سياسة الاستجداء (قراءة في تصريحات رئيس اللجنة الوطنية لتوحيد البارتي)

پير روسته م

نشرت (صوت الكورد) الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكردي – سوريا وعلى عدد من المواقع الكوردية ومنها موقع (Welatê Me) مقالاً خبرياً بخصوص (وحدة) البارتي جاء فيه ما يلي: “في جولة ميدانية في ريف الدرباسية و رأس العين و تل تمر في 25-12-2007 وفي إحدى قرى ريف الدرباسية, التقينا – في جلسة غير مخطط لها- مع رئيس و بعض أعضاء اللجنة الوطنية المحكمة لتوحيد البارتي, و قد دار الحديث حول اللقاءات العديدة التي تمت بين اللجنة و طرفي البارتي خلال أشهر متواصلة انتهت إلى البيان التاريخي بتوحيد طرفي البارتي في28-4-2006 و الخرق المكشوف الذي قام به الطرف الآخر, و قد وصف رئيس اللجنة محاولة هذا الطرف بالالتفاف و التنكر لكل اتفاق و أنه (أي رئيس اللجنة) دعي إلى القامشلي – بعد عودة الأستاذ محمد نذير من الإمارات – ليعرض عليه الدكتور حكيم بشار بالحرف الواحد ضرورة إنكار تصريحه الذي أدلى به و نشر في الانترنيت, مما أثار دهشته و غضبه مستنكراً أي استعداد له للتراجع عن موقفه قائلاً:
(لقد خرقتم كل ما اتفقنا عليه, رغم أنَّ طرف الأستاذ عبد الرحمن تعرض من قبلنا لضغوط شديدة, بغية إنجاز الوحدة, و أن أحد أعضاء اللجنة (أبو هوزان) اعترض على هذا الضغط لأن الطرف الآخر غير جاد في سعيه إلى الوحدة, فعارضت كلامه بقوة و بحضور كل أعضاء اللجنة و قلت حينها: (نحن نضغط على هذا الطرف لكونه وطنياً، و لكونه جاداً في عملية الوحدة, ولولا معرفتنا بجدية و برزانية الأستاذ عبد الرحمن لما طرقنا بابه, و لا تحملنا كل هذا الجهد و الوقت للوصول إلى صيغة توحيدية، ولو على حساب طرفه…)”.

وهكذا يواصل المقال كيل الاتهامات لبعض الشخصيات القيادية في البارتي ويحمله كامل المسؤولية في عدم تحقيق (الوحدة بين الطرفين)، ولسوف نترك النقطة المتعلقة بالشخصيات لأولئك (المتهمين) ليدافعوا عن أنفسهم فلسنا موكلين من قبل أحد ولا نقبل ذلك الدور لأنفسنا ولكن نود فقط أن نضع بعض النقاط على الحروف ونوضح للقارئ بعض المغالطات التي وقع بها الأخوة الذين صاغوا هذا المقال الخبري بخصوص هذه القضية.
ما نلاحظه بدايةً في هذا المقال الخبري عدم الترابط والسلاسة إن كان من جانب الصياغة اللغوية التعبيرية أو لطرحها قضية حزبية إشكالية بسياقات معرفية فكرية متناسقة؛ حيث عدم الترابط بين الأنساق الزمنية وكذلك المعرفية هي السائدة في الخطاب المكتوب، ناهيك عن الدقة الموضوعية وكذلك المعرفية الغير متوفرتين في الطرح ذاك وسنحاول الاختصار والتركيز للرد على ما جاء فيه وبأكبر قدر ممكن من الموضوعية والقراءة الجادة البعيدة عن روح التشفي والاستخفاف بـ(الآخر) – وقد وضعنا (الآخر) بين قوسين كوننا نعتبرهم بأنهم هم أيضاً – كانوا وما زالوا – من نسيج البارتي وبأنه لنا قضية واحدة وليسوا آخرين، وهذه ليست متاجرة بالسياسة وإنما هو واقع الحال ويفترض من أطراف الحركة الوطنية الكوردية أن تتعامل مع بعضها على هذا الأساس.

