الحركة السياسية الكوردية في سوريا وإمكانية إحقاق المرجعية (قراءة من منظور مختلف)

  افتتاحية صوت الكورد *

لسنا بصدد تحليل الواقع السياسي والاجتماعي للأكراد في سوريا ، “رغم أهميته وضرورته”، ولا نحن بصدد الاسترسال في النقد مع الذين يكيلون النقد، للحركة السياسية الكوردية في سوريا، ولهم في ذلك الكثير من الحق، ولا استخفافاً، أو استهتاراً، لجهود كل الذين ناضلوا، عبر سنوات، طويلة في خدمة قضيتهم.

ولا تبريراً للترهل السياسي المصابة بها “الحركة” السياسية الكوردية، والتي باتت خانقة ومعيقة، حيث قاربت الشلل، في الفعل المجتمعي.

إنما، هي محاولة لإعادة القراءة لما هو مطروح كورديا ؟!!.

لاستشفاف الأداة التنظيمية الكوردية المنسجمة والفاعلة مع الواقع الكوردي في هذه المرحلة، من خلال البحث عن ما هو متداخل إليها عبر محددين أساسيين ـ أيديولوجي ـ ومعرفي لنستوضح منها الدور الوظيفي للحركة السياسية الكوردية في سوريا وإمكانية إحقاق المرجعية قبل التطرق، إلى صلب الموضوع
ولغاية الاستمهال في التوضيح، لا بد لنا من التمهيد أولاً ببعض الملاحظات التي ستساعدنا على تشكل منهجنا في البحث أو لاستهلال أولي لشرح وجهة نظرنا التي تنطلق وباختصار شديد من”التخوف لولادة قسرية غير مكتملة الشروط، لأداة نرى فيها المظلة القومية التي طال انتظارها”.

والتي تعتبر نقلة “أداتياً” متقدمة تنظيمياً للحركة.عند البحث عن إمكانية تحقق هذه النقلة التنظيميةً و في هذه المرحلة يستوجب منا استنطاق الدورالوظيفي للحركة السياسية الكردية في سوريا في هذه المرحلة إن كانت مهيأة فكرياً وتنظيمياً مع هذه النقلة وفي هذه الفترة ؟!!.


الخلفية السياسية للحركة
الخلفية التي تتكئ عليها الحركة السياسية الكوردية في سوريا “وبغض النظر إن كانت الحركة قد تبنتها أو نسفتها” فهي جزء سياسي لا يمكن التغاضي عنها في بعدها “الأمنو سياسية” لكل الحسابات الجارية على الصعيد الإقليمي، والتي تخلق منطلقات استباقية قبل أن تتقدم بأية خطوة قد تندرج في إحقاق بعض التقدم على صعيد المطالب التي تحاول الحركة السياسية الكوردية أن تظهرها على أنها في الصميم هي مطالب ديمقراطية.

ولهذا هي واقعة في بواتق المتعرجات السياسية التي لا تركن الا الى الوهم.

عليه ان نقرأ محدداتها بوضوح: المحدد الأولي ـ من غير الممكن النظر إلى القضية الكوردية في سوريا “استراتيجياً” بعيداً عن القضية الكوردية العامة، أو ما يصلح على تسميتها بالقضية “الكوردستانية”.

ومن العبث أن نفصلها أي “القضية الكوردية في سوريا” عن بعدها الاستراتيجي للقضية الكوردستانية(التلازم بين البعدين الوطني والقومي).

ـ شئنا ذلك أم أبيناـ فالإشكال الحقيقي لا ينم عن مدلول “المشكل” الكوردي في سوريا فقط، بل يتعداه إلى ما هو أكثر تعقيداً إقليمياً، حتى من الدول الأربعة التي تحتضن “الإشكال” الكوردي (تركيا، إيران، العراق، وسوريا)، إلى ما هو في المحيط.

كون جوهر الإشكال الكوردي ـ تختصرـ في أنها تبحث لها عن جغرافية ضمن الأقاليم الأربعة، إي أنها تعمل على إعادة صياغة الجغرافيا.

