوة جهازه الأمني الذي زرع الرعب في عقول المواطنين, رعب لا يعطي أي مجال للمواطن أن يفكر خارجه.
لقد انصب تفكير المواطن على كيفية حماية نفسه من الأجهزة الأمنية؟ كيف يؤمن لقمة عيشه ولو كانت مغمسة بالذل؟.
عندما بدأت هذه الانتفاضات, كانت في البداية ضد هذا الرعب الداخلي المتأصل في عقول المواطنين.
ولذلك بدأ بشعار الحرية.
وقد أدرك النظام فوراً مدى الخطر المحدق به من خلال هذه الكلمة.
إن كل هذا اللامعقول الذي يقوم به النظام يهدف لإعادة الرعب إلى عقول المواطنين.
فالبعث لا يستطيع أن يحكم بدون زرع وعشعشة الرعب في عقول المواطنين.
فالرعب, في الحقيقة, هو ركن أساسي لبقاء النظام خلال كل هذه السنوات العجاف.
لكن المارد خرج.
ويتضح للعيان أن الضحايا يزيده إصراراً.
وبالمقابل يحلم النظام، من خلال القتل اللامعقول, أن يعيد المارد إلى القمم.
ويتضح للعيان أن الضحايا يزيده إصراراً.
وبالمقابل يحلم النظام، من خلال القتل اللامعقول, أن يعيد المارد إلى القمم.