حاوره : زارا سيدا
شهر يكاد يمض على المظاهرة الكردية أمام البرلمان, هل كانت المظاهرة طفرة سياسية يتيمة وانتهت أم أنه هناك المزيد من هذه الاحتجاجات ؟
ينبغي أن لا تكون تلك التظاهرة طفرة سياسية يتيمة حسب تعبيركم, وينبغي أن يكون هناك المزيد من الأعمال الاحتجاجية , ونحن في حزب يكيتي الكردي في سوريا نعتبر تلك التظاهرة مجرد بداية, ولكنني لا أنكر أن ثمة تباطؤ في اتخاذ القرارات من لدن بعض شركائنا من الأحزاب الكردية, وثمة مجموعة من المقترحات قدمت من قبلنا ومن قبل لجنة التنسيق الكردية بشأن نشاطات أخرى لا زالت قيد الدرس من جانب الجبهة الديمقراطية الكردية.
شهر يكاد يمض على المظاهرة الكردية أمام البرلمان, هل كانت المظاهرة طفرة سياسية يتيمة وانتهت أم أنه هناك المزيد من هذه الاحتجاجات ؟
ينبغي أن لا تكون تلك التظاهرة طفرة سياسية يتيمة حسب تعبيركم, وينبغي أن يكون هناك المزيد من الأعمال الاحتجاجية , ونحن في حزب يكيتي الكردي في سوريا نعتبر تلك التظاهرة مجرد بداية, ولكنني لا أنكر أن ثمة تباطؤ في اتخاذ القرارات من لدن بعض شركائنا من الأحزاب الكردية, وثمة مجموعة من المقترحات قدمت من قبلنا ومن قبل لجنة التنسيق الكردية بشأن نشاطات أخرى لا زالت قيد الدرس من جانب الجبهة الديمقراطية الكردية.
لا زلنا ننتظر الرد عليها ومن ضمنها اقتراح تنظيم سلسلة من التظاهرات في المناطق الكردية وفي حلب ودمشق بالإضافة إلى نشاطات أخرى إضافية نعتزم القيام بها و لكننا حريصين أن نحافظ على الإجماع الذي تحقق أثناء مظاهرة دمشق ولذلك نتحمل هذا التباطؤ, واعتقد إن الشهر الحالي سيكون شهراً احتجاجياً كردياً بامتياز.
ذهب البعض في توصيف حالة الإجماع في المظاهرة تلك بالولادة الثانية (الجديدة) للحركة الكردية في سوريا.
هل برأيكم هذا صحيح أم إنه محض حلم بتوافق كردي ؟
إذا كان بالإمكان توصيف حالة شبه الإجماع التي حصلت في مظاهرة دمشق بالتحول النوعي في أداء بعض الأطراف الكردية المشاركة إلا أنه من المبكر جداً توصيفها بالولادة الجديدة , فثمة شروط ينبغي توافرها لإطلاق مثل هذا الوصف, وهذه الشروط لا تبدو مكتملة في حالتنا الراهنة , ولعل أهم هذه الشروط أن تكون هناك إرادة واعية ناضجة لأهمية مثل هذه الأعمال وضرورتها وخاصة إن بعض هذه القوى لم تحسم بعد خيارتها بشكل نهائي وتبدو مترددة, وثمة تفاعلات داخلية شديدة تجري داخل هذه الأحزاب نأمل أن يكون الحسم فيها لصالح الاتجاهات الأكثر ميلاً نحو هذا النوع من الحراك السياسي والجماهيري.
لم يشارك حزبا الوحدة والتقدمي في المظاهرة , بل ذهبوا إلى كتابة بيانات ومقالات تبريرية, يجد الكثيرين في منطقها استهتاراً بالقضية واستخفافاً بالعقل الكردي.
هل يمكن لـ (العقلانية) أن تدفع إلى التهرب من النضال و استحقاقاته ؟
أتمنى أن لا تكون العقلانية في خطابات الحزبين المذكورين مساوية أو مرادفة لكلمة “التعقل” بمعناها السلبي , وأتمنى أيضاً أن لا يقصد بمثل هذه التعبيرات أن ثمة جنون وتهور في العمل السياسي والنضالي الكردي , وإذا كان الأمر كذلك فهذه طامة كبرى وجنوح إلى الابتذال , ونحن جميعاً نعلم أن الطرح السياسي الكردي في سوريا وكذلك الأداء الممارساتي والنضالي لم يرتق بعد إلى سوية استحقاقات القضية بل نعمل لدفعها إلى هذه السويات , وبالتالي فإن الكلمات التي تردد في خطابات الحزبين المذكورين عن ” العقلانية ” و ” الموضوعية ” تستخدمان في غير مواضعها الصحيحة , وهي على هذا النحو لا يكون استخفافاً بالعقل الكردي فحسب وإنما استخفاف بأهمية القضية الكردية وحجمها وطبيعتها .
فإذا كانت العقلانية والموضوعية عندهم تعني الانزلاق إلى درك المساومات الرخيصة لعدم استفزاز النظام وعدم إزعاجه أو استجرار غضبه و الاكتفاء بالبيانات الهادئة والنصح والموعظة , فيعني من جملة ما يعني أنهم ينفون القصد الشوفيني و العنصري عن سياسات النظام وتصرفاته,ويعتبرونها مجرد أخطاء في الممارسة يمكن تصححيها بطريق من الٌّنصح والمواعظ ,ولذلك لا أعتقد أن هذه العقلانية والموضوعية يمكن أن توصلنا إلى أي مكان سوى تعميق معاناة شعبنا الكردي و إسقاط وسائل الدفاع الديمقراطية المشروعة من يده في مواجهة السياسات العنصرية الممنهجة الرامية لإنهاء الوجود الكردي وتصفية القضية القومية الكردية .
كيف تقّيمون أداء الحركة الكردية في مواجهة المرسوم (49) حتى الآن ؟
لا أخفي عليك بأننا غير راضون عن أداء الحركة الكردية حتى الآن فالخطورة القصوى التي ينطوي عليها المرسوم التشريعي (49) يستدعي عدم التردد وعد الإبطاء في مواجهته, وذلك لأن مجرد التردد يعني الإذعان لتمريره وقبوله وهذا ما ينبغي أن لا يحدث .
سوريا بلد متعدد القوميات, ومنها المنطقة الكردية على امتدادها.
ما هي مواقف شركائكم في المنطقة من هذا المرسوم , هل يشعرون بالخطر الذي تشعرون به إزاء هذا المرسوم, وما موقف المعارضة الوطنية (الأحزاب العربية) من هذا المرسوم ؟
معظم شركائنا في المنطقة الكردية من العرب والآشوريين غير مكترثين حتى الآن بمخاطر المشروع , رغم أنه يحمل ضرراً وشللاً و تعطيلاً عاماً في المناطق المستهدفة بالمشروع وفي منطقتنا على وجه الخصوص, ربما لقناعتهم بأن المرسوم يستهدف الشعب الكردي وحده وإن كان في جانبه النظري المجرد يتناول الشريحة الاجتماعية الموجودة في منطقتنا على عمومها,ولأنهم يعتقدون أن معاملاتهم في البيع و الشراء و الاستئجار ستحظى بالموافقات الأمنية وإن طالت مدة الإجراءات و ارتفعت كلفة الحصول على الترخيص بعض الشيء , ونعتقد أن الجهات الرسمية و الأمنية تهمس في آذانها بذلك .
