أنا كما ترون ، ليس هناك التوتر السابق ، ومرتاح أكثر الآن ، ولكن الراديو لدي لا زال مشوشاً وتصلني الصحف متأخرة والتي تصلني مقطّعة يجعلونها غير مفهومة.
وصول مرافعاتي إليكم بعث على الراحة في نفسي فقد كانت أهم من صحتي ، قراءتها وفهمها أمر مهم جداً لدي.
أتوق إلى معرفة أوروبا ، فكيف داخل PKK في أوروبا ، أتوق إلى معرفة ذلك.
وصول مرافعاتي إليكم بعث على الراحة في نفسي فقد كانت أهم من صحتي ، قراءتها وفهمها أمر مهم جداً لدي.
أتوق إلى معرفة أوروبا ، فكيف داخل PKK في أوروبا ، أتوق إلى معرفة ذلك.
الأمر المهم هو أن تخلق مرافعاتي سعة المعنى لدى المجتمع ، لقد عملت ما بوسعي من أجل خلق سعة المعنى ، فقد قمت بالتركيز على أعلى ما يمكن للإنسان أن يركز عند كتابتها ، ويجب عدم التعلق بالمصطلحات كثيراً فيمكن تسميتها بالنظام الكونفيدرالي أو النظام الكوموني أو أية تسمية أخرى ، فقد أعطيت المضمون في مرافعتي هذه ، وذلك هو المهم.
في مرافعتي شرحت المضمون بالتفصيل فماذا يمكنني فعله أكثر من ذلك ؟ الدولة قرأت مرافعاتي على مدى ثلاثة أشهر ، واتخذت كافة تدابيرها في مواجهتها ، فمثلاً عندما أقرأ صحيفة “الطرف” أرى أنها تتصرف كحزب يساري ليبرالي ، وقد حللَت النظام القائم وتنتقده باستمرار .
أفهم ذلك من صحفهم ، فإن قرأتموها بشكل اعتيادي لن تستيطعوا فهم ذلك ، يجب رؤية الخلفية أيضاً .
أنا هنا أجري تحليلاتي بإمكانيات معدومة ، ولو تم تزويدي بكتاب “القومية الكردية” و “لائحة اتهام أرغنكون” وقمت بالتدقيق فيها لكانت تحليلاتي أفضل مضموناً ، فرغم هذه الإمكانيات المعدومة أتمكن من إجراء تحليلات قوية ورؤية خلفيات ما يجري .
لقد قرأت “هيغل” و”كانت” و”كارل شيميت” بشكل جيد عند إعداد مرافعتي .
“هيغل” فيلسوف الحقوق كما تعرفون فإذا كنتَ تريد فهم عالم اليوم عليك قراءة “هيغل” جيداً ، لأن “هيغل” هو أبو الفكر الحديث ، ولكنني لا أفكر مثله ، وقد فهمت ذلك الآن بشكل أفضل أن منظومتي الفكرية تجاوزته .
حيث أنطق بأشياء جديدة خارج الفكر الرأسمالي الذي ساد على مدى أربعة قرون .
ويجري النقاش لدى الرأي العام من أجل إضفاء المرونة على الدولة القومية .
ومرافعاتي أهم لدي من الصحة ، فأفضل شيء يمكن يقدمه لي كل قريب مني وكل الأوساط التي تتبعني هو أن تقرأ مرافعتي وتفهمها جيداً ، وتتفهمني وتستوعبني ، فالفهم وسبق الرؤية أمر مهم جداً .
بعد أن خرجت “ليلى زانا” من السجن قلت لها : “اذهبي إلى أوروبا وقومي بالتمثيل السياسي” ، ولكنها لم تسمعني ، أليس مؤسفاً ؟ حتى كانت هناك نقاشات وتقييمات مختلفة في تلك المرحلة ، وها هي الآن نالت عشر سنوات سجن ، فهي لم تتفهم ، لقد سدوا باب السياسة على “ليلى زانا” .
يقولون هناك أزمة اقتصادية ، ما هو مصدر هذه الأزمة ؟ إن الأزمة مصدرها الاحتكارات ، إنني أناهض الاحتكارات ، فكل احتكار يعني عشرات الألوف من العاطلين عن العمل ، إنني أتابع من الصحافة والراديو ، يقال تم طرد خمسين ألف عامل من العمل في يوم واحد ، ذلك يعني البطالة ، حتى النملة ليس لديها مشكلة البطالة فكيف يبقى الناس بدون عمل ؟ في الحقيقة لو تمت رؤية منبع هذه المشاكل بوضوح فإن حلها لن يستغرق سوى ثلاثة أو خمسة أشهر .
الإقتصاد يساوي المرأة ولكن النظام الراهن اغتصب الإقتصاد من يد المرأة وتم إبعادها من الانتاج وتم حبسها في البيت .
بينما الإقتصاد من عمل المرأة ، يبرز رجال في السبعين من العمر ويقيّمون الإقتصاد ، كيف رجل في السبعين من العمر سيحل مشكلة الإقتصاد ؟ وللحقيقة فإن هؤلاء يخدمون مصالح الاحتكارات ويعملون على تقويتها ، فماذا يفهم هؤلاء من الإقتصاد ؟ والنتيجة كما ترون الأطفال والآخرين والجميع جوعى في البيت ، وفي هذه الظروف يتم إلهاء الناس بيوم أو يومي الأعياد .
رغم أنه لم يتم حل أية قضية من قضايا المجتمع كقضايا المرأة والتعليم والبطالة يذهبون ويتحدثون عن الزواج ، بينما تتضاعف معاناة النساء بالزواج ألف مرة ، ويتم قتلهن وضربهن وسبهن باسم الناموس ، رغم كل ذلك لا تنبري أمرأة لتقول : لنناقش ونحل هذه القضايا !! .
وهذا من متطلبات الوطنية .
فمن أجل الحل طالبت بأكاديمية المرأة ، ولكن أين هي ؟ لم يتم القيام بأي شيء من أجل الأكاديمية ، ولم تلق المبالاة .
النشاط الجاري ناقص جداً ، هناك عشرات بل آلاف المشاكل للمرأة ، ولا يمكن حلها سوى بالأكاديمية ، يمكن امتلاك مقهى أو مبنى أو ساحة ليتمكنّ من النقاش لأيام حتى يسفر عن الحل ، ليقلن هنا توجد جرائم الناموس ، ونتعرض للضرب والسب ، وعلينا وضع حلول لذلك.
طبعاً الهدف الذي يضعه النظام أمامكم بيت وسيارة وزوجة وأطفال ، بل أنتم الآن في وضع دون ذلك ، فليس هناك بيت لأحد ولا سيارة ، هذا ما يجب رؤيته وفهمه جيداً .
