البارزانية الجامعة لقاعدة البارتي وعداء القيادات إلى أين ؟!!

آسو حسن أوسو

­حينما يخص الحديث البارتي في سوريا فهذا يعني الكلام عن أكثر من خمسين عاماً من النضال ، والاعتقاد ، وسنوات كثيرة من العذاب والحرمان ، وكذلك يطول الكلام في عدد الانشقاقات التي عصفت بهذا الحزب ، والتيارات التي تفرعت عنه ، وبنت لنفسها كيانات خاصة اسماً ومضموناً ، وكذلك عقدت أكثر من مؤتمر حاولت فيه تغيير نهجها ، ونظامها لكسب أكثر فئة من الجماهير واللعب على وتر الكوردايتي ، ونظرية الحزب الطليعي ، وطبعاً هناك بالمقابل أحزاب في الحركة تسمى بنفس التسميات ونفس الأهداف ، فقط القيادات هي التي تغيرت ، ومضمون الخلاف في أكثرها خلافات شخصية لا فكرية.
سندع الحركة جانباً حالياً ، وسنتكلم عن موضوعنا الأساسي ألا وهو البارتي ، أين بقي الخط النضالي الحقيقي الملتزم فكراً ومضموناً بنهج البارزاني الخالد ، وثمرات الثورات العديدة التي قادها آل برزان والشيخ سعيد بيران وسمكو شكاكي والقاضي والحفيد ..