أما المعارضة السورية بمعظم تياراتها لا زالت تلوذ بالصمت المطبق حتى الآن , وهذا الصمت سيؤثر بكل تأكيد على مستقبل العلاقات بيننا وستظهرها من حيث تدري أو لا تدري بأنها تتشارك مع النظام في الموقف من الشأن الكردي.
أعطت الحركة الكردية الضوء الأخضر لتنظيماتها في الخارج للتحرك ضد المرسوم (49) .
ما مدى تعويلكم على تنظيماتكم في الخارج بإحداث تغيير في الرأي العام أو النخبوي السياسي في أوربا و الخارج عموماً , أو خلق موقف ضاغط على النظام في دمشق ؟
تحرك تنظيماتنا في الخارج لا يقل أهمية عن تحركنا في الداخل , وخاصة إن سلوك وممارسات النظام في هذه المرحلة تخطع لمراقبة رسمية وشعبية دقيقة في الخارج , فالنظام في سعيه لفك عزلته الدولية ابتداءً من القارة الأوربية بحاجة إلى إثبات رضاء أوربي رسمي وشعبي وبحاجة لإثبات تحسن سلوكه في ميدان احترام حقوق الإنسان و الحريات .
باعتبارنا نمتلك تنظيمات نشطة إلى حدٍ ما هناك نستطيع أن نحشد الرأي العام الأوربي للضغط , يمكن أن تجبره على التراجع عن بعض ممارساته و سياساته وعن هذا المرسوم بالذات.
ما هو تصوركم الشخصي لمستقبل المرسوم (49) ؟
أنا من الناس المتفائلين بإمكانية إسقاط المرسوم (49) وخاصة إذا استعطتا أن نقدم أداء احتجاجياً فعالاً ونشطاً هنا في الداخل و في الخارج , فالوضع العام الذي يعيشه النظام لا يسمح له بفتح ثغرات داخلية إضافية عليه.
ولذلك أعتقد أنه سيتراجع سريعاً عن تنفيذ هذا المرسوم أو تعديله على الأقل إذا واجه مقاومة فعالة ونشطة من قِبلنا الكرد.
تتحدثون في خطابكم السياسي عن حتمية التغيير , كيف تفهمون التغيير , وعلى ما تعولون في ذلك ؟
نحن نؤمن أن الواقع الموضوعي في صيرورة دائمة من الحركة والتغيير لأن في السكون فناء للعالم وللبشرية.
هذا كمبدأ عام وذلك انطلاقاً من لا نهائية تطور الحاجات البشرية ولا نهائية السعي لإشباع هذه الحاجات .
والتغيير في مسارات التطور العالمي وعلى مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي ليست مجرد حالة تخيلية بل بدأ بالفعل منذ نهاية الثمانينات, وبمقاربة بسيطة بين ما كنا نعيشه في مرحلة ما قبل الثمانينات وما نعيشه اليوم سنجد العالم قد تبدل وتغير من حال إلى حال رغم وجود بعض عناصر الحقبة الماضية فهي لابد إلى الزوال.
ونجد أنفسنا أمام عالم مختلف من حيث منهجية تعامله مع قضايا المجتمعات البشرية, ومن حيث القيم التي كان يعتنقها,فنحن اليوم أمام اهتمام منقطع النظير بقضايا الحريات وحقوق الإنسان و الديمقراطية, بينما كانت هذه القضايا غائبة تماماً في مرحلة ما قبل نهاية الثمانينات,عندما كان العالم منقسماً بين معسكرين وكان يتحكّم في الاستقرار العالمي معادلة توازن الرعُب والقوة النووية, وبالتالي لم يكن ممكناً عملياً لدى كلا المعسكرين تحريك قضايا الحريات و قضايا حق في تقرير المصير, ولا قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بل أن كلا المعسكرين كانا يدعمان النظم الاستبدادية حشداً للحلفاء في معركة الصراع البارد , ولذلك لم يكن ثمة أفق لدى الشعوب للظفر بحرياتها رغم كل التضحيات التي كانت تقدمها عل مذبح الحرية – مثل الشعبي الكردي – ولكن لا ننظر إلى التطورات الهائلة والمتغيرات العميقة التي حدثت مع انزياح أحد قطبي الصراع.
فثمة سعي حثيث من جانب القطب الآخر (أمريكيا) لإعادة صياغة المعادلات التي كرستها معادلة توازن القوتين العالميتين من جديد وفق حاجاتها الخاصة, ولذلك هناك فرصة حقيقية أن تأخذ قضايا الشعوب ومنها القضية الكردية في عمومها موطئ قدم لها في المعادلات الدولية الجديدة .
ومن هنا فإن قضية التغيير كما قلت لم تعد مجرد حلم,بل حقيقة نشهد تداعياتها على الأرض في غير مكان من العالم وقد تكون عمليات التغيير هذه أكبر بكثير من توقعاتنا لها, ولعل التجربة العراقية مع سقوط النظام الدكتاتوري ومستقبل القضية الكردية هناك تقدم دروساً لم نكن نتوقعها, بل كان حتى مجرد تخيلها ضرباً من الجنون, ولذلك نعول كثيراً على هذه المتغيرات بل نأمل أن تكون القضية الكردية في عمومها جزءاً صميمياً في معادلات التغيير في القادمة في المنطقة والعالم .
خمسة أعوام مضت على طرح المؤسساتية داخل يكيتي .
هل للعقلية الفردية مكان اليوم داخل يكيتي ؟
تحدثت في الجواب عن السؤال السابق عن عمليات التغيير في القيم التي كانت تعتنقها أطراف الصراع الدوليين في المرحلة السابقة وتحدثت عن قيم الديمقراطية والحرية التي تتصدر عنوانين التحولات الكبرى الجارية اليوم, ولذلك لا ينبغي أن نكون مجرد مراقبين لهذه التحولات الكبرى الجارية اليوم, ولذلك لا ينبغي أن نكون مجرد مراقبين لهذه التحولات وعمليات التغيير في مناهج التفكير وفي قيمه الثقافية والمعرفية والسياسية, بل ينبغي أن تتمظهر هذه القيم الثقافية والمعرفية والحضارية في مناحي كثيرة من حياتنا التنظيمية والسياسية, وذلك انطلاقاً من مبدأ عام مفاده: أنه لا يمكن مواجهة الاستبداد بأدوات متآكلة ومتكلسة من نفس الطينة الاستبدادية.
ومن هنا تبلورت لدينا فكرة التنظيم المؤسساتي المتحرر من موروث الفردية وشخصنة المؤسسة الحزبية .أليس معيباً ونحن ندعي مقارعة قوى الاستبداد أن نكون استبداديين في سلوكيتنا و ذواتنا الحزبية ؟ ثم أليس معيباً ونحن نعيش عصر المؤسسات الديمقراطية الراسخة والعريقة أن تُعرف أحزابنا من خلال زعماتها وأن تتمتاهى المؤسسة الحزبية في شخص الفرد وأن تستمد المؤسسة قيمتها من قيمة هذا الفرد بدل أن يتماهى الفرد في المؤسسة .؟؟
وأعتقد إننا في حزب يكيتي الكردي في سوريا تخطينا إلى حدٍ نحن راضون عنه هذه الثقافة والشخصانية أو الفردانية أو العقلية الفردية في التنظيم وفي الممارسة .