لهذا السبب أبدي اهتماماً بمؤتمر المجتمع الديموقراطي ، وأوضح ذلك من أجل دياربكر بشكل خاص .
حيث هناك عشرات المشاكل في دياربكر وعليهم نقاشها لأيام ضمن إطار هذا المؤتمر حتى يتم الوصول إلى حلول ، بل يجب تحقيق الاستمرارية لهذا المؤتمر ، ولو تم تفعيل ذلك فإن المشاكل والقضايا ستُحل بسهولة وفي حينها .
دياربكر غير معروفة وغير مفهومة ، وأنا سأقيم دياربكر هذا اليوم ، وأتحدث عن دورها ومهامها التاريخية .
في مرافعتي ذات الـ125 صفحة تطرقت إلى نظرية الورد كما أسميها ، فقد فكرت في الورد ، الوردة تنتج الشوك لحماية نفسها ، أي حتى للوردة أو لأي نبات آخر حمايته الذاتية ، فالنظر إلى الطبيعة يكفي من أجل الحماية الذاتية ، أليس لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا بقدر وردة ؟ إن الدفاع الذاتي أمر مقدس ، أتذكر عندما كنت صغيراً كان في قريتناعم عجوز ، يقول : نحن كالخشب الناشف.
عندها كنت أقول “كيف ذلك ؟” .
حتى الشجرة تخرق الصخر لتضرب بجذورها في الأرض لتحي ذاتها ، هل نحن عاجزون عن أن نكون مثلها ؟ لقد شرحت الحماية الذاتية بتعمق في مرافعتي هذه .
أبعث بسلامي الخاص إلى المحامي اليوناني ، فهذه الدعوى مهمة لي وللشعب اليوناني ، لأنني أريد بهذه الدعوى الكشف عن الألاعيب القذرة وبؤرها ضمن اليونان ، فسيتم الكشف عن دورها في المؤامرة بشكل أنقى ، فهاهي اليونان تتعرض للهدم والتدمير منذ عدة أيام ، هذه أمور مرتبطة ببعضها البعض .
هل تم قبول الدعوى ؟ يجب إسماع كثير من الشهود خلال فتح الدعوى واستمرارها ، واللجوء إلى معلومات كثير من المؤسسات والشخصيات .
هل تركيا وإيران مستمرتان في القصف ؟ ولكن القرويون يقاومون أليس كذلك ؟ لهذا السبب يتم قصفهم ، ما هي خسائرهم ؟ .
إنني أعلم بأوروبا جيداً ، يحاولون ممارسة ما مارسوه على “كاني” على “مظفر” أيضاً ، ولكن مظفر لم يقع في هذه اللعبة ، وهناك “جوروكايا” إخوان تلطخوا بدماء آلاف الأشخاص ولكنهم يعيشون في ألمانيا بكل راحة وأمان ومن حولهم النساء دون أن يجري اعتقالهم لمرة واحدة .
بل على العكس تتم حمايتهم ، وليس هناك من يمسهم ، يجب رؤية هذا جيداً .
ربما سيواصل حزب المجتمع الديموقراطي DTP جولته في المنطقة (الكردية) بعد العيد .
يحاول CHP القيام بالانفتاح على الأكراد ولكنه ليس بصادق ، دعوا CHP .
اليوم أريد التحدث عن دياربكر بشكل خاص ، أدلي بهذا الحديث بمناسبة ذكرى تحريرها ، وكنا قد عقدنا أول اجتماع لنا في “فيس” ، كما كنت موظفاً فيها لمدة عام حيث أقمت في تلك الجوار ، كما كانت مسائل زواجي هناك ، ومن هناك عبرت إلى ماردين ، وأقمت مع الرفيقين “فرهات كورتاي” و “مظلوم” في تلك الأماكن ، الكثيرون لا يعلمون بهذا.
لمعرفة دياربكر يجب معرفة ظروف عام 1918 السائدة فيها بشكل جيد ، لو أخذنا 2008 وعدنا بها إلى 1918 نرى أن الظروف متشابهة كثيراً .
في 1918 كان فيها “جمعية التعالي الكردية” ومركزها في دياربكر ، في أحد جانبي هذه الجمعية كان “الحقوقيون المدافعون عن الشرق” ، وفي الجانب الآخر “سيد عبد القادر” ومحيطه ، في تلك المرحلة كتب مصطفى كمال رسائل إلى وجهاء دياربكر يقول فيها “ابتعدوا عن الانكليز ، إن تواطأتم معهم ستخسرون حتى الكردستان الراهنة”.
بناء على ذلك انشقت “جمعية التعالي الكردية” إلى قسمين ، من جانب المقربون إلى الانكليز ممثلين في “سيد عبد القادر” ومحيطه ، ومن الجانب الآخر سكان دياربكر المؤيدون لمصطفى كمال وبالتالي للجمهورية .
الذين فضلوا الجمهورية آنذاك من سكان دياربكر اليوم يسمعون كلامي ، ويتخذون موقفهم إلى جانبي .
إحساس دياربكر في السياسة العملية متطور جداً ، فلا هي وقفت مطلقاً إلى جانب العنف الفظ الأعمى ، ولا هي تخلت عن إرادتها الوطنية (القومية) واستسلمت ، فلها بنية مختلفة يجب تحليلها جيداً .
أنا لا أستطيع القول بأن “الشيخ سعيد” و”سيد عبد القادر” عملاء للانكليز ولكنهم لم يستطيعوا رؤية الألاعيب الانكليزية وتحولوا إلى آلة للسياسات الانكليزية .
كما هو معروف أن “سيد عبد القادر” أوقع في اللعبة معتقداً أنه يلتقي بالانكليز الذين كانوا في الحقيقة عملاء مصطفى كمال الذين أرسلهم في زي عملاء الانكليز ، وتم إعدامه لهذا السبب .
في الحقيقة لم يكن مصطفى كمال شديد العداء للأكراد ، فقد تم تورية حقيقة مصطفى كمال عن المجتمع التركي ، ففي خطبته في “إزمير” يتحدث عن التفكير في الحكم الذاتي للأكراد ، والانكليز كانوا يحاولون الثأر من مصطفى كمال ، كما أنهم اكتشفوا وجود البترول في كركوك والموصل ، ولهذا كانوا يريدون أخذهما .
لقد تحطمت إرادة مصطفى كمال في مكانين ، أولهما كان في موضوع التخلي عن كركوك والموصل ، والحقيقة هي ان موضوع كركوك والموصل هو ثأر الانكليز من مصطفى كمال ، فهم قالوا له : “لقد خرجت في عام 1919 إلى سامسون بإذن منّا كضابط عثماني ، ولكنك خرجت عن سياساتنا وأقوالنا ” ، ولهذا أرادوا تحطيم إرادة مصطفى كمال ، لأنه كان يرى ألاعيبهم ويحاول تعطيلها .
