إيران و تركيا و سنوات الضياع العربي

شيرزاد يوسف

لا بد لكل من يتابع الدورين الإيراني والتركي في المنطقة العربية أن تنتابه بعض من الدهشة والاستغراب جراء تعاظم دورهما بها في الآونة الأخيرة والتي ربما تشكل امتدادا تاريخيا  للإطماع الاستعمارية لهاتين الدولتين على الدول العربية وشعوبها (قديما وحديثا) بمسميات عثمانية تركية كانت أم صفوية إيرانية لافرق.
فإيران والتي تعتبر بموجب قرارات ومواثيق الأمم المتحدة دولة محتلة لأراض عربية كونها تستولي على ثلاث جزر امارتية منذ عام  1971 لا تتوانى في مد نفوذها و بسط هيمنتها على دول عربية أخرى ففي لبنان بات واضحا للجميع الدعمين المادي والعسكري التي تقدمه إيران لكل من حركتي أمل وحزب الله الشيعيتين وكنتيجة لهذا الدعم  قامت هاتين الحركتين برفع السلاح في وجه أشقائهم اللبنانيين حيث قتل وجرح المئات من الأبرياء ويأتي في هذا السياق أيضا تصريحات زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة والتي ذكر فيها بأنه يفتخر بأتباعه لنهج ولاية الفقيه المعمول به إيرانيا أما في العراق فالتدخل الإيراني في الشؤون العراقية أكثر وضوحا فالسيد مقتدى الصدر والمقيم في إيران حاليا لا تنتهي حروبه مع الحكومة العراقية إضافة إلى دور ميليشياته المتهمة في العديد من المجازر في العراق محولا هذه الدولة إلى ساحة للاقتتال الداخلي أما في سوريا فكثر الحديث عن انتشار ظاهرة التشيع (الممول إيرانيا) في المجتمع السوري من خلال بناء  الحسينيات (مساجد للشيعة) في عدد من المحافظات السورية  وبالرغم من هذا النشاط الواضح لإيران في المنطقة فان معظم الدول العربية تقيم معها علاقات ايجابية جدا ففي سوريا مثلا والتي يرى فيها البعض من القوميين العرب حاملة لراية العروبة والحق العربي فإنها تعتبر إيران ووفق تصريحات مسؤوليها الرسميين حليفا استراتيجيا لايمكن الاستغناء عنه وكذلك الأمر في الجارة العراق فأن بعض مسؤوليها يرفضون حتى عبارة الاحتلال الإيراني للجزر الامارتية وهذا ما لوحظ في الاجتماع الأخير للبرلمانيين العرب الذي عقد في اربيل عندما تحفظت العراق في أدراج فقرة الجزر الامارتية المحتلة في البيان الختامي.

 
أما تركيا والتي تعتبر أيضا كدولة محتلة لأراضي عربية بضمها  للواء الاسكندرون السورية عام 1938 فدورها لا يقل شأنا عن الدور الإيراني فهي بالرغم من احتلالها لهذه الأراضي السورية و إعلانها الحرب على سوريا عام 1998 في قضية اتهامها لسوريا بإيوائها لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان فأن سوريا تقيم معها علاقات اقتصادية لا مثيل لها في المنطقة لا بل إن علاقتها معها تجاوزت الحدود الاقتصادية فهي الآن تدير المفاوضات السورية الإسرائيلية لاسترجاع هضبة الجولان السورية !!!
وبالرغم من الانتهاكات التركية المستمرة للأراضي العراقية بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني وتأييدها المستمر للأحزاب التركمانية وإثارتها للبلبلة في منطقة كركوك فان الاستثمارات التركية في الأراضي العراقية تبقى أقوى من أية استثمارات عربية…
إذا هناك تنافس واضح بين كل من إيران وتركيا في مد نفوذ هما في منطقة الشرق الأوسط لكن بفارق أن الأتراك في هذه الفترة تمكنوا من الوصول إلى العقول العربية بشكل أكثر ذكاء من الإيرانيين فالمسلسلات التركية المدبلجة إلى العربية و التي تعرض الآن على قنوات إلmbc  تلاقي قبولا جماهيريا واسعا لا مثيل له حتى إن صور أبطال هذه المسلسلات باتت تغزو شوارع ومحلات مدننا العربية وكأنها صور لبعض زعمائنا العرب!!!!

فعذرا منك يامبدعنا الراحل سعد الله ونوس فنحن في الدول العربية لسنا محكومين بالأمل كما قلت بل بتنا الآن محكومين بكل من إيران وتركيا وسنوات الضياع  ؟؟؟!!!!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…