ولكننا يجب أن لا نتوهم كثيراً بأننا تجاوزنا هذه الثقافة ونحن نعيش تجاوزنا هذه الثقافة ونحن نعيش في مناخات التي تأصل فيها ظاهرة تأبيد الزعامات الحزبية فمخاطر النكوص والارتداد ستبقى قائمة ..
وسأعطيك مثالاً على ذلك, عندما كنا في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) وفي مؤتمرنا الثاني قررنا أن ندرج بنداً في النظام الداخلي يفيد بأنه لا يجوز للعضو الذي يشغل مركز سكرتير الحزب أن يبقى في هذا المركز لأكثر من دورتين متتاليتين تيمناً بالقاعدة التي يتبعها النظم السياسية الديمقراطية في العالم, ولكن بعد خروجنا من حزب الوحدة تمكن الرفاق الذين بقوا في هذا الحزب من الالتفاف على هذا البند في النظام الداخلي دون أن يلغوه باستحداث مركز حزبي جديد يعلو مركز السكرتير وهو مركز رئيس الحزب الذي لا يخضع لأحكام هذا البند في النظام الداخلي .
يقال أن الحركة الكردية لا تمتلك خطاباً سياسياً واضحاً, في بعدها الشبه المطلق عن النقد العلمي.
هل هناك مراجعة نقدية علمية في يكيتي لخطابكم و أدائكم السياسي ؟
منذ المؤتمر الثالث لحزبنا ونحن نجري مراجعات مستمرة لمشروعنا وأدائنا السياسي والنضالي ونخضعه لعملية نقد علمية , وليس مفاخرة القول بأننا كنا أول تنظيم سياسي في سوريا نلجأ إلى أسلوب التظاهرات في التعبير عن الرأي المعارض في تاريخ حكم حزب البعث وربما نكون أيضاً أول حزب ننتقدُ أنفسنا على أخطائنا ونقرُ بهذه الأخطاء صراحة وعلانية .
وستبقى عملية النقد والمراجعة مستمرة لدينا دائماً من خلال مؤسساتنا التنظيمية ومحافلنا .
وأتفق مع الرأي الذي يقول بأن قسم لا بأس به من أحزاب الحركة السياسية الكردية لا تملك خطاباً سياسياً واضحاً وشفافاً .
ولا زال هذا الخطاب بعيداً عن الموضوعية بمعناها الصحيح – ليس بالمعنى الذي يحتكره البعض لنفسه لأن هذا البعض هو الأكثر بعداً عن الموضوعية – ولا زال هذا القسم من الحركة الكردية يحاول أن يجمع بين متناقضتين في خطابه السياسي من الصعب الجمع بينهما إن لم يكن مستحيلاً , الأول : هو الدفاع عن القضية الكردية كقضية قومية لها استحقاقات واضحة ومحددة , و الثاني : مراعاة عدم استفزاز النظام أو إرضائه وهذان المتناقضان إذا تم الجمع بينهما ستقود إلى تشويه و تشويش فظيع في الخطاب السياسي وعدم وضوح مقاصده .
ولذلك لا بد من مراجعة نقدية لهذا النوع من الخطاب وهو خطاب وقائي سلبي بطبيعته لا يفيد بقدر ما يضر.
غسيل مشبع بالوساخة السياسية ( تخوين ,اتهامات ,الحديث عن صفقات مالية مشبوهة ,علاقات مشبوهة, محسوبية , تعيين , شرعية , ولا شرعية) والحبل يطول , ينشر من أوربا .
لماذا كل هذه الجعجعة , هل هو صراع (فتحاوي – حماسوي) , وهل هو بمعزل عن الداخل ؟
ما ينشر على الانترنيت في الآونة الأخيرة و ينسب إلى تنظيماتنا في أوربا هي مجرد بيانات وهمية لا أساس لها في الواقع, تنتحل أسماء منظماتنا, و نأسف لأن بعض المواقع الكردية المحترمة على الانترنيت تنصاع لنشرها دون معرفة الجهات الحقيقية التي تصدر هذه البيانات والتوضيحات ,لأننا في الحزب لا نعرف أصحابها ولا الجهات التي تصدرها حتى الآن, وأؤكد أنها لا تعدو كونها جزء من حملة التشويش المنظَّمة على حزبنا, َتستغلُ على نحو سيء جداً بعض الخلافات التنظيمية في منظمتنا في أوربا وتحديداً في ألمانيا وقد جرى تطويقها مؤخراً , ولكن هذه الخلافات بالقطع لم تكن بمستوى هذه الأوساخ كما سميتها , بل كانت خلافات طبيعية وعادية بالنسبة لنا كحزب يملك تنظيماً واسعاً وعريضاً في أوربا , و أؤكد أيضاً بأنه ليست ثمة أرضية على الإطلاق لمثل هذه الُترهات الرخيصة والتافهة ونحن موحدين قيادة وقواعد حول منهج الحزب.
وبالتأكيد لا ينطبق على خلافات منظمتنا في أوربا الوصف الذي أطلقته (فتحاوي – حمساوي) فنحن تنظيم واحد وليس تنظيمان يختلفان في عقيدتهما السياسية وأيدلوجيتهما كما هو حال فتح وحماس , والخلافات التي ظهرت في منظمتنا كانت على أمور تنظيمية وأحياناً شخصية وليس لها أي بعد سياسي أو نضالي أو غيره كما تزعم هذه البيانات.
في حوار جرى معه مؤخراً قال السيد عبد الحميد درويش ” الحركة السياسية الكردية في جنوب غرب كردستان ليست حرة وتُدار من قبل السياسة العنصرية للاستخبارات السورية” .
ما تعليقكم ؟
إن ما ذهب إليه السيد حميد درويش في مقابلته تلك للأسف ينطبق عليه دون غيره – فكل إناء بما فيه ينضح – ومن يقرأ ما جاء فيه على لسان السيد حميد درويش سيجد أنه يدين نفسه بنفسه وهو يقول : ” لم أقم بأي يعمل يسيء للحكومة السورية حتى هذه اللحظة , حتى الكثير يُدينوني بإتباع سياسة مرنة وإسكات صوت الشعب الكردي لصالح الحكومة السورية ” .
أما بقية فصائل الحركة الكردية وباستثناءات قليلة جداً هي فصائل وطنية وبعيدة عن التورط في الشبكات الاستخبارتية السورية , وإن جُل ما تفعله بعض هذه الأحزاب هو إتباعها المرونة تجاه النظام , أو تتحاشى ردات فعل الأجهزة الأمنية وتتجنب الصِدام مع هذه الأجهزة لا أكثر و لا أقل .
ولكن و من عادة السيد حميد درويش انطلاقاً من مقولة ” ضربني وبكى وسبقني واشتكى ” أن يقول ما يقوله , وهي عادة متأصلة لديه وهو وحزبه من أكثر الأحزاب الكردية تعرضاً لاتهامات من هذا النوع , والمتابعين للشأن السياسي الكردي يعرفون ذلك جيداً , أما وأن يطلق هذه الاتهامات الرخيصة وفي الوقت الذي يتردد بأنه شخصياً يحمل معه رسالة من إحدى الأجهزة الأمنية إلى القيادة الكردية في العراق محملة بالتهديد والوعيد واتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية السورية, فهذا أمر مدعاة للاستغراب والسخرية.
افتتح النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام فضائية, بعد إن كان لأسبقه رفعت الأسد فضائية .