أنا أيضاً أرى ألاعيب الانكليز وأعطلها ، حتى في سياق انفصال كركوك والموصل أعترض عليه النواب الأكراد في البرلمان وقالوا “لا تقسمونا” ، وقال مصطفى كمال : ليس بيدي ما أستطيع القيام به .
قيام ثورة “الشيخ سعيد” عجّلت في التخلي عن كركوك والموصل وتقسيم الأكراد .
الحدث الآخر الذي تحطمت فيه إرادة مصطفى كمال هو حادث محاولة اغتياله في إزمير ، فقد نجا مصطفى كمال من الاغتيال وأراد أن يتحامل عليها ، وعند مقاضاة “كاظم قارابكر” جاء جميع الجنرالات إلى صالة المحكمة بأزيائهم المدنية ليعطوا رسالة مفادها “نحن هنا” ، وبالنتيجة سقطت المقاضاة ولم ينل “قارابكر” العقوبة ، واتضح موقف “فوزي جاكماك”.
كان ذلك موقفاً انكليزياً ، وبعد ذلك أسقطت حكومة “فتحي أوكيار” وحظر حزبه .
وأوتي بـ “عصمت إينونو” بدلاً منه ، وبذلك تم تجريد مصطفى كمال من إرادته .
في تلك المرحلة أي أعوام 1927 تم حصار مصطفى كمال من طرف أكثر القومويين الأتراك تطرفاً ، وجرى إضفاء “الألوهية” على مصطفى كمال كمطلب من متطلبات نظريتهم السياسية ، ليتم إضفاء “النبوة” على عصمت إينونو ، وتلك هي النظرية السياسية لـ “ابراهام غالانتي” .
لقد وصلني كتابه ولكنني لم أستطع قراءته بعد .
عندما كنت أقرأ كتاب “نهال آدسيز” كلمة واحدة كانت كافية لفهمها ، كانت تقول ما يلي تماماً : “إرهاب التركياتية” .
هذا المصطلح يكفي لفهمها .
“كارل شيميت” في كتابه “تنظير السياسة” يشرح بعمق كبير التنظير السياسي ، وهذا هو السبب في رغبتي في قراءته ، يمكن قراءة هذا الكتاب من أجل فهم التنظير السياسي .
ما هو القسم المتعلق بي في هذا ؟ هو التنظير السياسي الذي حاولوا ممارسته في تلك المرحلة وتطبيقه من خلالي في بداية التسعينيات .
لقد كان لدى كل من “جوروكايا” إخوان و”شمدين” نزوة السلطة والقيادة بشكل لا يصدق ، وأنا كنت أتشوق لمعرفة “لماذا يريدونها إلى هذه الدرجة” وأستغرب ذلك ، لماذا هذه الرغبة في القيادة ونحن نتصارع مع عشرات القضايا ؟ .
النظرية السياسية التي تم تطبيقها في تلك المرحلة على مصطفى كمال في عام 1927 ، كانوا يطبقونها عليّ من خلال “جوروكايا” إخوان و “شمدين” في التسعينيات ، ولكنني أدركت ألاعيب الانكليز هذه وعطلتها وأفشلتها كلها .
وتم اتخاذ قرار تصفيتي منذ ذلك الوقت .
ذهب “دوغان غوريش” (رئيس هيئة الأركان آنذاك) في التسعينيات إلى لندن وحصل على التعليمات الانكليزية بـ “اضرب الأكراد واسحقهم” ، وبناء عليه عندما عاد بدأوا بالتضييق عليّ ، حتى في تلك المرحلة كان الطالباني يدعوني ليشدني إلى جانبه مراراً وتكراراً ، وأنا لا أذهب وأقول : “PKK حركة مستقلة ولا تدخل تحت هيمنة أحد” ، إذا كان التحالف فلنتحالف .
ولكن ذلك لم يكن كافياً له ، بل كانوا يريدون أن ندخل تحت هيمنته ، وحسب ما انكشف جلياً فيما بعد ، أن مطالب الطالباني تلك كانت مطالب الانكليز ، وهي من متطلبات السياسة الانكليزية في الشرق الأوسط ، وأنا كنت أعطل هذه السياسات .
والحقيقة أنا حللت الدور الانكليزي ، وفي التسعينيات كان الانكليز يرسلون مجموعات تضم النساء ، وأرى هذه الأمور الآن بشكل أوضح ، فقد كانوا يحاولون أن يجعلوا مني آلة لسياساتهم ، ولكنني كنت أُفشل الألاعيب الانكليزية ، ولهذا السبب أصدروا قرار تصفيتي منذ التسعينيات ، كما تعرفون في المرحلة التي خرجت فيها إلى أوروبا أعلنوا عني بـ “الشخص غير المرغوب” ، وذهبت طائرتي من اليونان إلى “مينسك” ، ووضعوني في الانتظار لعدة ساعات والجو بارد جداً ، وكانوا يطالبونني بالنزول بإصرار ولكنني رفضت ، ربما لو نزلت لبقيت هناك ، وبالنتيجة دولة عاصية ، ولكنني لم أنزل ، وعلمنا فيما بعد أن “الناتو” في ذلك المساء أغلق كل أجواء أوروبا في الطيران ، فحسب الادعاء كانوا سيأخذونني إلى “هولندا” .
ولكن كما تعلمون أدخلوا مرحلة “كينيا”الأفريقية على الخط .
كنا نسير في طريق ترابية ملتوية في اليونان وتوقفت السيارة سبعة أو ثمانية مرات في الطريق ، وكأن السائق يقول : “ترجل واذهب حيثما شئت” .
كما في المطار اليوناني اصطدمت السيارة بالطائرة التي كنا سنركبها والتهينا عدة ساعات هناك أيضاً ، فالسائق كان يريد أن يقول لي شيئاً ما ، وفي الحقيقة كان لا يريدني أن أركب الطائرة .
فقد كان من بين الاستخبارات اليونانية من لا يريد تسليمي إلى الـ CIA ، فهمت ذلك فيما بعد ، ولكن الغريب لم ينطق أحد منهم بكلمة واحدة ، بل كانوا يريدون إفهامي بعض الأمور من خلال تصرفاتهم ، لقد فهمت ذلك فيما بعد بوقت طويل .
عندما أوتي بي إلى “أيمرالي” كانت تجري لقاءات معي حتى عام 2002 ، فقد أجرينا لقاءات مكثفة ، ومسؤول الدولة الذي جاء إلى هنا كان يقول : لنحل هذه القضية فيما بيننا .
