المحامي حسن برو
في شهر أذار من كل عام تتكاتف النشاطات الكردية ، لتتحول المناطق الكردية إلى خلية نحل حيث يتأثر الشارع الكردي بكل حركة أو أثر أو عمل سواء أقامت بها الأحزاب الكردية أو السلطة فما الذي يجعل من شهر آذار ذى خصوصية ومعنى لدى الأكراد
وتتدخل قوات الشرطة والأمن ويتم استخدام الرصاص الحي من قبلها ضد الجماهير الكردية الغاضبة ، وتتوسع معها المعركة فتغطي الشوارع والحارات ، ومن ثم تتوسع لتشمل مدن محافظة الحسكة وتقلبها إلى ساحات ساخنة ، وتظهر المسيرات في قراها ونواحيها ومدنها لتصل إلى مدن وأرياف حلب وحواريها و بعض حارات دمشق أيضاً، تضامناً مع ماجرى في القامشلي ويتجاوز عدد الجرحى المئات والقتلى العشرات بحسب مصادر كردية (42) شخصاً مع العسكريين الذين تعرضوا للقتل في وقتها ، وبعد أن هدئت الأحول تتكاثر الاعتقالات إلى عدة الآلاف إلى أن يتم إطلاقهم وبمدد مختلفة من شهر إلى عام وأكثر ، ويرتاحون لما قاله الرئيس بشار الأسد في لقائه مع قناة الجزيرة بأن الأكراد جزء من النسيج الوطني السوري ، وبأن ماجرى في ملعب القامشلي لم تكن ورائها أيادي خارجية – والعفو الخاص الذي أصدره الرئيس و تم بموجبه إطلاق غالبية المعتقلين لتتجدد الأعوام فيما بعد بمرور ذكرها تتحول قبور شهداء ( الأحداث أذار) إلى مكان لإقامة المهرجانات والكلمات من قبل الأحزاب والمنظمات الكردية ، وليقفوا في الساحات وأمام المنازل متذكرين تلك الأحداث لمدة خمس دقائق صامتة إعراباً عن استنكارهم لما حدث معتبرين أن القضية الكردية في سورية تقدمت بخطوة إلى الأمام بدمائهم .
أما في ليلة 21أذار من كل عام فأن الأكراد يحتفولون بليلة عيد نوروز العيد القومي بإشعال النيران وعقد حلقات الدبكة والرقص حولها لتتحول الحارات والمنازل إلى نوع من الاحتفالات الشعبية العامة يشارك فيها الصغير والكبير ليتحضروا في اليوم التالي للخروج إلى الطبيعة معتبرين بأن يوماً جديداً سيظهر للأكراد مثل ( نوروز – أي اليوم الجديد) وتتزين الطبيعة الربيعية باللباس الكردي الزاهي في ألوانه وتتحول الفتيات والفتيان والصغار إلى فراشات متنقلة في ربيع نوروز يهنئون بعضهم البعض بهذا الاحتفال المتكرر والمتجدد بكل عام منذ 612 قبل الميلاد إلى الآن.
إلا أن الأكراد لاينسون أبداً مآ سيهم حتى وهم في ذروة الفرح فيتوقفون لدقيقة صمت في أوج الاحتفال على روح أحد شهداء عيد نوروز في دمشق وهو الشاب (سليمان آدي ) والذي قتل على يد قوات الشرطة السورية في العاصمة دمشق يوم 21/3/1986 بعد أن منعت السلطات خروج الأكراد إلى الاحتفال بعيدهم نوروز، وتم مواجهتهم في الشوارع إلا أن هذا الحدث جعل من يوم 21 آذار يوم عطلة رسمية ولكن بتسمية مختلفة باسم عيد الأم .
وتمر الذكرى الأخرى المؤلمة والتي حصلت في 24/3/1993 التي راح ضحيتها حوالي (64) شخصاً حرقاً في سجن الحسكة المركزي وجلهم من الأكراد لتعتبر بأنها مؤامرة أخرى ضدهم وبخاصة في ظل غياب تحقيق نزيه وشفاف توضح خيوط وخفايا قتلهم إلى الآن .
هذه الأحداث التي وقعت في شهر آذار بالنسبة للأكراد السوريين يعطيها نوع من الخصوصية لديهم بالإضافة إلى تأثرهم بإخوانهم فيما يجري لهم في تركيا والعراق وإيران ومن هذه الأحداث في الشهر الأول منه يتذكر الأكراد الزعيم ملا مصطفى البارزاني الذي ولد في آذار1903وتوفي في الثاني من آذار 1979 معتبرين إياه الزعيم الذي عّرف العالم بالقضية الكردي والذي حارب لأكثر من ستين عاماً في حياته ، لتسقط ثورته بين فكي المؤامرات الإقليمية بين إيران والعراق وتتنازل العراق بموجب إتفاقية الجزائر في 6/3/1975عن جزء من أراضيها على الخليج العربي وتقوم إيران بقطع الإمدادات عن الثورة الكردية ، لتسقط ويهاجر الأكراد الثورة إلى إيران ودول أخرى لينتظروا ثورة مسلحة أخرى فيقوم بها أبنه (مسعود البارزاني ) في أيار 1976.
ويفرح الأكراد في سورية بأول حكم ذاتي تحقق لإخوانهم والذي وقع بين البارزاني وصدام حسين والذي كان يومها نائباً لرئيس العراق في 11/3/1970حيث اعترفت بموجبه الحكومة العراقية بحكم الأكراد لمدنهم وقراهم ومشاركتهم في الحكومة المركزية على ما أظن بوزيرين .
ويحزنون أيضاً لما حصل لإخوانهم في مدينة حلبجة وخورمال في أيام 16و17و18/3/1988حيث قصفت مدينة حلبجة وقراها بالسلاح الكيميائي وراح ضحيتها أكثر من خمسة ألآلاف كردي من الأطفال والنساء والشيوخ فيقف أكراد سوريا لخمس دقائق في الساحات وأمام أبواب المنازل يوم 16/3من كل عام متذكرين هذه الجريمة الجريمة البشعة ويفرحون هذا العام تحديداً بخبر احتمال إعدام مرتكب هذه المجزرة (علي حسن المجيد “علي الكيمياوي”) في آذار أيضاً وحلبجة نفسها ليتحول الجلاد إلى ضحية هذه المرة ، ويحزنوناً كثيراً على أول رئيس جمهورية كردية القاضي محمد الذي أعلن في ساحة جار جرا عن جمهوريته في مدينة مهاباد الإيرانية ليعدم فيها بعد أكثر من عام وتكون معها خاتمة شهر أذار31/3/1947، فهل سيكون هذا العام بداية لفرح جديد للأكراد أم حزن دفين يطفو على السطح بمرور الأعوام .
حسن برو: ( كلنا شركاء) 5/3/2008