في ظل افتقار الحركة الكردية لأي منبر إعلامي , هل يمكن للصوت الكردي أن يصل إلى شارعه عبر هذا المنبر , هل يمكن أن تحدث هذه فضائية أي تغيير ملموس في الشارع السوري عموماً ؟
البث الفضائي الذي يغطي رقعاً جغرافية واسعة من الكرة الأرضية أصبح عاملاً حاسماً في التواصل مع الآخر يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في صناعة وصياغة الرأي العام .
وسعي المعارضة السورية ونحن من ضمنها لامتلاك وسيلة التواصل هذه سعي مشروع بل وضروري لسد الفجوة الكبيرة في التواصل بينها وبين الرأي العالم السوري .
ولعل امتلاكنا لمثل هذه الوسيلة ستقربنا كثيراً من أهدافنا في التغيير الديمقراطي وستدخلنا إلى كل بيت سوري من غير الممكن دخوله بوسائل الاتصال التقليدية والبدائية التي نملكها فضلاً عن أن البث الفضائي بات ضرورياً لتعريف الرأي العام العالمي بحقيقة الواقع الذي يعيشه الشعب السوري ولإماطة اللثام عن الأضاليل التي يبثها الإعلام السوري الُمكّرس لخدمة أجندة النظام وسياساته
زيارة وزير خارجية بريطانية لدمشق بعد زيارة ساركوزي .
يقال أن سوريا بدأت بالانفتاح خارجياً ومن أوسع أبواب أوربا , وكسرت العزلة , هل تتفقون معهم ؟
أوربا تتحرك على إيقاع السياسة الأمريكية في المنطقة , ومن غير المتصور تحركها بمعزل عن نبض السياسة الأمريكية حتى وإن كانت في حالة عدم تنسيق مباشر معها .
صحيح أنها ترغب في أن تلعب دوراً مستقلاً عن الدور الأمريكي في المنطقة أحياناً , ولكنها في الواقع باتت في تبعية شبه مطلقة اقتصادية وسياسية لأمريكا لذلك واهم من يعتقد أن أوربا قد تستطيع الانفلات من التبعية الأمريكية لمجرد الرغبة في هذا الانفلات , وترون أنه وما إن أعلنت أمريكا عن أزمتها المالية حتى كانت أوربا في مقدمة من يدفع فاتورة هذه الأزمة المالية الأمريكية , أصابتها الركود الاقتصادي , وهبط اليورو إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات في مواجهة الدولار الأمريكي الذي بقي محافظاً رغم الأزمة المالية على توازنه وقوته .
فأوربا تلعب اليوم دور الحامل للرسائل الأمريكية إلى المنطقة , وتحديداً سوريا وإيران في سعي منها وبضوء أخضر أمريكي إلى عزل إيران وتفكيك التحالف السوري الإيراني.
ويجب أن نتذكر أن أوربا عندما علقت علاقاتها مع سوريا بعد اغتيال الحريري وتشكيل لجنة التحقيق الدولية لأنها كانت تتوقع حينها حرباً أمريكية أو إسرائيلية على سوريا على خلفية ملفات لبنان والعراق وفلسطين تسقط النظام, ولذلك سارعت إلى تعليق كل تعاونها مع النظام وبدأت تنحو منحى آخر باتجاه الشعب السوري وقِوى المعارضة , ولكنها بعد أن أيقنت من عدم إمكانية مهاجمة أمريكا للنظام مع اقتراب ولاية الرئيس الأمريكي من نهايتها , حتى عادت إلى فتح صفحة علاقات جديدة مع سوريا ولكن صفحة العلاقات هذه قابلة للإغلاق في أي لحظة تعود فيها أمريكا إلى التصعيد الجدي ضد سوريا .
قالت مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي: ” إن المفوضية الأوروبية ستطلب (في المستقبل القريب) من الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد توقيع اتفاقية شراكة تأخرت طويلا مع سورية “.
ألا يدرك الاتحاد الأوربي واقع الشعب السوري ليوقع اتفاقية شراكة مع سوريا متغاضية عن سجلها في مجال حقوق الإنسان ؟
أنا لا أميل شخصياً إلى أن أوربا جاهزة لتوقيع اتفاقية الشراكة مع سوريا , وأميل إلى الرأي القائل بأن الحديث عن توقيع اتفاقية الشراكة ليست إلا وعود تأتي في إطار الحوافز التي من الممكن أن تقدمها أوربا للنظام السوري لتشجيعه على تفكيك تحالفه مع النظام الإيراني وقد سبقها العرب مثل مصر والسعودية و الأردن , في العمل على هذا الخط لمصلحة أمريكا ولكنهم جميعاً فشلوا .
فصحيح أن أمريكا نفسها لم تعلن رسمياً سعيها لتغيير النظام السوري و إنما تقول ” تغير سلوكه ” ولكن هذا أيضاً جزء من الحافز الذي يقدم لسوريا .
ولكن الصحيح أيضاً أن أمريكا ومن خلال مساندة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري ودفعها باتجاه تسريع إنشاء المحكمة الدولية و تأمين التمويل لها من حيث النتيجة غير المباشرة , يعني أنها تذهب في اتجاه محاكمة النظام السوري , ومن ثم تغييره وليس تغيير سلوكه , وأوربا ((العجوز)) على حد تعبير وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد تدرك كل هذه الحقائق وتعمل بانسجام مع هذه الحقائق.
في حين وافقت أغلب الكتل البرلمانية العراقية على الاتفاقية الأمنية مع واشنطون , أكد النظام السوري رفضه القاطع لها.
كيف تقرؤون هذا الرفض ؟
النظام السوري أعلن رفضه لاحتلال العراق منذ البداية وعمل على إفشال أمريكا في العراق, ودعا دائماً إلى خروج القوات الأمريكية من العراق , ويقف اليوم الموقف ذاته من الاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية , كل ذلك ليس من منطلق الحرص على مصالح الشعب العراقي و وحدة العراق , وإنما يرى أن الوجود الأمريكي في العراق وعلى الحدود السورية الشرقية هو خطر مباشر على النظام نفسه وعلى استقرار سوريا كما صرح بذلك نائب الرئيس السوري فاروق الشرع , ويعتقِد أن هذا الاتفاق سيستخدم أساساً قانونياً ومنطلقاً للهجوم على سوريا والانقضاض عليها, ولذلك وجدنا العراقيين يحرصون على تقديم التطمينات تلو التطمينات له بهذا الخصوص.
الأوبامانيا (ظاهرة أوباما) تجتاح الغرب والشرق معاً .
لماذا كل هذا التعويل على أوباما حتى من قبل النظام السوري ؟
التعويل على تغيير السياسة الأمريكية بعد تسلم أوباما مفاتيح البيت الأبيض تجاه المنطقة وحتى تجاه العالم هو مجرد وهم لا سند له في الواقع الأمريكي , فأمريكا البلد الذي يمتلك مؤسسات ديمقراطية راسخة وعريقة , وزاد في مصداقية هذا المؤسسات ورسوخها الديمقراطي انتخاب هذا الرجل الزنجي من أصل أفريقي , لا يمكن أن تتأثر بتغيير شخصية رئيسها لأن السياسة الأمريكية الرسمية لا يرسمها الأفراد , وإنما تتحدد وفق مسارات مصالح أمريكا الاقتصادية وهذه المسارات ترسمها مراكز أبحاث ودراسات إستراتيجية متخصصة ملحقة بالبيت الأبيض و الوزارات الأمريكية المختلفة , ولذلك فان التغيير الذي قد يحدث هو تغيير شكلي قد يطال بعض التكتيكات في الممارسة السياسية , أما التغيير في الجوهر فمن المحال أن يحدث.