وقلت : أنا طالبت بهذا الأمر منذ البداية .
وكتبت رسائل فيما يتعلق بهذه اللقاءات إلى رفاقي ، فكنت أنقل اللقاءات إليهم وأقول لهم كونوا معتدلين وتناولوا الأمور بمرونة بعض الشيء ، لأنني كنت آملاً في حدوث الحل .
كما أجرينا لقاءات غير مباشرة وكثيفة مع “أجويد” ولكن الحوار انقطع فجأة معه عندما تمت تصفيته .
بعد انقطاع الحوارات بدأت تظهر الألاعيب الانكليزية تدريجياً ، فقد توضح وضع “كاني”، وظهر وضع “أوسمان” و “بوتان” ومن معهم .
كلها كانت ألاعيب انكليزية ، بعدها جاء “أردوغان” إلى السلطة ، وقالت له بعض قوى الجنوب : “إذا كنت ستلتقي بـ “أوجالان” لن تستطيع الحصول على دعمنا” .
في الحقيقة كانت تلك رؤية الانكليز ، وهكذا لم يسمحوا لأردوغان ليقوم بشيء ، إنني أنادي أردوغان : لا يمكنك حل هذه القضية معتمداً على قوى الجنوب وإلا فسيتم الدخول إلى مسار لن يكون باستطاعتي الحيلولة دونه ، وإذا لم يحدث الحوار حتى بعد آذار فإنني سأتحدث أكثر تشدداً .
على دياربكر أن تأخذ تمركزاً طارئاً وتقوم بتطبيق مبادرتها ، وهكذا تجرف خلفها كركوك وأربيل بدلاً من انجرافها خلف كركوك .
وهذا يكون بالتفعيل الجيد لـ”مؤتمر المجتمع الديموقراطي” وتقويته وتحقيق الاستمرارية له .
كنت قد اقترحت أن يناقش “مؤتمر المجتمع الديموقراطي” كل القضايا مثل البطالة والفقر والاقتصاد …إلخ وإيجاد الحلول لها ضمن هذا الإطار .
فإذا تطلب الأمر عليهم الانغلاق داخل بيت لأيام لنقاش حلول القضايا ، وليقوموا بإعداد مشروع واقعي حتى الربيع لتقديمه ، فحتى لو مُنعوا من ذلك عليهم أن يخرجوا ويقولوا : هذه هي قضايانا ونحن نريد حلها ، وهذه من المتطلبات الطبيعية للوطنية والمواطنة ، ونحن بذلك نمنح فرصة للسياسة في مواجهة الحرب .
وعليهم أن ينقلوا طلباتهم هذه حتى إلى الحكومة ليفتحوا بذلك المجال أمام حوار بناء حتى الربيع ، وهكذا يجب العمل من أجل الانتخابات أيضاً ليوحدوا إرادتهم وأصواتهم ، فأنا آمل في حدوث أمور إيجابية حتى الربيع .
قلت في اللقاء السابق يجب تحديث لوزان ، وعلى الأكراد أن يقولوا : نحن لا نقبل بـ “سيفر” ، ونريد تأسيس لوزاننا وتحديثها ، تعلمون أن “عصمت إينونو” أخذ إلى جانبه نائبين كرديين عندما توجه للتوقيع على لوزان ، وعرّفهما على أنهما كرديان ويمثلان الأكراد وقال : نحن سنحل القضية فيما بيننا .
والنائبان اللذان أخذهما عصمت إينونو معه كانا نائبان عن دياربكر ، أحدهما “فوزي بيك” .
وعلينا تحديث لوزان وتفعيل “لوزان الثاني” وبذلك يتم توسيع الـ “ميثاق مللي” ليشمل أكراد سوريا والعراق وإيران .
لا يتم فهم ما أريد قوله تماماً ، الكلام السليم الذي يقال اليوم يطبَق عملياً بعد عشر سنوات ، فحتى لو أزيلت الحدود اليوم وطالبت بذلك فلن يحدث هذا فوراً هذا اليوم ، وما أريد قوله بـ “الميثاق المللي” هو تأسيس روابط القلوب والصداقة بين الأكراد في كل الأجزاء .
ولكن أقوالي تُفهم بشكل خطأ ، ولا يوجد تعظيم للدولة بهذا الأمر ، وقد توقعت أن يقولوا ذلك ، هذا هراء ،ويجب نقل ما أريد قوله للرأي العام جيداً ، بل يجب إفهامهم ، فمفهومي لـ “الميثاق المللي” ليس كمفهوم “إدريس البدليسي” ، فأنا أتحدث عن رابطة القلوب ورابطة الصداقة بين سوريا وإيران والعراق ، وأقولها من أجل خلق مجالات يمكنهم العيش بها مع المحافظة على الخصوصيات ، وهذا ما أسميه بـ “النظام الكونفيدرالي الديموقراطي” .
الأجزاء تحافظ على خصوصياتها ويلتم شملها مع جميع الشعوب العربية والآزرية والفارسية والتركية ، وبذلك تصبح الحياة ممكنة ، لاحظوا وانتبهوا أنا لا أقول الانفصال ، بل أقول رابطة القلوب ، فأين السوء في هذا ، وأين الانفصالية في ذلك ؟ .
إنني بهذا أشعل النيران في أرواح أولئك الذين يزعمون بأنني أريد بمصطلح “الميثاق المللي” ضم الأجزاء الأربعة من كردستان إلى حدود تركيا .
كما أشعل النار في أرواح الذين يقسمون كردستان إلى أربعة أجزاء .
كما أشعل النيران في أرواح الذين يريدون خلق اشتباك كردي تركي يقضي على أرواح آلاف الأشخاص .
إنني أريد وحدة الأكراد ، ولكنني لن أنزلق إلى قوموية “ضياء غوكآلب” كما لن أنزلق إلى قوموية “اسماعيل بيشيكجي” .
فليس هناك من حارب الأتراك مثلي ، كما ليس هناك من يعرف الحرب مع الأتراك مثلي .
فإذا كان هناك من لا يخاف محاربة الأتراك فهو أنا .
فأنا خضت أكثف حرب ضد الأتراك على مدى ثلاثين سنة ، وأنا أيضاً أعلم أن الحرب الكردية التركية لن تؤدي إلى نتيجة ، وأحاول الحيلولة دونها ، ومن هنا أنادي السيد أردوغان : إذا لم يتم فتح السبيل إلى حوار ذو معنى فقد تتولد نتائج قد لا أتمكن من الحيلولة دونها ، فحتى لو لم تكن مباشرة فإن اللقاءات غير المباشرة قد تغيّر الكثير من الأمور ، ويكفي أن يأتي ممثل عن الدولة ويلتقي .
