الارتداد عن المبادئ و التحول الى النقيض

ادريس محمد
كلنا التقينا اشخاص بدلوا افكارهم و مبادئهم مئة و ثمانين درجة وهذا من حيث المبدأ حق طبيعي لأي انسان فكلما زاد العمر و التجارب في الحياة زادت المعارف مع الاحتكاك بين الافراد و المجتمع.
من منا لا يتأثر بالمحيط من حوله وهذا السياق الطبيعي بتغير الظروف الموضوعية و السياسية التي تسود في اوقات معينة تصدمنا و تهز كياننا لتفتح العيون على اشياء كانت غائبة عنا فهي اما ان ترسخ القناعات او تحبط العزيمة و نرى حالات تحول من اليسار الى اليمين ومن العلمانية الى التدين من الموالاة الى المعارضة من المبادئ الى الانتهازية او العكس في كل الحالات السابقة بل احيانا بشكل متطرف يثير الدهشة ملفتة للنظر و احيانا مثير للاشمئزاز و القرف.
احد الاسباب التطور في الادراك مع القراءة او الرؤية من زاوية مختلفة تدعو للرجوع الى الذات او خيبة امل من قناعات بسبب معين مع حدث كبير يؤثر على العلاقة مع اصدقاء الامس او بتغيير المكان و المحيطين حول شخص معين هذا قانون ثابت لا يثير الجزع الا من يعاني الفراغ الداخلي ويكشف عورته.
هذه الحالات طبيعية فالإنسان دائم التعلم طالما هو حي و هو كتلة من المشاعر و التفاعل لذا يجب ان لا نسلبه حقه في التفكير للتغير الى اي جهة يريد او الى اي موقع يتخذه وهذا من الديمقراطية التي يتغنى بها الكل لكن للأسف فقط في الشعارات اما التطبيق غير ذلك بشكل شبه تام في اغلب الحالات .
المشكلة تكمن بشخص نفسه لكي يبرر المتغير في التعامل مع الماضي نرى حالات كثيرة لتبرير مواقف الأيدولوجية السابقة يتهجم على رفاق الامس ولا يكتفي بذلك بل يتحول الى ملفق و مدلس للحقائق يشوه التاريخ بالأكاذيب المقرفة مثل شاب يخون حبيبته فيتهمها في اخلاقها و سمعتها من اجل ان يبرر خيانته و الاخطر من يتحول سياسيا فيغدو من مناصر الى خنجر يطعن في الظهر لعدم وجود اسباب موجبة يرتكز عليها .
فمن يغير قناعاته بأسباب موضوعية يحترم ماضيه و يقدم نقد ذاتي بجرأة تامة تدعو الى الاحترام لشخصه . نعرف الكثير من الحالات، الذين اعتزلوا من العمل لأسبابهم الخاصة ولم يتابعوا ما كانوا يقومون به او أضافوا شيء ايجابي الى من هم حوله.
وهناك حالات بتغيرهم عن المواقف السابقة اصبحوا يسيئون الى من حولهم قد يكون لانهم لم يعتنقوا المبادئ اساسا بل نتيجة لظرف معين او مصلحة مادية خاصة مثال اليساري القديم فهو لم يكن اساسا يساريا ولو كان لحافظ على الاسس مع اضافة الجديد و العلماني الذي يتحول الى التدين من لم يحصل من العلم الكثير و عند اي هزة لا يصمد امامها بل يتراجع بعنف.
المشكلة مع هكذا نوعية هم لا يقدموا اضافة جديدة تفيد المجتمع لفتح العيون و كشف الحقائق لانهم متأرجحون ولا يثبتون على مبدأ او رأي معين ليحترموا كما يظنون هم يسيئون الى انفسهم اولا و رفاق الامس ثانيا و المجتمع ثالثا مما يثير الغضب احيانا و الشفقة على ما وصلوا اليه…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…