يقول فوكوياما :” أنّ الديمقراطيّة تبقى الفكرة الوحيدة التي تأبى التوقّف “.
هل تؤمن بقدرة سوريا (الشعب) على إنتاج نظام ديمقراطي مدني ؟
أؤمن بأن الشعب السوري وبما يملك من قيم حضارية وثقافية عريقة قادر على إنتاج نظام ديمقراطي مدني, وهو صاحب تجربة ديمقراطية امتدت لعقدين من الزمن قبل أن ُتغتال من قِبل العسكر عبر سلسلة من الانقلابات العسكرية الدموية التي كانت تُنفذ لحِساب أجندات إقليمية و دولية , قدّم خلالها الشعب السوري أداءً ديمقراطياً متميزاً.
ذهب البعض في توصيف حالة الإجماع في المظاهرة تلك بالولادة الثانية (الجديدة) للحركة الكردية في سوريا.
هل برأيكم هذا صحيح أم إنه محض حلم بتوافق كردي ؟
إذا كان بالإمكان توصيف حالة شبه الإجماع التي حصلت في مظاهرة دمشق بالتحول النوعي في أداء بعض الأطراف الكردية المشاركة إلا أنه من المبكر جداً توصيفها بالولادة الجديدة , فثمة شروط ينبغي توافرها لإطلاق مثل هذا الوصف, وهذه الشروط لا تبدو مكتملة في حالتنا الراهنة , ولعل أهم هذه الشروط أن تكون هناك إرادة واعية ناضجة لأهمية مثل هذه الأعمال وضرورتها وخاصة إن بعض هذه القوى لم تحسم بعد خيارتها بشكل نهائي وتبدو مترددة, وثمة تفاعلات داخلية شديدة تجري داخل هذه الأحزاب نأمل أن يكون الحسم فيها لصالح الاتجاهات الأكثر ميلاً نحو هذا النوع من الحراك السياسي والجماهيري.
لم يشارك حزبا الوحدة والتقدمي في المظاهرة , بل ذهبوا إلى كتابة بيانات ومقالات تبريرية, يجد الكثيرين في منطقها استهتاراً بالقضية واستخفافاً بالعقل الكردي.
هل يمكن لـ (العقلانية) أن تدفع إلى التهرب من النضال و استحقاقاته ؟
أتمنى أن لا تكون العقلانية في خطابات الحزبين المذكورين مساوية أو مرادفة لكلمة “التعقل” بمعناها السلبي , وأتمنى أيضاً أن لا يقصد بمثل هذه التعبيرات أن ثمة جنون وتهور في العمل السياسي والنضالي الكردي , وإذا كان الأمر كذلك فهذه طامة كبرى وجنوح إلى الابتذال , ونحن جميعاً نعلم أن الطرح السياسي الكردي في سوريا وكذلك الأداء الممارساتي والنضالي لم يرتق بعد إلى سوية استحقاقات القضية بل نعمل لدفعها إلى هذه السويات , وبالتالي فإن الكلمات التي تردد في خطابات الحزبين المذكورين عن ” العقلانية ” و ” الموضوعية ” تستخدمان في غير مواضعها الصحيحة , وهي على هذا النحو لا يكون استخفافاً بالعقل الكردي فحسب وإنما استخفاف بأهمية القضية الكردية وحجمها وطبيعتها .
فإذا كانت العقلانية والموضوعية عندهم تعني الانزلاق إلى درك المساومات الرخيصة لعدم استفزاز النظام وعدم إزعاجه أو استجرار غضبه و الاكتفاء بالبيانات الهادئة والنصح والموعظة , فيعني من جملة ما يعني أنهم ينفون القصد الشوفيني و العنصري عن سياسات النظام وتصرفاته,ويعتبرونها مجرد أخطاء في الممارسة يمكن تصححيها بطريق من الٌّنصح والمواعظ ,ولذلك لا أعتقد أن هذه العقلانية والموضوعية يمكن أن توصلنا إلى أي مكان سوى تعميق معاناة شعبنا الكردي و إسقاط وسائل الدفاع الديمقراطية المشروعة من يده في مواجهة السياسات العنصرية الممنهجة الرامية لإنهاء الوجود الكردي وتصفية القضية القومية الكردية .
كيف تقّيمون أداء الحركة الكردية في مواجهة المرسوم (49) حتى الآن ؟
لا أخفي عليك بأننا غير راضون عن أداء الحركة الكردية حتى الآن فالخطورة القصوى التي ينطوي عليها المرسوم التشريعي (49) يستدعي عدم التردد وعد الإبطاء في مواجهته, وذلك لأن مجرد التردد يعني الإذعان لتمريره وقبوله وهذا ما ينبغي أن لا يحدث .
سوريا بلد متعدد القوميات, ومنها المنطقة الكردية على امتدادها.
ما هي مواقف شركائكم في المنطقة من هذا المرسوم , هل يشعرون بالخطر الذي تشعرون به إزاء هذا المرسوم, وما موقف المعارضة الوطنية (الأحزاب العربية) من هذا المرسوم ؟
معظم شركائنا في المنطقة الكردية من العرب والآشوريين غير مكترثين حتى الآن بمخاطر المشروع , رغم أنه يحمل ضرراً وشللاً و تعطيلاً عاماً في المناطق المستهدفة بالمشروع وفي منطقتنا على وجه الخصوص, ربما لقناعتهم بأن المرسوم يستهدف الشعب الكردي وحده وإن كان في جانبه النظري المجرد يتناول الشريحة الاجتماعية الموجودة في منطقتنا على عمومها,ولأنهم يعتقدون أن معاملاتهم في البيع و الشراء و الاستئجار ستحظى بالموافقات الأمنية وإن طالت مدة الإجراءات و ارتفعت كلفة الحصول على الترخيص بعض الشيء , ونعتقد أن الجهات الرسمية و الأمنية تهمس في آذانها بذلك .
أما المعارضة السورية بمعظم تياراتها لا زالت تلوذ بالصمت المطبق حتى الآن , وهذا الصمت سيؤثر بكل تأكيد على مستقبل العلاقات بيننا وستظهرها من حيث تدري أو لا تدري بأنها تتشارك مع النظام في الموقف من الشأن الكردي.
أعطت الحركة الكردية الضوء الأخضر لتنظيماتها في الخارج للتحرك ضد المرسوم (49) .
ما مدى تعويلكم على تنظيماتكم في الخارج بإحداث تغيير في الرأي العام أو النخبوي السياسي في أوربا و الخارج عموماً , أو خلق موقف ضاغط على النظام في دمشق ؟
تحرك تنظيماتنا في الخارج لا يقل أهمية عن تحركنا في الداخل , وخاصة إن سلوك وممارسات النظام في هذه المرحلة تخطع لمراقبة رسمية وشعبية دقيقة في الخارج , فالنظام في سعيه لفك عزلته الدولية ابتداءً من القارة الأوربية بحاجة إلى إثبات رضاء أوربي رسمي وشعبي وبحاجة لإثبات تحسن سلوكه في ميدان احترام حقوق الإنسان و الحريات .
