الجميع يخذل شعب سوريا

  عبد الوهاب بدرخان

لا بأس ببعض المعادلات في ضوء الحدث: التدخل اللبناني (اذا وجد) في الشأن السوري ممنوع، والتدخل السوري (الموجود طبعاً) في الشأن اللبناني ممنوع… العبث اللبناني مع الوضع السوري تشفياً أو تحريضاً او حتى ابداء رأي ممنوع، والعبث السوري بالوضع اللبناني انقلابات وتشكيل حكومات وازكاء انقسامات ممنوع… التضامن مع الشعب السوري ممنوع، والتظاهر تأييداً للقيادة السورية ممنوع… التعرض للاستقرار في سوريا ممنوع، واستخدام الاتهامات السورية الملفقة لافتعال مشاكل داخلية في لبنان ممنوع… لا شيء افضل من الانصاف، ويكون الجميع راضياً ومطمئناً.

طالما ان ليس هناك ما هو مسموح باستثناء ما يتفضل به موظفو التضليل الاعلامي اللبنانيون لمصلحة النظام السوري، لماذا لا يكون اتفاق مبادئ بين الاطراف اللبنانية على اعتبار الشأن السوري خارجا عن اختصاصاتهم وخصوماتهم.

الاكيد انهم يستطيعون الاتفاق على ما هو مثبت في الوقائع: فلا القيادة السورية تحتاج الى اي خبرة لبنانية لمعالجة مأزقها، ولا الشعب يرهن انتفاضته بتضامن اللبنانيين معه.
اذا كان الحوار متعذراً بين اللبنانيين فانهم، رغما عنهم، وكل لاسبابه، يبدون قلقين من تداعيات الوضع السوري.

ماذا لو استعاض رئيس الجمهورية عن الحوار المباشر بآخر غير مباشر لبلورة “توافق” على عناصر المصلحة الوطنية في هذه المرحلة: اولوية للاستقرار في سوريا كضرورة لازمة للاستقرار في لبنان، والاهم عدم الركون الى محاولات دفع لبنان الى مواجهات اقليمية على خلفية التفجر في الوضع السوري.

واذا كانت انقرة تحذر دمشق، باسمها وباسم واشنطن، من افتعال فتنة في لبنان، فالاحرى باللبنانيين ان يحاذروا الانجرار اليها.
لكن، ينبغي القول، للتاريخ، ان لا مصلحة للبنانيين، ايا تكن مواقفهم في ان يخذلوا الانتفاضة السورية، فالانظمة زائلة كما نعلم والشعوب باقية.

اذ كيف يوفق “حزب الله” بين حماسه للثورة المصرية وتأييده لقمع السوريين وقتلهم؟ وكيف ترجم ادعاء ايران ان الثورات العربية مستوحاة من الثورة الايرانية، وهل استثنت طهران ثورة السوريين لتعتبرها وليدة مؤامرة خارجية؟ وكيف يوفق التيار العوني بين شعاره “التغيير والاصلاح” وعزوفه عن تأييد مطلب الشعب السوري بالاصلاح وكيف يوفق تيار “14 آذار” بين اعتباره الثورات مستوحاة من “ثورة الارز” وبين امتناعه عن قول كلمة مدوية تأييدا لثورة الحرية والكرامة في سوريا.

أليس تحرر السوريين من ربقة هذا النظام تحرراً للبنانيين ايضا؟
ليس اللبنانيون مدعوين للتظاهر ولا للتدخل، ولا طبعاً لارسال اسلحة، فعظمة الثورات في سلميتها.

لكن الواقع المؤلم ينبئ بان جميع القوى السياسية باتت تعبر عن لبنان المنكفئ الخانع للقمع والترهيب، لا لبنان كما كان او كما يجب ان يكون وطناً للحق والحرية والعدالة.

جريدة النهار

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…