((حَسكة الغِش)) أم (( سَمكة القِرش))

أزدشير داري

لا أدري ما السبب في تركيز البعض في الآونة الأخيرة على إظهار “محافظة الحسكة” بِحُلّة الغش الامتحاني.
فيقول قائلٌ : “دمشق تدرس والحسكة تنجح” ويُردِفُ آخر : “الحسكة تحطم الرقم القياسي في تقارير الغش والمخالفات الامتحانية” وأُفردت لذلك معارض صحافية.
اذاً ما القصة ؟ هل فعلاً أن الوضع كما يقال ؟ هل أصبحت هذه المحافظة مِحفظة للغشاشين و- سمكة قرش – تبتلع حصص المحافظات الأخرى من النجاح والمقاعد الجامعية و….الوظائف ….؟ !
لا أحد يشك في وجود النفوس المريضة في هذه المحافظة كغيرها طبعاً ، ولكن هل كنا نخدع أنفسنا طوال هذا الوقت ؟
فربما كان “سليم بركات” يغش في الإملاء ويختلس الاعرابات، وكان “عمر حمدي –مالفا-” يرسم الخرائط على كفه وينقُلها عنه، وكان “لقمان ديركي” بارعاً في إخراج القُصاصات من جيبه وتمثيل دور الطالب البريء، وأن شعراءها كتبوا القصائد على الأقلام والقمصان، وأطباؤها لم يبرعوا إلا في عمليات تجهيز / الراشيتات / ، ومُهندسوها تَلَقوا النظريات وال: س+ع وال: غ + ش من المُراقبين ، وكان مُحاموها ضالعين في الاحتيال والتدليس.
إذا كنا كذلك فعلينا أن نعمل على الخلاص من هذا – القرش- ودعونا ننظف الحسكة منه ونرمي به بعيداً تطبيقاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : “مَن غشنا فليس منا” فنحن أول من سيتضرر إذا نشأ جيل تربى في حوضٍ من الغش.
إن هذا المظهر الذي تُعرَضُ به الحسكة جعل الشك يتغلغل إلى عقول المُفتشين الوزاريين فراحوا ينشرون جواً من الرعب ولن أقول- الإرهاب – داخل قاعات الامتحان ولو استطاعوا لنفذوا إلى رؤوس الطلاب واستخرجوا المعلومات منها ، ونحن نعلم التأثير النفسي السلبي لمثل هذه الأجواء وخاصةً لدى الفتيات اللائي أجهشن بالبكاء ومارسن الإغماء .
نحن لا ندافع عن الغش بل نمقته ونحاربه ولكن علينا أن نتبع الأساليب العلمية الحديثة ونبحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه التحول الجِيني الغريب سواءً أكان ارتفاع الأسعار …! أم علامات القبول في الجامعات…؟
ومتى ما قضينا على هذه الظاهرة عدنا “أسماك زينة مسكينة” ولا نضطر لنزع قميص الطالب ( م ) وإراحة رئيس القاعة ( أ ) ونقل رئيس المركز ( ف ) وضرب المراقب ( ي ) ومصادرة الكتاب المُصغر للطالبة ( ش ) المطبوع في غير هذه المحافظة طبعاً.
وأخيراً أرجوا أن يُفلت مقالي المُتواضع من مقص الرقابة والتفتيش وينقله جميع المعنيين إلى أوراق امتحاناتهم الضميرية.
ولكم جزيل الشكر .
الحسكة – تموز – 2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…