باعتبارنا نمتلك تنظيمات نشطة إلى حدٍ ما هناك نستطيع أن نحشد الرأي العام الأوربي للضغط , يمكن أن تجبره على التراجع عن بعض ممارساته و سياساته وعن هذا المرسوم بالذات.
ما هو تصوركم الشخصي لمستقبل المرسوم (49) ؟
أنا من الناس المتفائلين بإمكانية إسقاط المرسوم (49) وخاصة إذا استعطتا أن نقدم أداء احتجاجياً فعالاً ونشطاً هنا في الداخل و في الخارج , فالوضع العام الذي يعيشه النظام لا يسمح له بفتح ثغرات داخلية إضافية عليه.
ولذلك أعتقد أنه سيتراجع سريعاً عن تنفيذ هذا المرسوم أو تعديله على الأقل إذا واجه مقاومة فعالة ونشطة من قِبلنا الكرد.
تتحدثون في خطابكم السياسي عن حتمية التغيير , كيف تفهمون التغيير , وعلى ما تعولون في ذلك ؟
نحن نؤمن أن الواقع الموضوعي في صيرورة دائمة من الحركة والتغيير لأن في السكون فناء للعالم وللبشرية.
هذا كمبدأ عام وذلك انطلاقاً من لا نهائية تطور الحاجات البشرية ولا نهائية السعي لإشباع هذه الحاجات .
والتغيير في مسارات التطور العالمي وعلى مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي ليست مجرد حالة تخيلية بل بدأ بالفعل منذ نهاية الثمانينات, وبمقاربة بسيطة بين ما كنا نعيشه في مرحلة ما قبل الثمانينات وما نعيشه اليوم سنجد العالم قد تبدل وتغير من حال إلى حال رغم وجود بعض عناصر الحقبة الماضية فهي لابد إلى الزوال.
ونجد أنفسنا أمام عالم مختلف من حيث منهجية تعامله مع قضايا المجتمعات البشرية, ومن حيث القيم التي كان يعتنقها,فنحن اليوم أمام اهتمام منقطع النظير بقضايا الحريات وحقوق الإنسان و الديمقراطية, بينما كانت هذه القضايا غائبة تماماً في مرحلة ما قبل نهاية الثمانينات,عندما كان العالم منقسماً بين معسكرين وكان يتحكّم في الاستقرار العالمي معادلة توازن الرعُب والقوة النووية, وبالتالي لم يكن ممكناً عملياً لدى كلا المعسكرين تحريك قضايا الحريات و قضايا حق في تقرير المصير, ولا قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بل أن كلا المعسكرين كانا يدعمان النظم الاستبدادية حشداً للحلفاء في معركة الصراع البارد , ولذلك لم يكن ثمة أفق لدى الشعوب للظفر بحرياتها رغم كل التضحيات التي كانت تقدمها عل مذبح الحرية – مثل الشعبي الكردي – ولكن لا ننظر إلى التطورات الهائلة والمتغيرات العميقة التي حدثت مع انزياح أحد قطبي الصراع.
فثمة سعي حثيث من جانب القطب الآخر (أمريكيا) لإعادة صياغة المعادلات التي كرستها معادلة توازن القوتين العالميتين من جديد وفق حاجاتها الخاصة, ولذلك هناك فرصة حقيقية أن تأخذ قضايا الشعوب ومنها القضية الكردية في عمومها موطئ قدم لها في المعادلات الدولية الجديدة .
ومن هنا فإن قضية التغيير كما قلت لم تعد مجرد حلم,بل حقيقة نشهد تداعياتها على الأرض في غير مكان من العالم وقد تكون عمليات التغيير هذه أكبر بكثير من توقعاتنا لها, ولعل التجربة العراقية مع سقوط النظام الدكتاتوري ومستقبل القضية الكردية هناك تقدم دروساً لم نكن نتوقعها, بل كان حتى مجرد تخيلها ضرباً من الجنون, ولذلك نعول كثيراً على هذه المتغيرات بل نأمل أن تكون القضية الكردية في عمومها جزءاً صميمياً في معادلات التغيير في القادمة في المنطقة والعالم .
خمسة أعوام مضت على طرح المؤسساتية داخل يكيتي .
هل للعقلية الفردية مكان اليوم داخل يكيتي ؟
تحدثت في الجواب عن السؤال السابق عن عمليات التغيير في القيم التي كانت تعتنقها أطراف الصراع الدوليين في المرحلة السابقة وتحدثت عن قيم الديمقراطية والحرية التي تتصدر عنوانين التحولات الكبرى الجارية اليوم, ولذلك لا ينبغي أن نكون مجرد مراقبين لهذه التحولات الكبرى الجارية اليوم, ولذلك لا ينبغي أن نكون مجرد مراقبين لهذه التحولات وعمليات التغيير في مناهج التفكير وفي قيمه الثقافية والمعرفية والسياسية, بل ينبغي أن تتمظهر هذه القيم الثقافية والمعرفية والحضارية في مناحي كثيرة من حياتنا التنظيمية والسياسية, وذلك انطلاقاً من مبدأ عام مفاده: أنه لا يمكن مواجهة الاستبداد بأدوات متآكلة ومتكلسة من نفس الطينة الاستبدادية.
ومن هنا تبلورت لدينا فكرة التنظيم المؤسساتي المتحرر من موروث الفردية وشخصنة المؤسسة الحزبية .أليس معيباً ونحن ندعي مقارعة قوى الاستبداد أن نكون استبداديين في سلوكيتنا و ذواتنا الحزبية ؟ ثم أليس معيباً ونحن نعيش عصر المؤسسات الديمقراطية الراسخة والعريقة أن تُعرف أحزابنا من خلال زعماتها وأن تتمتاهى المؤسسة الحزبية في شخص الفرد وأن تستمد المؤسسة قيمتها من قيمة هذا الفرد بدل أن يتماهى الفرد في المؤسسة .؟؟
وأعتقد إننا في حزب يكيتي الكردي في سوريا تخطينا إلى حدٍ نحن راضون عنه هذه الثقافة والشخصانية أو الفردانية أو العقلية الفردية في التنظيم وفي الممارسة .
ولكننا يجب أن لا نتوهم كثيراً بأننا تجاوزنا هذه الثقافة ونحن نعيش تجاوزنا هذه الثقافة ونحن نعيش في مناخات التي تأصل فيها ظاهرة تأبيد الزعامات الحزبية فمخاطر النكوص والارتداد ستبقى قائمة ..
وسأعطيك مثالاً على ذلك, عندما كنا في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) وفي مؤتمرنا الثاني قررنا أن ندرج بنداً في النظام الداخلي يفيد بأنه لا يجوز للعضو الذي يشغل مركز سكرتير الحزب أن يبقى في هذا المركز لأكثر من دورتين متتاليتين تيمناً بالقاعدة التي يتبعها النظم السياسية الديمقراطية في العالم, ولكن بعد خروجنا من حزب الوحدة تمكن الرفاق الذين بقوا في هذا الحزب من الالتفاف على هذا البند في النظام الداخلي دون أن يلغوه باستحداث مركز حزبي جديد يعلو مركز السكرتير وهو مركز رئيس الحزب الذي لا يخضع لأحكام هذا البند في النظام الداخلي .
يقال أن الحركة الكردية لا تمتلك خطاباً سياسياً واضحاً, في بعدها الشبه المطلق عن النقد العلمي.