فلنمنح الفرصة للسياسة الديموقراطية وليس للحرب .
يمكن نشر أقوالي هذه للرأي العام باسمي كتصريح مني ، كما يمكن نشرها بمناسبة رأس السنة .
كما يمكن شرحها للشعب في دياربكر من خلال ترتيب ندوات له ، ويجب الحيلولة دون فهمها بشكل غلط .
يستحسن أن تجلبوا لي بعض الأعداد الناقصة من “Cogito” ، وكانت هناك الكتابات المتعلقة بـ “ديكارت” و “وللرشتاين” .
أبعث بتحياتي إلى شعبنا ، كما أبعث بتحياتي الخاصة إلى النساء ، وأبعث سلامي إلى الرفاق في السجون ، وأهنئ الجميع وشعبي بمناسبة العيد .
طابت أيامكم .
أفهم ذلك من صحفهم ، فإن قرأتموها بشكل اعتيادي لن تستيطعوا فهم ذلك ، يجب رؤية الخلفية أيضاً .
أنا هنا أجري تحليلاتي بإمكانيات معدومة ، ولو تم تزويدي بكتاب “القومية الكردية” و “لائحة اتهام أرغنكون” وقمت بالتدقيق فيها لكانت تحليلاتي أفضل مضموناً ، فرغم هذه الإمكانيات المعدومة أتمكن من إجراء تحليلات قوية ورؤية خلفيات ما يجري .
لقد قرأت “هيغل” و”كانت” و”كارل شيميت” بشكل جيد عند إعداد مرافعتي .
“هيغل” فيلسوف الحقوق كما تعرفون فإذا كنتَ تريد فهم عالم اليوم عليك قراءة “هيغل” جيداً ، لأن “هيغل” هو أبو الفكر الحديث ، ولكنني لا أفكر مثله ، وقد فهمت ذلك الآن بشكل أفضل أن منظومتي الفكرية تجاوزته .
حيث أنطق بأشياء جديدة خارج الفكر الرأسمالي الذي ساد على مدى أربعة قرون .
ويجري النقاش لدى الرأي العام من أجل إضفاء المرونة على الدولة القومية .
ومرافعاتي أهم لدي من الصحة ، فأفضل شيء يمكن يقدمه لي كل قريب مني وكل الأوساط التي تتبعني هو أن تقرأ مرافعتي وتفهمها جيداً ، وتتفهمني وتستوعبني ، فالفهم وسبق الرؤية أمر مهم جداً .
بعد أن خرجت “ليلى زانا” من السجن قلت لها : “اذهبي إلى أوروبا وقومي بالتمثيل السياسي” ، ولكنها لم تسمعني ، أليس مؤسفاً ؟ حتى كانت هناك نقاشات وتقييمات مختلفة في تلك المرحلة ، وها هي الآن نالت عشر سنوات سجن ، فهي لم تتفهم ، لقد سدوا باب السياسة على “ليلى زانا” .
يقولون هناك أزمة اقتصادية ، ما هو مصدر هذه الأزمة ؟ إن الأزمة مصدرها الاحتكارات ، إنني أناهض الاحتكارات ، فكل احتكار يعني عشرات الألوف من العاطلين عن العمل ، إنني أتابع من الصحافة والراديو ، يقال تم طرد خمسين ألف عامل من العمل في يوم واحد ، ذلك يعني البطالة ، حتى النملة ليس لديها مشكلة البطالة فكيف يبقى الناس بدون عمل ؟ في الحقيقة لو تمت رؤية منبع هذه المشاكل بوضوح فإن حلها لن يستغرق سوى ثلاثة أو خمسة أشهر .
الإقتصاد يساوي المرأة ولكن النظام الراهن اغتصب الإقتصاد من يد المرأة وتم إبعادها من الانتاج وتم حبسها في البيت .
بينما الإقتصاد من عمل المرأة ، يبرز رجال في السبعين من العمر ويقيّمون الإقتصاد ، كيف رجل في السبعين من العمر سيحل مشكلة الإقتصاد ؟ وللحقيقة فإن هؤلاء يخدمون مصالح الاحتكارات ويعملون على تقويتها ، فماذا يفهم هؤلاء من الإقتصاد ؟ والنتيجة كما ترون الأطفال والآخرين والجميع جوعى في البيت ، وفي هذه الظروف يتم إلهاء الناس بيوم أو يومي الأعياد .
رغم أنه لم يتم حل أية قضية من قضايا المجتمع كقضايا المرأة والتعليم والبطالة يذهبون ويتحدثون عن الزواج ، بينما تتضاعف معاناة النساء بالزواج ألف مرة ، ويتم قتلهن وضربهن وسبهن باسم الناموس ، رغم كل ذلك لا تنبري أمرأة لتقول : لنناقش ونحل هذه القضايا !! .
وهذا من متطلبات الوطنية .
فمن أجل الحل طالبت بأكاديمية المرأة ، ولكن أين هي ؟ لم يتم القيام بأي شيء من أجل الأكاديمية ، ولم تلق المبالاة .
النشاط الجاري ناقص جداً ، هناك عشرات بل آلاف المشاكل للمرأة ، ولا يمكن حلها سوى بالأكاديمية ، يمكن امتلاك مقهى أو مبنى أو ساحة ليتمكنّ من النقاش لأيام حتى يسفر عن الحل ، ليقلن هنا توجد جرائم الناموس ، ونتعرض للضرب والسب ، وعلينا وضع حلول لذلك.
طبعاً الهدف الذي يضعه النظام أمامكم بيت وسيارة وزوجة وأطفال ، بل أنتم الآن في وضع دون ذلك ، فليس هناك بيت لأحد ولا سيارة ، هذا ما يجب رؤيته وفهمه جيداً .
لهذا السبب أبدي اهتماماً بمؤتمر المجتمع الديموقراطي ، وأوضح ذلك من أجل دياربكر بشكل خاص .
حيث هناك عشرات المشاكل في دياربكر وعليهم نقاشها لأيام ضمن إطار هذا المؤتمر حتى يتم الوصول إلى حلول ، بل يجب تحقيق الاستمرارية لهذا المؤتمر ، ولو تم تفعيل ذلك فإن المشاكل والقضايا ستُحل بسهولة وفي حينها .
دياربكر غير معروفة وغير مفهومة ، وأنا سأقيم دياربكر هذا اليوم ، وأتحدث عن دورها ومهامها التاريخية .
