مؤكّد, أن هذا العنوان , سيبدو غريبا ً, على القارئ الكريم , لأن هذا الرّقم غير شهير البتّة , وهو حتّى وإن تمظهر في إهاب أرقام شهيرة ، طواعيةً أو كراهيةً ، ك : 1-1 من كل عام ، أو 21-3 أو 17- 4- أو 1- 5 أو 1-7 أو 14 -7 أو 10-12- أو 20-5-12 أو غيرها ، من أرقام مماثلة أعتذر منها ، لنسيانها ، وأكاد أحشر، في المقابل ، أرقاماً أخرى منها ما هو شخصيّ ، وهماً مني أنّها عروفة ، ولعلّ بعضها لا يعرفه سواي ، شأن سواي مع أرقامه ، وهي أمور خاصة، لدى كلينا ، كما هو معلوم…..!.
ولكي أضع الحروف مع نقاطها – هنا- كلّ في مكانه، عليّ أن أوضّح منذ البداية ، أنّ لهذا الرقم دلالات هائلة في منطقة الجزيرة ، على الصعيد الاقتصادي ، وإن كانت في المنطقة نفسها أرقام كثيرة ، تدعو للفرح أو الحزن ، خاصةً أو عامةً ، ليست بأيّ حال موضوع هذه الزاوية…..!
واحد ثمانية، واحد من آب الّلهاب، يبان الصادق فيه من الكذّاب، حين يفتح فيه المدين بابه، ليغلق فيه الدائن الباب ، ويكشف فيه تفاصيل ما لديه من رصيد وديون وحساب، هو يوم جدّ شهير، ليس فقط لدى الدائن والمدين ، بل من بينهما، من وسيط، ومن لا علاقة له بهما، ممن يحرص-على جري الطبع – ألا يقع في فخّ المديونية، وهو هنا يرتقي ليكون عامّا ً شاملاً….!
واحد ثمانية ، ” يوم الرّبا العالميّ ” أو يوم المرابي الجزري “” يوم “النصاب” و”المنصوب عليه” ، وهو أشهر من نار على علم ،ضمن رقعة المكان، يوم يترقبه الدائن لاستحصال ديونه ، والمدين ليبرّىء ذمته ، في ما إذا كان أميناً ، أو يبحث طوال الفترة الماضية عن فلسفة تسويغية ، يقنع بها الدائن .
لا أدري من أدخل ” الرّبا ” إلى معجم منطقة الجزيرة ، حقاً ، حتى يقع في كمينها- راهناً ومنذ عقود- كلّ أشكال الطيف الجزري ، عربا ً وكردا ً وسريان وآثوريين ،يهوداً وإيزيديين وآرمن ومسلمين ، لافرق ، دائنين أو مدينين ، في كلتا الخانتين ، لا فرق ، مادام أن يستلف المحتاج مبلغا ً من المال ، ليقضي بها حاجة ، أو يبذر ما استحصله ، على أن يدفع للدائن فوائد جمّة ، بحسب حبر العقد ، الشفاهيّ أو المدوّن ،بأجله المسمى : واحد ثمانية، كحدّ أقصى ، لا يتجاوز الأسبوعين قبل هذا الرقم أو بعده ، إلا شواذاً، فترى عمارات تشاد شاهقة ، وأخرى – في المقابل تتهدّم – أو يتركها ساكنوها مكرهين ، وفق فقه الاتفاق….!
أجل ، فللرّبا- وهو الزّائد عن الديّن لغة وشريعة- الآن قواعد ، وشروط، وثقافة خاصة ، وله عالمه ورموزه وأسماؤه ، فما أكثر ما نجد مرابين من – صفوة- أثرياء المدينة ، والصّفوة هنا ليست مجازاً ، في كل الأحايين ، مادام المرابي عضواً في حزب تقدميّ ، أو رجل دين ، أومدّعي قيم، يطرق أبوابهم ذوو الحاجات على امتداد أيام العام ، فيجدون أبوابهم مشرعة، ويستحصلون ضالاتهم في ما لو توافرت الضمانات : كفلاء ، أو عقارات ، على ضوء سراج القانون الذي لا يحتال عليه، رزما مالية ، وأرصدة وشيكات وشيكة ….!