إلخ ، ولكي نزيل الغبار عن الدفين والحقيقة ، لا بد من الاستناد إلى حقائق وأسس نتبين من خلالها أين الخيط الأبيض من الأسود والرمادي.
لذلك فنحن أمام امتحان الغوث في تشخيص هذه الأحزاب إلى الحد الذي يعني المستفسر والسائل ، بحسب المعلومات والقراءات التي تصلنا من الحركة ومن خلال النتاجات الفكرية لمثقفي الحركة ، ومن خلال احتكاكنا بتلك القيادات التي تقود هذه الأحزاب الثلاثة وهي على الشكل التالي :
آ_ الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا _ البارتي (جناح الأستاذ نصر الدين إبراهيم وهو منخرط في إطار التحالف) .
ب_ الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا _ البارتي (جناح الأستاذ محمد نذير مصطفى وهو منخرط في إطار الجبهة) .
جـ_ البارتي الديمقراطي الكوردي _ سوريا (جناح الأستاذ عبد الرحمن آلوجي وهو غير منخرط في إطار حتى الآن) .
آ_ جناح الأستاذ نصر الدين إبراهيم : يعتبر الأستاذ نصر الدين إبراهيم من منتسبي الحزب في أوائل الستينات أي أنه من المعتقين في الحزب ويتميز بوسطيته وهدوئه ولكنه لا يملك زمام المبادرة والقرار في كثير من الأحداث وهناك أمثلة كثيرة على ذلك منها :
1_ حين انسحابه من المؤتمر الثامن مؤتمر الشهيد كمال درويش كان قد أعلن لرفاقه وأكد أنه لن يشكل أي تنظيم على الساحة السياسية ولكن بعد أيام وبمبادرة من رفاقه المحيطين به وبعض أطراف الحركة أعلن تشكيل حزبه ودخل الحالف باسم البارتي.
2_ في وحدته مع الأستاذ عبد الرحمن آلوجي في 7/3/2004 ونقل الخبر آنذاك محمود كركي إلى الكاك مسعود وبشره بالوحدة معتبراً إياها نواة لتوحيد البارتي من جديد ، وأنه ستكون لهم الشرعية ، ولكن المؤامرات لعبت دورها هنا ، حيث كانت الوحدة بمثابة إعادة الاعتبار للأستاذ نصر الدين ورفاقه ، ولكنه أضاع الفرصة حين انقلب على الخط الرئيسي للحزب وهو نهج البارزاني الخالد والاحتقان الذي حصل بينه وبين الأستاذ عبد الرحمن آلوجي ، حيث أنه محاضر الجلسات كانت تؤكد على عقد المؤتمر بعد أقل من ستة أشهر ، ولكنه امتد برغبة أنصار الأستاذ نصر الدين ولغايات دفينة ما لبثت أن انكشفت إلى /31/ شهراً ، وكذلك نكرهم للأستاذ عبد الرحمن ورفاقه مناصفة اللجنة المركزية ، فكانت نهاية الوحدة بين الطرفين والذي أعاد كل طرف إلى حجمه الطبيعي بين الجماهير ، وهنا أخص بالقول رفاق الأستاذ نصر الدين إبراهيم وسنأتي إلى ما قام به رفاق الأستاذ عبد الرحمن آلوجي بعد هذه التجربة
ب_ الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا _ جناح محمد نذير مصطفى اسماً : وهو من المنتسبين الأوائل للحزب ويتميز بنفوره وديكتاتوريته ، ينوب عنه الدكتور عبد الحكيم بشار عملياً ، والذي انتسب للحزب في الثمانينيات وهناك علامات استفهام كبيرة حول اسمه ؟!!
بعد المؤتمر الثامن الذي انتخب فيه الأستاذ محمد نذير مصطفى سكرتيراً للحزب ، بدأت الخلافات فيما بين أعضائه ، وكان البارتي هنا لا يزال يحرك الشارع الكوردي وله صداه الكبير بين الجماهير ، وقد ظهر هذا جلياً ففي الانتخابات البرلمانية عام 1998 ، كان الأستاذ عبد الرحمن آلوجي مرشح الحزب في الانتخابات آنذاك ، ثم بدأت النفوس تتغير وظهر ذلك في قرار سكرتير الحزب آنذاك بفصل وطرد وتجميد الكثير من الرفاق دون تحقيق أو مساءلة ، وتطورت الأمور بين أخذ ورد إلى العام 2002 ميلادي حيث انشقاق القاعدة عن القيادة ، وتابع الأستاذ محمد نذير وأنصاره والذي كانت القيادة تؤازره لأسباب شخصية ، كما انتقل الأستاذ عبد الرحمن مع أغلبية القاعدة هنا إلى مرحلة منظمات البارتي التي استمرت زهاء أربع سنوات ، وقد أنهى الأستاذ محمد نذير مصطفى مؤتمره التاسع بإعادة انتخابه سكرتيراً ، واحتفاظ نفس وجوه اللجنة المركزية والمكتب السياسي على مراكزهم عدا الرفاق الذين رحلوا ، وبعد المؤتمر العاشر ونتيجة مرض السكرتير ، أوكلت المهام إلى سكرتير اللجنة المركزية الدكتور عبد الحكيم بشار ، لتنتهي عملياً تجربة محمد نذير مصطفى الذي بدأت بانشقاق وانتهت بانشقاق ، ولتبدأ مرحلة الدكتور عبد الحكيم بشار.