في مرافعتي ذات الـ125 صفحة تطرقت إلى نظرية الورد كما أسميها ، فقد فكرت في الورد ، الوردة تنتج الشوك لحماية نفسها ، أي حتى للوردة أو لأي نبات آخر حمايته الذاتية ، فالنظر إلى الطبيعة يكفي من أجل الحماية الذاتية ، أليس لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا بقدر وردة ؟ إن الدفاع الذاتي أمر مقدس ، أتذكر عندما كنت صغيراً كان في قريتناعم عجوز ، يقول : نحن كالخشب الناشف.
عندها كنت أقول “كيف ذلك ؟” .
حتى الشجرة تخرق الصخر لتضرب بجذورها في الأرض لتحي ذاتها ، هل نحن عاجزون عن أن نكون مثلها ؟ لقد شرحت الحماية الذاتية بتعمق في مرافعتي هذه .
أبعث بسلامي الخاص إلى المحامي اليوناني ، فهذه الدعوى مهمة لي وللشعب اليوناني ، لأنني أريد بهذه الدعوى الكشف عن الألاعيب القذرة وبؤرها ضمن اليونان ، فسيتم الكشف عن دورها في المؤامرة بشكل أنقى ، فهاهي اليونان تتعرض للهدم والتدمير منذ عدة أيام ، هذه أمور مرتبطة ببعضها البعض .
هل تم قبول الدعوى ؟ يجب إسماع كثير من الشهود خلال فتح الدعوى واستمرارها ، واللجوء إلى معلومات كثير من المؤسسات والشخصيات .
هل تركيا وإيران مستمرتان في القصف ؟ ولكن القرويون يقاومون أليس كذلك ؟ لهذا السبب يتم قصفهم ، ما هي خسائرهم ؟ .
إنني أعلم بأوروبا جيداً ، يحاولون ممارسة ما مارسوه على “كاني” على “مظفر” أيضاً ، ولكن مظفر لم يقع في هذه اللعبة ، وهناك “جوروكايا” إخوان تلطخوا بدماء آلاف الأشخاص ولكنهم يعيشون في ألمانيا بكل راحة وأمان ومن حولهم النساء دون أن يجري اعتقالهم لمرة واحدة .
بل على العكس تتم حمايتهم ، وليس هناك من يمسهم ، يجب رؤية هذا جيداً .
ربما سيواصل حزب المجتمع الديموقراطي DTP جولته في المنطقة (الكردية) بعد العيد .
يحاول CHP القيام بالانفتاح على الأكراد ولكنه ليس بصادق ، دعوا CHP .
اليوم أريد التحدث عن دياربكر بشكل خاص ، أدلي بهذا الحديث بمناسبة ذكرى تحريرها ، وكنا قد عقدنا أول اجتماع لنا في “فيس” ، كما كنت موظفاً فيها لمدة عام حيث أقمت في تلك الجوار ، كما كانت مسائل زواجي هناك ، ومن هناك عبرت إلى ماردين ، وأقمت مع الرفيقين “فرهات كورتاي” و “مظلوم” في تلك الأماكن ، الكثيرون لا يعلمون بهذا.
لمعرفة دياربكر يجب معرفة ظروف عام 1918 السائدة فيها بشكل جيد ، لو أخذنا 2008 وعدنا بها إلى 1918 نرى أن الظروف متشابهة كثيراً .
في 1918 كان فيها “جمعية التعالي الكردية” ومركزها في دياربكر ، في أحد جانبي هذه الجمعية كان “الحقوقيون المدافعون عن الشرق” ، وفي الجانب الآخر “سيد عبد القادر” ومحيطه ، في تلك المرحلة كتب مصطفى كمال رسائل إلى وجهاء دياربكر يقول فيها “ابتعدوا عن الانكليز ، إن تواطأتم معهم ستخسرون حتى الكردستان الراهنة”.
بناء على ذلك انشقت “جمعية التعالي الكردية” إلى قسمين ، من جانب المقربون إلى الانكليز ممثلين في “سيد عبد القادر” ومحيطه ، ومن الجانب الآخر سكان دياربكر المؤيدون لمصطفى كمال وبالتالي للجمهورية .
الذين فضلوا الجمهورية آنذاك من سكان دياربكر اليوم يسمعون كلامي ، ويتخذون موقفهم إلى جانبي .
إحساس دياربكر في السياسة العملية متطور جداً ، فلا هي وقفت مطلقاً إلى جانب العنف الفظ الأعمى ، ولا هي تخلت عن إرادتها الوطنية (القومية) واستسلمت ، فلها بنية مختلفة يجب تحليلها جيداً .
أنا لا أستطيع القول بأن “الشيخ سعيد” و”سيد عبد القادر” عملاء للانكليز ولكنهم لم يستطيعوا رؤية الألاعيب الانكليزية وتحولوا إلى آلة للسياسات الانكليزية .
كما هو معروف أن “سيد عبد القادر” أوقع في اللعبة معتقداً أنه يلتقي بالانكليز الذين كانوا في الحقيقة عملاء مصطفى كمال الذين أرسلهم في زي عملاء الانكليز ، وتم إعدامه لهذا السبب .
في الحقيقة لم يكن مصطفى كمال شديد العداء للأكراد ، فقد تم تورية حقيقة مصطفى كمال عن المجتمع التركي ، ففي خطبته في “إزمير” يتحدث عن التفكير في الحكم الذاتي للأكراد ، والانكليز كانوا يحاولون الثأر من مصطفى كمال ، كما أنهم اكتشفوا وجود البترول في كركوك والموصل ، ولهذا كانوا يريدون أخذهما .
لقد تحطمت إرادة مصطفى كمال في مكانين ، أولهما كان في موضوع التخلي عن كركوك والموصل ، والحقيقة هي ان موضوع كركوك والموصل هو ثأر الانكليز من مصطفى كمال ، فهم قالوا له : “لقد خرجت في عام 1919 إلى سامسون بإذن منّا كضابط عثماني ، ولكنك خرجت عن سياساتنا وأقوالنا ” ، ولهذا أرادوا تحطيم إرادة مصطفى كمال ، لأنه كان يرى ألاعيبهم ويحاول تعطيلها .
أنا أيضاً أرى ألاعيب الانكليز وأعطلها ، حتى في سياق انفصال كركوك والموصل أعترض عليه النواب الأكراد في البرلمان وقالوا “لا تقسمونا” ، وقال مصطفى كمال : ليس بيدي ما أستطيع القيام به .
قيام ثورة “الشيخ سعيد” عجّلت في التخلي عن كركوك والموصل وتقسيم الأكراد .
الحدث الآخر الذي تحطمت فيه إرادة مصطفى كمال هو حادث محاولة اغتياله في إزمير ، فقد نجا مصطفى كمال من الاغتيال وأراد أن يتحامل عليها ، وعند مقاضاة “كاظم قارابكر” جاء جميع الجنرالات إلى صالة المحكمة بأزيائهم المدنية ليعطوا رسالة مفادها “نحن هنا” ، وبالنتيجة سقطت المقاضاة ولم ينل “قارابكر” العقوبة ، واتضح موقف “فوزي جاكماك”.
كان ذلك موقفاً انكليزياً ، وبعد ذلك أسقطت حكومة “فتحي أوكيار” وحظر حزبه .
وأوتي بـ “عصمت إينونو” بدلاً منه ، وبذلك تم تجريد مصطفى كمال من إرادته .
في تلك المرحلة أي أعوام 1927 تم حصار مصطفى كمال من طرف أكثر القومويين الأتراك تطرفاً ، وجرى إضفاء “الألوهية” على مصطفى كمال كمطلب من متطلبات نظريتهم السياسية ، ليتم إضفاء “النبوة” على عصمت إينونو ، وتلك هي النظرية السياسية لـ “ابراهام غالانتي” .
لقد وصلني كتابه ولكنني لم أستطع قراءته بعد .
عندما كنت أقرأ كتاب “نهال آدسيز” كلمة واحدة كانت كافية لفهمها ، كانت تقول ما يلي تماماً : “إرهاب التركياتية” .
هذا المصطلح يكفي لفهمها .
“كارل شيميت” في كتابه “تنظير السياسة” يشرح بعمق كبير التنظير السياسي ، وهذا هو السبب في رغبتي في قراءته ، يمكن قراءة هذا الكتاب من أجل فهم التنظير السياسي .
ما هو القسم المتعلق بي في هذا ؟ هو التنظير السياسي الذي حاولوا ممارسته في تلك المرحلة وتطبيقه من خلالي في بداية التسعينيات .
لقد كان لدى كل من “جوروكايا” إخوان و”شمدين” نزوة السلطة والقيادة بشكل لا يصدق ، وأنا كنت أتشوق لمعرفة “لماذا يريدونها إلى هذه الدرجة” وأستغرب ذلك ، لماذا هذه الرغبة في القيادة ونحن نتصارع مع عشرات القضايا ؟ .
النظرية السياسية التي تم تطبيقها في تلك المرحلة على مصطفى كمال في عام 1927 ، كانوا يطبقونها عليّ من خلال “جوروكايا” إخوان و “شمدين” في التسعينيات ، ولكنني أدركت ألاعيب الانكليز هذه وعطلتها وأفشلتها كلها .
وتم اتخاذ قرار تصفيتي منذ ذلك الوقت .
ذهب “دوغان غوريش” (رئيس هيئة الأركان آنذاك) في التسعينيات إلى لندن وحصل على التعليمات الانكليزية بـ “اضرب الأكراد واسحقهم” ، وبناء عليه عندما عاد بدأوا بالتضييق عليّ ، حتى في تلك المرحلة كان الطالباني يدعوني ليشدني إلى جانبه مراراً وتكراراً ، وأنا لا أذهب وأقول : “PKK حركة مستقلة ولا تدخل تحت هيمنة أحد” ، إذا كان التحالف فلنتحالف .
ولكن ذلك لم يكن كافياً له ، بل كانوا يريدون أن ندخل تحت هيمنته ، وحسب ما انكشف جلياً فيما بعد ، أن مطالب الطالباني تلك كانت مطالب الانكليز ، وهي من متطلبات السياسة الانكليزية في الشرق الأوسط ، وأنا كنت أعطل هذه السياسات .
والحقيقة أنا حللت الدور الانكليزي ، وفي التسعينيات كان الانكليز يرسلون مجموعات تضم النساء ، وأرى هذه الأمور الآن بشكل أوضح ، فقد كانوا يحاولون أن يجعلوا مني آلة لسياساتهم ، ولكنني كنت أُفشل الألاعيب الانكليزية ، ولهذا السبب أصدروا قرار تصفيتي منذ التسعينيات ، كما تعرفون في المرحلة التي خرجت فيها إلى أوروبا أعلنوا عني بـ “الشخص غير المرغوب” ، وذهبت طائرتي من اليونان إلى “مينسك” ، ووضعوني في الانتظار لعدة ساعات والجو بارد جداً ، وكانوا يطالبونني بالنزول بإصرار ولكنني رفضت ، ربما لو نزلت لبقيت هناك ، وبالنتيجة دولة عاصية ، ولكنني لم أنزل ، وعلمنا فيما بعد أن “الناتو” في ذلك المساء أغلق كل أجواء أوروبا في الطيران ، فحسب الادعاء كانوا سيأخذونني إلى “هولندا” .
ولكن كما تعلمون أدخلوا مرحلة “كينيا”الأفريقية على الخط .
كنا نسير في طريق ترابية ملتوية في اليونان وتوقفت السيارة سبعة أو ثمانية مرات في الطريق ، وكأن السائق يقول : “ترجل واذهب حيثما شئت” .
كما في المطار اليوناني اصطدمت السيارة بالطائرة التي كنا سنركبها والتهينا عدة ساعات هناك أيضاً ، فالسائق كان يريد أن يقول لي شيئاً ما ، وفي الحقيقة كان لا يريدني أن أركب الطائرة .
فقد كان من بين الاستخبارات اليونانية من لا يريد تسليمي إلى الـ CIA ، فهمت ذلك فيما بعد ، ولكن الغريب لم ينطق أحد منهم بكلمة واحدة ، بل كانوا يريدون إفهامي بعض الأمور من خلال تصرفاتهم ، لقد فهمت ذلك فيما بعد بوقت طويل .
عندما أوتي بي إلى “أيمرالي” كانت تجري لقاءات معي حتى عام 2002 ، فقد أجرينا لقاءات مكثفة ، ومسؤول الدولة الذي جاء إلى هنا كان يقول : لنحل هذه القضية فيما بيننا .
وقلت : أنا طالبت بهذا الأمر منذ البداية .
وكتبت رسائل فيما يتعلق بهذه اللقاءات إلى رفاقي ، فكنت أنقل اللقاءات إليهم وأقول لهم كونوا معتدلين وتناولوا الأمور بمرونة بعض الشيء ، لأنني كنت آملاً في حدوث الحل .
كما أجرينا لقاءات غير مباشرة وكثيفة مع “أجويد” ولكن الحوار انقطع فجأة معه عندما تمت تصفيته .
بعد انقطاع الحوارات بدأت تظهر الألاعيب الانكليزية تدريجياً ، فقد توضح وضع “كاني”، وظهر وضع “أوسمان” و “بوتان” ومن معهم .
