كرم يوسف
Keremyusiv@hotmail.com
Keremyusiv@hotmail.com
كعادتي، و أنا أتابع عند الثالثة عصراً “نشرة الأخبار” مع كأس من الشاي بات صعباً شربه، مع موجة الإرهاب التي تعصف بمنطقة الشرق عامة، وليس الشرق الأوسط، فحسب، والتي إن صح التعبير: روادها وحملة رايتها من يتسترون وراء دين الإسلام الحنيف، فتراهم يبسملون قبل قطع رأس إنسان، أو تراهم يؤدون شهادة ألا إله إلا الله، قبل تنفيذ أي عملية، وسط مكان عام، دون أن يبالوا أن يكون الضحية إنساناً، أو تراهم تحت ستار إسلامهم، يفعلون ما يحلو لهم من اغتصاب، كما يشهد بذلك الواقع العراقي والأفغاني، لابل المحزن هو ما شاهدته من أقوال إرهابي اغتصب هو وصديقه أماً وابنتها الجامعية سويةً، وقد تلوا القرآن الكريم، وشربا الخمر قبل فعل عملية الاغتصاب…..!
ما يفعله ذلك الإرهابي لن يدعو إلى الإنزعاج ، إذا ما اقترن بتلك الشريحة التي باتت تتابع أخبارهم الدموية بشغف ، ويدعون الله في أن يوفقوهم، ويقرؤون الفاتحة على أرواحهم ، وبالتأكيد هناك من هو أكثر إرهاباً من الإرهابي عينه، وهو يطمح إلى مجزرة يقتل فيها الآلاف، لكي تهدأ نفسه بعد الموت، وبعدد قتلاه ، سوف يُكافأ بالجنة التي رسمها لنفسه، وستزداد درجته بين درجات الجنة.
نعيش اليوم عصراً ليس مع الإرهابيين ، بل عصراً مع الفكر الإرهابي الذي بات يتسلل إلى قلوب كثيرين ، الكثيرين الذين اقتنعوا أن هناك آيات لم تنزل، ولكنها تدفعهم إلى قتل الآخر، ليس فقط لأنه يحاربه ، بل لأنه غير مقتنع بأفكاره، هم يسعون إلى فرض أفكارهم بالقتل…..!
بناظير بوتو، المرأة العملاقة والفولاذية، صاحبة الإسم الأنثوي الجميل في العالم الإسلامي بأسره ، ودون منازع التي استطاعت في أشدّ البلاد الإسلامية تشدداً أن تقود شعباً ذكورياً ، أن تكون سفيرة لمئات الآلاف من حزب الشعب في باكستان ، والتي آمن غالبية شعبها حتى نساؤه أن القلم ، الشمس، السماء، النجوم، الشوارع، الأبجدية ذكورة، وأنهن جئن إلى هذا العالم ،ليدور كل ّ شي فيه في المطبخ وعلى السرير….!
بناظير بوتو وبكلّ حروف اسمها التي استطاعت أن تكون أنثى في المكان الذي يحتكره الرجال، استطاعت أن تبكي الرّجال الذين فقدوا فيها زعيمة من الصعب أن تحمل القادمات من السنوات وجهاً مثلها، حين بدأ قاتلها بإفراغ كوابيسه في روالبندي في 27/12/2007 .
بناظير بوتو والتي كانت شقيقة لأخين، وابنة لرجل رجل ، كانوا- جميعاً – ألواناً باهرة ، توجستهم أعين شرائح في باكستان لمجرد أنهم يعيشون، فما كان منها إلا السعي لإطفاء تلك الألوان و، دون أن ينجحوا لأن اللون بقي في الاسم خالداً ، بل أصبح اللون حديقة.
بتاظير بوتو، خالتي، أمي، بحديقتها اللونية ،بإنسانيتها، بالكوردية التي تجري مع الباكستانية في دمها، بأنثويتها التي استطاعت أن تفرض على روحي في يوم اغتيالها حزناً استثنائياً، أن تجعلني في ذاك اليوم أن أشترك في الحزن مع نصف المليون كوردي في بلوجستان* الباكستانيين، بل ووالباكستانيين والكورد والعالم أجمع ،مع الذين حزنوا من أجلها، أن أشعل لأجلها شمعة كانت على إحدى رفوف المكتبة في منزلي، محاولة لأن أقول: لن نموت أيها الإرهابيون بمشيئتكم ، سنعيش بكل سنيننا، بأحلامنا، بديننا الذي ما عاد من شيء فيه يربطنا بكم.
سيدتي بناظير بوتو!، بالتأكيد أنت في هذه الأيام بت في مكان آخر لم نعرفه بعد ، كل الخطوات التي مشيتها في لاركانا، وباكستان والعالم، تعدين عبرها أشجار باكستان التي رأيتها ، تعدين الأيادي التي ابتسمت لك والأفواه التي كانت تحييك، والعيون التي كانت ترمقك وتعول عليك ، ونحن من بينها…….!
