حارة خارج الزمن

حسن برو

هذه الحارة هي إحدى حارات مدينة رأس العين التي تقع شمالي محافظة الحسكة (80) كم، وكانت هذه المدينة فيما مضى يقصد ها السياح لأنها مدينة الينابيع كما يدل عليها أسمها، وكانت تشتهر بنبع الكبريت الشافي للأمراض الجلدية ويقصدها الناس من كل المحافظات السورية، ولكن كل ذلك قبل أن تختفي الينابيع الثلاثون من بضع سنين، كما أن الكثير من البعثات الأثرية كانت تقصدها وتكتشف الآثار والكنوز في تلي (الفخيرية وحلف)..

هذه المقدمة لابد منها للدخول إلى صلب الموضوع (الحارة التي تعيش خارج الزمن)
وهي حارة الخربات التي تمتد من شمال مدينة رأس العين بالكامل وكان تتنازعها مديرية الآثار والإدارة المحلية قبل الآن بسنوات (بحسب البلدية) من ثم أصبحت هذه الحارة تابعة لمجلس المدينة وقام مجلس المدينة ببيع الناس المقاسم السكنية التي تم التجاوز عليها من قبل الأهالي..

وبيع الباقي منها بالمزاد العلني أي أن أنشاء هذه الحارة تعود إلى (الأربعين عاماً) ولكنها من حيث الزمن تعيش قبل (أربعين عاماً)

القمامة من أبرز معالم هذه الحارة..


مابين الحارة والحدود التركية حوالي (500)متر وهذه المسافة كلها يتم رمي القمامة إليها وبالتالي تغطي تقريباً حوالي (ألف دونم تقريباً) وتقوم البلدية برمي القمامة إلى هذه الحارة تقريباً منذ عشرين عاماً مما يؤدي انتشار رائحة الكريهة في أغلب أوقات السنة وتجمع الذباب والبعوض..

وقد قامت البلدية في العام الماضي بنقل مكب القمامة إلى قرية أبو الشاخات جنوب غربي مدينة رأس العين..

ولكن بعد تجميعها في المكب القديم (حي الخرابات) وتقوم البلدية بين يوم وأخر بقلب تلك القمامة لتنبعث منها الروائح الكريهة..

وباعتبار أن البلدية لا تمتلك إلا سيارة واحدة وجرارين فأنه يتم اسئجار سيارة خاصة أهلية بنقل تلك القمامة إلى المكب الجديد ولكن أغلب الأحيان لايوجد هناك أي تنظيم لأوقات رميها إلى المكب الجديد وبالتالي..

تبقى مشكلة القمامة قائمة وكأن البلدية لم تنقل القمامة من الحارة إلى المكب الجديد.



القمامة باب للرزق..


حينما تقوم جراري البلدية برمي القمامة إلى الحارة فالبعض من الصبية والنساء يلاحقون هاذين الجرارين (البعض يجمع التنك والقضبان الحديدية وكل ماهو معدن والبعض الأخر يجمع البلاستك و كل ما يباع والبعض الأخر يجمع بقايا الخضار لإطعامها لحيواناته..) مما جعل الكثير من تجار المعادن ينصبون مكابس المعدن بالحارة وتجميع بقايا التنك في الحارة لتضيف للحارة مشكلة أخرى أصوات مكابس المعدن وتجميعها أمام الكثير من البيوت وإزعاج الأهالي (بمناظر التنك وأصوات المكابس..)

الحارة مكان لتربية الخيول والأغنام..

أكثر من (20) خيل تربى في البيوت وهي عائدة لأصحاب الطنابر وبائعي المازوت..

ويربي البعض من الأهالي الحارة أكثر من (1000) رأس غنم، طبعاً وما يرافق ذلك من روائح وذباب وحتى في كثير من الأحيان لايمكن السير في بعض شوارعها لانتشار الأغنام في الطريق وتحت أعين البلدية التي لم تخالف حتى الآjن أي واحد من مربي الأغنام أو الخيول أو حتى الأبقار.



لا..

زفت ولا رصيف..

طبعاً مايميز هذه الحارة هو الإهمال (النسيان) من قبل البلدية من ناحية الخدمات التي تقوم البلدية بها للعامة..

حيث لاتغطي شوارع هذه الحارة الزفت..

وإنما التراب ليشكل سحباً من الغبار صيفاً تغطي أجواء شوارعها وبيوتها والطين شتاءً لتتحول الكثير من شوارعها إلى مستنقعات يعلب فيها الأطفال.



في المناسبات يزور عمال التنظيفات الحارة..


لايمر أي عامل من البلدية في الحارة إلا في العيدين للحصول على العيدية..

أوعند استلام رئيس بلدية جديد أو في أوقات الانتخابات..

وربما يصدف في بعض الأحيان إذا كان هناك مدعوم في الحارة أو قام أحدهم بالشكوى لرئيس البلدية.



الاهتمام درجات..

تهتم كل آليات البلدية وتستنفر عند زيارة المحافظ أو أحد الشخصيات المهمة للمدينة بالمدخل الجنوبي للمدينة من داور السيد الرئيس إلى مجمع الحكومي (كورنيش الجنوبي)..

أما باقي الحارت فلا اهتمام بها ولايمر بها المسؤلين وربما لايعرفها أحد من زائري المدينة.


إن خلقناكم درجات..

هذه المقولة تصح كثيراً لأن أبناء هذه الحارة يأتون في الدرجة الدنيا لاهتمام البلدية ورؤسائها في كل شيء تتركم طبقات الزفت في بعض حاراتها لمرات عدة أما في حارة الخربات لا أثر للزفت فيها منذ النشأة إلى الآن.

( كلنا شركاء ) 16/12/2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…