في حرب كورونا العظمى.. أطباء وممرضون وطواقم صحية.. مقاتلون انتحاريون لا أصوات لهم!

إبراهيم اليوسف

ثمة من لا نتحدث عنهم في الحرب العالمية في مواجهة كورونا، أو الحرب الكورونية العظمى، ألا وهم الكوادرالطبية، والممرضون، والعاملون ضمن الطواقم الصحية، من فنيين، وعمال، وحتى مستخدمين، وحراس، وسائقي سيارات إسعاف إلخ، ممن يعملون في عوالم المستشفيات، بل والعيادات الخاصة والعامة، إذ إن هذه الحرب كشفت عن جهود عظيمة قاموا بها في إنقاذ مرضى البشرية، في مختلف قارات العالم، وهم أكثر من يعرضون حيواتهم للخطر، ويعملون بدأب، يكاد يصل إلى حدود ماهو انتحاري، كما نتابع شؤونهم، من خلال وسائل الإعلام المرئية، والمقروءة، والمسموعة، أو عبر “مقاطع الفيديو” ” أو الرسائل والمقاطع الصوتية” التي تصلنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما: الواتس آب. أتذكر، في بداية الحرب على “جبهة” أووهان/ الصين، ثمة ممرضة كادت تختنق بكاء، وهي أمام مرضى مصابين، حزناً عليهم، أو خوفاً على ذاتها، وكلا السببين مشروعان!
يوماً وراء يوم، تظهر لنا أعداد الضحايا من العاملين في القطاع الصحي، من أطباء وممرضين وعاملين، بمختلف المسؤوليات، ولست-هنا- بصدد إجراء إحصاءات لهؤلاء، فالاعداد والأرقام  كبيرة، في حدود المعلن منها حتى الآن، في كل من: الصين. وإيطاليا، على سبيل المثال، وإن أصابة ألفي طبيب في إيطاليا بفيروس كورونا، حتى الآن، ووفاة عدد كبير من هؤلاء لهو رقم كبير مهول، يدعو للرعب، ويكبل من اندفاع الطبيب للعمل بكل ما لديه، إذ إن هذا الحذر اللامتناهي، من لدن الطبيب، أو الممرض، وسواهما في المستشفيات مشروع من جهة، ولكنه قد يؤثر على حياة المريض، لاسيما في ظل ما يصدر عن أطباء معنيين من أحاديث عن أمر مهم ألا وهو أن قلة أعداد العاملين، أو المتطوعين في المستشفيات، في مواجهة الأعداد الكبيرة للمصابين بهذا الوباء الكبير، يترك أثره الكبير، ولربما كان هناك من هم ضحايا هذا الفراغ. هذه الهوة، ولعل المثال الأكثر تداولاً بين الناس هو ما يلي:
إن أردت أن تنجو بحياتك فكن في بيتك “خليك في البيت” وعالج نفسك بنفسك، إلا إذا وصلت مرحلة ما قبل الهاوية، فليس لك من خيار إلا المشافي
بل ثمة من يقول:
من يتم تحويله إلى- جهاز التنفس الاصطناعي-  فهو مشروع ميت، ويعللون كلامهم هذا بأن الجهاز الواحد تلزمه متابعة، مستمرة، كل نصف ساعة، مثلاً، وإلا فإن الأمري عني التخلص من هذا المريض، في أحرج لحظات حياته!؟
لقد جاءت كارثة كورونا، وعلى نحو مفاجىء أن هناك ثغرات كبيرة في حيواتنا، سواء الشخصية، أو العامة، أو حتى على مستوى مسؤوليات الحكومات تجاه شعوبها، وإن كان صعباً مثلاً أن يكون إلى جانب كل مبنى سكني: مصحة، أو مستشفى، وأن يكون نصف أفراد كل أسرة أطباء وممرضون، لأننا إزاء حرب عملاقة تتطلب أن يكون العالم سجناً من شقتين: إحداهما سكنية، والأخرى استشفائية، وهذا ما لا يتحمله لا الآدمي، ولا العالم.
ما هو مهم، الآن، هو أن يتم تبادل الخبرات بين أطباء كل: حي. كل مدينة. كل بلد في كل قارة.. كل قارة. كل بلدان العالم، حتى يتم معرفة كنه هذا الفيروس، عن كثب، إزاء التناقضات التي بدت في فهم طبيعته- المتحورة- المتحولة، ناهيك عن أنه لابد من إعلام طبي وازن، يصدر عن طريق فيديوات سريعة تصل إلى كل فرد، أياً كان عنوانه في هذه العمارة الكونية!
أطباؤنا،  طواقمنا الطبية، في هذا العالم، بذلوا جهوداً عظمى، وهم من كانوا أبطال  هذه الحرب، لم يرفعوا أيديهم مستسلمين، في مواجهة هذا العدو، المخادع، المخاتل، الغدار، الشرس، إلا أن عليهم: أن يكونوا شفافين في نقل خلاصات ما لديهم، عبر صياغة آراء جماعية، تصل إلى المواطن الكوني، بلغات الأرض، كلها، كما أنه لابد من الشفافية حول ما يحدث في المستشفيات، وعدم السكوت على جريمة وفاة أي شخص، مهما كان مسناً، أو رضيعاً،  ومواجهة الذات، وعدم التخوف من الواقع، وإن كانت هناك محكام ما تنظر هؤلاء الأبطال أنفسهم، ولعل نشر كاميرات التصوير في المشافي، بحيث تصور كل صغيرة وكبيرة، من أهم عوامل حماية الناس. الطبيب والمريض. الممرض أو الممرضة والمريض. عامل المشفى ومن حوله.
لأن تحذيرات الناس، لبعضهم بعضاً : ابتعدوا عن المشافي تخلق حالة انعدام ثقة بالمستشفيات بالرغم من بطولات  الكوادر الطبية، وتضحياتهم، وفي هذا ما ينشر عامل الرعب، أكثر، في الوقت الذي يوجد أمام الأعين ثمة مثال صيني يؤكد أن القضاء على كورونا جد ممكن!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…