جـ_ البارتي الديمقراطي الكوردي _ سوريا (جناح الأستاذ عبد الرحمن آلوجي):
وهو من المنتسبين الأوائل للحزب أيضاً ويتميز بكتاباته في ميادين الشعر والتاريخ والأدب والسياسة وكذلك يعتبر من المثقفين البارزين في الحركة الكوردية وعموم كوردستان ، وخاصة بين القيادات الحزبية في الحركة الكوردية ، وهو أمر قد افتقدته الحركة في قياداتها مذ زمن طويل ، عقد الأستاذ عبد الرحمن ورفاقه كونفراسهم الأول للمنظمات بعد فشل الوحدة بينه وبين طرف الأستاذ نصر الدين ، والتي تمت بانتخاب القيادة المؤقتة واختيار الوحدة كخيار استراتيجي ، ومن ثم عقد الكونفراس الثاني للمنظمات وثبت خيار الوحدة ، وذلك بالاتصال بطرف الأستاذ محمد نذير مصطفى بتدخل من الوطنيين والمؤازرين للبارتي والغيورين عليه تمت الوحدة بتاريخ 28/4/2007 ، بشروط نصر الدين + ثلاثة من قبل اللجنة المحكمة ، وهنا يبكي خالد كمال درويش ويقول (اليوم كمال درويش نهض من القبر وصار يبكي فرحاً بالوحدة )، وكان المؤتمر في 17/5/2007 الذي سبقه التكتل كما أعلن عنه أنصار الدكتور عبد الحكيم والذين رحلوا عنه بعد كشفهم للمؤامرة التي سبقت المؤتمر ، رغم ذلك يذهب الأستاذ عبد الرحمن ورفاقه إلى المؤتمر الذي يقولون عنه بأنه كان ندوة فاشلة أدارها محاضر فاشل ، وقد كان حكيم قبل انعقاد المؤتمر أمام احتمالين :
1_ في حال وصول عدد من مناصري الأستاذ عبد الرحمن إلى القيادة ماذا سيكون الوضع ، والأستاذ عبد الرحمن الذي كان قلم الحزب لأكثر من عقد من الزمن ، وقد رأس أكثر من مؤتمر ، والرجل الثاني دائماً بعد الشهيد كمال أحمد درويش ومدى تأثيره الفكري على القيادة ، لا سيما وأن الدكتور حكيم ليس بمستواه الفكري والتنظيمي والجماهيري ، وهذا سيزيد من مأساته وهو الذي أزاحه بادئ الأمر ، وبالتالي ستؤول له القيادة ، أي للأستاذ عبد الرحمن عاجلاً أم آجلاً.
2_ الاحتمال الثاني كان الفخ الذي نصبه للأستاذ عبد الرحمن ورفاقه ، حين زاد الدكتور حكيم من عدد أعضاء اللجنة المركزية مستفيداً من اللعبة الانتخابية ، التي من خلالها انتقاء مندوبي المؤتمر ، فكانت النتيجة لصالحه وكما رسم وخطط لها هو ورفاقه ، وبالتالي النتيجة كانت فشل المؤتمر التوحيدي وانسحاب الرفاق ، وانتهاء شهر العسل الكوردي بسرعة ، وهنا استفاد الأستاذ عبد الرحمن من هذه الخطوة بنقطتين :
1_ أنه التزم بالوحدة حتى انكشفت نوايا الطرف الآخر.
2_ أنه كسب عدداً كبيراً من رفاق الطرف الآخر والذين رافقوه إلى مؤتمره العاشر ببيان اللجنة المحكمة الذي أتى لصالحه ، وتلا ذلك أيضاً انسحاب خالد كمال ، وقد عقد المؤتمر العاشر الموحد كخطوة في سبيل إعادة الاعتبار للبارتي والذي صدر عنه الكثير من القرارات ، التي شكلت منعطفاً تاريخياً في البارتي ، وفي الحركة بشكل عام ومن أبرزها اعتماد مبدأ التداول في القيادة والابتعاد عن المطلق (السكرتارية _ المكتب السياسي _ اللجنة المركزية) ، حيث أنه لا يحق للسكرتير الترشح أكثر من دورتين والقيادة المركزية لثلاث دورات ، وكذلك طور من جريدته المركزية الناطقة باسم الحزب شكلاً ومضموناً واعتماد النقد البناء ، والبدء بالنقد الذاتي سبيلاً إلى ذلك بالإضافة إلى إقامة دورات للكادر السياسي لرفد الحزب بالعناصر الفعالة القادرة على العطاء والتغيير ، وهي الخطوة التي تفتقدها أغلب الأحزاب في الحركة الكوردية ، ونتيجة لما ورد نحن أمام مراهنات عديدة :
1_ الأستاذ نصر الدين إبراهيم ، يعتبر نفسه الطرف الشرعي ويراهن على التحالف الذي يكاد ينشق ويصبح في خبر كان.
2_ الأستاذ محمد نذير مصطفى عفواً ..

