لكي نبعد الأذية عن شعبنا

الديمقراطي *

إن من ينظر بإمعان إلى الوضع الكردي  في سوريا وإلى طريقة تعامل الدولة مع هذا الملف في السنوات القليلة الأخيرة يدرك بأن هناك تغييرا ما في هذا التعامل للناحية السلبية  بخلاف ما كان عليه الأمر إبان عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان قد أفسح هامشا لا بأس به أمام الحركة السياسية الكردية للتحرك على الساحة الوطنية و للقيام بجزء من مهامها الوطنية و إن بشكل غير معلن رسميا..

كما و يبدو أنه كان قد وضع خطوطا حمراء لمن يحاول التلاعب بهذا الملف الحساس و الذي يخص أكثر من عشر سكان البلاد..

 

 أما  الآن فيبدو أن هناك من يجدون الفرصة مؤاتية لهم للتلاعب بشكل سيء بالوضع الكردي بهدف زعزعة الوحدة الوطنية من جهة وإلحاق الأذى بأبناء الشعب الكردي من جهة أخرى تحقيقا لنزواتهم وأفكارهم العنصرية و الشوفينية ليس إلا، وقد كانت البداية مع أحداث الثاني عشر من آذار 2004 ..

تلك الفتنة المدبرة والتي أودت بحياة الكثير من الضحايا- الشهداء, وبما أن تلك الفتنة مرت من دون مساءلة جادة ومحاسبة رادعة لمدبريها فقد خلق ذلك شعورا بالاحتقان ورد الفعل الحاد لدى الوسط الكردي منذ ذلك الحين بحيث بات من السهل استغلال  تلك المشاعر لأغراض سياسية تخص أناسا وجهات معينة حين اللزوم والطلب ..

ومن هنا ينبغي على أبناء شعبنا ألا يقعوا في مصائد من هذا القبيل- فإخراج الناس إلى الشوارع والساحات بمناسبة مقنعة أو بدونها بذريعة (كسر حاجز الخوف) وكأن هذا الحاجز لابد له من أن يكسر في القامشلي تحديدا دون  سائر المدن السورية بما لا يخدم شعبنا وقضيتنا, بمثل هذه الأساليب لأن هذه الأمور سرعان ما تخرج عن السيطرة وتتحول إلى شكل من أشكال الفتن التي تضر شعبنا وبلدنا، إلى جانب أن الأوساط الشوفينية تملك من الوسائل ما يكفي لقلب هذه الأشكال النضالية إلى ما يناقض مصلحة شعبنا وقضيته وهي بارعة في ذلك وفي كل مرة تنتهي المسألة على حساب ضحايا أبرياء من أبناء شعبنا دون تحقيق مكاسب سياسية تذكر.

بل على العكس تستغلها الجهات الشوفينية لإضفاء طابع الانعزالية على شعبنا وإلحاق المزيد من الأذى به ورفع وتيرة الاضطهاد بحقه – ومن هنا نعتقد بأن أي أسلوب نضالي يتبع من أية جهة أخرى لابد لها, حتى تكون مجدية -ومفيدة- وأن تحظى بإجماع القوى الوطنية التي تعمل من أجل التغير السلمي الديمقراطي وخصوصا الوسط العربي، فما بالك بألا تكون حتى للغالبية العظمى من أطراف الحركة الكردية رأي أو كلمة في مثل هذه الممارسات.

إن أضرار هذه الأساليب أكبر بكثير من فوائدها بكل تأكيد ولابد من إعادة النظر في هذه السلوكيات حتى نجنب شعبنا المزيد من الأذى, طبعا هذا لا ينفي مسؤولية الدولة ولو أقدمت السلطة على إيجاد حل ديمقراطي منصف وعادل للمسألة الكردية لأبعدت كل فرص الإساءة إلى جزء لا يستهان به من الشعب السوري ولسدت ثغرة كبيرة طالما حاول البعض التسلل منها لضرب وحدتنا الوطنية والعمل بالضد من مصلحة بلدنا.
——-
*  جريدة نصـف شهـريـة يصدرها الحزب الـديـمـقـراطي الـتقـدمي الكردي في سوريا – العدد 507 اوائل كانون الاول  2007م


*  لقراءة مواد العدد انقر هنا  dimuqrati507

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…