اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب

المحامي مصطفى ابراهيم

اكاد اجزم بان هذه المقولة او المثل المتداول منذ قرون في الموروث الثقافي لجميع الشعوب تنطبق شكلا ومضمونا وقولا وفعلا على السيدة بثينة شعبانالمستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري بشار الاسد وهذا الاستنتاج ليس وليدة اللحظة او المرحلة الراهنة بل هو نتيجة تراكمية لقرائتي مقالاتها التحليلية على صفحات جريدة الشرق الاوسط منذ هبوب عواصف التغيير التي اجتاحت العديد من الدول العربية واقتلعت عرشين ملكيين في تونس ومصر وقربها ومحاصرتها لعرشين ملكيين اخرين في ليبيا واليمن وهي تصف سوريا بجمهورية افلاطون او جنات عدن يسودها الامن والامان ويرفرف في سمائها رايات العدل والمساواة وحكم القانون وينعم شعبها بالعيش الكريم ولا مكان لها للفقر والبطالة والفساد والسجون والمعتقلات ولا للمحسوبية والمنسوبية وهي بالتالي محصنة ضد جميع الافات والعواصف والشعب السوري بجميع مكوناته العرقية والدينية والمذهبية يحيط كالبنيان المرصوص بالنظام ورئيسه وباتت نموذجا فريدا واستثنائيا , على كافة الانظمة العربية ان تحتذي به .
وخلال الايام القليلة الماضية وتزامنا مع الاحداث الدموية ازدادت وتيرة اطلالتها على الفضائيات ونخص بالذكر منها تلاوتها للبيان الصادر عن القيادة القطرية والبشرى العظيمة للشعب السوري بحزمة الاصلاحات والمكرمات التي اقرتها تلك القيادة الحكيمة وان كل شيء اصبح وسيصبح
(سمن على عسل) كما يقول المثل العامي وان الدماء التي سالت في درعا وبقية المدن السورية ماهي الا زوبعة في فنجان او غيمة عابرة وان السفينة قد رست على شاطئ السلام وبر الامان وان لا عنف ولا اعتقالات ولا قتول جماعية بعد اليوم بناء على الاوامر الواضحة والصارمة للسيد الرئيس على حد قولها وان ما جرى كان بفعل قلة قليلة من المندسين والمهربين والمتامرين اغلبهم من خارج الوطن .
اما المقابلة التي خصت بها قناة ( B B C ) البريطانية فكانت اكثر سخفا من مقالاتها السابقة واستخفت بعقول الشعب السوري وجرحت كرامة وكبرياء المتظاهرين والمتصدين بصدورهم العارية لرصاص قوى الاجهزة الامنية في اللاذقية وهي تهتف وتصرخ (حرية – حرية) وحملت وزر الدماء الذكية التي سالت في الساحات والشوارع لقوى من الجن الازرق جاءت من كوكب اخر لاشعال نار فتنة طائفية ومذهبية في الوقت الذي شاهد الجميع بان جموع المتظاهرين تشمل كل فئات ومكونات وطوائف الشعب السوري وقد نضحت السيدة العروبية القحطانية عن حقد شوفيني دفين وانحطاط اخلاقي بان استعمالها لمفردة (الكورد) كانت هفوة او زلة لسان وفي هذا السياق وفي هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ سوريا شعوبا و وطنا يدور في اذهان الجميع اسئلة لا يجد لها اجوبة وهي :
اين النظام بجميع اركانه فأين الرئيس وهو المسؤول الاول عن مصير البلاد وحياة العباد واين رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب و وزير الداخلية و وزير العدل وباقي المسؤولين ؟؟
ولماذا السيدة فقط باتت الناطقة الوحيدة باسم جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وسلطة الحزب القائد الذي يقود الدولة والمجتمع فهل باتوا في الكهوف وغرف الانعاش والعناية المشددة فربما الساعات او الايام القادمة ستكشف لنا ما جرى وما يجري او تأتينا جهينة بالخبر اليقين .
اما وزير الاعلام فبعد ان سكت دهرا انبرى ونطق كفرا مرددا دون ادنى وجل او خجل بان سوريا امنة وهادئة وان الذئب والحمل يعيشان معا باخوة ومودة في مراعي وحدائق سوريا ومحافظاتها ولا ادري ان كان شر البلية ما يضحك ام يبكي .
وعودا على دور وموقع وتصريحات السيدة شعبان فمن الثابت والمتعارف عليه بان اي مستشار لاي رئيس في دول العالم يقدم النصح والمشورة لرئيسه ويضع امامه عدة خيارات لاتخاذ قراراته على اساسها وتداعيات ونتائج اي خيار على ارض الواقع حتى انه يدقق ويدرس خطابات رئيسه واختيار الجمل والمفردات سواء بالحذف او الاضافة او التعديل فاذا كان رئيسنا يعتمد او يستند في اتخاذ مواقفه وقراراته على العبقرية والحنكة والخبرة السياسية والاعلامية لهذه السيدة فتكون الطامة والكارثة والمصيبة الكبرى هنا على الشعوب السورية ان تردد
الشطر الثاني من قول الشاعر (فابشر بطول السلامة يا مربع) او كما يقول المثل البدوي
(ما دام طباخنا جعيفس فقد شبعنا مرقة)

سياسي كوردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…