بناظير بوتو- أماه!- وأنت التي كنت صاحبة نكهة في نشرات الأخبار، في عالم أقصيت فيه المرأة عن قول اسمها وحده ، دون كنية رجولية، كم كنت أتمنى أن تمر نشرات الأخبار في قادمات الأيام وهي تحمل كلماتك التي أترجمها إلى الكرديةٍ لأمي ، كما كل النشرات، وقبل أن أترجم كلماتك لأمي في كل مرة ، كنت سأذكر كما كنت أذكر قبل ترجمة أخبارك : أمي هذه المرأة قالت بأنها كوردية من طرف أمها ، وكنت سأكتفي بهذه الكلمات لأترجم بقية أخبارك لها**.
شيءٌ ما ها هو ما جمعك مع الكورد أكثر من الدم الذي كان يجري من طرف أمك من كرمنشاه بكوردستان إيران، شيءٌ كان أجمل بعد أن عرفتك قصتك مع الكورد، شيءٌ يصعب أن يتحول إلى كلمات، شيءٌ هو القدر الذي التهم حياتك ، كما التهم ويلتهم حياة كوردٍ آخرين كنت ستعرفينهم في أول زيارة لأول مدينة كوردية، كنت ستزورينها وكنت ستشعرين بذلك.
اعترافك المتأخر -سيدتي بناظير- بأنك بنت كوردية، جاء متأخراً ومسرعاً ، جاء متأخراًلأنك كنت تخافين من أن يؤثر ذلك على نشاطك في حزبك ، حزب الشعب ، وأن يُستغل ذلك من قبل أعدائك، وجاء مسرعاً لأنك اعترفت بذلك فخورة قبل أن تمضي…….
سيدتي، ربما كنت تبتعاين كل جريدة، أو مجلة تحمل خبراً كوردياً ، دون أن تخبري من يأتي بالجريدة إليك، ولكن ذلك كان كافياً لأن تؤدي يمين الحب لهذا الشعب، بمتابعتك لأخباره بكل ما يحمله من أحزان وبالقليل الذي يحمله من أفراح.
سيدتي ربما علمت من والدتك بأن الكورد أصحاب إرادة ، وذلك في نشرات أخبار كانت شخصية سرية، بينكما ، في طفولتك، ولكن، كان يجب أن تعلمي إن الإرادة لا تعني مطلقاً أن أننا لا نبكي في السنة أكثر من عدد أشهرها، وأسابيعها ، و أيامها وساعاتها ، بل ودقائقها، وثوانيها.
سيدتي، ربما عبرت في كلماتك عن تأييدك للقضية الكوردية عامة، وللفيدرالية في إقليم كوردستان ، ولكنك لم تستنكري السكين التي تغوص في الجرح في ذلك المكان الكوردستاني قبل أن ترحلي ، أو تعبري عن تأييدك للقضية الكوردية كباكستانية ضمن حزب باكستاني في فترات حكمك ، ولكنني –الآن- أرثيك كما أرث كورداً آخرين كثيرين، غيرك، أصبح مجرد التمسك بالنسب المشترك بيننا، هو واحد من أبرزالأشياء التي تفرحنا، ولو كان ذلك في مرثية، آآآه، كما يحدث لي الآن، وأنا أكتب عنك، ماد مت لم أكتب فيك قصيدتي بعد….!
نعيش اليوم عصراً ليس مع الإرهابيين ، بل عصراً مع الفكر الإرهابي الذي بات يتسلل إلى قلوب كثيرين ، الكثيرين الذين اقتنعوا أن هناك آيات لم تنزل، ولكنها تدفعهم إلى قتل الآخر، ليس فقط لأنه يحاربه ، بل لأنه غير مقتنع بأفكاره، هم يسعون إلى فرض أفكارهم بالقتل…..!
بناظير بوتو، المرأة العملاقة والفولاذية، صاحبة الإسم الأنثوي الجميل في العالم الإسلامي بأسره ، ودون منازع التي استطاعت في أشدّ البلاد الإسلامية تشدداً أن تقود شعباً ذكورياً ، أن تكون سفيرة لمئات الآلاف من حزب الشعب في باكستان ، والتي آمن غالبية شعبها حتى نساؤه أن القلم ، الشمس، السماء، النجوم، الشوارع، الأبجدية ذكورة، وأنهن جئن إلى هذا العالم ،ليدور كل ّ شي فيه في المطبخ وعلى السرير….!
بناظير بوتو وبكلّ حروف اسمها التي استطاعت أن تكون أنثى في المكان الذي يحتكره الرجال، استطاعت أن تبكي الرّجال الذين فقدوا فيها زعيمة من الصعب أن تحمل القادمات من السنوات وجهاً مثلها، حين بدأ قاتلها بإفراغ كوابيسه في روالبندي في 27/12/2007 .
بناظير بوتو والتي كانت شقيقة لأخين، وابنة لرجل رجل ، كانوا- جميعاً – ألواناً باهرة ، توجستهم أعين شرائح في باكستان لمجرد أنهم يعيشون، فما كان منها إلا السعي لإطفاء تلك الألوان و، دون أن ينجحوا لأن اللون بقي في الاسم خالداً ، بل أصبح اللون حديقة.
بتاظير بوتو، خالتي، أمي، بحديقتها اللونية ،بإنسانيتها، بالكوردية التي تجري مع الباكستانية في دمها، بأنثويتها التي استطاعت أن تفرض على روحي في يوم اغتيالها حزناً استثنائياً، أن تجعلني في ذاك اليوم أن أشترك في الحزن مع نصف المليون كوردي في بلوجستان* الباكستانيين، بل ووالباكستانيين والكورد والعالم أجمع ،مع الذين حزنوا من أجلها، أن أشعل لأجلها شمعة كانت على إحدى رفوف المكتبة في منزلي، محاولة لأن أقول: لن نموت أيها الإرهابيون بمشيئتكم ، سنعيش بكل سنيننا، بأحلامنا، بديننا الذي ما عاد من شيء فيه يربطنا بكم.
سيدتي بناظير بوتو!، بالتأكيد أنت في هذه الأيام بت في مكان آخر لم نعرفه بعد ، كل الخطوات التي مشيتها في لاركانا، وباكستان والعالم، تعدين عبرها أشجار باكستان التي رأيتها ، تعدين الأيادي التي ابتسمت لك والأفواه التي كانت تحييك، والعيون التي كانت ترمقك وتعول عليك ، ونحن من بينها…….!
بناظير بوتو- أماه!- وأنت التي كنت صاحبة نكهة في نشرات الأخبار، في عالم أقصيت فيه المرأة عن قول اسمها وحده ، دون كنية رجولية، كم كنت أتمنى أن تمر نشرات الأخبار في قادمات الأيام وهي تحمل كلماتك التي أترجمها إلى الكرديةٍ لأمي ، كما كل النشرات، وقبل أن أترجم كلماتك لأمي في كل مرة ، كنت سأذكر كما كنت أذكر قبل ترجمة أخبارك : أمي هذه المرأة قالت بأنها كوردية من طرف أمها ، وكنت سأكتفي بهذه الكلمات لأترجم بقية أخبارك لها**.
شيءٌ ما ها هو ما جمعك مع الكورد أكثر من الدم الذي كان يجري من طرف أمك من كرمنشاه بكوردستان إيران، شيءٌ كان أجمل بعد أن عرفتك قصتك مع الكورد، شيءٌ يصعب أن يتحول إلى كلمات، شيءٌ هو القدر الذي التهم حياتك ، كما التهم ويلتهم حياة كوردٍ آخرين كنت ستعرفينهم في أول زيارة لأول مدينة كوردية، كنت ستزورينها وكنت ستشعرين بذلك.
اعترافك المتأخر -سيدتي بناظير- بأنك بنت كوردية، جاء متأخراً ومسرعاً ، جاء متأخراًلأنك كنت تخافين من أن يؤثر ذلك على نشاطك في حزبك ، حزب الشعب ، وأن يُستغل ذلك من قبل أعدائك، وجاء مسرعاً لأنك اعترفت بذلك فخورة قبل أن تمضي…….
سيدتي، ربما كنت تبتعاين كل جريدة، أو مجلة تحمل خبراً كوردياً ، دون أن تخبري من يأتي بالجريدة إليك، ولكن ذلك كان كافياً لأن تؤدي يمين الحب لهذا الشعب، بمتابعتك لأخباره بكل ما يحمله من أحزان وبالقليل الذي يحمله من أفراح.
سيدتي ربما علمت من والدتك بأن الكورد أصحاب إرادة ، وذلك في نشرات أخبار كانت شخصية سرية، بينكما ، في طفولتك، ولكن، كان يجب أن تعلمي إن الإرادة لا تعني مطلقاً أن أننا لا نبكي في السنة أكثر من عدد أشهرها، وأسابيعها ، و أيامها وساعاتها ، بل ودقائقها، وثوانيها.
سيدتي، ربما عبرت في كلماتك عن تأييدك للقضية الكوردية عامة، وللفيدرالية في إقليم كوردستان ، ولكنك لم تستنكري السكين التي تغوص في الجرح في ذلك المكان الكوردستاني قبل أن ترحلي ، أو تعبري عن تأييدك للقضية الكوردية كباكستانية ضمن حزب باكستاني في فترات حكمك ، ولكنني –الآن- أرثيك كما أرث كورداً آخرين كثيرين، غيرك، أصبح مجرد التمسك بالنسب المشترك بيننا، هو واحد من أبرزالأشياء التي تفرحنا، ولو كان ذلك في مرثية، آآآه، كما يحدث لي الآن، وأنا أكتب عنك، ماد مت لم أكتب فيك قصيدتي بعد….!
المصادر:
* جريدة الحزب الاشتراكي الكوردستاني في تركيا عام 1986
** موقع آفستا الإلكتروني