الدكتور عبد الحكيم بشار ، الذي يراهن على الورقة الكوردستانية حتى وإن لم يبق إلا هو والقيادة ، التي لا تنفك تجبر كسورها وشروخها الكبيرة ، فيما بينها.
3_ الأستاذ عبد الرحمن ، آلوجي والذي يراهن بدوره على تطوير كادره السياسي ونظامه الداخلي الجديد ويرفع راية إعادة الاعتبار للبارتي ، لا سيما وأنه أعاد التسمية القديمة للبارتي ، ويرفض الدعوات لدخول أي الأطر كما يقول لأن الأطر أثبتت فشلها على الساحة ، ويراهن بل ويروج للمرجعية باعتبارها المنقذ الحقيقي والرئيسي للحركة ، فهل سنكون أمام تحالفات ووحدات واتحادات جديدة ، أم أنه ..

؟!!
ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً في الشارع الكوردي فيما يخص البارتي ، هو من الذي يمثل الخط النضالي الحقيقي ومن الذي يحافظ على مقدسات البارتي ويبتعد عن الاتكالية والأنانية وغرس الرأس في الرمل كالنعامة ، والأكثر تأثيراً في الجماهير ، والأكثر قابلية للتطوير في ظل تغير المفاهيم على الساحة السياسية الدولية والإقليمية والعالمية ، وهل سنشهد بروز وجوه جديدة مثقفة وواعية في القيادة يكون لها المستقبل ، ويكون لها الفضل في إعطاءنا الجواب الشافي لكل ما نشهده..
مخاض صعب تشهده الساحة قد يؤدي لولادة أحزاب وبارتيات جديدة ، أم أنها قد تؤدي إلى ولادة حزب طليعي يحمل كامل المسيرة ، بحلوها ومرها ، أم أن وهذه الولادة هي الأكثر عسراً.

سنشهد عودة الأطراف إلى بعضها البعض ، وإلى جانب أطراف جديدة إلى الحركة ، والسؤال القيادة لمن ستؤول ..؟ مستقبل مجهول.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبداللطيف محمدأمين موسى إن جملة المستجدات المتسارعة على صعيد الحرب الإسرائيلية وحزب الله والمليشيات وكالة عن إيران ولاسيما اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب اللبناني يضع المتتبع للتطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة امام جملة من التساؤلات من أهمها مدى السقف الزمني الممنوح لنتنياهو في تغير الشرق الأوسط, وعن الدور الإيراني في التوصل لهذا الاتفاق, وعن مدى توافر الظروف لصمود هذا…

سعيد عابد* في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني ألقى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خطاباً أمام مجلس الخبراء، مؤكداً على الدور الحاسم الذي تلعبه هذه الهيئة في اختيار “المرشد المقبل”. وأعرب عن شكره لاستعدادهم، وحثهم على اليقظة في أداء هذا الواجب الذي وصفه بأنه ضروري لضمان استمرارية النظام ومنع انحرافه. ويعتبر المجلس، الذي أنشأه مؤسس النظام روح الله الخميني،…

صدرت للكاتب والباحث د. محمود عباس مؤخراً ثلاثة كتب جديدة، وبطباعة فاخرة، ضمن سلسلة مخطوطاته التي تتجاوز الأربعين كتابًا، متناولةً القضايا الكوردية من مختلف جوانبها: النضال السياسي، والمواجهة مع الإرهاب، والتمسك بالهوية الثقافية. تُعدّ هذه الإصدارات شهادة حيّة على مسيرة د. عباس، الذي يكتب منذ أكثر من ربع قرن بشكل شبه يومي، بثلاث لغات: العربية، الكردية، والإنجليزية. إصدارات الدكتور محمود…

اكرم حسين تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية، بدلًا من العقلانية والتخطيط، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية. إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع…