نزول قادة الكرد السوريين «بكامل ثقلهم» إلى الشارع هل يحدث خللاً في ثقل الأرض ؟؟

   أمين عمر

منذ أكثر من أربعين عاماً تبحث أحزابنا الكردية عن الفرصة المناسبة لنيل حقوق شعبها ، تنتظر ” اللحظة التاريخية “، تراقب وتتهيأ للظرف المبني للمعلوم!!! الذي يحدده بعضهم، على أنه ظرفٌ معقول غير مبنيٌ للمجهول، لتغيير دفة النضال، وتلقين الآخرين، الشعب والسلطة، دروساً في التضحية والإباء.

هذه الأيام تدق ” اللحظة التاريخية ” باب قادة الأحزاب الكردية، لكنهم يصرون على إنها ” لحظات عادية ” مزيفة، وإن” اللحظة التاريخية ” الحقيقية لم تأتِ بعد.
 حديث قادتنا عن النزول إلى الشارع والمشاركة في المظاهرات يتكرر منذ شهرين، كان أوله، يجب أن يبدأ بها الأخوة العرب لأننا ككرد قلة، ولا يمكننا المخاطرة، وكي لا يـُفهم من نزولنا – ببعض ثقلنا- على إنها حركة قومية لا شعبية شاملة، وهي وجهة نظر مقبولة ، مع إن بعض تلكم القادة كان يدعو للتظاهر ويتباكى في مسع ٍ لخلق ظرف،

 كظرف 2011 أو شبيه به.

لا بل كان بعضهم يتظاهر ويدور في دوار ” الهليلية ” معتقداً إن الكون يدور حوله، ومن ثم يعود إلى مركزه سالماً غانماً من مهمته النضالية.

 وبعد أن بدأت الثورة في درعا، قالوا يجب إن تشتعل في مدن أخرى كي لا يتهمونا بإستغلال خروج أهالي درعا ودمائهم لغايات  ومكاسب قومية كردية لا سورية وطنية، ووعدوا إن أمتدت لمدن أخرى، سيروننا كيف يزلزلون مركز الأرض تحت قامشلو، وفي أيام الجُمع التالية امتدت المظاهرات إلى ريف دمشق..

وإلى الساحل..

وخرجت شباب قامشلو، لكنهم- قادة أحزابنا- قالوا كيف نخرج وإخوان المسلمين والمعارضة لم يشاركوا بشكل رسمي وعلني لم تشارك حتى اللحظة، وعندما أمتدت المظاهرات إلى حماة و مدينة حلب الجامعية، هدد قادتنا السلطات بإنها إذا لم تستجب لمطالب ما، فسينزلون الشارع بكامل ثقلهم وعندها ستقع الواقعة.


إذاً قادتنا الكرد إلى اللحظة يعترفون بعدم مشاركتهم في المظاهرات، وإن دورهم  يقتصر بتقديم المساندة والدعم اللوجستي للشباب في التعرف على الهدف، وهو الشارع العريض القريب من جامع قاسمو، ومجرد تعرف الشباب على الشارع المستهدف تنتهي مهمتهم.

وبناءاً عليه فإن السلطة السورية إذ ما قامت بحوار وطني جاد وهو أمر مستبعد ، فأن على السلطة التوجه الى المتظاهرين في حواره الوطني، وهنا لن تجد قادة الأحزاب موطئ قدم بين المتحاورين وسيبقى نصيبهم هو الدعم اللوجستي للشباب المتحاورين أي تهيئة مكان الاجتماع والدلالة عليه، دون المشاركة فيه، فالذي يزرع الكلام لن يجني سوى الريح، وما مبادرة الأحزاب الأخيرة، إلا تأكيد مرة أخرى أنهم لم يشاركوا بالمظاهرات بعد ، مع إن المظاهرات تكاد تصل لقرى ” جنوب الرد “.

والغاية من  تصاريحهم ، الأحادية الجانبية، والتي لا تعيرها السلطة اهتماما، بل وتتهمهم بالخونة، هي بمثابة صكوك البراءة من المظاهرات أمام السلطة، بل وتستعملها السلطة كحجة تقوي موقفها أمام الشارع، بأن الأحزاب الكردية خارج تغطية  التظاهر، ومن جهة أخرى فهي تضعف موقف الكرد أمام المعارضة والشارع العربي السوري بعدم تقاسم ألم النضال والتظاهر معهم، والذي سينتج عنه بعد نجاح الثورة، برفع بياناتهم تلك، كبطاقات حمراء تطالبهم الخروج من الملعب لعدم التزامهم بقواعد اللعبة أو عدم توفر اللياقة البدنية لديهم، وهذا ما سيتسبب إجهاض جهود الشباب الذين شاركوا في المظاهرات وخروجهم خال الوفاض.
إذا كان قادتنا يحتفظون بتكتيكات ويشاركون في المظاهرات بشكل أو بآخر ولا يريدون الإعلان عنه ، كي تبقى المظاهرات في مسارها الشعبي غير الحزبي ، فلماذا يخرجون ببيانات أسبوعية يؤكدون عدم مشاركتهم، والتي تؤثر سلباً على ما يفعلونه وراء الكواليس، إن كانوا حقاً يفعلون شيئاً ما، مع الإشارة إن وقت الكواليس وما ورائها قد ولت، وجاء وقت العمل في الشارع و أمام الكواليس.

لذا عندما تحين “اللحظة التاريخية ” وتستقر نيتهم الخروج بكامل ثقلهم يـُرجى إعلام القاطنين في الجانب الآخر من الكرة الأرضية بخروجهم كي يتفادوا معاً عدم زحزحة محور الأرض وفقدان التوازن.
أحزابنا تجتمع عند الشدائد وهو أمر إيجابي واجتماعهم في هذه الظروف أمر حسن، و يسجل لهم رغم مواقفهم الخجولة السابقة، ونرجو أن يكون اجتماعهم يعبر بحق، عن تماسكهم و بدوام  قناعتهم إن الإجماع  يكون دائماً لمصلحة الجماهير، وليس كاجتماع عساكر عراة الصدر في عقوبة جماعية في ليلٍ شتوي،يلتصقون ببعض تفادياً للبرد، ويتفرقون مع أول لحظة دفء.

قبل أيام اجتمعت أحزابنا وقد خرجت مجتمعة ببيان شديد” التبلي “على السيد عبد الباسط حمو وبغض النظر عن اختلافنا مع السيد حمو، وبالأخص في مسألة – الكردستاني – ولكنه  يقوم بالكثير في خدمة قضيته وله دور أعلامي لايُنكر في هذه المرحلة، كما نراه جميعاً على شاشات التلفزة، وليس من مصلحة أحد التهجم على الآخر بدون أدلة، لذا إن كان عليهم أن يخطئوا، أو يتبلوا أحداً، فليفعلوا ذلك فرادى لا مجتمعين.
على القادة الكرد تسجيل موقف مشرف من ثورة الحرية هذه، كي لا يشعر من يسير خلفهم بالخجل من مواقفهم، ويستطيع رفع رأسه عالياً بنضاله معهم، ويصدق بأن ما كان يفعله لعقود كان نضالاً و لم يكن وهماً.

أما بخصوص الدعم اللوجستي للمظاهرات فهو أسهل ما يكون، فمنذ شهرين و جدتي العجوز لا تكف عن دعمها اللوجستي للثوار بالدعاء لهم، ولكنها لم تقرر النزول بعد إلى الشارع بكامل “إعاقتها الدائمة “.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…