2- حصول انقلاب عسكري في سوريا ، وتشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد من خلال حكومة انتقالية تكنوقراط ومجلس وطني انتقالي ، ومجلس لوضع دستور جديد في البلاد تراعى فيه خصوصية تعدد سوريا القومية والدينية ، وهو أمر ليس مستبعداً وقد يعتبر الخيار الأفضل بالنسبة للدول العظمى ودول الخليج العربي لأن مثل هذا الحل كفيل بوقف دوامة العنف والقتل في سوريا .
3- إعادة صياغة الدولة السورية وفق أسلوب جديد ينطلق من خصوصية المجتمع السوري بعد فشل أو الأصح لجم السلطة بلورة مجتمع مدني متطور في سوريا يتجاوز فيه المواطن السوري حالته المذهبية والطائفية التي عملت السلطة على ترسيخها خلال عقود من الزمن ، وباتت سوريا نظرياً دولة واحدة ولكن عملياً هناك انتماءات متعددة داخل سوريا أقوى من الانتماء للدولة وأقوى من شعور المواطنة ونعني بها الانتماءات المذهبية والدينية .
لذلك فإن خيار تحقيق أربع فيدراليات في سوريا يعتبر من الخيارات الجيدة والتي قد تحقق استقراراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً نوعياً وأعني به : الفيدرالية العربية – الفيدرالية الكردية – الفيدرالية العلوية – الفيدرالية الدرزية ، وذلك بعد إعادة رسم الحدود الإدارية لبعض المناطق ، وتبادل بعض الأراضي لتحقيق فيدراليات شبه متجانسة ومتصلة جغرافياً مع مراعاة حقوق الأقليات القومية والمذهبية الأخرى من خلال منحها إدارة ذاتية ضمن الفيدراليات المشكلة على أن يتم إقرار ذلك دستورياً مع ضمانات دولية والاتفاق على إعادة ترسيم المناطق وتوزيع الثروة وتشكيلات الحكومة والبرلمان والإدارة من خلال لجان مختصة وبإشراف هيئات دولية ( الأمم المتحدة ) .
4- بما أن الخارطة السياسية في المنطقة لا تنطبق مع الحدود القومية بل تم ترسيمها من قبل الدول الاستعمارية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى انطلاقاً من مصالحها ومن القوى المؤثرة في الساحة آنذاك على أن تبقى كل دولة راقدة على بركان من المشاكل والخلافات يمكن تفجيرها في أية لحظة ، ولم تلجأ الحكومات المتعاقبة في الكيانات السياسية الحالية إلى حل مشاكل دولها بأسلوب ديمقراطي وموضوعي بالانطلاق من الواقع والبناء عليه وتطويره ، بل لجأت حكومات الأغلبية إلى قمع المكونات الأخرى ، وكان التنكر والقمع ومحاولات الصهر للمختلف هو السياسة المتبعة ، والتي فشلت في ذلك ، بل ساهمت في تأجيج مشاعر الخلاف والاختلاف بين المكونات المختلفة في الدولة الواحدة والذي بات حالياً واقعاً معاشاً ، ولبنان والعراق نموذجان مثاليان لهذه الظاهرة ، فلا الدولة اللبنانية رغم عمرها الطويل ونظامها الديمقراطي التوافقي نجحت في التغلب على الحالة الدينية أو الطائفية أو المذهبية بل بات لبنان كدولة مقسمة بين تلك المكونات وكل منها يسعى إلى الاستئثار بالدولة من خلال طائفتها ومصالحها ، والانتماء للطائفة أو الدين أو المذهب أقوى من الانتماء للوطن ، والحالة العراقية لا تختلف عن الحالة اللبنانية ، ورغم البعد الثقافي والحضاري للبنان فإن فشله في تحقيق مجتمع مدني ودولة عصرية يتجاوز المواطن كل الانتماءات الأخرى سوى الانتماء للوطن يدل أن الوقت لا يزال مبكراً ليتجاوز هذه الحالة التي ترسخت عبر مئات السنين ، لذلك فإن إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة من خلال تفكيك تلك الخارطة وإعادة تركيبها من جديد بحيث يتم فيها تحقيق أكبر قدر من التجانس قومياً أو دينياً أو مذهبياً بحيث يتم إعادة النظر في الحدود السياسية للدول التالية : لبنان – الأردن – سوريا – العراق – إيران – تركيا ، وذلك بإقامة كيانات سياسية جديدة تراعى فيها أكبر قدر من التجانس قومياً ومذهبياً .
إن هذا الحل رغم أنه يبدو صعب التحقيق ظاهرياً ، ولكنني أعتقد أنه أفضل الحلول الاستراتيجية حيث سيحقق حق تقرير مصير شعوب المنطقة من خلال إقامة كياناتها المستقلة وفك الارتباط القسري بين المكونات المختلفة قومياً أو دينياً أو مذهبياً ، وإعادة تجميع المكونات المشتتة ، ورغم أن ولادة الخارطة الجديدة ستترافق بمخاض عسير جداً جداً ولكنه في المنظور الاستراتيجي يكون قد وضع حجر الأساس لدول شبه متجانسة سوف تخلق استقراراً شبه نهائي في المنطقة وبداية لعصر جديد قوامه التعاون الاختياري بين مختلف مكونات المنطقة ومذاهبها لا الجمع القسري بينها .
إن هذا الخيار يعتبر أفضل الخيارات خاصة إن الكل مجمع على أن الحدود الحالية هي حدود رسمها الاستعمار ، فأين المشكلة إذا تم رفض الحدود الاستعمارية وإعادة صياغتها بشكل ينسجم مع الواقع القومي والمذهبي في المنطقة ؟ .
17/8/2011