أما ما يتعلق بالمضامين والأفكار سنناقشها بهدوء وواحدة فواحدة، وقبل هذا وذاك، فكم كان حرياً بالأخوة في البارتي الديمقراطي الكردي – سوريا أن يتجرأوا ويعلنوا وبكل صراحة أنهم يحاولون – وقدر المستطاع – أن (يحلبوا) مسألة (توحيد البارتي) وما رافق المؤتمر العاشر له وذلك في محاولة لكسب بعض الأصوات في أوساط الشارع الكوردي وحتى مسألة الالتقاء ببعض الشخصيات التي دخلت على خط (التوحيد) ومنهم (رئيس اللجنة) والإعلان عنها يغلفونها ويقدمونها على أنها كانت محض صدفة وكأن استهداف المسألة واللقاء بهم – عن سابق إصرار وترصد – هو نوع من المتاجرة السياسية أو الاستجداء السياسي منهم ومن الشارع للاعتراف بهم بأنهم يمثلون “الطرف الشرعي أو الوطني” حسب تعبير المقال الخبري وهذه دلالة كافية على حساسيتهم وتحسسهم من القضية برمتها؛ “ولي فيه شوكة بتنخزوا” كما يقال في المثل الشعبي.
ثاني تلك المآخذ والمغالطات والمنافية للواقع وما جرى منذ أشهر، وحيث الذاكرة ما زالت حية وطازجة وصفحات مواقع النت تشهد على ذلك؛ ألا وهي مسألة (توحيد البارتي) وهي الأخرى وضعناها بين قوسين ليس لأنها مرفوضة من قبلنا، بل الكل يشهد – الخصوم قبل الأصدقاء – بأننا كنا وما زلنا من أوائل المرحبين بها ولن نقول المساهمين فيها، ولكننا وضعناها داخل القوسين كون المسألة لم تكن عملية توحيد بين حزبين وإنما كان “عودة الرفاق إلى صفوف الحزب” ونعتقد بأن من يعمل في الحقل السياسي وكذلك المعرفي واللغة العربية يدرك تماماً الفرق بين المصطلحين السياسيين من حيث اللغة وكذلك الجانب المعرفي والفكري؛ حيث العودة بأن هناك من خرج من الداخل وعليه العودة إلى ما كان عليه سابقاً وأولاً وهي (العودة) تختلف عن (الوحدة والتوحيد) بين شيئين وكائنين ربما تكون بينهما اختلافات وتباينات ولكن يتم التوافق على الاشتراك والتوحد والتلاصق بينهما.

وهكذا فلقد كان الاتفاق أن يعود الرفاق إلى صفوف الحزب والبيان الذي تم نشره من قبل (الطرف الآخر) عرف ببيان العودة وليس الوحدة وهو كافٍ بالرد على هؤلاء اللذين يتهمون الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) بأنه لم يفي بوعوده في قضية الاستحقاق الرئاسي عفواً استحقاق (الوحدة) بين الطرفين ولا نعلم ماذا يقصدون بالطرفين وهم قالوا عن أنفسهم بأنهم سوف يعودون إلى حزبهم وذلك في بيانهم المشار إليهم في مقالهم الخبري والذي نشر في 28-4-2006 على العديد من المواقع الكوردية.
ثم يدعي المقال الخبري الإعلاني وعلى لسان من يدعي أنه (رئيس اللجنة) – آهٍ من هذه الآفة وعقدة الرئاسة – بأنه تعرض للضغط، ولا ندري إن كانت للحركة الكوردية أدواتها القمعية والمخابراتية وكذلك له سجون وأقبية أم لا، وذلك لكي يتراجع السيد (الرئيس) عن أقواله ويدلي بتصريحات (تبرئ) ساحة البارتي – عفواً الطرف الآخر – حيث يدعي السيد رئيس اللجنة – على حد زعم (صوت الكورد) – بأن (الطرف الآخر) خرق “كل ما اتفقنا عليه, رغم أنَّ طرف الأستاذ عبد الرحمن تعرض من قبلنا لضغوط شديدة, بغية إنجاز الوحدة, و أن أحد أعضاء اللجنة (أبو هوزان) اعترض على هذا الضغط لأن الطرف الآخر غير جاد في سعيه إلى الوحدة, فعارضت كلامه بقوة و بحضور كل أعضاء اللجنة و قلت حينها : (نحن نضغط على هذا الطرف لكونه وطنياً، و لكونه جاداً في عملية الوحدة, ولولا معرفتنا بجدية و برزانية الأستاذ عبد الرحمن لما طرقنا بابه, ولا تحملنا كل هذا الجهد و الوقت للوصول إلى صيغة توحيدية، ولو على حساب طرفه…)”.

لاحظوا هذا الخطاب التحاملي وحتى التخويني بالنسبة (للآخر) مع أن (الآخر) هو حزبك وخيمتك الأساسية وقد رضيت بالإقناع – ولا ندري إن كان عودة الأخوة جاء نتيجة إكراه وضغوط، إلا من حيث ضغط الشارع الكوردي وجهات خيّرة تريد مصلحة الشعب الكوردي وقضيته العادلة – أما أن تقول بعد أن أرتضيت أن تعود إلى حضن الأم الرءوف (البارتي) لتلعن تمرداً جديداً ولا تكتفي بذاك، بل تقول بأن (الطرف الآخر) لم يكن جدياً وحتى بأنه ليس بـ(وطني) وذلك عندما تحتكر (الوطنية والبرزانية) ليس للكتلة التي تمثلها بل لشخصك وبالتالي شخصنة المسألة وهكذا تتبين القضية برمتها بأن الخلاف ليس على النهج وإنما على المرج (الكرسي) ومن سوف يخلف الملك ويستولي على العرش ليكون ولي العهد وقد بيّنا ذلك في مقالات سابقة لنا بأن الخلاف لم يكن على البرنامج السياسي و إلا لخرج أولئك الأخوة واعترضوا على ذلك عند مناقشة البرنامج السياسي في المؤتمر وليس بعد فرز أصوات الناخبين والمرشحين للجنة المركزية للحزب..

وبالتالي كفانا متاجرةً بـ….

البارزانية.

وأخيراً سؤال برسم الاجابة: إن لم يكن (الطرف الآخر) وطنياً فكيف قبلتم وأرضيتم على أنفسكم بأن تعودوا إلى صفوفهم عبر (بيانكم التاريخي) ذاك وذلك على حد تعبيركم.
جبدريسه-2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…