هل هناك مراجعة نقدية علمية في يكيتي لخطابكم و أدائكم السياسي ؟
منذ المؤتمر الثالث لحزبنا ونحن نجري مراجعات مستمرة لمشروعنا وأدائنا السياسي والنضالي ونخضعه لعملية نقد علمية , وليس مفاخرة القول بأننا كنا أول تنظيم سياسي في سوريا نلجأ إلى أسلوب التظاهرات في التعبير عن الرأي المعارض في تاريخ حكم حزب البعث وربما نكون أيضاً أول حزب ننتقدُ أنفسنا على أخطائنا ونقرُ بهذه الأخطاء صراحة وعلانية .
وستبقى عملية النقد والمراجعة مستمرة لدينا دائماً من خلال مؤسساتنا التنظيمية ومحافلنا .
وأتفق مع الرأي الذي يقول بأن قسم لا بأس به من أحزاب الحركة السياسية الكردية لا تملك خطاباً سياسياً واضحاً وشفافاً .
ولا زال هذا الخطاب بعيداً عن الموضوعية بمعناها الصحيح – ليس بالمعنى الذي يحتكره البعض لنفسه لأن هذا البعض هو الأكثر بعداً عن الموضوعية – ولا زال هذا القسم من الحركة الكردية يحاول أن يجمع بين متناقضتين في خطابه السياسي من الصعب الجمع بينهما إن لم يكن مستحيلاً , الأول : هو الدفاع عن القضية الكردية كقضية قومية لها استحقاقات واضحة ومحددة , و الثاني : مراعاة عدم استفزاز النظام أو إرضائه وهذان المتناقضان إذا تم الجمع بينهما ستقود إلى تشويه و تشويش فظيع في الخطاب السياسي وعدم وضوح مقاصده .
ولذلك لا بد من مراجعة نقدية لهذا النوع من الخطاب وهو خطاب وقائي سلبي بطبيعته لا يفيد بقدر ما يضر.
غسيل مشبع بالوساخة السياسية ( تخوين ,اتهامات ,الحديث عن صفقات مالية مشبوهة ,علاقات مشبوهة, محسوبية , تعيين , شرعية , ولا شرعية) والحبل يطول , ينشر من أوربا .
لماذا كل هذه الجعجعة , هل هو صراع (فتحاوي – حماسوي) , وهل هو بمعزل عن الداخل ؟
ما ينشر على الانترنيت في الآونة الأخيرة و ينسب إلى تنظيماتنا في أوربا هي مجرد بيانات وهمية لا أساس لها في الواقع, تنتحل أسماء منظماتنا, و نأسف لأن بعض المواقع الكردية المحترمة على الانترنيت تنصاع لنشرها دون معرفة الجهات الحقيقية التي تصدر هذه البيانات والتوضيحات ,لأننا في الحزب لا نعرف أصحابها ولا الجهات التي تصدرها حتى الآن, وأؤكد أنها لا تعدو كونها جزء من حملة التشويش المنظَّمة على حزبنا, َتستغلُ على نحو سيء جداً بعض الخلافات التنظيمية في منظمتنا في أوربا وتحديداً في ألمانيا وقد جرى تطويقها مؤخراً , ولكن هذه الخلافات بالقطع لم تكن بمستوى هذه الأوساخ كما سميتها , بل كانت خلافات طبيعية وعادية بالنسبة لنا كحزب يملك تنظيماً واسعاً وعريضاً في أوربا , و أؤكد أيضاً بأنه ليست ثمة أرضية على الإطلاق لمثل هذه الُترهات الرخيصة والتافهة ونحن موحدين قيادة وقواعد حول منهج الحزب.
وبالتأكيد لا ينطبق على خلافات منظمتنا في أوربا الوصف الذي أطلقته (فتحاوي – حمساوي) فنحن تنظيم واحد وليس تنظيمان يختلفان في عقيدتهما السياسية وأيدلوجيتهما كما هو حال فتح وحماس , والخلافات التي ظهرت في منظمتنا كانت على أمور تنظيمية وأحياناً شخصية وليس لها أي بعد سياسي أو نضالي أو غيره كما تزعم هذه البيانات.
في حوار جرى معه مؤخراً قال السيد عبد الحميد درويش ” الحركة السياسية الكردية في جنوب غرب كردستان ليست حرة وتُدار من قبل السياسة العنصرية للاستخبارات السورية” .
ما تعليقكم ؟
إن ما ذهب إليه السيد حميد درويش في مقابلته تلك للأسف ينطبق عليه دون غيره – فكل إناء بما فيه ينضح – ومن يقرأ ما جاء فيه على لسان السيد حميد درويش سيجد أنه يدين نفسه بنفسه وهو يقول : ” لم أقم بأي يعمل يسيء للحكومة السورية حتى هذه اللحظة , حتى الكثير يُدينوني بإتباع سياسة مرنة وإسكات صوت الشعب الكردي لصالح الحكومة السورية ” .
أما بقية فصائل الحركة الكردية وباستثناءات قليلة جداً هي فصائل وطنية وبعيدة عن التورط في الشبكات الاستخبارتية السورية , وإن جُل ما تفعله بعض هذه الأحزاب هو إتباعها المرونة تجاه النظام , أو تتحاشى ردات فعل الأجهزة الأمنية وتتجنب الصِدام مع هذه الأجهزة لا أكثر و لا أقل .
ولكن و من عادة السيد حميد درويش انطلاقاً من مقولة ” ضربني وبكى وسبقني واشتكى ” أن يقول ما يقوله , وهي عادة متأصلة لديه وهو وحزبه من أكثر الأحزاب الكردية تعرضاً لاتهامات من هذا النوع , والمتابعين للشأن السياسي الكردي يعرفون ذلك جيداً , أما وأن يطلق هذه الاتهامات الرخيصة وفي الوقت الذي يتردد بأنه شخصياً يحمل معه رسالة من إحدى الأجهزة الأمنية إلى القيادة الكردية في العراق محملة بالتهديد والوعيد واتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية السورية, فهذا أمر مدعاة للاستغراب والسخرية.
افتتح النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام فضائية, بعد إن كان لأسبقه رفعت الأسد فضائية .
في ظل افتقار الحركة الكردية لأي منبر إعلامي , هل يمكن للصوت الكردي أن يصل إلى شارعه عبر هذا المنبر , هل يمكن أن تحدث هذه فضائية أي تغيير ملموس في الشارع السوري عموماً ؟
البث الفضائي الذي يغطي رقعاً جغرافية واسعة من الكرة الأرضية أصبح عاملاً حاسماً في التواصل مع الآخر يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في صناعة وصياغة الرأي العام .
وسعي المعارضة السورية ونحن من ضمنها لامتلاك وسيلة التواصل هذه سعي مشروع بل وضروري لسد الفجوة الكبيرة في التواصل بينها وبين الرأي العالم السوري .
ولعل امتلاكنا لمثل هذه الوسيلة ستقربنا كثيراً من أهدافنا في التغيير الديمقراطي وستدخلنا إلى كل بيت سوري من غير الممكن دخوله بوسائل الاتصال التقليدية والبدائية التي نملكها فضلاً عن أن البث الفضائي بات ضرورياً لتعريف الرأي العام العالمي بحقيقة الواقع الذي يعيشه الشعب السوري ولإماطة اللثام عن الأضاليل التي يبثها الإعلام السوري الُمكّرس لخدمة أجندة النظام وسياساته
زيارة وزير خارجية بريطانية لدمشق بعد زيارة ساركوزي .
