كلّنا مستهدفون إن لم نعِد النظر في مواقفنا

زارا مستو *

  لا شك ّأنه يتطلب منّا أثناء قراءتنا لموقف ما , أو تجربة سياسية أن نكون أكثر إنصافاً وموضوعية , وخاصة إذا كانت القراءة تتعلق بتاريخ نضال حركة تحررية تعمل من أجل قضية عادلة , أو شعب لا يزال يمارس بحقه كافة أشكال القهر والحرمان.
   فإذا ما أردنا أن نحصي إيجابيات الأحزاب الكوردية في سوريا لا شكّ أنها  كثيرة على الرغم من إمكاناتها المتواضعة والبسيطة , لقد استطاعت أن تحافظ على هويتها القومية, ووقفت في وجه كافة أشكال المشاريع والمخططات التي تستهدف الشعب الكوردي , فهي لا تزال تمثل إرادة الشعب الكوردي في سوريا بكل علاتها , وتناضل من أجله.
    لكن من جهة أخرى علينا أن نقف على بعض الجوانب السلبية في هذه الأحزاب التي بات الوقوف عليها حاجة ضرورية في هذه المرحلة المهمة, لا ضير أن تشخيص حالتها يشكل عاملاً مهماً في تقديم الدعم لها  لتصحيح مسارها .

   إذن , لقد بات جلياً للجميع الحالة التي وصلت إليها هذه الأحزاب من التشرذم والتفكك , وعدم قدرتها على المواكبة والتغيير بالشكل المطلوب , بالإضافة إلى حالة الملل القائمة في أوساط الأحزاب نفسها, وانشغالها بأبسط المسائل الثانوية على حساب القضايا الأساسية.
     إن ما تقوله وتطرحه هذه الأحزاب في برامجها و أدبياتها الحزبية , وما تجسدها على أرض الواقع شيئان مختلفان تماماً , فإذا تصفحناها فسوف نرى الكل يطالب بوحدة الصف الكردي و الموقف, بل يصل الأمر عند البعض إلى  طرح الوحدات الاندماجية , و يقال عن أهمية المرحلة , ناهيك عن طرحهم شعارات تتعلق بالتداول والديمقراطية والرأي الآخر , لكنّها في التطبيق والممارسة  تجسد عكس ما تطرح تماماً .
    يبدو أنها لا تزال تتعامل  في كثير من الأحيان مع ما يجري وفق ذهنية المصلحة الحزبية الضيقة , وقائد الضرورة, والشخص الأول والرمز, والأفكار المعلبة المستوردة.., على حساب القضية, إن جاز التعبير, وانطلاقاً من هذا علينا أن نحمل مسؤولية ما يجري للقيادات الكوردية بالدرجة الأولى, إضافة إلى أسباب وعوامل أخرى هامة , فإن ولوج هذه القيادات في بعض المسائل التي لا تفيد الشعب الكوردي , دليل على ما ذهبنا إليه , وإلا كيف نفسّر ما يجري الآن.
     إذن , هذه الأحزاب بحاجة إلى وقفة جدية لإعادة النظر في مفرداتها ومواقفها , والاستفادة من الظروف القائمة بما يخدم القضايا الأساسية , والالتفات إلى معاناة الشعب , وتقدير تضحياته, وإيجاد مخرجاً لأزمتها القْائمة , وتجسيد ما يطرح ويقال من مواقف وأطروحات الإيجابية عملياً  , والتخلي عن الخلافات الشخصية التي تكون سبباً في الـتأزم والتعقيد والتفكك , وإلا سيتم استهداف الجميع بدون استثناء من قبل النظام , كما يحدث الآن.
 وآن الأوان أيضاً أن يمارس المثقف دوره الحقيقي المنوط به دون أن يكون طرفاً في الصراع الداخلي, فبقاءه صامتاً متفرجاً أكثر من ذلك سيزيد الأوضاع سوءاً, وانطلاقاً من هذه الحقائق بات التحرك ضرورياً ليتصدى الجميع لمهامه وفق ما تقتضيه مصلحة قضيتنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…