كلها كانت ألاعيب انكليزية ، بعدها جاء “أردوغان” إلى السلطة ، وقالت له بعض قوى الجنوب : “إذا كنت ستلتقي بـ “أوجالان” لن تستطيع الحصول على دعمنا” .
في الحقيقة كانت تلك رؤية الانكليز ، وهكذا لم يسمحوا لأردوغان ليقوم بشيء ، إنني أنادي أردوغان : لا يمكنك حل هذه القضية معتمداً على قوى الجنوب وإلا فسيتم الدخول إلى مسار لن يكون باستطاعتي الحيلولة دونه ، وإذا لم يحدث الحوار حتى بعد آذار فإنني سأتحدث أكثر تشدداً .
على دياربكر أن تأخذ تمركزاً طارئاً وتقوم بتطبيق مبادرتها ، وهكذا تجرف خلفها كركوك وأربيل بدلاً من انجرافها خلف كركوك .
وهذا يكون بالتفعيل الجيد لـ”مؤتمر المجتمع الديموقراطي” وتقويته وتحقيق الاستمرارية له .
كنت قد اقترحت أن يناقش “مؤتمر المجتمع الديموقراطي” كل القضايا مثل البطالة والفقر والاقتصاد …إلخ وإيجاد الحلول لها ضمن هذا الإطار .
فإذا تطلب الأمر عليهم الانغلاق داخل بيت لأيام لنقاش حلول القضايا ، وليقوموا بإعداد مشروع واقعي حتى الربيع لتقديمه ، فحتى لو مُنعوا من ذلك عليهم أن يخرجوا ويقولوا : هذه هي قضايانا ونحن نريد حلها ، وهذه من المتطلبات الطبيعية للوطنية والمواطنة ، ونحن بذلك نمنح فرصة للسياسة في مواجهة الحرب .
وعليهم أن ينقلوا طلباتهم هذه حتى إلى الحكومة ليفتحوا بذلك المجال أمام حوار بناء حتى الربيع ، وهكذا يجب العمل من أجل الانتخابات أيضاً ليوحدوا إرادتهم وأصواتهم ، فأنا آمل في حدوث أمور إيجابية حتى الربيع .
قلت في اللقاء السابق يجب تحديث لوزان ، وعلى الأكراد أن يقولوا : نحن لا نقبل بـ “سيفر” ، ونريد تأسيس لوزاننا وتحديثها ، تعلمون أن “عصمت إينونو” أخذ إلى جانبه نائبين كرديين عندما توجه للتوقيع على لوزان ، وعرّفهما على أنهما كرديان ويمثلان الأكراد وقال : نحن سنحل القضية فيما بيننا .
والنائبان اللذان أخذهما عصمت إينونو معه كانا نائبان عن دياربكر ، أحدهما “فوزي بيك” .
وعلينا تحديث لوزان وتفعيل “لوزان الثاني” وبذلك يتم توسيع الـ “ميثاق مللي” ليشمل أكراد سوريا والعراق وإيران .
لا يتم فهم ما أريد قوله تماماً ، الكلام السليم الذي يقال اليوم يطبَق عملياً بعد عشر سنوات ، فحتى لو أزيلت الحدود اليوم وطالبت بذلك فلن يحدث هذا فوراً هذا اليوم ، وما أريد قوله بـ “الميثاق المللي” هو تأسيس روابط القلوب والصداقة بين الأكراد في كل الأجزاء .
ولكن أقوالي تُفهم بشكل خطأ ، ولا يوجد تعظيم للدولة بهذا الأمر ، وقد توقعت أن يقولوا ذلك ، هذا هراء ،ويجب نقل ما أريد قوله للرأي العام جيداً ، بل يجب إفهامهم ، فمفهومي لـ “الميثاق المللي” ليس كمفهوم “إدريس البدليسي” ، فأنا أتحدث عن رابطة القلوب ورابطة الصداقة بين سوريا وإيران والعراق ، وأقولها من أجل خلق مجالات يمكنهم العيش بها مع المحافظة على الخصوصيات ، وهذا ما أسميه بـ “النظام الكونفيدرالي الديموقراطي” .
الأجزاء تحافظ على خصوصياتها ويلتم شملها مع جميع الشعوب العربية والآزرية والفارسية والتركية ، وبذلك تصبح الحياة ممكنة ، لاحظوا وانتبهوا أنا لا أقول الانفصال ، بل أقول رابطة القلوب ، فأين السوء في هذا ، وأين الانفصالية في ذلك ؟ .
إنني بهذا أشعل النيران في أرواح أولئك الذين يزعمون بأنني أريد بمصطلح “الميثاق المللي” ضم الأجزاء الأربعة من كردستان إلى حدود تركيا .
كما أشعل النار في أرواح الذين يقسمون كردستان إلى أربعة أجزاء .
كما أشعل النيران في أرواح الذين يريدون خلق اشتباك كردي تركي يقضي على أرواح آلاف الأشخاص .
إنني أريد وحدة الأكراد ، ولكنني لن أنزلق إلى قوموية “ضياء غوكآلب” كما لن أنزلق إلى قوموية “اسماعيل بيشيكجي” .
فليس هناك من حارب الأتراك مثلي ، كما ليس هناك من يعرف الحرب مع الأتراك مثلي .
فإذا كان هناك من لا يخاف محاربة الأتراك فهو أنا .
فأنا خضت أكثف حرب ضد الأتراك على مدى ثلاثين سنة ، وأنا أيضاً أعلم أن الحرب الكردية التركية لن تؤدي إلى نتيجة ، وأحاول الحيلولة دونها ، ومن هنا أنادي السيد أردوغان : إذا لم يتم فتح السبيل إلى حوار ذو معنى فقد تتولد نتائج قد لا أتمكن من الحيلولة دونها ، فحتى لو لم تكن مباشرة فإن اللقاءات غير المباشرة قد تغيّر الكثير من الأمور ، ويكفي أن يأتي ممثل عن الدولة ويلتقي .
فلنمنح الفرصة للسياسة الديموقراطية وليس للحرب .
يمكن نشر أقوالي هذه للرأي العام باسمي كتصريح مني ، كما يمكن نشرها بمناسبة رأس السنة .
كما يمكن شرحها للشعب في دياربكر من خلال ترتيب ندوات له ، ويجب الحيلولة دون فهمها بشكل غلط .
يستحسن أن تجلبوا لي بعض الأعداد الناقصة من “Cogito” ، وكانت هناك الكتابات المتعلقة بـ “ديكارت” و “وللرشتاين” .
أبعث بتحياتي إلى شعبنا ، كما أبعث بتحياتي الخاصة إلى النساء ، وأبعث سلامي إلى الرفاق في السجون ، وأهنئ الجميع وشعبي بمناسبة العيد .
طابت أيامكم .
10-12-2008