يقال أن سوريا بدأت بالانفتاح خارجياً ومن أوسع أبواب أوربا , وكسرت العزلة , هل تتفقون معهم ؟
أوربا تتحرك على إيقاع السياسة الأمريكية في المنطقة , ومن غير المتصور تحركها بمعزل عن نبض السياسة الأمريكية حتى وإن كانت في حالة عدم تنسيق مباشر معها .
صحيح أنها ترغب في أن تلعب دوراً مستقلاً عن الدور الأمريكي في المنطقة أحياناً , ولكنها في الواقع باتت في تبعية شبه مطلقة اقتصادية وسياسية لأمريكا لذلك واهم من يعتقد أن أوربا قد تستطيع الانفلات من التبعية الأمريكية لمجرد الرغبة في هذا الانفلات , وترون أنه وما إن أعلنت أمريكا عن أزمتها المالية حتى كانت أوربا في مقدمة من يدفع فاتورة هذه الأزمة المالية الأمريكية , أصابتها الركود الاقتصادي , وهبط اليورو إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات في مواجهة الدولار الأمريكي الذي بقي محافظاً رغم الأزمة المالية على توازنه وقوته .
فأوربا تلعب اليوم دور الحامل للرسائل الأمريكية إلى المنطقة , وتحديداً سوريا وإيران في سعي منها وبضوء أخضر أمريكي إلى عزل إيران وتفكيك التحالف السوري الإيراني.
ويجب أن نتذكر أن أوربا عندما علقت علاقاتها مع سوريا بعد اغتيال الحريري وتشكيل لجنة التحقيق الدولية لأنها كانت تتوقع حينها حرباً أمريكية أو إسرائيلية على سوريا على خلفية ملفات لبنان والعراق وفلسطين تسقط النظام, ولذلك سارعت إلى تعليق كل تعاونها مع النظام وبدأت تنحو منحى آخر باتجاه الشعب السوري وقِوى المعارضة , ولكنها بعد أن أيقنت من عدم إمكانية مهاجمة أمريكا للنظام مع اقتراب ولاية الرئيس الأمريكي من نهايتها , حتى عادت إلى فتح صفحة علاقات جديدة مع سوريا ولكن صفحة العلاقات هذه قابلة للإغلاق في أي لحظة تعود فيها أمريكا إلى التصعيد الجدي ضد سوريا .
قالت مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي: ” إن المفوضية الأوروبية ستطلب (في المستقبل القريب) من الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد توقيع اتفاقية شراكة تأخرت طويلا مع سورية “.
ألا يدرك الاتحاد الأوربي واقع الشعب السوري ليوقع اتفاقية شراكة مع سوريا متغاضية عن سجلها في مجال حقوق الإنسان ؟
أنا لا أميل شخصياً إلى أن أوربا جاهزة لتوقيع اتفاقية الشراكة مع سوريا , وأميل إلى الرأي القائل بأن الحديث عن توقيع اتفاقية الشراكة ليست إلا وعود تأتي في إطار الحوافز التي من الممكن أن تقدمها أوربا للنظام السوري لتشجيعه على تفكيك تحالفه مع النظام الإيراني وقد سبقها العرب مثل مصر والسعودية و الأردن , في العمل على هذا الخط لمصلحة أمريكا ولكنهم جميعاً فشلوا .
فصحيح أن أمريكا نفسها لم تعلن رسمياً سعيها لتغيير النظام السوري و إنما تقول ” تغير سلوكه ” ولكن هذا أيضاً جزء من الحافز الذي يقدم لسوريا .
ولكن الصحيح أيضاً أن أمريكا ومن خلال مساندة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري ودفعها باتجاه تسريع إنشاء المحكمة الدولية و تأمين التمويل لها من حيث النتيجة غير المباشرة , يعني أنها تذهب في اتجاه محاكمة النظام السوري , ومن ثم تغييره وليس تغيير سلوكه , وأوربا ((العجوز)) على حد تعبير وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد تدرك كل هذه الحقائق وتعمل بانسجام مع هذه الحقائق.
في حين وافقت أغلب الكتل البرلمانية العراقية على الاتفاقية الأمنية مع واشنطون , أكد النظام السوري رفضه القاطع لها.
كيف تقرؤون هذا الرفض ؟
النظام السوري أعلن رفضه لاحتلال العراق منذ البداية وعمل على إفشال أمريكا في العراق, ودعا دائماً إلى خروج القوات الأمريكية من العراق , ويقف اليوم الموقف ذاته من الاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية , كل ذلك ليس من منطلق الحرص على مصالح الشعب العراقي و وحدة العراق , وإنما يرى أن الوجود الأمريكي في العراق وعلى الحدود السورية الشرقية هو خطر مباشر على النظام نفسه وعلى استقرار سوريا كما صرح بذلك نائب الرئيس السوري فاروق الشرع , ويعتقِد أن هذا الاتفاق سيستخدم أساساً قانونياً ومنطلقاً للهجوم على سوريا والانقضاض عليها, ولذلك وجدنا العراقيين يحرصون على تقديم التطمينات تلو التطمينات له بهذا الخصوص.
الأوبامانيا (ظاهرة أوباما) تجتاح الغرب والشرق معاً .
لماذا كل هذا التعويل على أوباما حتى من قبل النظام السوري ؟
التعويل على تغيير السياسة الأمريكية بعد تسلم أوباما مفاتيح البيت الأبيض تجاه المنطقة وحتى تجاه العالم هو مجرد وهم لا سند له في الواقع الأمريكي , فأمريكا البلد الذي يمتلك مؤسسات ديمقراطية راسخة وعريقة , وزاد في مصداقية هذا المؤسسات ورسوخها الديمقراطي انتخاب هذا الرجل الزنجي من أصل أفريقي , لا يمكن أن تتأثر بتغيير شخصية رئيسها لأن السياسة الأمريكية الرسمية لا يرسمها الأفراد , وإنما تتحدد وفق مسارات مصالح أمريكا الاقتصادية وهذه المسارات ترسمها مراكز أبحاث ودراسات إستراتيجية متخصصة ملحقة بالبيت الأبيض و الوزارات الأمريكية المختلفة , ولذلك فان التغيير الذي قد يحدث هو تغيير شكلي قد يطال بعض التكتيكات في الممارسة السياسية , أما التغيير في الجوهر فمن المحال أن يحدث.
يقول فوكوياما :” أنّ الديمقراطيّة تبقى الفكرة الوحيدة التي تأبى التوقّف “.
هل تؤمن بقدرة سوريا (الشعب) على إنتاج نظام ديمقراطي مدني ؟
أؤمن بأن الشعب السوري وبما يملك من قيم حضارية وثقافية عريقة قادر على إنتاج نظام ديمقراطي مدني, وهو صاحب تجربة ديمقراطية امتدت لعقدين من الزمن قبل أن ُتغتال من قِبل العسكر عبر سلسلة من الانقلابات العسكرية الدموية التي كانت تُنفذ لحِساب أجندات إقليمية و دولية , قدّم خلالها الشعب السوري أداءً ديمقراطياً متميزاً.
فهو جدير أن تُعاد إليه تلك التجربة ليستكمل من خلالها مشروعه الحضاري والإنساني ليتفيأ بظلال الحرية المسلوبة منه إكراهاً بقوة القمع ولغة السجون والمعتقلات وظلمة الزنازين .