وحدة الصف تبدأ من وحدة الكلمة

  افتتاحية صوت الكورد *
بقلم: هيئة التحرير

إن ما تشهده الساحة السورية من حراك جماهيري دليل قاطع على أن الأنظمة مهما غلت في استبداديتها وطال أمد تسلطها فإنها آيلة للسقوط إن لم تتدارك إرادة الجماهير،ولابد أن ترضخ لإرادة الجماهير يوما وتدعها لبناء مستقبلها بالشكل الذي يضمن مصالح أبناء الوطن عموما دون إلغاء أو تهميش لأي جزء منه مهما صغيرا.فإذا كانت هذه القاعدة في بناء الوطن، وكانت دوما المنطلق لأية نشاطات ترمي إلى رص الصف الوطني المناهض للاستبداد وصنوف الأجهزة القمعية التي يسخرها تلك الأنظمة على مختلف الأصعدة ضمانا لإستمراريتها بالتحكم في جميع مفاصل الدولة
فكيف لنا نحن أبناء الشعب الكوردي المكون الاجتماعي الثاني تعدادا والمتأصل تاريخيا في سوريا والمعتبر جزءا محوريا من الحراك الجماهيري القائم الهادف إلى التغيير السلمي للنظام، وبناء سوريا حرة مدنية ديمقراطية تعددية، سوريا لكل السوريين ، والكل فيها سواسية أمام القانون الذي يضمن لكل مكونات المجتمع السوري ،ودستوريا حقوقهم المشروعة في الأعراف والمواثيق الدولية..ألم يحن الوقت بعد أن تقر أطراف المعارضة الوطنية في البلاد بالحقوق القومية المشروعة كاملة للشعب الكوردي في سوريا وفي مقدمة ذلك الاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي شريكا في هذا الوطن له خصائصه القومية المتميزة وعليه واجبات وله حقوق ما للآخرين وما عليهم , وإلا فكيف لها أن تعتبر نفسها ساعية إلى التغيير والديمقراطية ، في حين تجد في العروبة تعريبا ومحاولة إذابة الآخرين كما يحاول البعض عبثا ، فسوريا لكل السوريين دون استثناء ..
إن منطق التهميش والإقصاء قد ولى دون رجعة ، وقبول الآخر بات أمرا حتميا ، مثلما يجب أن تعتبر مسألة الاعتراف الدستوري بالوجود التاريخي للشعب الكوردي وخصوصيته في سوريا أمرا مفروغا منه ولا جدال فيه، وأي مشروع باتجاه حل القضية الكوردية في البلاد ضمن إطار الوطن السوري وعلى قاعدة سوريا لكل السوريين من غير إقحام لأية توجهات تجعل من الوطن السوري حكرا لجهة معينة دون غيرها ودون مستوى هذا السقف يعتبر انحرافا صارخا عن النهج الديمقراطي التعددي المنشود لمسيرة الثورة الشعبية وتفريطا بالتضحيات التي قدمها ولازال يقدمها أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناته ..

إن المحاولات الرامية ومن أية جهة كانت تضع نفسها في خانة المعارضة الوطنية، لإقصاء البعض من لوحة الحراك الشعبي والعمل الوطني الجاد لبناء الإطار الذي يلم شمل المعارضة الوطنية الساعية لبناء سوريا حرة ، وتحت أية ذريعة كانت مادام العمل قائما تحت سقف الوطن السوري ومناهضا لأي تدخل خارجي، هو سعي للتفرد بالقرار الجماهيري وركوب موجة النهوض الشعبي ضد الاستبداد, وترجمة حرفية لأجندات سلطوية عبر الشبيحة الإعلاميين و القنوات التي تقتات من موائد النظام, وتهدف لتشتيت الصف قيد الإنجاز للمعارضة الوطنية، قوى سياسية وشخصيات أكاديمية وسياسية وحقوقية ، وجر ما يمكن منها أن تنجر لبرنامج الحوار الذي أعدته لجنة تمثل رموز الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد  ووفق معايير ما يمكن تسميته بالاستبداد المبرمج من قبل النظام ,الحوار الذي يتم تحت آلة القمع ، المبررة من قبل النظام بمحاربة تنظيمات إرهابية مسلحة والطعن بسلمية التظاهرات الشعبية ومطالبها الشرعية ، وهذا الشأن نفسه ينطبق على بعض أطراف الحركة الكوردية ممن يعزفون على نغمة الإقصاء بدوافع ذاتية حاقدة نسفت في الآونة الأخيرة جهود المستقلين والتنسيقيات في الخروج بمركز قرار سياسي كوردي على قاعدة المؤتمر الوطني الكوردي  .فالواجب الوطني وضرورات المرحلة التي يمر بها البلاد  تتطلب قبل كل شيء بأن يوضع جانبا كل ما من شأنه تمزيق الصف الوطني عموما والترفع عن الأفق التحزبية الضيقة والإقرار بكل القوى الوطنية الفاعلة في الحراك الشعبي القائم دون استثناء , لا سيما قوى الشباب الوطني الذي استطاع أن يحرك الشارع السوري وعلى امتداده في وحدة متكاملة هزت أركان النظام ، وتصرخ عاليا لا للاستبداد نعم للحرية نعم للكرامة ، محطما جدار الخوف من آلة القمع التي استطاعت حتى أن تدجن البعض الأصوات المعارضة على مدى عقود من الزمن ، عندئذ تكون المعارضة قد خطت أولى خطواتها بالاتجاه الصحيح على طريق لم شملها داخليا وخارجيا وسد المعابر أمام محاولات النظام التي تسعى لبعثرتها وإجهاض هذه الثورة الشعبية  بشتى الوسائل ..

* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا / العدد (360-361) حزيران / تموز 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…