حتى اللحظة كان هناك اتفاق غير مكتوب بين معظم أطياف المعارضة الوطنية ونخبها الثقافية والسياسية ونشطائها على وجوب التركيز على أولوية اسقاط النظام وتجنب التعمق في تفاصيل مابعد انجاز مهام المرحلة الأولى من الانتفاضة حتى لاتثار الخلافات بين الصف المعارض وتؤثر سلبا على مسيرة الحراك الانتفاضي الداخلي ولانخفي أن ممثلي المكون الكردي ونشطائه المعبرين عن المصالح القومية والوطنية للشعب الكردي قد أبدو أقصى درجات المرونة والتسامح على صعيدي العلاقات بين التنسيقيات المحلية وشعارات أيام الجمعة وفي المؤتمرات واللقاءات والنشاطات التي تمت خارج الوطن وذلك التزاما كما ذكرنا بضرورات المهمة الأساسية وهي اسقاط النظام بالرغم من أنهم تعرضوا أكثر الأحيان الى انتقادات – ذوي القربى – وحتى أصوات تتهمهم بالتنازل .
نحن الآن أمام أعتاب مرحلة جديدة حيث بدأ العد العكسي لانهيار نظام الاستبداد الذي انتقل الى الخط الأخير في الدفاع عن وجوده بواسطة القوى الموالية له والمضمونة من قطعات عسكرية معينة بعد اعادة الفرز والتعيينات والتنقلات وشبيحة عائلية ومرتزقة الأمن والدعم المالي الايراني تاركا سبيل التحاور السلمي مع الشعب خلفه مستخدما أقصى درجات التضليل الاعلامي والدبلوماسي فاقدا الصدقية أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي والرأي العام وفي الأونة الأخيرة أمام البلدان العربية وحتى حليفته الأقرب تركيا والمرحلة تقتضي أن يقف السورييون جميعا يدا بيد من أجل البحث عن أفضل السبل لحل الأزمة بأقل الخسائر .
من الواضح أن كل السوريين مسؤولون عن مستقبل البلاد حسب مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير وفي الدرجة الأولى المعنييون المباشرون من تنسيقيات الانتفاضة في الداخل ومن وقف معها ودعمها وتبناها منذ الأيام الأولى من أطياف وتيارات وشخصيات المعارضة الوطنية في الداخل والخارج ومما يسر القلب أن فئات واسعة من المترددين والمراهنين سابقا على اصلاح النظام أو بديل حكومي عبر صفقة اقليمية – دولية برعاية رأس الاستبداد قد عادوا الى رشدهم وبدأوا بالاقتراب رويدا رويدا من شباب الانتفاضة وهذا انتصار لنهج وسياسة المنتفضين وشعارهم الأساسي في اسقاط النظام الذي فقد الشرعية والأهلية والمصداقية بقي أن نذكر بكل صراحة ووضوح ونؤكد على نوع من الغموض مازال يلف تحركات بعض جماعات الاسلام السياسي وفصيلها الرئيسي حركة الاخوان المسلمين الذي يحمل توجهاته الخفية الخاصة المتشابكة مع أجندة اقليمية تحملها الحكومة التركية بزعامة حزبها الاسلامي الحاكم وتقوم بدور رئيسي في تنفيذها من دون التشاور أو التعاون مع ممثلي التنسيقيات بصورة رسمية أو أطياف المعارضة الوطنية بل من وراء أظهرها ولاأظن أنها جميعا بصدد التسليم بالدور التركي الغامض أو أية جهة خارجية من دون الاطلاع على كل مايدور ويحضر وقبوله اذا كان يلبي مصالح ومطامح السوريين بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية وتياراتهم السياسية .
هناك ضرورة قصوى لاعادة تموضع القضية السورية في أحضان أهلها من أجل التحضير للانتقال الى المرحلة التالية مابعد الاستبداد التي وكما أرى أن تستند الى الرؤا والمبادىء التالية :
أولا – تنسيقيات الانتفاضة في جميع المناطق والمدن والبلدات هي مصدر الشرعية الوطنية في المرحلة الراهنة ولن يتم أي شيء من دون قرارها ومشاركتها ومباركتها .
ثانيا – مصير سوريا بيد شعبها وليس هناك أي طرف اقليمي أو دولي مخول لتقرير مصير شعبنا وبلادنا من دون ارادتنا .
ثالثا – الاقرار على أن سوريا وطن متعدد القوميات والأديان والمذاهب التي ستعاد اليها حريتها ويزال عنها الضيم والاضطهاد وهذه المكونات هي التي ستعيد بناء دولة سوريا الديموقراطية التعددية الحديثة على قاعدة الشراكة العادلة في السلطة والثروة وعلى أساس العيش المشترك في وطن موحد وفي ظل دستور يضمن وجود وحقوق وطموحات الجميع .