ولعلّ من أغرب الحالات – هنا- هو أحد هؤلاء ، إذ يعطي المبلغ الذي يريده طالبه ، المدين ، دون كفلاء ، وهنا سرّ الدائن الرّهيب ، في الحالة المعروفة، وشرطه الأوحد تقديم المدين بطاقة زوجه- زوجته هنا- تبقى رهينة في غياهب خزانته إلى أن يحين موعدها ، حيث لا يظهرها إلا في حالة واحدة، حين لا يلتزم المدين بالموعد المبرم ، فيتبرّم الدائن منه، ويضيق بالبطاقة ذرعاً ، ليعلّق البطاقة في غرفة صالونه ، يطلع عليها زوّاره ، وهم طالبو الرّبا ، أو السلف… والمستلفون ، طلاب الرّبا أنواع ، منهم من يلتزم بموعده ، ومنهم من لا يلتزم به ، وهناك قصص عن دهاة مهرة ، في هذا المقام ، استلفوا الملايين من الليرات ، واختفوا عن الأنظار ، ببهلوانية قلّ نظيرها ، مرتدين قبعة الإخفاء، ومنهم من هرب إلى ما وراء البحار والمحيطات ، والحدود ، لائذا ًبنفسه ، مجروح الضمير ، أو مرتاحه ، دون أن يفكّر بحال الدائن الذي قد يتحول إلى ذات واحد ثمانية إلى مفلس ، بلا بيت ، بلا عنوان ، وبلا ثمن ربطة خبز لأطفاله، وهو ما يدفع به في ما بعد مثل هذا اليوم ، لا سمح الله ، إلى مزالق الجريمة ، وما أكثر الحالات التي عرفتها أروقة المحاكم ، حين يردي القاتل نفسه مرتين ، مرّة بخسارة ماله، وأخرى بخسارة عمره،قاتلاً سواه ، ناهيك عن الضحية الميتة برصاص الجشع، أو قنبلة الحاجة، ويكون في المحصلة: نساء مترمّلات ، أطفال متيتمون، جرح نازف في روح الجماعة على امتداد بقعة مسرح الخلاف ، شهودا ً لا راحة ضمير لهم، إزاء ما جرى على امتداد شريط الوقت….!
وقد يكون الارتماء في فخاخ دهاة المشتغلين بالكار ، هواية لدى بعضهم ، أوبداعي أسّ مشروع اقتصاديّ ، وقد يكون نتيجة حاجة كبرى ، كمرض أو ضائقة ، أو فكّ رقبة من عود مشنقة ،برشوة كبرى ، أو زفاف عروس، أو أيّ من ضروب العسر.
وإذا كان المرتميّ في هذا الفخّ مضطرّاً في بعض الأحيان ، إلا أن صاحب الفخّ – الجشع أبداً- غير بريء البتّة ، وهو ينصب فخاخه، يسيل لطعمها الورقيّ لعاب عملائه ، مادام أنه قد أعدّ العدّة ، وأولها أن يكون ذا قبضة قويّة ، أو سطوة، جبّارًا أو متجبّراً ، مكّاراً ، غدّاراً ، خالي القلب من الرّحمة، يستحصل ماله معتمداً على نفسه ، بل على غيره من أزلام وأنصار أو شركاء، و داعمين ، و ذوي سلطان ، و نفوذ ، و غالباً ما يكون هؤلاء- بأدوارهم – أشخاصاً غير نظيفين ، يجرجرون الصيد إلى عناوينهم الغامضة المعتمة ، مربوطين بتواقيعهم ، أو بصمات إبهامهم ، التي لا مهرب منها أمام القضاء ، حين توضع على كمبيالات ، أو أوراق مملوءة أو بيضاء، تخبّأ على مدار العام ، و لا تظهر إلا في يوم الساعة الموقوتوتة : واحد ثمانية ..!.
وواحد ثمانية ، على هذا النحو له شكله في روزنامة الجزيرة غير المرئية، و هو مدعاة اضطراب و قلق كما أسلفت لا استلفت – لدى الدائن ، و مدى طمأنينة لدى المدين ، يترقّب اليوم بفارغ صبر ، و يدين ، و خزائن ، ولعاب مؤجل إلى واحد ثمانية….!.
واحد ثمانية ، ر قم فكرت به – ملياً – حين نشرت روزنامة الوقت – الشاملة- نعوة خصب سنة 2008 ، قبل بضعة أشهر ، كي تكون عجفاء ، كما ذيولها الآن ، يهرب بنو الجزيرة منها داخلياً و خارجياً ، لاهثين وراء لقيماتهم ، يعيشون في خيم مضروبة لا ضاربة حول بعض مدن سوريا ، أو”كامبّات” أوربا.
مساء واحد ثمانية ، بدأت أدوّن- خاطرتي حول اليوم التالي ، و أنا أعرف كم من شايلوك جزريّ ، في انتظار صيده ، لقطع رطلين أو أكثر من لحم الضّحية، في انتظار حيلة له، قانوناً أو عرفاً ، لتأجيل الدّين دون صخب إلى عام مقبل ، يمكن فيه سداد ما استلف من مال، بعد عسر الحال ، و سوء المآل.
ليلة 1 / 8 / 2008