  المحدد الثاني ـ  عند التطرق إلى فتح الملف الكوردي ـ الكوردستاني، لا بد لنا من التمعن في ارتباطاتها بالاستراتيجيات الدولية وتمفصلاتها مع خطوط التقاطع لتطلعات الرؤية الاوروامريكية للمنطقة بالعام.

كون الإشكال الكوردي ـ الكوردستاني قد تخطى مرحلة الإشكال الإقليمي وتعداه إلى أن يكون إشكالا دوليا.المحدد الثالث ـ علينا التمعن بالجغرافيا السياسية للدول التي تحتضن القضية الكوردستانية “المشكل”، ومكانة الخطوط  الجغرافية بعد سايكس ـ بيكو، أو ما هو معروف بالحدود الدولية “جغرافياً” ومقرة الآن..من خلال المحددات الثلاثة الأنفة الذكر والتي تحمّل القضية الكوردية  ضمناً خصوصيتها المميزة “كوردستانية” يستوجب علينا النظر إلى “المشكلة” الكوردية في سوريا، كجزء من قضية عامة.”موضوعياً” يشكل الكورد في سوريا ثقلاً سياسياً مهماً في المعادلة  السورية العامة لا فقط كونهم أكبر تجمع بشري حمل الصبغة القومية المميزة ببعديها القومي والسياسي فقط،أو إن المتغير الدولي قد فرض شروطا جديدة في المعادلة السياسية رفعت من مكانة .. القضية الكوردية عامة إلى واجهة الصدارة في المنطقة، رغم أهمية هذين الشرطين بل لأن الكورد في سوريا قد تخطو حدود مناطقهم في المطالبة السياسية عند البحث عن الحلول لقضاياهم القومية إلى المحيط الأكثر توسعاً بالمعنى السوري، لقد باتت الحركة السياسية الكوردية في سورية من صلب الحراك السياسي السوري إن لم نقل من أهمها (البعد الوطني للحركة).
وللتأكيد نقول نعم إن الكورد  في سوريا بحاجة..وبحاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى أداة أو مؤطر قومي أو مؤسسة قومية “بغض النظر عن المسميات”،تشكل مظلة قومية كوردية، تضم في كنفها القوى المجتمعية التي تمثل جميع الأطياف والشرائح لتتحمل مسؤوليتها التاريخية في هذه المرحلة على الصعيد الوطني.
حول المرجعية
وانطلاقاً من قناعتنا هذه ننطلق في قراءتناـ التي لا نخفي فيها تخوفنا من المقدمات التي نلحظها لغاية الآن، على أنها غير مشجعة أو قل غير مدروسة بشكل جدي،  لتناسب وحجم المشروع المطروح (الأداة القومية).

لإبداء رأينا وكجزء من المساهمة التي ربما تساعد على لفت نظر القائمين على هذا المشروع إلى بعض ما فاتهم وهم في خضم الحوارات بما يعتقدون من ملاحظات أو هفوات أو مفاهيم تطرح هنا أو هناك .
في البداية: ولكي تكون هذه “المظلة ” فاعلة قومياً، لا بد من توافر عنصر أساسي لها وهي: أن تمتلك (أي هذه المظلة)، الشرعية السياسية الملزمة للجميع.
 “هذه الشرعية” هي التي ستمنح “المظلة” القدرة على إيجاد الجو المناسب ديمقراطياً لتحديد المرجعية السياسية للأداة، وبالتالي ستوفر الجو الملائم لبناء المنظومة الفكرية، القادرة على إنتاج الآليات النضالية المنسجمة مع طموحات الشعب الكوردي في سوريا وفق القواسم العليا المشتركة والمحددة للمصلحة القومية والوطنية.


ومن هنا ننساق في البحث إن كانت الحركة وبكل “تنوعاتها” مهيأة لمنح الشرعية للمظلة الكردية؟!!.
في البحث عن ضرورة الشرعية ومرجعيتها التي تعتبر الأرضية الرئيسية لنجاح  “المظلة القوميةـ الأداة..التي تندرج تحت اسم المؤتمر القومي أو المجلس الوطني..أو ..الخ”، لا بد من العودة إلى التجارب السابقة واستشفاف العبر منها..

ولو من خلال بعض الملاحظات التي سنوردها وعلى عجل.

للتذكير فقط.


———-
* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا / العدد (329) ايلول 2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…